أيها العالم المتحضر المفعم بالخيلاء والمزجج بالوحشية والهمجية فى علن أو فى صمت متواطئ، هل تذكرتم وأنتم تضيئون المصابيح الملونة احتفالًا بالعام الجديد أن شعب غزة بلا كهرباء، يتحسسون الخطى ليلًا فى ظلام دامس فرضه عليهم الاحتلال؟ هل تذكرتم وأنتم تزينون أشجار الكريسماس باللعب والهدايا، أن الاحتلال اقتلع كل أشجار غزة وأحرقها بنيران القصف المتواصل بلا هوادة؟ هل تذكرتم وأنتم تتبادلون الهدايا وتوسدونها فراش أطفالكم الدافئ وتترقبون فرحتهم بها فى الصباح، أن أطفال غزة، أقصد من تبقى منهم على قيد الحياة بلا فراش، بلا أغطية أو ملابس، بلا دفء، بل بلا جدران بيت، يرجف الصقيع أجسادهم النحيلة وقد أنهكها الجوع والعطش!
هل تذكرتم وأنتم تتجمعون فى البيوت، تتزاورون لتبادل التهانى، تلتهمون الطعام الفاخر الساخن والحلوى، أن أطفال غزة ومن تبقى من ذويهم يقفون حفاة شبه عراة، بأيديهم أوانٍ صدئة هى ما تبقى لهم من أطلال منازلهم أو حتى أكياس قمامة، ينتظرون سيارات المعونات الدولية ليتلقفوا بعض الطعام، بل الفتات، وأنهم أصبحوا يتصارعون حتى على الفوز ببعض هذه الفتات، لأنهم فى صراع بين الموت والتمسك بما تبقى لهم من حياة؟
هل تذكرتم وأنتم داخل بيوتكم العامرة، وتشعلون أجهزة التدفئة المركزية، أن أهل غزة لم يعد لهم بيوت، وأنهم ينامون فى العراء بين الطلل، أو داخل خيام لا تحميهم من مطر ولا برد، وأن بقايا بيوتهم لا يزال تحتها أشلاء أبنائهم، آبائهم، زوجاتهم، آلاف من أفراد عائلاتهم ولم يتم انتشالهم بعد لدفنهم، لأن آلة الحرب الصهيونية الوحشية لم تتوقف بلا هوادة، وتأبى أن تدعهم يلتقطون أنفاسهم، يدفنون شهداءهم، يداوون جرحاهم.
هل تذكرتهم وأنتم تحتسون كؤوس الخمر وتقرعونها نخب حياة ناعمة فى عام جديد، أن كؤوسكم هذه مليئة بدماء الأبرياء من أبناء فلسطين، فقد خرست ألسنتكم، وتواطأتم بالصمت على جرائم إبادتهم، وما زلتم تدفعون ضرائبكم على الرحب لحكوماتكم ليرسلوا للمحتل ثمن أسلحة القتل، وأنكم اعتدتم مشاهد القتل والأشلاء، وصارت أخبار غزة مثل كل الأخبار العادية فى صحفكم وشاشاتكم، تطالعونها وأنتم تلوكون طعامكم وتبتلعون معها ألسنتكم وتمارسون حياتكم الطبيعية دونما توقف!
هل تذكرتم يا ساسة، قادة، شعوب العالم المتحضر وأنتم تشعلون ألعابكم النارية وتهتف حناجركم فرحة وبهجة بالاحتفال، أن نيران أخرى تتساقط من سماء غزة، ولكنها شعلات نيران لا بهجة فيها ولا فرح، نيران تقتل، تمزق الأوصال، تدمر البيوت، تهدم المستشفيات فوق رؤوس المرضى، تسوى بالأرض كل المساجد، الكنائس، وشتى مرافق الخدمات.
هل تذكرتم وأنتم تستقبلون العام الجديد، أن ملامح هذا الجديد بنفس كآبة وأحزان العام القديم، بنفس السواد والوحشية والهمجية الصهيونية، فلم يتغير فى المشهد شيء لأهل غزة، لم يشعروا أن عامًا جديدًا جاء، لم يحتفل المسيحيون منهم بأعياد الميلاد، فقد صادر المحتل كل فرحة للأعياد، لا عيد بلا دار، بلا جدران تستر الإنسان، بلا لمة عائلة لم يقتل منها أحدًا، لم يترك المحتل عائلة واحدة دون شهيد، فعشش الحزن والخراب فى أركان الطلل وداخل الخيام، ونهشت الكلاب الضالة الجثث، ونعقت الغرابيب السود لتغطى على قرع أجراس كنائسكم، واندلعت النيران لتغطى على وهج ألعابكم النارية، ولم يعد سقوط المطر مبهجًا فهو يغرق الأرض داخل الخيام، ويُحرم النوم على أعين من تشردوا من ديارهم ولجأوا إلى تلك الخيام.
فأى عام جديد جاء؟ وأى احتفالات احتفلتم؟ وأى شراب احتسيتم حتى ثملت ضمائركم؟ وأى أعين أغمضتم؟ وأى ألسنة ابتلعتم؟ وأى وحشية تجاهلتم؟ وأى إبادة اعتدتم واستمرأتم؟ أيها العالم المتحضر تكشف اختلال ميزانكم، غرقت فى دماء فلسطين كل شعاراتكم الجوفاء البلهاء عن الإنسانية وحقوقها، فلا نامت أعين الجبناء، ولا هنأت حياة المتواطئين، ولا سلمت الأيدى الممتدة بالسلام مع أيدٍ غارقة فى دماء الأبرياء.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أشجار الكريسماس فكرية أحمد
إقرأ أيضاً:
استشاري علاقات أسرية: "الراجل لو حنين على مراته هيبقى عندها القدرة تبقى حنينة "
واصل المجلس القومى للمرأة، حلقات البودكاست، والذى يطلقه المجلس من داخل استوديوهاته لأول مرة تحت عنوان "الكلام على ايه" .
واستضافت رابع حلقات بودكاست المجلس القومى للمرأة، استشاري العلاقات الأسرية عمرو عز الدين، في لقاء خاص عن "الأبوة" والدور الحقيقي للأب في حياة أولاده وأسرته وهل تقتصر مسؤوليته على الانفاق أم أن هناك دورا أكبر يتعلق بمشاعر أبنائه وزوجته؟، كما تطرق إلى العلاقة بين الزوج وزوجته وكيفية الحفاظ عليها صحية وقوية ومتوازنة في ظل ضغوطات العمل والأعباء والمسؤوليات، وقدم نصائح عملية للتعامل مع الأبناء وتربيتهم وتصحيح أخطائهم بأسلوب إيجابي.
فى البداية قال استشاري العلاقات الأسرية عمرو عز الدين، إن الأب يعنى الحامى والدعم والقدوة والملاذ الأمن، قائلا : ليه بنشوف دور الأب الوحيد فى الإنفاق.
وأشار إلى أن الأب لابد له أن يوفر لابناءه كل هذه المعانى من حنيه وملاذ أمن ودعم وسند وان يسمع لأولاده ويتناقش معهم حتى لو نص ساعة واحدة فى اليوم .
وتابع قائلا :نسمعهم ونتكلم ونتناقش معاهم ولازم تكون الأم مقدره تعب الأب وكذلك الأب يكون واضح أنه مقدر تعب الأم لضمان علاقة أسرية سليمة قائمة على التقدير والاحترام .
وعن الراجل اللى بيرجع من شغله يقول للست بتاعته انتى قاعده بتعملى ايه طول اليوم ، رد قائلا : دا راجل ظالم ولا يقدر تعب الست، مضيفا : عشان أكون أب كويس محتاج دعم من الأم وعشان أكون أم كويسة محتاجه دعم من الأب .
لو الأبن أو البنت قالوا انهم مش بيحبوا باباهم ازاي الأم تقدر تتصرف صح في موقف زي ده؟ ، رد قائلا : لازم الأم وقتها تقوله عيب دا أبوك وتفهم الأب ما يشعر به الابن تجاهه لمحاولة توطيد العلاقة بينهم .
وتابع : أيضا لما الست تقول للولد أبوك صعب معلش دا غلط.. الأب والأم لازم يكونوا داعمين لبعض.
وأكد استشارى العلاقات الأسرية قائلا :
الراجل لو حنين على مراته هيبقى عندها القدرة تبقى حنينة على ولادها ولو بيحترم مراته الأطفال هيحترموها والراجل لو قلل من مراته دا غلط وهينعكس على الأبناء فى احترامهم للأم.
كما وجه مجموعة من النصائح للأسر قائلا : لما اختار أب أو أم اختار حد فيه 3 صفات رئيسية منها المرونة والمسئولية.
وتابع : لازم نوقف أى كلام يقال من الأبناء فى حق الأب أو الأم دور مهم من الطرفين .. ولما نقول لبعض أنا مظلومه وأنا مظلوم هتبوظ البيوت.
وأكد قائلا : أى زوج وزوجه ملهمش غير بعض هو مطحون فى الشارع والشغل وهى فى البيت ولازم نعدى لبعض ومنقفش فى وش بعض على الواحده .
يذكر أنه فى إطار جهود المجلس القومي للمرأة المستمرة لنشر الوعى بقضايا المرأة والأسرة المصرية، وحرصًا منه على تطوير أساليب وصوله إلى الجمهور، والوصول الى شريحة كبيرة من متابعي منصات التواصل الاجتماعى وخاصة الشباب، يطلق المجلس القومي للمرأة أول بودكاست يناقش قضايا المرأة والأسرة المصرية بعنوان "الكلام على ايه".
وتم تصوير حلقات البودكاست باستوديو المجلس القومي للمرأة ويعد باكورة الأعمال الإعلامية له ، ويتضمن الموسم الأول من البودكاست ثمان حلقات تقدمها الاعلامية سارة قناوى ، تناقش قضايا متنوعة منها أن العمر مجرد رقم وتأثير مواقع التواصل الاجتماعى على المراهقين وتحديات العام الأول فى الزواج وغيرها من القضايا العامة التى يقدمها نخبة من الخبراء والمتخصصين ، وسوف يتم عرضه على جميع منصات التواصل الاجتماعى الرسمية للمجلس، وقد أطلق المجلس اليوم برومو للتنويه عن البودكاست، وسوف تذاع حلقاته بدءًا من الأسبوع القادم.
تجدر الإشارة الى أن استوديو المجلس القومي للمرأة هو استوديو تلفزيونى متخصص فى إنتاج مواد اعلامية توثق جهود المجلس وأنشطته وتناقش قضايا المرأة والأسرة المصرية، وقد شهد إطلاق مواد اعلامية متنوعة خلال الانتخابات الرئاسية ٢٠٢٤.