أثير – مكتب أثير في تونس
إعداد: محمد الهادي الجزيري

الشعر هو الأخلاق والرفعة والإيثار، هذا ما أؤمن به وأعاينه في كلّ مرّة أتعرّف فيها على شاعر حقيقي وليس مزيّفا، هذا ما حدّثت به نفسي وهي تعانق سماحة طائر عُماني له من العمر 32 سنة وهو يتهجّى أبجدية الشعر والغناء، قادني إليه الشاعر الكبير حسن المطروشي حين لجأت إليه لمعرفة أسماء جديدة من الحديقة الغنّاء للشعر العُماني، أمّا ضيفي اليوم فاسمه حسام الشيخ وهو موظّف بجهاز الضرائب في سلطنة عُمان، كما تعكس سيرته الشعرية كثرة مشاركاته الشعرية في مسابقات عُمانية وعربية، وهو فوق ذلك دمث الخلق، شديد التواضع، فقد أربكني بترحابه بي وبسعة معرفته، ووجدنا أنفسنا في حوار حرّ بلا قفازات، لذا وبعد انتهاء الحوار وعلمي بأنّه لا يملك مجموعة شعرية إلى حدّ الآن رأيت أن أشارككم سادتي عفويّة النقاش الذي جمعني معه، عسى أن تقع الإفادة منه، إذن بدأ الحوار مع الشاعر حسام الشيخ كالتالي:

ـ أهلا يا أخي هل نسيتني؟ ما زلت أنتظر مجموعة شعرية منك.

. لا تبخل بها علي.. كن بخير…
تأخرتُ عليك يا سيدي، ولك العتبى حتى ترضى، في الحقيقة كل ما لديّ قصائد متفرقة لم ينظمها ديوان بعد، ولم أصدر مجموعة شعرية حتى الآن، أما بضاعتنا فمزجاة، ومثلك يوفي الكيلَ ويتصدّق على الناس…

ـ ومتى تنوي إصدار المجموعة الأولى؟
هي الخطيئة التي أحبّ تأجيلها دائما، لا نيّة لديّ لإصدار مجموعة شعرية في المستقبل القريب….

ـ لم لا تنوي الإصدار في القريب؟ أموقف من المشهد الشعري أم ماذا؟
المجموعة الشعرية في نظري هي وصيّة يُخلّفها شاعرٌ وراءَه وهو يغادر هذا العالم إلى دار الحق، في اللحظة التي تكتمل فيها منحوتته/تجربته الإنسانية يكون قد أتمَّ قصيدته الأخيرة واكتملت مجموعته الشعرية.

*****
ثمّ تهاطلتُ عليه بالأسئلة
ـ ألا يهمك معرفة الناس رأيهم في ما تكتب؟
ـ ولماذا تكتب؟
ـ أليست الكتابة تنفيسا عن الذات الإنسانية؟
ـ أتشارك في أمسيات شعرية.. ما شعورك تجاه تصفيق أو ملاحظات الجمهور؟
حسناً، ربّما الآن أفهم سرّ استغرابك من إجابتي
السؤال عن ديوان الشاعر أو مجموعته الشعرية في ما مضى كان مهما جدا ليتحقق الشاعرُ من وجوده في المقام الأول، كانت مسألة مُلحّة يتعلق بها وجودُه -كشاعر- ليكتمل طرفا الإرسال والتلقّي، فبدون متلقٍ لا أستطيع الجزم أنه يوجد هناك شاعر أو كاتب… وربما لو عشتُ في تلك الحقبة الزمنية لكانت إجابتي مختلفة، ولبادرتك بإرسال مجموعتي الشعرية قبل أن تبادرني بالسؤال عنها…، لكن لأننا اليوم نعيش في عالم يقوم على الاتصال والتواصل، فلدى كلٍّ منّا جمهوره ومُتلقّوه ومتابعوه على منصات التواصل الاجتماعي، وبإمكان أي شاعر أن يقيم أمسيته الشعرية في بث حيّ ويحضرها العشرات أو المئات من المهتمين والمتلقين والشعراء والناقدين..، أصبحتُ أشعر أن إصدار المجموعات الشعرية مجرّد تقليد أو طقسٍ يداوم عليه الشعراء والكتّاب المتديّنون (في الكتابة)، وأنا شاعر مارقٌ وصابئٌ لا دينَ له (أقصد في الكتابة)…

ـ أمّا..لماذا أكتب؟
لا أدري، وكل ما أعرفه أنني متورط في هذا العالم وأحاول النجاة..
ولو على سبيل الكتابة …

من الممكن أن تكون الكتابة كل شي! بدءًا من التنفيس عن الذات الإنسانية وصولاً إلى (خلق) عالمٍ موازٍ في لحظة يأس من التصالح مع هذا العالم

ـ هل تؤمن بالكتابة منقذة للعالم؟
هذا سؤال في محاولة الإجابة عليه مجازفة كبيرة! ورهان صعب.

مرّت 7 آلاف عام منذ ابتكر الإنسان الكتابة الأولى، وإلى اليوم يسأل شاعران أحدهما الآخر هل تؤمن بالكتابة منقذة للعالم؟ ولا أدري هل الـسبعة آلاف عام تكفي لنجترح هذا الجواب؟ لكن هنا المفارقة، فعندما أراد الله إنقاذ العالم اختار أن ينقذه بإرسال (الكتب) إلى البشرية عبر الأنبياء
انتهى الحوار وقد بادلتُه شعرا بشعر ..، ومن هديّته التي ستصدر في مجموعة إن شاء الله
اخترت لكم هذين المقطعين ..عسى أن أكون قد وفقت اختياري:

“أشاحَ حزناً.. و لم ينبس ببنت شفَهْ
كأن ثقباً إلى المجهول قد جرَفَهْ
راحت أيائله تعدو .. فما ابتعدت
إلا أزاحَ مدىً في البِيدِ أو كشَفَه
وافَتْهُ عند غديرِ الماءِ خاطرةٌ
فارتدَّ عنهُ .. و ما وافاهُ و ارتشَفَهْ
الأرضُ هاءَتْ له ثم اصطفته فتىً
كأنما اختزلَ التاريخَ في صَدَفَه
يميلُ كالعودِ ما مال الحنينُ به
حتى تغادرَه ريحُ الصّبا سَعَفَهْ”

وهذا المقطع المأخوذ من نصّ فاز بالمركز الأول في الملتقى الأدبي والفني للشباب 2017 بمدينة صلالة بسلطنة عُمان…
هَلْ كُنْتِ صَوْتاً.. مِنَ الغَيْبِ البَعِيدِ أَتَى؟
لمَّا تَلَفَّتُّ لكنْ لَمْ أَجِدْ جِهَةَ

مَرَرْتُ بالحَقْلِ
كانَ السُّورُ مُهْتَرِئا بجانِبَيْهِ
وكانَ الجُوعُ قد نَبَتَا
في شَارعٍ سَاخَ بالماشِين
قريتُنا تنعى النَّخيلَ
وأهلي يَفْقِدونَ فَتَى
و مَوْقِدٌ
أَقْسَمَتْ أُمِّي بِجَذْوَتِهِ
ألا يَجُوعَ فَقِيرُ الحَيِّ
ذاتَ شِتَا
تَفَتَّحَتْ في نَدَى الأَزْهَارِ
أَسْئِلَةٌ
وَظَلَّ رَجْعُ صَدَاها فِي رُؤَايَ:
مَتَى؟
أَبِي
عَلى قَبْرِ جَدّي
عادَ مُعْتَكِفَاً
تَلا مِنَ الذِّكْرِ آياً
والمَدَى صَمَتَا

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: مجموعة شعریة الشعریة فی شعریة فی

إقرأ أيضاً:

بيوت الشعر في الوطن العربي منارات ثقافية عززت اللغة العربية والذائقة الشعرية

نجحت المبادرة الثقافية «بيوت الشعر»، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في عام 2015 في الحفاظ على مكانة الشعر وتقديره بصفته إبداعاً عربياً أصيلاً كان وسيظل ذاكرة الأمة وديوان لغتها وحرفها، وفي جعل بيوت الشعر مراكز إشعاع للشعر والأدب، وملتقىً للشعراء بكل أطيافهم في بلدانهم، حفاظاً على حركتهم الإبداعية، وتجميعاً لطاقتهم الشعرية والأدبية، وبما يسهم في رفع الذائقة الشعرية والإبداعية وتشجيع الحراك الثقافي والشعري في الساحة الإبداعية العربية.

وقال محمد إبراهيم القصير، مدير إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة في الشارقة، في تصريح لوكالة أنباء الإمارات «وام»، إن إطلاق بيوت الشعر في الوطن العربي تم قبل 10 أعوام، بمبادرة ثقافية أسّسها صاحب السمو حاكم الشارقة في 6 بلدان عربية، جاء أولها في 2015 في كل من المفرق في الأردن، والأقصر في مصر، وبيت شعر القيروان في تونس، وبيت شعر نواكشوط في موريتانيا، أعقبها في 2016 بيت شعر الخرطوم، وفي المغرب حيث دار الشعر في تطوان، وأخيراً بيت الشعر في مراكش في 2017.

وأضاف أن بيوت الشعر، أضحت منارات ثقافية في البلدان التي تحلّ فيها ومقصداً لجميع الأدباء، في الوقت الذي تتوسّع فيه دائرة نشاطات كل بيت إلى ما هو خارج حدوده، وذلك عبّر التنقّل إلى المدن المحلية، لافتاً إلى أن بيت الشعر في القيروان وصل إلى تونس العاصمة والمنستير الساحلية وسوسة وغيرها من المناطق التونسية، مثلما بلغ بيت الشعر في الأقصر في ترحاله محافظات مصرية عديدة، كما يتكرر مشهد التنقّل في «مراكش» و«تطوان» و«الخرطوم» و«المفرق» و«نواكشوط»، وهو تأكيد على الرسالة النبيلة التي تسعى البيوت إلى تقديمها للثقافة العربية.

وأردف أن هذه البيوت عززت خلال أعوامها العشرة، حضور الشعر العربي، وأسهمت في رفد المكتبة العربية بالعديد من الإصدارات الشعرية بشكل خاص، وكانت لها بصمة إبداعية واضحة في المشهد الثقافي العربي.

وتابع أن بيوت الشعر في الوطن العربي، أصدرت على مدى 10 أعوام دواوين شعرية لأدباء لم يطبع لهم من قبل، وهم في الأساس من رواد بيوت الشعر وعرفوا الانطلاق من هذه المنصة الأدبية.

وثمن عدد من مديري بيوت الشعر رعاية ودعم صاحب السمو حاكم الشارقة، لهذه المبادرة الثقافية ومتابعتها بشكل دائم من جانب دائرة الثقافة بالشارقة.

أخبار ذات صلة «القاسمية» تختتم مؤتمرها الدولي «تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها» الإمارات والذكاء الاصطناعي.. ريادة النهضة ومواكبة العصر

وقال حسين القباحي، مدير بيت الشعر بالأقصر في مصر، إن «البيت» أسهم في الارتقاء بالذائقة الشعرية، وتعزيز علاقة الجمهور والمثقفين بالشعر العربي وباللغة العربية والعناية بها، والاحتفاء بالأجيال الشابة الصاعدة التي تبشر بمستقبل زاهر.

وأضاف أن بيت الشعر قدم خلال الأعوام العشرة الماضية 1400 شاعر، يمثلون حالياً الواجهة الشعرية المشرقة للشعر العربي، كما تمت طباعة 44 ديوان شعر للشعراء الشباب، وإعداد العديد من الدراسات النقدية لتحسين تجاربهم الشعرية.

من جهتها قالت جميلة الماجري، مديرة بيت الشعر في القيروان بتونس، إن البيت ينظم شهرياً 4 فعاليات ما بين أمسيات شعرية وندوات نقدية حول شؤون الشعر واللغة العربية، موضحة أنه استطاع استقطاب 1000 شاعر وناقد أدبي، ليس من تونس فحسب، بل من الدول المجاورة مثل ليبيا، والجزائر للمشاركة في أنشطته.

وأكد عبدالله السيد، مدير بيت الشعر في نواكشوط، أنه أعاد للشعر العربي ألقه، وأعاد للغة العربية مكانتها في الأوساط الاجتماعية، وفي التداول الشعري والبحث الأكاديمي.

وأوضح أن بيت الشعر، أصدر منذ تأسيسه حتى اليوم 50 ديواناً شعرياً، إلى جانب عشرات الدراسات الشعرية، والندوات البحثية النقدية، وأصبح واحداً من المعالم التي يحرص زائر نواكشوط على زيارتها للبحث عن الإفادة التي تتعلق بالشعر العربي في سياقه الثقافي والفكري والاجتماعي.

من جانبه قال عبدالحق ميفراني، مدير بيت الشعر في مدينة مراكش المغربية، إنه لا يمكن حصر دور إمارة الشارقة في هذا المبادرة وحدها، فإسهاماتها جلية في المسرح والفن التشكيلي والخط وغيرها من المجالات الثقافية، لافتاً إلى أن «البيت» نجح في إصدار العديد من دواوين الشعر والكتب النقدية في الترجمات، والإبداع الشعري والنقد.

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • شواطئ.. بديعيات حسن طلب
  • "صوت من الماضي" مجموعة قصصية  للكاتب الصحفي حسام أبو العلا
  • “وزير الاقتصاد” يجتمع مع رئيس مجلس إدارة مجموعة إتش إس بي سي
  • “زايد العليا” تطلق الدورة الثالثة من مبادرة “همم موهوبة”
  • «النادي الثقافي» ينظم أمسية شعرية
  • تركي آل الشيخ يعلن رعاية “موسم الرياض” لكأس العالم للدرونز 2025 المقامة في السعودية … الأسبوع المقبل
  • اعتقال شاعر في مأرب بعد ترديده “الصرخة”.. وقبائل قيفة تمهل السلطات ٤٨ ساعة 
  • ندوة شعرية تكريمًا للشاعر الراحل ماجد بن سالم الحجري في حصن الواصل
  • بيوت الشعر في الوطن العربي منارات ثقافية عززت اللغة العربية والذائقة الشعرية
  • نيجيريا تعلن انضمامها إلى مجموعة “بريكس” كدولة شريكة