أسير من غزة يسرد معاناة الاعتقال في إسرائيل
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
قال أسير فلسطيني أطلق سراحه الجيش الإسرائيلي مؤخرا في قطاع غزة بعد اعتقاله 9 أيام، إنه تعرض مع عدد آخر من الفلسطينيين لـ"تعذيب قاس وضرب مبرح وإهانة" طوال فترة الاعتقال.
أخبار غـزة الآن لحظة بلحظة عبر قناة تليجرام وكالة سوا الإخبارية
وأضاف الأسير المفرج عنه، رافضا الكشف عن هويته حفاظا على سلامته، ومكتفيا بالتعريف عن نفسه بـ"أبو محمد": "اقتحم الجيش الإسرائيلي مشروع بيت لاهيا (شمال قطاع غزة) بشكل كامل، وكنا نجهل وجوده في المنطقة، وفوجئنا بجنوده يطالبون السكان بالنزول إلى الشارع".
وأردف: "اقتادنا الجيش إلى الشارع الرئيسي، وأجبرنا على خلع ملابسنا والسير عُراة، وأوقفونا صفًا واحدًا وأحرقوا منازلنا أنا وإخوتي وأعمامي وجيراننا أمام أعيننا، لإشعال نار الحسرة في قلوبنا".
وتابع أن الجنود الإسرائيليين "أخذوا المعتقلين الفلسطينيين إلى سوق مشروع بيت لاهيا وأجبروهم على الجثو على ركبهم في أجواء باردة لخمس ساعات تقريبا، قبل نقلهم إلى شاطئ البحر في مستوطنة زيكيم بالأراضي المحتلة شمالي القطاع".
واعتقل أبو محمد منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2023، ضمن مئات الفلسطينيين ممن اعتقلهم الجيش الاسرائيلي شمال قطاع غزة، وأفرج عن عدد منهم مؤخرا.
والأحد الماضي، أطلقت القوات الإسرائيلية سراح نحو 20 فلسطينيا، عبر معبر رفح بجنوب القطاع، كما أعلن الجيش قبل أيام فتح تحقيق في وفاة عدد من الفلسطينيين في السجن، ممن اعتقالهم بقطاع غزة.
والجمعة، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، أن الجيش الإسرائيلي اعتقل بالقطاع أكثر من 2600 فلسطيني، بينهم 40 من الطواقم الطبية و8 صحفيين.
وقال شهود عيان إن هدوءا حذرا يسود مناطق عدة شمال قطاع غزة، عقب انسحاب الجيش الإسرائيلي من بعض المناطق في بلدة بيت لاهيا، مع عودة أعداد كبيرة من النازحين كانوا بمجمع الشفاء الطبي إلى شمال القطاع، لا سيما بيت لاهيا وجباليا وبيت حانون.
تعذيب وإهانة
وبين أبو محمد، أن الجيش الإسرائيلي "أخلى سبيل بعض المعتقلين منتصف الليل، وأبقى على نحو 80 شخصًا، بينهم هو وإخوته، تم نقلهم إلى منطقة أخرى مجهولة".
وأشار إلى "تعرض المعتقلين للضرب المبرح والإهانة من جنود الجيش الإسرائيلي أثناء عملية نقلهم من منطقة إلى أخرى".
وأوضح أبو محمد أن الجيش الإسرائيلي "أجبر المعتقلين في مستوطنة أوفيكم على الجلوس أرضًا على ركبهم وهم عراة لنحو أربع ساعات، قبل عرضهم على الأطباء للفحص والتفتيش".
ونُقل المعتقلون بعد ذلك إلى أحد السجون، وفق أبو محمد، الذي أكد أن إدارة السجن "لم تدع لهم مجالاً لأخذ قسط من النوم أو الراحة، وقامت بالاعتداء عليهم بعد نصف ساعة من دخولهم غرف السجن، وتركهم على الأرض في أجواء باردة".
وأوضح أن "أوضاع المعتقلين كانت سيئة للغاية؛ فالطعام والمياه اللذان كانا يقدمان لهم سيئان جدًا، ودورات المياه معطلة ولا تصلح للاستخدام وتفتقر إلى النظافة".
وأشار أبو محمد إلى نقل المعتقلين بعد أيام إلى سجن شعفاط في القدس المحتلة، وإبقائهم هناك 5 أيام قبل إطلاق سراح عدد منهم.
وبيّن أن "عملية اطلاق سراحي استمرت 9 ساعات، تعرضت خلالها كغيري من المعتقلين لضرب مبرح وإهانات كثيرة وتعذيب جسدي رغم إصابتي بعيار ناري في يدي قبل اعتقالي بنصف ساعة".
آلام ومعاناة
وقال أبو محمد: "كنت أعاني من آلام شديدة في الظهر والقدم، فضلا عن الإصابة في يدي، حيث قال الأطباء إن هذه بداية إصابة بالغضروف، وتتفاقم آلامي تدريجيًا مع البرد الشديد".
ولفت إلى "إطلاق الجيش الإسرائيلي سراح المعتقلين بمعبر كرم أبو سالم أقصى جنوب شرق قطاع غزة، وطلب منهم العودة إلى ديارهم عبر معبر رفح (جنوب)".
وزاد أبو محمد: "من وجد أهله في معبر رفح استطاع العودة إلى بيته، ومن لم يجدهم بقي هناك ملقى على الأرض في البرد القارس وفي معاناة شديدة".
المصدر : وكالة سوا - الاناضول
المصدر: وكالة سوا الإخبارية
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی بیت لاهیا قطاع غزة أبو محمد
إقرأ أيضاً:
«الظّل» الذي طاردته إسرائيل لعقود.. من هو «محمد الضيف»؟
أعلن أبو عبيدة الناطق باسم كتائب “القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس”، في وقت سابق أمس الخميس، مقتل قائد هيئة أركان الكتائب القائد محمد الضيف خلال معركة “طوفان الأقصى”، إلى جانب أربعة آخرين من كبار قادتها خلال الحرب بين إسرائيل والحركة في قطاع غزة، فمن هو محمد الضيف الذي طاردته إسرائيل لعقود؟
ويعد الضيف صاحب المسيرة الطويلة والمحاطة بالغموض في حماس، حيث كانت له قدرة كبيرة على التخفي والإفلات من مطاردة إسرائيل التي وضعته على رأس قائمة المطلوبين منذ عقود، فمن هو الضيف؟
ارتبط اسم محمد الضيف، منذ التسعينيات بفصائل “المقاومة الفلسطينية”، ويعتبر أحد أبناء الجيل الأول من “القساميين”.
منذ أكثر من ثلاثة عقود، قاد الضيف كتائب “الشهيد عز الدين القسام”، متجاوزا محاولات الاغتيال المتكررة التي جعلته أشبه بالشبح الذي يؤرق إسرائيل ويعيد صياغة معادلات الصراع في كل مواجهة، وصولا إلى معركة “طوفان الأقصى”.
نشأته وبداية حياته العسكرية:
وُلد محمد دياب إبراهيم المصري، المعروف بـ”محمد الضيف”، عام 1965 في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة، لعائلة هجّرت من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، ليستقر بها المقام في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة.
تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدارس مخيم خان يونس كما بقية اللاجئين الفلسطينيين الذين هجِّروا من ديارهم وأرضهم وممتلكاتهم.
تأثر منذ صغره بواقع “الاحتلال وظروف اللجوء القاسية”، وهو ما دفعه للانخراط في صفوف “حماس” خلال دراسته في الجامعة الإسلامية بغزة، حيث درس العلوم وكان من الناشطين في الكتلة الإسلامية.انضم إلى حركة “حماس” منذ صغره وكان عنصرًا نشيطا فيها.
شارك في فعاليات الانتفاضة الكبرى التي اندلعت نهاية عام 1987 واعتقل في إطار الضربة الأولى التي وجهتها القوات الإسرائيلية للحركة في صيف عام 1989 بتهمة الانضمام إلى الجناح العسكري للحركة الذي كان الشيخ صلاح شحادة (قتل في صيف 2002) قد أسسه آنذاك، وكان يحمل اسم “حماس المجاهدين” قبل أن يطلق عليه اسم “كتائب القسام”، وأمضى عاما ونصف العام في السجن.
أفرجت إسرائيل عام 1991 عن الضيف من سجونها ليلتحق بالمجموعات الأولى لكتائب “القسام” التي أعيد تشكيل الجهاز العسكري من خلالها، وذلك من خلال مجموعة خان يونس، والذين قتل معظمهم مثل ياسر النمروطي وجميل وادي، هشام عامر، وعبد الرحمن حمدان، ومحمد عاشور، والأسير حسن سلامة وغيرهم من المقاومين.
أصبح الضيف مطلوبا لإسرائيل، بعد مشاركته في تنفيذ العديد مما يسمى بـ”العمليات الفدائية” والاشتباك مع قواتها.
بدأت عملية مطاردته بعد أن رفض تسليم نفسه. وتمكن خلال هذه الفترة ومن خلال إتقانه للتخفي والبقاء في مكان واحد لفترة طويلة، من ألا يقع في قبضة القوات الإسرائيلية حيا أو ميتا.
برز دور الضيف بعد اغتيال عماد عقل الذي برز اسمه في سلسلة “عمليات فدائية” في نوفمبر من عام 1993، حيث أوكِلت إليه قيادة “كتائب القسام”.
خلال هذه الفترة، استطاع الضيف أن يخطط وينفذ عدة عمليات نوعية، وكذلك تمكن من الوصول إلى الضفة الغربية وتشكيل العديد من “الخلايا الفدائية” هناك، والمشاركة في تنفيذ عدة “عمليات فدائية” في مدينة الخليل والعودة إلى قطاع غزة.
لعب محمد الضيف دورا كبيرا في التخطيط لعملية خطف الجندي الإسرائيلي نخشون فاكسمان عام 1994 في بلدة بير نبالا قرب القدس والذي قتِل وخاطفيه بعد كشف مكانهم.
وظهر الضيف وهو يحمل بندقية وبطاقة هوية فاكسمان التي هربت من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، حيث كان ملثما بالكوفية الحمراء.
ومع اشتداد الخناق على المطلوبين لإسرائيل في قطاع غزة، رفض الضيف طلبا بمغادرة قطاع غزة خشية اعتقاله أو اغتياله، لا سيما في ظل سياسة قصف المنازل التي يعتقد أن بها أيا من المطلوبين، وقال كلمة مشهورة آنذاك: “نحن خلقنا لمقاومة الاحتلال إما أن ننتصر أو نستشهد”، وذلك على الرغم من موافقة عدد من زملائه على الخروج من القطاع.
تمكن الضيف من أن يؤمن وصول المهندس يحيى عياش، أحد خبراء المتفجرات في الضفة الغربية إلى قطاع غزة بعد تضييق الخناق عليه في الضفة الغربية، وللاستفادة من خبرته في صناعة المتفجرات، حيث تم اغتياله بواسطة هاتف مفخخ مطلع عام 1996.
وقف الضيف وراء عمليات الثأر لعياش، من خلال إرسال حسن سلامة إلى الضفة الغربية للإشراف عليها، حيث قتل في هذه “العمليات الفدائية” حوالي ستين إسرائيليا.
لاحقا، بدأ بالاستعداد لتنفيذ المزيد من العمليات حتى اندلعت انتفاضة الأقصى في سبتمبر من عام 2000 .
ومع إفراج السلطات الإسرائيلية عن الشيخ صلاح شحادة عام 2001، سلّم الضيف الشيخ شحادة قيادة الجهاز العسكري، حيث كلف شحادة الضيف بالمسؤولية عن الصناعات العسكرية للكتائب.
تعرض الضيف لمحاولة الاغتيال الأولى بعد عام من اندلاع الانتفاضة، حيث كان برفقة عدنان الغول (قتل في 22 أكتوبر 2004) خبير المتفجرات في كتائب القسام ونجله بلال، إ أطلقت عليهم طائرة إسرائيلية صاروخا في بلدة “جحر الديك” وقد نجيا من الاغتيال بأعجوبة بعد مقتل بلال في القصف ليغطي على والده ورفيق دربه.
قيادة الجهاز العسكري:
وبعد اغتيال شحادة في صيف عام 2002، أعادت قيادة الحركة المسؤولية للضيف لقيادة الجهاز العسكري.
في 26 سبتمبر من عام 2002، نجا الضيف من محاولة اغتيال ثانية بعد قصف السيارة التي كانت تقله في حي الشيخ، حيث قتل مرافقاه وأصيب بجراح خطيرة للغاية.
وأشارت مصادر فلسطينية إلى تعرض الضيف لمحاولة اغتيال ثالثة في قصف أحد المنازل في صيف 2006 خلال العملية العسكرية “لإسرائيلية بعد أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، حيث قيل إنه أصيب بجراح خطيرة. دون أن تؤكد ذلك كتائب “القسام”.
وكانت أخطر محاولات اغتيالاته في عام 2014، خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث استهدفت الطائرات الحربية منزله وقتلت زوجته وابنه، لكن الضيف خرج من تحت الركام ليواصل قيادة المعركة.
منذ توليه القيادة، أدار الضيف العديد من العمليات الفدائية ضد إسرائيل، وكان من أبرز المهندسين الذين عملوا على تطوير القدرات العسكرية لـ”حماس”، بما في ذلك تصنيع الصواريخ المحلية وإنشاء شبكة الأنفاق العسكرية.
دوره في “طوفان الأقصى”:
أطل محمد الضيف في السابع من أكتوبر 2023، ليعلن انطلاق معركة “طوفان الأقصى” التي أشرف عليها وحضر في ميدانها حتى قتل فيها.
ومن أبرز أسباب الطوفان سلوك الاحتلال الصهيوني، ومخططاته القائمة على حسم الصراع، وفرض السيادة على القدس بمقدساتها، تمهيداً للتقسيم المكاني والزماني، ولبناء الهيكل المزعوم.
محمد الضيف لم يظهر في الإعلام، ولم يُعرف له سوى تسجيلات صوتية معدودة، لكن يُنظر إليه باعتباره العقل المدبر للتكتيكات العسكرية التي غيرت طبيعة المواجهة بين “فصائل المقاومة” وإسرائيل.
فخلال معركة “سيف القدس” عام 2021، كان الضيف وراء استراتيجية استهداف تل أبيب بالصواريخ ردا على الاعتداءات الإسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى.
ووضعت إسرائيل، على مدار عقود، محمد الضيف على رأس قائمة المطلوبين، وعدّته أخطر شخصية فلسطينية تهدد أمنها. ورغم كل الجهود الاستخباراتية، لم يتمكن الجيش الإسرائيلي من الوصول إليه، حتى رحل كما “يحب شهيدا في ميدان أعظم معركة شارك في التخطيط لها وفي قيادتها وهي المعركة التي أثبتت هشاشة كيان الاحتلال وقابليته للهزيمة”، وفق المركز الفلسطيني للإعلام.