تشو شيوان **

ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ عشية رأس السنة الميلادية الجديدة كلمة للتهنئة بحلول عام 2024، وبُثَّت عبر مجموعة الصين للإعلام؛ ليُشاطر العالم احتفالاتهم بالعام الجديد، ومن بكين أرسل الرئيس الصيني تهانيه لجميع دول العالم بالعام الجديد، متمنيًا أن يَعُمَّ السلامُ العالمَ.. وهذه الكلمات تُعبر عن جوهر القيادة الصينية المنفتحة على العالم والتي تحترم تقاليد الشعوب وتشاطرهم أفراحهم ومناسباتهم وتقويماتهم.

كان 2023 عام الإنجاز الصيني في التقدم في الصناعات المحلية عالية الجودة، وقد ذكر الرئيس الصيني في كلمته بعضًا من هذه الإنجازات التي أجد أنَّه من المهم الوقوف عندها؛ حيث جاء في كلمته أنه في عام 2023: "تم إجراء الرحلة التجارية لطائرة الركاب من طراز "سي-919"، وتم إكمال الرحلة التجريبية للسفينة السياحية الضخمة المحلية الصنع، وتم إطلاق مركبات الفضاء لأسرة ’شنتشو‘ بشكل متتالٍ، وغاصت الغواصة ’فندوتشه‘ في أعماق البحار". وهذه الصناعات أو الإنجازات الصينية محلية الصنع علامة فارقة في تطوير الصناعات عالية الجودة والمنافسة عالميًا في مجالات متقدمة، وأجد أنَّ ذكر هذه الإنجازات حق للصين بأن تفتخر بما صنعته عقول أبنائها وما تستطيع أن تُقدمه للعالم.

الواقع يؤكد أنَّ الصين لا تطور نفسها فقط؛ بل يتطور معها العالم، وأجد أن أهم جزء في كلمة الرئيس الصيني تمثَّل في قوله: "لا تطوّر الصين نفسها فحسب؛ بل وتحتضن العالم بحماسة وتتحمل المسؤولية كدولة كبيرة". ودعونا نضع تحت جملة "تتحمل المسؤولية كدولة كبيرة" ألف خط؛ فالصين قامت بدورها كدولة ذات مسؤولية تجاه القضايا العالمية، وقربت المسافات بين الكثير من دول العالم، وهذه هي هدية الصين للعالم بأن تخلق التوازن المطلوب في عالم مضطرب ويتحامل فيه جهة على حساب جهة أخرى والصين تأتي لتضبط التوازن والمعايير.

وعلى جانب آخر، تقدَّم رئيس مجموعة الصين للإعلام شين هاي شيونغ، في الأول من يناير 2024، بأجمل التهاني إلى متابعي منصات المجموعة خارج البلاد بمناسبة حلول العام الجديد، كما تحدث هاي شيونغ حول جزئية مهمة، عندما قال: "عالم اليوم لا يعيش في سلام، والحاجة كبيرة إلى السلام والتنمية والتعاون والفوز المشترك. لقد لاحظنا بسعادة أن المزيد والمزيد من الأصدقاء الدوليين يتفهمون أفكار الصين ومقترحاتها ويوافقون عليها ويدعمونها. وعلى هامش اجتماع أبيك في سان فرانسيسكو، عقدنا "الحوار الودي حول التبادلات الشعبية والثقافية بين الصين والولايات المتحدة"، وكانت استجابة المشاركين حماسية. ومن بين المشاركين السيد هاري موير، أحد المحاربين القدامى ضمن مجموعة "النمور الطائرة". وقال لي إن مفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية- الذي طرحه الرئيس شي- يحظى بدعم الجميع". ويضيف "عندما عدت إلى الصين، تلقيت بطاقات بريدية وزخارف صغيرة صنعها أطفال مدرسة لينكولن المتوسطة في الولايات المتحدة. وبالنظر إلى هذه الهدايا اللطيفة، شعرت بتطلعاتهم الجميلة للسلام والصداقة والتعايش". بهذه التعبيرات فإن رئيس مجموعة الصين للإعلام، أوضح للعالم كيف ينظر الصينيون للعالم بمزيد من الانفتاح والتعاون والفوز المشترك، وأن الصين لا تُكِن لأي دولة البغضاء أو الكُرْه، إنما الأساس في التعامل من وجهة نظر صينية قائم على المنفعة المتبادلة والاحترام والتعاون من أجل مستقبل أفضل.

إنَّ الصين تنظر للعالم برؤية المتفائل الطامح لبناء مستقبل أفضل للبشرية بعيدًا عن الصراع، والصين تشاطر العالم الأمنيات بالسلام والأمان ونهاية الحروب والدمار، هذه الرسالة الواضحة التي تلتمسها في كلمة الرئيس الصيني وهو بتطلعاته يمثل الشعب الصيني وتطلعاته للعالم.. وإذا أراد العالم المضي قدمًا بالصين ترحب بذلك ولا تعارض أي مساعٍ للتنمية؛ فالتنمية قائمة على التشاركية من وجهة نظر صينية، ولا يمكن لأي بلد أن ينمو ويتطور بدون التعامل مع البلدان الأخرى وهذا مفهوم عميق تسعى الصين أن تشاطره مع العالم في كل مناسبة وكل موقف.

في النهاية.. وكمواطن صيني أتمنى للعالم المزيد من التقدم والازدهار، والمزيد من الأمن والسلام، وأيضًا أودُ أن أهنئ الأصدقاء العرب بالسنة الجديدة، وأبارك لسلطنة عُمان، حكومة وشعبًا، حلول العام الجديد، وأتمنى أن تكون 2024 سنة خير ومنفعة وفوز مشترك للجميع.

** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عودة: ندعم العهد الجديد وحكومته من أجل إعادة بناء وطننا

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة قداس الأحد الأخير من زمن التهيئة للصوم، في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور حشد من المؤمنين.

بعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: "وصلنا إلى الأحد الأخير من زمن التهيئة للصوم الكبير، إلى أحد الغفران، أو ما يعرف بأحد مرفع الجبن. وابتداء من الغد ننقطع عن أكل اللحم والسمك وكل مشتقات الحليب، وننصرف إلى الصلاة والتأمل لنصل إلى تنقية القلب والتوبة والرجوع إلى الله. اليوم، تقرأ كنيستنا المقدسة المقطع الإنجيلي الذي يعلمنا أن نغفر زلات الآخرين لكي يغفر لنا أيضا أبونا السماوي زلاتنا التي لا تحصى. لهذا، درجت عادة منذ القديم، بين المسيحيين الأتقياء، أن يطلبوا الغفران في هذا اليوم كما في كل أيام أسبوع مرفع الجبن، بعضهم من بعض عما أخطأوا به. هذا ما نقوم به مساء اليوم في نهاية صلاة الغروب، حيث نطلب الغفران والمسامحة بعضنا من بعض، قبل الشروع في الصوم الأربعيني المقدس غدا. نقبل بعضنا بعضا قبلة مقدسة قائلين: «إغفر لي يا أخي أو يا أختي لأجل المسيح» فيما ترنم الجوقة ترانيم الفصح معلنة أن هدف رحلتنا الروحية في الصوم الكبير هو الوصول إلى القيامة المقدسة. ويوم الفصح نرتل: «اليوم يوم القيامة فسبيلنا أن نتلألأ بالموسم، ونصافح بعضنا بعضا... ولنصفح لمبغضينا» قبل أن ننشد المسيح قام".

أضاف: "في أحد الفريسي والعشار يفتح المسيح أبواب التوبة فندخل الطريق المؤدي إلى الصوم، أي التواضع. وفي أحد الإبن الضال نثبت نظرنا نحو الآب، غاية الصوم. أما في أحد مرفع اللحم، المسمى أحد الدينونة فنعي أهمية القريب الذي معه تتم أعمال المحبة ومن خلاله ندخل الملكوت. اليوم، في أحد الغفران، نقبل القريب قبلة المحبة والمغفرة لندخل الصوم فرحين، متصالحين مع الله والقريب ومع ذواتنا.ما من أحد في الخليقة، مهما علا شأنه ومركزه ومقامه، لا يخطئ تجاه الله وتجاه قريبه ونفسه، قولا أو فكرا أو فعلا، لأننا جميعا عبيد بطالون مجبولون من تراب الأرض وإليها عائدون. وما على المؤمن إلا التحلي بالشجاعة ليطلب الغفران ويعترف بخطئه. طلب الغفران يثبت إيماننا بكلمة الله، ويعكس تواضعنا ووداعتنا ومحبتنا للسلام. في المقابل، عدم الرغبة في طلب الغفران من الذين أخطأنا بحقهم، يكشف في الإنسان رفض السلام، وقلة الإيمان، والكبرياء والغرور وتذكر الشر، وعصيان الوصايا الإلهية، ومقاومة الله والتوافق مع الشيطان".

وتابع: "إن قلب الإنسان غاية في الأنانية وغير صبور وعنيد وخبيث ويستحضر الشر. إنه مستعد لأن يغضب من قريبه لا بطريقة شريرة مباشرة وحسب، بل أيضا عبر مخيلته، وليس عبر كلمة مسيئة فقط، بل أيضا عبر كلمة مزعجة أو قاسية، أو عبر نظرة شريرة أو غامضة أو خبيثة أو متعجرفة، ويكاد يغضب حتى من أفكار الآخرين التي يتخيلها حوله. لقد قال الرب الفاحص القلوب عن قلب الإنسان: «لأنه من الداخل، من قلوب الناس، تخرج الأفكار الشريرة» (مر7: 21-22).   إن التفكير بالشر هو أبشع أنواع الرذيلة، وبقدر ما هو بغيض عند الله هو مؤذ للمجتمع. نحن مخلوقون على صورة الله ومثاله وينبغي أن تكون الوداعة من صفاتنا الثابتة. الله يعاملنا حسب رحمته وطول أناته، ويغفر لنا من دون حساب. لكن علينا نحن أولا أن نغفر لمن يسيء إلينا. علمنا الرب أن نصلي الصلاة الربانية التي غالبا ما نتلوها ببغائيا ولا نتعمق في معانيها. قال الرب إذا صليتم، فصلوا هكذا: «أبانا الذي في السماوات...» إلى أن نقول «... واترك (واغفر) لنا ما علينا كما نترك (نغفر) نحن لمن لنا عليه...». يقول أحد الآباء القديسين أن الرب يدعونا في هذه الصلاة كي نصفح عن ذنوب الآخرين، إذ إنه يريدنا أن نكون رحماء، لنبعد البؤس. حقا، إننا لا نصلي في أية طلبة أخرى أن نعاهد الرب على أن يغفر لنا كما نغفر نحن. إذا نقضنا هذا الميثاق، تكون الصلاة كلها غير مثمرة".

وقال: "سمعنا قول الرب في إنجيل اليوم: «إن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أبوكم السماوي أيضا، وإن لم تغفروا للناس زلاتهم فأبوكم أيضا لا يغفر لكم زلاتكم». أحد الغفران هو يوم فحص الذات الدقيق، يوم نتفحص فيه مدى نضجنا الروحي، إن كنا قادرين على اتباع المسيح وطاعة كل وصاياه. لا يمكننا أن نصوم إن لم نبدأ بالغفران للقريب. قد يكون سهلا أن نساعد فقيرا ونحسن إلى إنسان غريب، لكن الأصعب أن نسامح الإنسان القريب. المصالحة هي المحبة التي تفوق محبة الذات. إنها البرهان على أننا وضعنا القريب، أي الآخر، فوق اهتماماتنا وفوق كرامتنا. ليس الصوم فترة تعذيب للذات، ولا فترة معاقبة لها، أو إيفاء ديون لله. إنه الفترة التي تسودها المحبة الأخوية والشعور بمحبة الله وعطفه. الصوم انقطاع عن بعض الأطعمة، إنما أيضا سعي لكي يصبح طعام الملائكة خبزنا الجوهري، أي التسبيح وإطعام الإخوة أي المحبة. لذا، دعوتنا اليوم، في هذا الوقت الحسن القبول، في أوان التوبة، أن نطلب الغفران ونمنحه، حتى نصل إلى بر القيامة يدا بيد، مستحقين أن نصرخ بفرح وسلام حقيقيين: «المسيح قام، حقا قام».

أضاف: "مر وطننا في ظروف صعبة ساد خلالها الخلاف والحقد والتجاوزات وتبادل التهم والشتائم، وأحيانا اللجوء إلى السلاح والقتل، ما خلف جراحا في النفوس وانهيارا في البلد. وقد مرت خمسون سنة على ما سمي الحرب الأهلية أو حروب الآخرين على أرض لبنان، بأدوات لبنانية ودماء لبنانية. يقول بولس الرسول: «الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله». أملنا وصلاتنا أن تطوى هذه الصفحة إلى غير رجعة، وأن تسود المحبة عوض البغض، والوئام والسلام عوض العنف والقتل، وأن نبدأ حقبة جديدة مبنية على الإعتراف بالخطأ، وعلى الغفران الذي تعلمنا إياه أدياننا، وعلى المحبة التي نحن مدعوون إلى اعتناقها سلوكا دائما، فنتكاتف من أجل الخير العام، وندعم العهد الجديد وحكومته، التي نهنئها على نيلها ثقة معظم البرلمانيين، من أجل إعادة بناء وطننا على أسس متينة تقاوم كل الرياح المؤذية. يقول لنا الرسول بولس: «قد تناهى الليل واقترب النهار، فلندع عنا أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور. لنسلكن سلوكا لائقا».

وختم: "كما سمعنا في إنجيل اليوم: «لا تكنزوا لكم كنوزا على الأرض... لكن اكنزوا لكم كنوزا في السماء... لأنه حيث تكون كنوزكم هناك تكون قلوبكم» و«أبوك الذي يرى في الخفية يجازيك علانية». فليكن كلام الرب، في بداية هذا الموسم الصيامي، نبراسا لنا وهاديا طريقنا إلى الملكوت السماوي".

مقالات مشابهة

  • فرنسا و ألمانيا تتنافسان على تزويد المغرب بأول غواصة عسكرية
  • عودة: ندعم العهد الجديد وحكومته من أجل إعادة بناء وطننا
  • السعار الترامبي بوصفه تهديداً للعالم
  • أجمل العطايا..محمود تريزيجيه يعلن عن مولودته تولين
  • مودي: لم نعد مجرد قوى عاملة وأصبحنا قوى عالمية
  • عالم رباني.. نور في زمن الظلمات
  • السبت أول أيام رمضان في جميع الدول العربية باستنثاء المغرب
  • الرئيس الصيني يلتقي شويغو ويؤكد تعزيز التنسيق مع روسيا
  • العبسي في رسالة الصوم: ليكن صومنا مع المسلمين من أجل بناء عالم يعيشُ فيه الجميع بمحبّة
  • الرئيس الصيني يعترف بالصعوبات الاقتصادية في بلاده