وكيل الأزهر: المعاهدات الدولية لا تعرف الطريق إلى بعض المجتمعات
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن القراءة هي مفتاح العلم، مؤكدًا أن الأمة التي لا تقرأ، أمة تغامر بحاضرها ومستقبلها، ولا تأخذ عبرة من ماضيها، لافتًا إلى أنه إذا كانت القراءة واجبة على المجتمعات لتحقيق التحضر والتقدم؛ فإنها تكون أكثر وجوبًا على أمة الإسلام التي أمرها رب العالمين في أول نزول للوحي بقوله: «اقرأ باسم ربك الذي خلق»، مشددًا على أنه لا يجوز في عرف الإسلام الذي أمر بالعلم أن يتخلف المسلمون عن العلوم ومدارستها وتوليدها، ولا أن يعيشوا بمعزل عنها.
وأعرب وكيل الأزهر، خلال كلمته اليوم بالحفل الختامي للدورة الثالثة للمشروع الوطني للقراءة، عن سعادته الغامرة، لمشاركته في هذا الملتقى الفكري الراقي، الذي يضم شباب المستقبل ومثقفي الغد الذين يحملون هموم الأمة، ويسعون بكل جهد لبناء مستقبل مشرق لأمتنا العربية التي أثرت العالم فكرًا وثقافة، ووضعت أسس التقدم العلمي الذي نعيشه وتنطلق منه حضارة اليوم، مؤكدًا حرصه على متابعة أعمال «المشروع الوطني للقراءة»؛ لإسهامه في تنمية الوعي بأهمية القراءة، وتمكين الأجيال من مفاتيح الابتكار، ودعم قيمهم الإسلامية والإنسانية؛ وإحداث نهضة عبر جعل القراءة أولوية لدى المجتمع.
وأوضح وكيل الأزهر أن ترويض النفس وتربيتها على القراءة من أنجح السبل لبناء النفس، خاصة إذا بدأ مع الإنسان في مقتبل حياته، داعيّا الشباب إلى إدامة النظر في الكتب والمؤلفات، قائلًا " لا عجب إن قلنا إن القراءة جهاد"، وأنه مهما كانت الصوارف والشواغل فإن جدية الإنسان وهمته وإرادته، وحرصه على بناء شخصيته، وإدراكه لرسالته وأدواره تقوض كل تلك الأسباب، ومن هنا يجب أن يتنبه شبابنا وأولادنا لأهمية القراءة، وضرورة مجاهدة النفس عليها؛ حتى تصبح رغبة ثابتة، خاصةً في ظل مزاحمة وسائل التواصل الاجتماعي، وسرقتها لأعمار الشباب في غير فائدة تذكر، إلا ما رحم الله من شباب نابهين يعرفون كيفية استثمار عطاء العصر فيما ينفع.
ونبه وكيل الأزهر، على أنه يكفينا أن نتأمل خريطة العالم لنرى ما يجري فيها من تلاعب وعبث ومقامرة بالمجتمعات وأحلام أهلها، دون شعور بوخز من ضمير حي يتألم لمشاهد القتلى والجرحى والثكلى والمهجرين والنازحين في غزة العامرة. ناهيك عما يستباح من محظورات شرعية وإنسانية، لافتا إلى أنه كان من الممكن أن يكفينا الواقع شر هذا، لو أن المنظمات الدولية قامت بما أعلنته في مواثيقها ولوائحها، ولكن المواثيق واللوائح والمعاهدات لا تعرف الطريق إلى بعض المجتمعات! ثم أنى تكون عدالة هذه المواثيق والمعاهدات والقائمون على حراستها يمنحون الأمن والسلام والرخاء من يشاءون، ويمنعونه عمن يشاءون؟!.
ولفت وكيل الأزهر إلى أنه إذا كانت الأمة تعاني من تكالب أعدائها، وخذلان أوليائها؛ فإن الواجب على شباب الغد أن يعوا الواقع، وأن يقرأوا التاريخ، وأن يستنطقوا الوثائق، وأن يفهموا حراك الحياة من حولهم، وأن يكتبوا تاريخهم بأيديهم، وألا يخدعوا عن الواجب تجاه الأمة، وأن يكونوا استمرارا لماض عريق كانت الأمة فيه رائدة العلوم والفنون عبر قراءة منهجية منتجة.
وفي ختام كلمته، توجه وكيل الأزهر بالشكر والتقدير للمؤسسات الداعمة للقراءة، مؤكدا أنها تضيف بقراءة أبنائنا إلى عمر الأمة أعمارا جديدة، خاصا بالشكر «مؤسسة البحث العلمي» بقيادة السيدة/ نجلاء الشامسي، رئيس مؤسسة البحث العلمي«مصر- دبي»، والأمين العام للمشروع الوطني للقراءة، على ما تقدمه من جهود تعزز الحس الوطني لدى المشاركين، وتثرى البيئة الثقافية داخل مؤسساتنا التربوية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: وكيل الأزهر القراءة العلم المواثيق المجتمعات وکیل الأزهر
إقرأ أيضاً:
بلا عنوان!
لينا الموسوي
اقتربت السنة على الانتهاء وأنا أبحث لها عن عنوان، إنِّها سنة متنوعة الأحداث مليئة بالمنعطفات والانحدارات في جميع المستويات وعلى جميع الأفراد في مختلف المجتمعات تقريباً.
إنها سنة على رغم الصعوبات التي تعرضت لها بعض المجتمعات من حروب وآلام وضغوطات وأهوال وأحداث. لكنها لم تخلو من الانفراجات والإشراقات كبصيص أمل يضيء لهم القادم من الطرقات.
أصبح العالم في الحقيقة يدور في مسار واحد حول نفسه رغم اختلاف مجتمعاته وثقافاته، يتأثر بالأحداث التي تحدث من حوله لأي مجتمع من المجتمعات سلباً وإيجاباً وهذا يعود إلى الإعلام التقني الذي أصبح يؤثر وبقوة شديدة على نفوس وعقول أفراد المجتمعات فيُغير توجهاتهم وأحيانا مخططاتهم إلى القادم من الحياة، حيث إن قوة التواصل التقني والحرية المتكاملة في نشر المواضيع والأفكار أصبحت تؤثر سلباً أو إيجابا على حياة الأفراد؛ حيث يتأثر الفرد في اللاشعور بما يُقال وما ينشر من حوله، فينعكس ذلك بالطبع على حياته الطبيعية وإنتاجه وقراراته ومزاجه فنجده إما يعطي ويتقدم أو يفقد شغفه ويتأثر بما يدور من حوله فينجرف مع الأمواج أحيانا.
ما حدث خلال السنوات الأخيرة من أحداث غيرت معالم لوحات سنوات حياتنا في رأيي لتجعلها لوحات تجريدية متنوعة الألوان خالية من المعالم المحددة الدقيقة الواضحة الأفكار، نقرأها أو نفهما حسب ما تراه عقولنا ونفوسنا ومفاهيمنا وشخصياتنا. فلا نستطيع أن نحدد من خلالها وجهات نظر معينة أو مسارات قادمة مترقبين متفائلين لما ستقودنا إليه عقولنا.
من الصعب على الإنسان أن يعيش من غير أفكار أو معالم معينة يحدد بها عناوين لوحات حياته القادمة مهما تكن تلك الأفكار بسيطة أو مجردة، وإن تغيرت أحيانا المسارات وأخذت الفرشاة ترسم في زوايا أخرى من تلك اللوحات لكنها تبقى تبحث عن الأسلوب أو المسار الذي تتخذه تلك الفرشاة لرسم تلك الأفكار بالقوة الداخلية الموجودة داخل روح الإنسان والتي تغذى بالإيمان واليقين بالله.
لذلك علينا أن نتحكم جاهدين بما نتعرض له من اضطرابات نفسية سواء مفرحة أو محزنة وأن نتأكد من المنقولات سواء كانت كلمات أو مقولات وأن نحذر الشائعات والخزعبلات التي تعرض أنفسنا وصحتنا إلى اضطرابات قد تكون قوية وذات وقع شديد علينا وتأثر سلبا على إنتاجنا واتخاذ قرارات حياتنا فتعمى أعيننا عن رؤية الإيجابيات وما تجلبه لنا الحياة من أفراح ومسرات، وأن نحدد عناوين وملامح وأفكار لوحات سنوات حياتنا القادمة فتكون مبنية على فكر معين ومسار واضح، وإن اندمجت الألوان وتنوعت الخلطات لكننا لا نعلم بما هو آت من أفراح ومسرات هدية لنا من الرحمن.