قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن القراءة هي مفتاح العلم، مؤكدًا أن الأمة التي لا تقرأ، أمة تغامر بحاضرها ومستقبلها، ولا تأخذ عبرة من ماضيها، لافتًا إلى أنه إذا كانت القراءة واجبة على المجتمعات لتحقيق التحضر والتقدم؛ فإنها تكون أكثر وجوبًا على أمة الإسلام التي أمرها رب العالمين في أول نزول للوحي بقوله: «اقرأ باسم ربك الذي خلق»، مشددًا على أنه لا يجوز في عرف الإسلام الذي أمر بالعلم أن يتخلف المسلمون عن العلوم ومدارستها وتوليدها، ولا أن يعيشوا بمعزل عنها.

وأعرب وكيل الأزهر، خلال كلمته اليوم بالحفل الختامي للدورة الثالثة للمشروع الوطني للقراءة، عن سعادته الغامرة، لمشاركته في هذا الملتقى الفكري الراقي، الذي يضم شباب المستقبل ومثقفي الغد الذين يحملون هموم الأمة، ويسعون بكل جهد لبناء مستقبل مشرق لأمتنا العربية التي أثرت العالم فكرًا وثقافة، ووضعت أسس التقدم العلمي الذي نعيشه وتنطلق منه حضارة اليوم، مؤكدًا حرصه على متابعة أعمال «المشروع الوطني للقراءة»؛ لإسهامه في تنمية الوعي بأهمية القراءة، وتمكين الأجيال من مفاتيح الابتكار، ودعم قيمهم الإسلامية والإنسانية؛ وإحداث نهضة عبر جعل القراءة أولوية لدى المجتمع.

وأوضح وكيل الأزهر أن ترويض النفس وتربيتها على القراءة من أنجح السبل لبناء النفس، خاصة إذا بدأ مع الإنسان في مقتبل حياته، داعيّا الشباب إلى إدامة النظر في الكتب والمؤلفات، قائلًا " لا عجب إن قلنا إن القراءة جهاد"، وأنه مهما كانت الصوارف والشواغل فإن جدية الإنسان وهمته وإرادته، وحرصه على بناء شخصيته، وإدراكه لرسالته وأدواره تقوض كل تلك الأسباب، ومن هنا يجب أن يتنبه شبابنا وأولادنا لأهمية القراءة، وضرورة مجاهدة النفس عليها؛ حتى تصبح رغبة ثابتة، خاصةً في ظل مزاحمة وسائل التواصل الاجتماعي، وسرقتها لأعمار الشباب في غير فائدة تذكر، إلا ما رحم الله من شباب نابهين يعرفون كيفية استثمار عطاء العصر فيما ينفع.

ونبه وكيل الأزهر، على أنه يكفينا أن نتأمل خريطة العالم لنرى ما يجري فيها من تلاعب وعبث ومقامرة بالمجتمعات وأحلام أهلها، دون شعور بوخز من ضمير حي يتألم لمشاهد القتلى والجرحى والثكلى والمهجرين والنازحين في غزة العامرة. ناهيك عما يستباح من محظورات شرعية وإنسانية، لافتا إلى أنه كان من الممكن أن يكفينا الواقع شر هذا، لو أن المنظمات الدولية قامت بما أعلنته في مواثيقها ولوائحها، ولكن المواثيق واللوائح والمعاهدات لا تعرف الطريق إلى بعض المجتمعات! ثم أنى تكون عدالة هذه المواثيق والمعاهدات والقائمون على حراستها يمنحون الأمن والسلام والرخاء من يشاءون، ويمنعونه عمن يشاءون؟!.

ولفت وكيل الأزهر إلى أنه إذا كانت الأمة تعاني من تكالب أعدائها، وخذلان أوليائها؛ فإن الواجب على شباب الغد أن يعوا الواقع، وأن يقرأوا التاريخ، وأن يستنطقوا الوثائق، وأن يفهموا حراك الحياة من حولهم، وأن يكتبوا تاريخهم بأيديهم، وألا يخدعوا عن الواجب تجاه الأمة، وأن يكونوا استمرارا لماض عريق كانت الأمة فيه رائدة العلوم والفنون عبر قراءة منهجية منتجة.

وفي ختام كلمته، توجه وكيل الأزهر  بالشكر والتقدير للمؤسسات الداعمة للقراءة، مؤكدا أنها تضيف بقراءة أبنائنا إلى عمر الأمة أعمارا جديدة، خاصا بالشكر «مؤسسة البحث العلمي» بقيادة السيدة/ نجلاء الشامسي، رئيس مؤسسة البحث العلمي«مصر- دبي»، والأمين العام للمشروع الوطني للقراءة، على ما تقدمه من جهود تعزز الحس الوطني لدى المشاركين، وتثرى البيئة الثقافية داخل مؤسساتنا التربوية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: وكيل الأزهر القراءة العلم المواثيق المجتمعات وکیل الأزهر

إقرأ أيضاً:

دور الجيش فى الحياة السياسية من الإطلاق او الإلغاء الى التوافق

دور الجيش فى الحياة السياسية من الإطلاق او الإلغاء الى التوافق : الديمقراطية التوافقية ودور وطنى ديموقراطى للجيش

د. صبرى محمد خليل/أستاذ فلسفة القيم الاسلاميةفى جامعة الخرطوم

Sabri.m.khalil@gmail.com

تمهيد: هناك العديد من المواقف من دور الجيش فى الحياة السياسية.

موقف الإطلاق وإلغاءالديموقراطية : مضمون هذا الموقف إطلاق دور الجيش فى الحياة السياسية ، وهو ما يؤدى- فعليا و بصرف النظر عن الشعارات التى ترفعها الأنظمة السياسية' العسكرية' التى تتبنى هذا الموقف - الى إلغاء الديمقراطية. وهو يستند معرفيا الى موقف القبول المطلق لهذا الدور.

نقد الموقف :
. هذا الموقف يتعارض مع الديموقراطية.
. وهو موقف يستند الى موقف خاطئ مضمونه أن مشكلة التطور الاجتماعي هي مشكلة تتعلق بالتخلف الاقتصادي فقط ، وبالتالي فان حلها يكون بالتنمية الاقتصادية فقط ، فى حين ان الحل الصحيح لهذه المشكلة يقوم على اعتبار أن مشكلة التطور الاجتماعي لا تتعلق بالتخلف الاقتصادي فقط ، بل بالتخلف السياسي “الديموقراطى” أيضا، وبالتالي فان حلها يكون بتحرير الإنسان من القهر الاقتصادي والسياسي ، بالتنمية الاقتصادية والديمقراطية السياسية معا.
∙ كما ان تبنى اى نظام سياسى لهذا الموقف يؤدى الى الى تضخم فئه – شريحة- اجتماعية ضارة ،يمكن ان نطلق عليها اسم فئه – شريحة – دعاه دوله داخل- او تحت- الدوله ، وتضم بعض قيادات بعض المؤسسات الحكومية “خاصة المؤسسات الاستخباراتية والعسكرية والشرطية …” ، الذين تم تعيينهم او ترقيتهم طبقا لمعيار الولاء وليس الكفاءة، والذين يوهمون بعض أركان النظام السياسى، إن الحفاظ عليه و استمراره ، مرهون بتحويل مؤسساتهم الى دوله داخل – او فوق – الدوله – فى حين ان ممارساتهم السالبة هى فى الواقع احد الاسباب التى ستعجل بنهاية هذا النظام – وهم بذلك يهدفون الى الحصول على امتيازات ضخمه، لا يحصل عليها باقي المنتسبين الى هذه المؤسسات – خاصة من هم فى المراتب الدنيا من هيكلها الوظيفى- لذا يجب تطهير- وليس حل- هذه المؤسسات من هذه الشريحة الضارة بهذه المؤسسات ذاتها وبمجتمعها، وإرجاع هذه المؤسسات الى طبيعتها كجزء فاعل من الدوله ، مع غيره من اجزائها.
∙ كما ان موقف القبول المطلق – الذى يستند اليه هذا الموقف معرفيا- هو من خصائص التفكير الاسطورى.

موقف الإلغاء و تكريس الفوضى: مضمون هذا الموقف إلغاء دور الجيش فى الحياة السياسية، ويستند الى الصيغة الليبرالية للديموقراطية، طبقا لمستواها النظرى، اتساقا مع سلبية الدولة بالنسبة للممارسة الديمقراطية في هذه الصيغة.

نقد الموقف:
∙ الصيغة الليبرالية للديموقراطيه ليست الصيغة الوحيدة لها.
∙ والتجارب الديمقراطية فى المجتمعات الغربية الليبرالية ذاتها تجاوزت هذه الصيغه، الى صيغة اخرى هى الديموقراطية التوافقية ،وهى صيغة تسمح للأقليات الثابتة ” كالاقليات الدينيه والعرقيه والنساء …” بدور سياسى فاعل – لم يكن ممكن الوجود فى ظل هذه الصيغة-
∙ كما ان الانظمة السياسية الديمقراطية فى هذه المجتمعات الغربية الليبرالية تسمح – على المستوى العملى- بدور فاعل للمؤسسات العسكرية كالجيش والمخابرات ،سواء دور معلن كما فى حال سياستها الخارجية تجاه الدول النامية” كالقواعد العسكرية الخارجيه، والتدخلات العسكرية والعمليات الاستخباراتية – العلنية او السرية – ضد بعض الدول . او دور سرى – فى حال سياساتها الداخلية ” كتدخل اجهزة المخابرات فى الشئون الداخليه “.
∙ كما هذه الانظمة السياسية الديمقراطية الغربية ذاتها دعمت – ولا تزال تدعم – انظمة سياسية عسكرية استبدادية فى الدول الناميه، وقفت – ولا تزال تقف- ضد الاراده الشعبيه لشعوب هذه الدول ، وسعيها لتحقيق الديموقراطيه، حفاظا على مصالحها.
∙ كما ان أنصار هذا الموقف لا يترددون فى الالتجاء الى الجيش او التحالف مع الأنظمة السياسيه العسكرية فى مواجهة خصومهم الايديولوجيين او السياسيين.
∙ وكثير من انصار هذا الموقف يتبى دعوات مشبوهة لحل- وليس اصلاح – المؤسسات الامنيه، تتجاهل حقيقة ان وجودها ضروري لحماية المجتمعات من العدوان الخارجى والداخلى، ولا يخلو اى مجتمع منها – بما في ذلك أرقى المجتمعات الديموقراطية .
∙ كما ان هذا الموقف يتجاهل اختلاف واقع المجتمعات النامية عن المجتمعات الغربية. حيث تعاني هذه المجتمعات من مشكلة التخلف السياسي” الديمقراطي” التى مضمونها انعدام أو ضعف التقاليد الديمقراطية، نتيجه لاسباب متعدده . فضلا عن معوقات اخرى للديمقراطية منها شيوع الأمية ،والمربع المخرب "الفقر والجهل والمرض والبطالة"…
∙ كما يتجاهل حقيقة ان الصيغه الليبرالية للديموقراطيه إذ تحرر الشعب من استبداد الحاكمين-على المستوى النظرى – لا تضمن- فعليا- عدم استبداد الرأسماليين فيه، لان النظام الرأسمالي هو النظام الليبرالى فى الاقتصاد ( د.عصمت سيف الدوله، النظرية ، ج2، ص197-198 ).
∙ وهذا الموقف قد يؤدى الى الفوضى نتيجه لأسباب عديدة منها ضعف مؤسسات الدوله،وشيوع القبلية والطائفيه، تدنى الوعى السياسى وضعف مؤسسات المجتمع المدنى…

∙ كما ان موقف الرفض المطلق– الذى يستند اليه هذا الموقف معرفيا – هو أيضا من خصائص التفكير الاسطورى- رغم ادعاء أنصار هذا الموقف العقلانية والإستنارة –

موقف التوافق "الديموقراطية التوافقية ودور وطنى ديمقراطى للجيش" :
∙ هذا الموقف يرفض موقفى الاطلاق والإلغاء ، والأساس المعرفي الذي يستندان إليه “القبول او الرفض المطلقين”، ويرى الى ضرورة تجاوزهما الى موقف التوافق ، وهو موقف يستند سياسيا الى صيغة واقعية عملية للديمقراطية هى “الديموقراطية التوافقية” –والتى أقرتها ارقى المجتمعات الديموقراطية كما اشرنا اعلاه – كما يستند معرفيا الى الموقف التقويمي” النقدى” ، الذى مضمونه القبول او الرفض المقيدين”المشروطين” – وهو الموقف المعرفى الذى يتسق مع التفكير العقلانى-
∙ فهذا الموقف يرى ان المشكلة لا تتصل بوجود هذا الدور بل بحدوده .
∙ فدور الجيش فى الحياة السياسية قد يتعارض أو يتوافق مع الديمقراطية.
فهذا الدور قد يتعارض مع الديمقراطية في حالة إلغائه للديمقراطية – كما فى موقف الإطلاق-
∙ كما أن هذا الدور يمكن أن يتفق مع الديمقراطية ، من خلال الجمع بين معياري الاغلبيه والتوافق، وذلك بالالتزام بالديموقراطيه التوافقية، وذلك بالتوافق على صيغة للحكم تجمع بين حكم الاغلبيه، وإقرار دور فاعل لكافة مكونات المجتمع : الاجتماعية “ومن ضمنها المراْه والشباب وذوى الاحتياجات الخاصة…”، والدينية ” الأقليات الدينية”، والعرقية ” الأقليات العرقية ”، والتقليدية ” كالقبائل والطوائف والطرق الصوفية… ” ، والوظيفية “من ضمنها الجيش”… وحفظ حقوق هذه المكونات على المستوى الدستوري
∙ ويشترط لنجاح الديمقراطية التوافقية ان تعبر عن الاراده الشعبيه بدون تزييف ، وان يتم اختبار هذه المكونات بصورة ديمقراطية.

الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات: https://drsabrikhalil.wordpress.com

   

مقالات مشابهة

  • تداعيات مسلسل معاوية.. «عضو فتوى الأزهر»: مش معقول ممثل يسكر في مسلسل ويجسد شخصية صحابي بآخر
  • خطيب الجامع الأزهر: القرآن الكريم هو نبراس الأمة الذي ينير طريقها
  • جامعة حلوان تطلق مبادرة للقراءة بالتعاون مع جريدة الجمهورية
  • الأزهر يحرم مشاهدة “مسلسل معاوية” الذي انتجته “إم بي سي” السعودية 
  • وكيل الأزهر: نثق في حكمة الرئيس السيسي وعزمه وإخلاصه في الحفاظ على الوطن
  • الأمين الذي فدى الأمة ..إنا على العهد
  • وكيل الأزهر يتابع فعاليات الدورة التدريبية للمرشحين للابتعاث الخارجي
  • بحضور شيخ الأزهر.. المشاركون بمؤتمر الحوار الإسلامي- الإسلامي يوقِّعون نداء أهل القبلة
  • دور الجيش فى الحياة السياسية من الإطلاق او الإلغاء الى التوافق
  • بحضور شيخ الأزهر.. المشاركون بمؤتمر الحوار الإسلامي- الإسلامي يوقعون «نداء أهل القبلة»