ندخل العام الرابع والعشرين من القرن الواحد والعشرين متفائلين، ننزف دما قانيا في غزة ونؤمن بوعد الله ونتصبّر ونثق في المقاومة. فقد أفسدت على العدو وهْم نصره وسعادته، وأثبتت أن قولها صادق وأن قوتها باقية وأن تخطيطها للمعركة تخطيط القادرين المقبلين غير المدبرين، وأن النصر أو الاستشهاد قول وفعل بما حررنا من لغو أنظمة كثيرة كانت سترمي إسرائيل في البحر فوجدناها في حضن العدو.
ولا نعني هنا مستقبل غزة فهي كفيلة به ومن لم يأخذ منها مكسبا بالسلاح لن يأخذ منها مكسبا بالتفاوض، لكن مستقبل العرب من حول غزة؛ هل يستفيد من صمود غزة؟ هذا سؤال ممض ومثير لوجيعة كبيرة، فثلاثة أشهر من الحرب لم تغير موقف الأنظمة ولم تعد تحرك الشعوب التي نراها تعود إلى همومها الصغيرة كأنها غير معنية بحريتها ومجدها.
المعنى المغيب شعبيا
باستثناء الجمهور الأردني الذي بات ليلة رأس السنة الاحتفالية مرابطا يحاصر سفارات الكيان، فإننا تابعنا بألم كبير مظاهر الاحتفالات العربية في أكثر من عاصمة، بما في ذلك الدوحة المتابعة من قريب لمعركة غزة.
لقد انتصر لوبي التجار بمن ذلك صناع الحلويات وأصحاب النُزل والسياحة على موجة التعاطف الشعبي مع المقاومة في حربها التحريرية، وسمعنا تبريرات سخيفة وموجعة فكأني بالشعب العربي الذي توقف عن التظاهر منذ الشهر الأول (ورفع العتب) قد عاد إلى سيرته من اللهو الغافل.
لا نكتب هنا لائمين (وإن كنا نشعر بأسى بالغ)، ولكن نحاول فهم قصور الفهم الشعبي لأبعاد معركة الطوفان. فهذه المعركة في تقديرنا ومنذ انطلاقتها وقياسا أيضا على كل المعارك التي خاضها الفلسطيني ضد العدو الصهيوني هي معارك تحرير فلسطين أولا، ولكنها في عمقها معارك تحرير الأمة العربية بتقسيماتها القُطرية التي تحولت إلى مقدسات سياسية عند أنظمتها وعند فئات واسعة من شعوبها، فلم تعد تهتم بفلسطين كأنها شعب غريب، وكأن قضيتها ليست قضية أمة وأن نصرها هو نصر لأمة وهزيمتها هي هزيمة لأمة.
لقد سمعنا قولا كثيرا عن تعاطف قلبي من فئات مختلفة غلب قول الذين يقولون بأنها معركة دينية يقودها الظلاميون أعداء الحداثة، لكن التعاطف القلبي جاء دون المطلوب، وكانت مناسبة رأس السنة فرصة لاختبار هذا التعاطف القلبي الذي اختفى تحت مبررات فرحة الأولاد وتخفيف أثر الدراسة ثم التمتع بالعطلة، وهي مبررات بدت لنا سخيفة وغير مقنعة، فأكبر آلام غزة هي أطفالها الذين استشهدوا تحت الردم والذين يعانون برد الشتاء وجوعه عراة تحت الخيام إذا توفرت، وقد انقطعت مدارسهم وهُدم أغلبها حتى ضاع منهم عام دراسي بكل مراحله.
أن يفكر العربي في متع أطفاله وهو يرى أطفال غزة في تلك الحالة فهذا ينفي اهتمامه بمعركة تحرير أمة سيعيش فيها أطفاله تحت التهديد الصهيوني، وإن لم يكن بلد مواجهة. فعند الصهيوني ما من طفل عربي يولد وإلا وهو عدو وإن لم ينشغل بالقضية. لقد تبين أن مغزى تحرير الأمة انطلاقا من غزة معنى غائب عن وعي كثير من العرب بمن في ذلك فقراء الأمة، وهم حواضن تقليدية للنضال.
لكننا نتفاءل برغم الدم واللا مبالاة
نعيش خوفا على غزة ويؤذينا ما يؤذيها ونعرف حدود قدرتنا على الإسناد وهو أقل مما تطلب غزة، لكننا لا نحتفل وهي تنزف وهو أضعف الإيمان. حتى ليلة رأس السنة وصباح اليوم الأول قدمت لنا غزة براهين قوتها وعلامات نصرها على عدونا، لقد أرعبته ليلة احتفاله (وهو الحزين المكلوم). المقاومة صامدة وقوية ولها سلاحها المتنوع ولها تكتيكاتها التي بدأت بها المعركة فلم ترتبك حتى اكتمال الشهر الثالث. وقد حدثتنا عن قوتها منذ اليوم الأول فصدقناها ولم تتخيل عقولنا الكسيحة قوتها.
سيكون لنا وقت طويل نؤثثه بمعلومات ستأتي في حينها عن تاريخ الاستعداد والجهد الذي بُذل فيه، وهو مذهل ولنا عليه بعض الأدلة ليس كلها. ولذلك نقول إننا فعلا على أبواب نصر مؤزر سيغير الخرائط ويعيد وضع تصورات عن المستقبل طالما قرأناها في الشعر ولم نرها على الأرض حية تتحرك.
2024 ميلادية سنة جديدة ستكون فيها معركة تحرر فلسطين وانهدام كيان العدو على نفسه، فقد بدأت مؤشرات الخراب الداخلي. نعرف بلا دروشة أن المعركة لم تضع أوزارها وأن الثمن ما زال يُدفع من الدم لفلسطيني وأن معركة كسر عظم سياسية تلوح في الأفق، فالعدو المغرور يتكلم كمن ربح الحرب وهو الخاسر بمقاييسه ومقاييس كل عارف بالحرب، لكنه لغو المهزوم، وستكون للمقاومة كلمتها. إننا نرى الطوفان مستمرا حتى التحرير، وإنما بدأ يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر ولن يتوقف حتى التحرير الشامل، فهي هدن وحرب متقطعة حتى ينكسر العدو ويخلي الأرض، وما هذا ببعيد على من خاض بلحمه حربا منذ ثلاثة أشهر ولديه إمكان مواصلتها واثقا ومقتدرا لشهور أخرى (متى وكيف أسئلة ستجيب عنها المقاومة طبقا لبرنامجها).
2024 بدأ المعركة النهائية لتحرير فلسطين ولا بأس أن يتحرر العرب دون دفع الثمن، فلا نظن أن غزة المجيدة ستمن عليهم بنتائج/ انعكاسات نصرها وثمراته، فقديما كانت الضباع تأكل فضلات الأسود ولا تمن الأسود في قانون الطبيعة على الضباع.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة المقاومة غزة الاحتلال المقاومة الصمود مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
تظاهرات يمنية حاشدة تضامنا مع فلسطين وتنديدا بجرائم الإبادة في شمال غزة
تظاهر آلاف اليمنيين، اليوم الجمعة، في عدد من المحافظات، تنديدا بجرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وتضامنا مع الشعب الفلسطيني.
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، لليوم الـ 392 على التوالي، عبر شن عشرات الغارات الجوية والقصف المدفعي، والأحزمة النارية مع ارتكاب مجازر دامية ضد المدنيين، وتنفيذ جرائم مروعة في مناطق التوغل، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار ونزوح أكثر من 90 % من السكان.
وشهدت مدينة صنعاء، خروج الآلاف في تظاهرة حاشدة تحت عنوان "مع غزة ولبنان.. جاهزون لأي تصعيد أمريكي صهيوني"، دعما لصمود ومقاومة غزة ولبنان في مواجهة قوات الاحتلال الإسرائيلي.
ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية ولافتات منددة باستمرار "العدوان" الإسرائيلي على غزة وتواصل الضربات الأمريكية البريطانية على اليمن.
واستنكرت الجماهير استمرار المجازر الوحشية والتهجير القسري والتجويع وحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الصهيوني ضد أبناء الشعب الفلسطيني، بدعم غربي.
ونددت التظاهرة، بتواطؤ المجتمع الدولي والأممي وتخاذل وسكوت الدول العربية والإسلامية التي لم تحرك ساكناً أو تتخذ موقفاً مشرفاً لمواجهة عدوها الأبدي الكيان الصهيوني، وإيقاف عدوانه وجرائمه بحق أهالي غزة والشعبين الفلسطيني واللبناني.
وأوضح بيان التظاهرة، أن نزيف الدم الفلسطيني في قطاع غزة ما يزال مستمراً بلا توقف للشهر الثالث عشر على التوالي، وما يزال العدو الصهيوني مستمراً في إجرامه ووحشيته وإبادته الجماعية باستهداف كل مظاهر الحياة خصوصاً في شمال غزة، بل وما زال يتمدد ويتوسع إلى الضفة الغربية ولبنان.
وأشار إلى أنه وأمام ذلك كله ما زالت مسؤولية أبناء يمن الإيمان والحكمة والجهاد وأبناء الأمة العربية والإسلامية وكل أحرار العالم، قائمة ولم تسقط.
وأكد البيان، أن "أبناء الشعب اليمني لا يزال على العهد والوعد حاضرين في الساحات والميادين بلا كلل ولا ملل، مع غزة ولبنان حتى النصر، جاهزين لأي تصعيد أمريكي صهيوني".
وأشاد بالعمليات العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية التي لا زالت صامدة وتُلحق بالعدو الصهيوني خسائر فادحة منذ أكثر من عام.
وبارك البيان عمليات حزب الله المنكلة والموجعة بالعدو الصيهوني، والتي أفشلت مخططاته الإجرامية وهجماته الظالمة ضد لبنان بكل ثباتٍ وقوة، مباركاً العمليات المتصاعدة والمؤثرة للمقاومة الإسلامية في العراق.
وأشاد بعمليات الدهس الاستشهادية البطولية في فلسطين المحتلة التي زلزلت بنيان العدو الصهيوني الداخلي، وكذا استمرار القوات المسلحة اليمنية في عملياتها العظيمة والمباركة دون تراجع أو توقف.
ورددت الهتافات المؤكدة على مواصلة حمل راية الجهاد والمقاومة والمضي على درب الشهداء القادة لردع قوى العدوان والإجرام العالمي، حتى تحرير الأقصى وكل الأراضي المحتلة من دنس الصهاينة المجرمين.
كما ردد المحتجون، هتافات معبرة عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني واللبناني، وتنديدا بجرائم الكيان الصهيوني، معبرين عن إدانتهم الشديدة لاستمرار التخاذل العربي والإسلامي إزاء ما يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني من مجازر وحشية وحرب إبادة وتجويع وتعذيب وقتل جماعي من قبل كيان العدو الصهيوني بمشاركة أمريكية ودعم غربي.
وأشادت الحشود، بالصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني، واستبسال وشجاعة أبناء غزة وفلسطين في مواجهة التوحش والإرهاب الصهيوني والأمريكي الذي يستمر في ارتكاب مجازر وجرائم الإبادة ضد الفلسطينيين.
وشهدت مدينة مارب اليوم الجمعة مظاهرة حاشدة نددت باستمرار حرب الإبادة والتهجير بحق سكان قطاع غزة للعام الثاني على التوالي.
واستهجن المشاركون في المظاهرة الصمت الدولي تجاه استمرار حرب الإبادة الصهيونية بحق الفلسطينيين، ومشاركة بعض الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، في دعم الكيان الصهيوني في هذه الحرب الظالمة.
ورفع المشاركون في المظاهرات صورا وشعارات تضامنية مع سكان القطاع الذين يتعرضون لحرب مفتوحة جوعا وفتكا بالسلاح.
كما جدد المتظاهرون دعوتهم للضمير الإنساني الدولي إلى تحمل مسؤولياته في وقف هذه المجازر وفتح المعابر وإغاثة الشعب الفلسطيني.
كما شهدت مدينة تعز اليوم الجمعة، وقفة احتجاجية حاشدة دعمًا للقضية الفلسطينية والمقاومة وتنديدًا بجرائم الإبادة الجماعية والتهجير القسري الممنهج في قطاع غزة.
واحتشد عشرات الآلاف من المواطنين في شارع التحرير الأسفل وسط مدينة تعز تلبية لدعوة المكونات السياسية بالمحافظة.
ورفع المشاركون الأعلام الوطنية والفلسطينية ولافتة موحدة كتب عليها "أوقفوا الإبادة والتهجير في غزة".
كما رددوا هتافات منها "لا عروبة ولا حمية، كلهم باعوا القضية"، "قبلك نار وبعدك نار، واصل يا جيل السنوار".
ولليوم الـ27 يستمر جيش الاحتلال في عمليته العسكرية على محافظة شمال قطاع غزة، وتحديدا في جباليا ومخيمها حيث يستمر في قصف المدنيين ونسف منازلهم ويمنع دخول المساعدات والغذاء والمياه والدواء والوقود.
وفي ذمار وإب والحديدة وعمران وصعدة، وبقية المحافظات، تظاهر آلاف المواطنين تضامنا مع أبناء غزة، مشددين المحتجون على ضرورة وقف الحرب المتواصلة على قطاع غزة ووقف جرائم الاحتلال، مطالبين بمحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم في القطاع والتي استهدفت كل شرائح الشعب الفلسطيني.
وحمل المشاركون في الإحتجاجات، الإدارة الأمريكية كامل المسؤولية القانونية والحقوقية عن سقوطها الأخلاقي والقيمي، وانخراطها في جرائم الإبادة الجماعية من خلال استمرار مدّ العدو الصهيوني بالأسلحة الفتاكة.