بيروت تسعى لإدراج أرشيف تلفزيون لبنان على لائحة ذاكرة العالم لليونسكو
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
تسعى وزارة الإعلام اللبنانية إلى إدراج أرشيف تلفزيون لبنان، وهو الأقدم في العالم العربي، على لائحة "ذاكرة العالم" التابعة لليونسكو، على أمل أن يصبح المجموعة الثالثة لبلد الأرز بعد الأبجدية الفينيقية ولوحات نهر الكلب الأثرية على قوائم التراث العالمي.
ويرتبط تلفزيون لبنان بالذاكرة الجماعية، ويحنّ العديد من اللبنانيين إلى "العصر الذهبي" الذي عاشته هذه الشاشة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، حتى باتت شخصيات برامجه الترفيهية الكوميدية والدرامية مطبوعة في وجدان غالبية من عايش تلك الحقبة.
ويسعى برنامج "ذاكرة العالم" الذي أسسته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة عام 1992 إلى الحؤول دون فقدان التراث الوثائقي، وهو ما تعرّف عنه اليونسكو بمجموعات الوثائق "ذات القيمة الهامة والدائمة، سواء كانت وثائق ورقية أو سمعية بصرية أو رقمية أو بأي صيغة أخرى".
ويقول وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري الذي أعلن عن هذه المبادرة قبل أيام "نطمح إلى تسجيل أرشيف تلفزيون لبنان، لأنه أول تلفزيون في العالم العربي، وكذلك الإذاعة اللبنانية والوكالة الوطنية للإعلام والدراسات والمنشورات اللبنانية"، مضيفا "بحكم الأمر الواقع لدينا أقدم أرشيف مرئي ومسموع في العالم العربي".
ويوضح لوكالة الصحافة الفرنسية أن الأرشيف يجب أن "يتمتع بقيمة ثقافية وتاريخية" ليدرج على هذه اللائحة.
ويضيف من مبنى وزارة الإعلام في بيروت "لدينا أشرطة فيديو تعود إلى الحرب العالمية الثانية وفترة الأربعينيات"، رغم أن حجر الأساس للتلفزيون في تلة الخياط في بيروت وضع في العام 1957 وبدأ التلفزيون عمله في 1959.
الأشرطة المؤرشفة موضوعة على رفوف معدنية في قسم الأرشيف بمحطة التلفزيون اللبنانية (الفرنسية)ويشير الوزير إلى تعاون مع وزارة الخارجية الفرنسية والمعهد الوطني الفرنسي للإعلام المرئي والمسموع قائلا "نحافظ على الأرشيف بشكل وثيق وبشكل جدّي جدا".
الذاكرة الجماعيةوتباشر الوزارة تحضير الملف في يناير/كانون الثاني، وسيشدّد الملف على "أهمية الأرشيف في الذاكرة الجماعية والأثر الثقافي على المنطقة التي نعيش فيها"، وفق الوزير الذي يشير إلى أن هناك مساعدة تقنية من اليونسكو في التحضير.
ويوصف الأرشيف بأنه "ذاكرة جماعية ووطنية وإنسانية"، لأن "قمة الحفاظ على إنسانية الإنسان هي حفظ تاريخه وحفظ ماضيه كما هو".
ويتضمّن الأرشيف أكثر من 50 ألف ساعة من الأشرطة المسجلة التي تختزن تاريخ لبنان بين مقابلات وأخبار وتغطيات زيارات رؤساء وملوك عرب، وبرامج وحفلات موسيقية منوعة لفنانين لبنانيين ومن كل أنحاء العالم، في مقدمتهم "كوكب الشرق" أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش والمغنية الفرنسية داليدا.
وتؤكد المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي أن مثل هذا التراث الوثائقي يمثّل "الذاكرة المشتركة للإنسانية، ومن الواجب حمايته لصالح البحوث ومشاركته مع أكبر عدد ممكن من البشر"، لأنه "جزء أساسي من تاريخنا الجماعي".
موظف يسير بين الرفوف في قسم الأرشيف بمحطة تلفزيون لبنان (الفرنسية)وأعلنت اليونسكو في مايو/أيار إدراج 64 مجموعة وثائقية في سجل "ذاكرة العالم" ليصبح العدد الإجمالي لهذه المجموعات 494.
وقد أُدرج موقع "نهر الكلب" الأثري الواقع على بعد 15 كيلومترا شمال بيروت والأبجدية الفينيقية في سجلّ "ذاكرة العالم" عام 2005.
وسيحمل إدراج أرشيف تلفزيون لبنان على لائحة اليونسكو، إن حصل، "أهمية رمزية ومعنوية كبرى"، "وسيعطي قيمة ثقافية أكبر للبنان ويضع إرثنا الإعلامي على الخريطة العالمية"، وفق الوزير اللبناني.
العصر الذهبيويقول المكاري "العصر الذهبي للتلفزيون كان في الستينيات والسبعينيات، وهو أول تلفزيون أُسّس في العالم العربي على مستوى دولة".
بدأ بث تلفزيون لبنان بالأسود والأبيض، ثم انتقل إلى الشاشة الملونة وكان البث مباشرا طوال الوقت من دون أي تسجيلات. وكان تلفزيون لبنان الوحيد محليا على ساحة الإعلام المرئي إلى حين تأسيس أول محطة خاصة في عام 1985.
وانطلقت ورشة تحديث الأرشيف في العام 2010 بجهود الموظفين وإمكانات مادية شبه معدومة.
ويقول مدير الأرشيف في تلفزيون لبنان ألفرد عكر إن فريقا من 12 شخصا يقوم حاليا بعملية الرقمنة رغم صعوبات نقل الأشرطة القديمة إلى نماذج حديثة.
في مركز أرشيف تلفزيون لبنان حيث يحفظ قسم من المحفوظات في سن الفيل بينما القسم الآخر في مقرّ التلفزيون في تلة الخياط، يشاهد هؤلاء الموظفون الأشرطة المصوّرة القديمة وينقلون مضمونها.
ويضيف عكر "يتضمّن أرشيف التلفزيون الحياة الثقافية والسياسية اللبنانية" على مرّ السنين، معتبرا أنه ثروة "يجب إنقاذها والحفاظ عليها، وليست هناك أي محطة أخرى تملك مثل هذا الأرشيف".
ويقول الإعلامي زافين قيومجيان، مؤلف كتابين عن تاريخ التلفزيون "أسعد الله مساءكم.. مئة لحظة صنعت التلفزيون"، وآخر بالإنجليزية عن أبرز المحطات في التلفزيون اللبناني، إن تلفزيون لبنان "صنع ذاكرة البلد وشكّل محاولة لإدخال العالم العربي إلى العصرنة والحداثة".
ويضيف أن التلفزيون أوجد "أسطورة جمعت كل اللبنانيين بعضهم ببعض". وعانى لبنان المتعدّد الطوائف والأديان منذ استقلاله انقسامات وأزمات كثيرة.
أرشيف التلفزيونويقول إن أرشيف تلفزيون لبنان "ثروة وطنية للبلاد ويختزن هوية لبنان الثقافية"، مشيرا إلى أن التحدي الرئيسي لا يكمن في رقمنته وإنما في وضعه في الإطار المناسب "وربطه بذاكرة البلد".
وفي ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها لبنان منذ 2019، يقول وزير الإعلام إن مستقبل تلفزيون لبنان يكمن في إبعاده عن السياسة، مشيرا إلى أنه يجب أن تكون لديه "رؤية مختلفة وأن يلعب دورا ثقافيا وتعليميا وسياحيا".
وتراجع كثيرا موقع تلفزيون لبنان خصوصا بسبب الأزمة المالية التي تعاني منها الدولة اللبنانية.
ويخلص الوزير المكاري إلى القول إن تلفزيون لبنان يمثل "صورة جميلة عن لبنان"، البلد الذي يعد "ماضيه أجمل من حاضره"، مضيفا "استعادة تلفزيون لبنان موقعه على الساحة الإعلامية مرآة لاستعادة لبنان دوره على الساحة العالمية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی العالم العربی
إقرأ أيضاً:
بيروت تصرخ بوجع عميق: كلنا للوطن
عيد الاستقلال سيطر من دون أدنى شك على مواقع التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي، والجميع تنبّه عند فتح صفحة "غوغل"، الى الـ Google Doodle الخاص بهذا العيد، بحيث تربّع علم لبنان على الشعار الخاص بهذا المحرك العالمي. وبدا موقع غوغل الإلكتروني مهتما بالعيد الـ81 لاستقلال لبنان مثل الكثير من اللبنانيين..تراوحت آراء كثير من اللبنانيين في السابق بين من كان يعتبر أن الاستقلال الحقيقي تحقق عام 2000 مع الانسحاب الاسرائيلي من لبنان، ومن يعتبر أن الاستقلال تحقق عام 2005 بانسحاب الجيش السوري. أما اليوم فمعظم المواطنين لا يشعرون بهذه الذكرى الوطنية وما تعنيها بينما عاد القصف الاسرائيلي ليدك بيوت اللبنانيين من الجنوب الى بيروت وصولا الى البقاع وجبيل وعكار.
وكتبت ناشطة على موقع التواصل الاجتماعي "أكس": "ان شاء الله السنة الجاي منعيد كلنا بالاستقلال الواقعي والحقيقي،
لو لم يكن لبنان وطني لما اخترت وطنًا لي غير لبنان!
قالها جبران منذ زمنٍ، وما زالت صوت كلّ لبنانيٍّ على الرّغم من المعاناة!".
ويرى ناشط أن الاستقلال كرامة وطن، يؤخد بالدم ولا يُعطى، وقال عبر "فيسبوك": أخذنا الاستقلال وسنحافظ عليه لوّ كلّفنا آخر قطرة من دمائنا، إذا خسرناه خسرنا الوطن فماذا يبقى لنا؟".
كما اعتبر آخرون في هذا العيد أنه في وجه الاحتلال الخارجي والخذلان الداخلي، لا خلاص إلا بوحدة شعب لبنان وإرادة تستعيد هويته المسلوبة.
ان العادات والاحتفالات التي كانت تتبع وتقام سابقا باتت هذه السنة خجولة ورمزية، فلا عروض رسمية في الساحات ولا أناشيد وطنية تصدح في المناطق. انما العنصر المفاجىء هو أن العاصمة بيروت تزينت لهذه المناسبة وأعطت للعيد بهجة. فما زال الامل ينبض في قلوب المواطنين ويصرخ كما صرخت بيروت بوجع عميق: "كلنا للوطن".
المصدر: خاص "لبنان 24"