إسرائيل تغتال مشاريع واشنطن المستقبلية
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
إسرائيل تغتال مشاريع واشنطن المستقبلية
لم يسقط الغرب أخلاقيا في حرب غزة فقط، بل أصبحت مشاريعه مهددة كنتاج لدعمه هذه الحرب القذرة.
الجديد أن بعض هذه الحركات تشن حربا ضد إسرائيل، على الرغم من عدم الاشتراك في الحدود مثل حالة «أنصار الله» بفضل تطوير منظومة الصواريخ.
أصبحت حرب إسرائيل ضد قطاع غزة حرب إبادة، ولم ينتج عنه السقوط الأخلاقي للغرب فقط، بسبب دعم جرائم الكيان، بل عرقلة مشاريع الغرب الكبرى لمنافسة الصين.
* * *
أبرزت هجمات أنصار الله الحوثيين، ضد السفن الإسرائيلية أو المتوجهة إلى الكيان الصهيوني عبر البحر الأحمر مدى هشاشة المشروع الكبير، الذي تراهن عليه الولايات المتحدة وهو الممر الاقتصادي الهند – الشرق الأوسط – أوروبا» لمواجهة طريق الحرير الصيني، وذلك على ضوء ظهور حركات تعتبر جيوشا غير كلاسيكية وغير نظامية في الشرق الأوسط. ومن شأن ظاهرة الحركات المسلحة التأثير مستقبلا على التجارة الدولية بشكل كبير للغاية.
في هذا الصدد، ضمن مفاجآت عملية «طوفان الأقصى» يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، أن الحرب الحالية التي تخوضها إسرائيل ضد قطاع غزة تختلف عن حربي 1967 و1973 إذ واجهت في الحربين السابقتين جيوشا نظامية مثل المصرية والسورية، وكانت تشترك معها في الحدود، وهي حرب تخضع لتصور كلاسيكي.
بينما في الوقت الراهن تواجه قوات عسكرية تمتلك صفات الجيوش النظامية، ولكنها حركات عسكرية مثل «حزب الله» وحركات عراقية و»أنصار الله» وإن كانت الأخيرة هي التي تشرف على تسيير دولة اليمن، وهي أقرب هذه الحركات الى الجيش النظامي، وكذلك حركة حماس التي لم ترتقٍ عسكريا بعد إلى مستوى هذه الحركات، بسبب الحصار المفروض عليها، ما يمنعها من التوصل بالأسلحة، ورغم التسلح المحدود والذكي، نجحت في قهر حركة إسرائيل عسكريا بشكل ملحوظ، وجعلتها تتورط في حرب الإبادة بدل حرب استهداف الأهداف العسكرية.
ويبقى الجديد أن بعض هذه الحركات تشن حربا ضد إسرائيل، على الرغم من عدم الاشتراك في الحدود مثل حالة «أنصار الله» بفضل تطوير منظومة الصواريخ.
ويوجد اختلاف وسط المنتظم الدولي بشأن ما تقوم به حركة أنصار الله في باب المندب والبحر الأحمر، بمهاجمة السفن الإسرائيلية والمرتبطة بها. إذ تعتبره الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ودول غربية أخرى، عملا إرهابيا ضد حرية الملاحة، وتطالب المنتظم الدولي بضرورة التحالف ضد هذه الظاهرة، كما حدث في مواجهة القرصنة في القرن الافريقي، في حين تعتبره دول مثل روسيا والصين وباقي دول العالم ضمن ما ينتج عن حرب الإبادة التي يمارسها الكيان الصهيوني، وبالتالي يتطلب الأمر تصورا دبلوماسيا لحل هذا المشكل، أكثر من الاعتماد على الحل عسكريا، لأن القوة ستزيد من تفاقم خطورة هذا الملف.
وهذا ما يحدث الآن، بعدما لم لتعد شركات الملاحة الكبرى تثق في الحماية التي توفرها السفن الأمريكية، وقررت معظمها مغادرة البحر الأحمر والرهان على المرور عبر جنوب افريقيا، خاصة في ظل احتمال مواجهات بين الحوثيين والأسطول الأمريكي، على ضوء إغراق الأمريكيين زورقين للحوثيين يوم الأحد الماضي. ولم تنخرط حتى الدول العربية المؤيدة لواشنطن مثل السعودية والإمارات ومصر، ويعتبر انخراط البحرين رمزيا بسبب احتضانها قاعدة الأسطول الخامس.
وإذا تركنا جانبا حرية الملاحة والاختلاف في التعاطي مع هذا الملف، سنجد أن الأمر يكتسب عمقا جيوسياسيا كبيرا، يمس المضايق البحرية والمشاريع التجارية الكبرى، ذلك أن تصرفا عسكريا مثل ما يقوم به أنصار الله، بالتحكم في الملاحة الدولية في باب المندب، يعني بطريقة أخرى التحكم في المشاريع الاقتصادية الكبرى للغرب في هذه المنطقة من العالم.
ونعني في هذا الصدد وفي الوقت الراهن، المشروع الذي يتم الرهان عليه كثيرا وهو: «الممر الاقتصادي الهند -الشرق الأوسط – أوروبا». وعمليا، طرحت واشنطن هذا المشروع خلال قمة دول العشرين في العاصمة الهندية نيودلهي خلال سبتمبر/أيلول الماضي. ويريد هذا المشروع تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية وهي:
أولا، جعل الهند دولة فعالة في الإنتاج والنشاط التجاري العالمي، بهدف خلق منافس للصين، نظرا للقوة البشرية للهند والاستثمارات الغربية التي يمكن أن تستقبلها من دول مثل، اليابان والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا.
ثانيا، خلق شرخ وسط دول البريكس، بإبعاد الهند عن روسيا والصين، وهكذا سيتحول هذا البلد، أي الهند، إلى ما يشبه دور بريطانيا التي أضعفت الاتحاد الأوروبي طيلة أربعين سنة، منذ انخراطها فيه في السبعينيات وحتى مغادرتها له منذ سنوات في إطار البريكست، بدل أن تشكل قوة إضافية لتطوير التكتل الأوروبي.
ثالثا، إبعاد الشرق الأوسط عن النفوذ الصيني، أو التقليل منه، إذ لن ترتبط هذه الدول بطريق الحرير وحده، بل بمشروعين.
ومن الناحية الجيوسياسية، حرب إسرائيل ضد قطاع غزة، التي أصبحت حرب إبادة، لم ينتج عنها فقط السقوط الأخلاقي للغرب، بسبب دعمه الكبير لجرائم الكيان، بل عرقلة المشاريع الغربية الكبرى لمنافسة الصين.
وكمثال في هذا الشأن، الانعكاسات السلبية لهجمات الحوثيين على مشروع «الطريق الاقتصادي الهند – الشرق الأوسط – أوروبا» المنافس لطريق الحرير، ثم التأثير السلبي على مشروع مرتبط بالغربي وهو حفر قناة بن غوريون المنافسة لقنوات السويس، حيث يتم التخطيط لتكون القناة الجديدة الأداة الرئيسية للتطبيع النهائي والشامل والأبدي في الشرق الأوسط بين الدول العربية والكيان.
ومما سيزيد من صعوبة الأوضاع مستقبلا بشأن تأثير الحركات التي تشبه الجيوش على الوضع العالمي ومنها الملاحة الدولية، ومختلف المشاريع هو التنافس الواقع بين بكين وواشنطن للسيطرة على التجارة الدولية، وعدم الاتفاق على تصور أمني موحد. وهذا يجر كل طرف إلى إضعاف الطرف الآخر.
ويمكن تقديم أمثلة في هذا الصدد، تعمل الولايات المتحدة على حشد دول جنوب شرق آسيا ضد طريق الحرير، وضد تقديم تسهيلات للصين في المياه الإقليمية لهذه المنطقة في العالم، ثم إضعاف طريق القطب الشمالي، الذي بدأ يشتغل بنقل البضائع من الصين عبر روسيا إلى أوروبا وأمريكا اللاتينية.
ومن جانبها، رفضت بكين طلب واشنطن للمساهمة في تأمين الملاحة في البحر الأحمر، على الرغم من أن القوات الصينية لديها قاعدة عسكرية في القرن الافريقي، بل وجدت في أنصار الله أحسن من يلقن الأمريكيين الدرس.
وتستخلص من السياسة الصينية أن بكين لن تنخرط في أي مشروع أمني دولي يكون مبادرة من الغرب وقد يمس بطريقة أو أخرى المصالح القومية الصينية. نعم، لم يسقط الغرب أخلاقيا في حرب غزة فقط، بل أصبحت مشاريعه مهددة كنتاج لدعمه هذه الحرب القذرة.
*د. حسين مجدوبي كاتب وباحث مغربي
المصدر | القدس العربيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الغرب أمريكا الحوثيون السقوط الأخلاقي الممر الاقتصادي طريق الحرير مشاريع واشنطن طوفان الأقصى حرية الملاحة أنصار الله حرب الإبادة الكيان الصهيوني الشرق الأوسط هذه الحرکات أنصار الله فی هذا
إقرأ أيضاً:
القدس للدراسات المستقبلية: تصريحات يسرائيل كاتس بشأن اغتيال هنية موجهة للداخل الإسرائيلي
قال الدكتور أحمد رفيق عوض، رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية، إن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس متطرف للغاية وليس محترفا، كما يتعرض لاستهزاء من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلية باعتباره رجل بنيامين نتنياهو الضعيف، مشيرا إلى أن «كاتس» رجل التغريدات والاستعراضات.
جيش الاحتلال يعترض صاروخًا أطلق من اليمن عاجل.. جيش الاحتلال: صفارات الإنذار تدوي وسط إسرائيل عقب إطلاق صاروخ من اليمنوأضاف «عوض»، خلال حواره عبر فضائية القاهرة الإخبارية، أن تصريحات كاتس بشأن اغتياله لإسماعيل هنية تأتي بهدف الاستعراض أمام الجمهور الإسرائيلي أو ربما تتعلق بمسألة انتخابية بأن تلك الحكومة استطاعت تنفيذ عملية الاغتيال، واصفا هذا التصريح بـ«الغطرسة والتبجح»، إذ إن كاتس لا يتوقع أي رد من أي جهة.
وتابع، أن تصريح تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بشأن اغتيال إسماعيل هنية موجهة للداخل الإسرائيلي وليس للخارج، ويحمل استعراض للقوة والاستعلاء بشكل غير طبيعي، مشيرا إلى أن إسرائيل طوال الوقت تعيش حياة غير طبيعية مرتبطة بالحرب والاستطيان والقتل بصورة دائمة.
عرضت قناة "القاهرة الإخبارية"، تقريرا تلفزيونيا بعنوان: "بعد اغتيال هنية وشكر.. قلق في الداخل الإسرائيلي تحسبا للهجوم الإيراني المحتمل".
حالة من القلق تسيطر على الداخل الإسرائيلي تحسبا لهجوم إيراني محتمل ردا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة طهران.
فمنذ إقدام إسرائيل على اغتيال "هنية" والقيادي في حزب الله فؤاد شكر ، وهي تسابق الزمن لوضع خطط طوارئ استعدادا للرد العسكري الإيراني مع تزايد المخاوف في أن تتصاعد من أن تتصاعد الهجمات إلى حرب إقليمية أوسع نطاقا.
وبالتزامن مع اتخاذ العديد من شركات الطيران العالمية قرارا بإلغاء أو تعليق رحلاتها إلى تل أبيب، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن أكثر من 100 ألف إسرائيلي تقطعت بهم السبل في الخارج ويواجهون صعوبات بالغة في العودة حيث لا توجد رحلات جوية لإعادتهم إلى البلاد مرة أخرى.
وكان العميد ركن حسن جونى، نائب رئيس الأركان للعمليات اللبنانية سابقًا، قال إنه يتوقع ردا قويا وغير تقليدي من إيران وحزب الله على دولة الاحتلال الإسرائيلي، بعدما نفذ عمليتي اغتيال فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية بلبنان وإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في العاصمة طهران.
وتوقع «جونى»، في مداخلة عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، مع الإعلامية داليا أبو عميرة، أن يرد الحوثيون على قصف ميناء الحديدة، مشيرًا، إلى أن هناك حالة انتظار لقصف متعمد من إيران وحزب الله والحوثيون.
وتابع رئيس الأركان العمليات اللبنانى سابقا، أن عمليات الاغتيال تضع المجتمع الإسرائيلى والمنظومة العسكرية والأمنية والدفاعية فى وضع مربك وحالة استنفار وقلق طيلة مدة الإنتظار، مشيرًا، إلى أنه لا يتوقع الرد السريع، وفقا لما استنتجه من خطاب حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبنانى، الذي جاء مخالفا للتوقعات بسبب ظهوره الهدائ.
وأتم: «ومن هنا يتبين، أننا أمام احتمالين، الأول هو أن نصرالله يضلل العدو ويتعامل مع الصراع على نيران باردة، وبالتالي، فإن الرد لن يكون سريعا، لكنه سيكون مفاجئًا، والثانى ان إستراتيجية حزب الله تنتظر الهدف المدروس والمناسب».