مخاوف إسرائيلية.. هكذا قد تمتد الحرب إلى خصم أقوى من حماس
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
يثير تزايد التوترات بين إسرائيل وإيران وحلفائها المسلحين في جميع أنحاء الشرق الأوسط مخاوف من أن تمتد الحرب إلى ما هو أبعد من الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ نحو ثلاثة أشهر، وفقا لجاريد مالسين وكاري كيلر لين في تقرير بصحيفة "ذا وول ستريت جورنال" الأمريكية (The Wall Street Journal).
وبدعم أمريكي، قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة حتى أمس الإثنين 21 ألفا و978 فلسطينيا، وأصاب 57 ألفا و697 بجروح، بالإضافة إلى دمار هائل في البنى التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
وتضامنا مع غزة، شنت هجمات موالية لإيران، بينها "حزب الله" في لبنان والحوثيون في اليمن وجماعات أخرى في الجارتين سوريا العراق، هجمات على أهداف إسرائيلية و/ أو أمريكية، وهو ما ردت عليه تل أبيب وواشنطن.
وقال مالسين وكيلر، في التقرير الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن "القوات الإسرائيلية تبادلت إطلاق النار بانتظام مع حزب الله منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وما نتج عنه من هجوم إسرائيلي على غزة".
وردا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى بمدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" في ذلك اليوم هجوم "طوفان الأقصى" ضد قواعد عسكرية ومستوطنات، بعد أن اخترقت جدارا مزودا بتكنولوجيا دفاعية متقدمة.
وقتلت "حماس" في الهجوم نحو 1200 إسرائيلي وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بوساطة قطرية مصرية أمريكية.
"وظلت التوترات على طول الحدود الشمالية لإسرائيل تحت السيطرة نسبيا، ويرجع ذلك جزئيا إلى الجهود الدبلوماسية الأمريكية والغربية الأخرى لمنع نشوب حرب إقليمية أوسع نطاقا"، كما أضاف مالسين وكيلر.
اقرأ أيضاً
بسبب هجمات حزب الله.. التماس قضائي لـ 14 بلدة إسرائيلية تطالب بالإخلاء والتعويض
إنهاء الهجمات
واستدرك مالسين وكيلر: "لكن القادة الإسرائيليين حذروا في الأيام الأخيرة من أن صبرهم بدأ ينفد إزاء المحاولات الدبلوماسية لإنهاء الهجمات على مناطق شمال إسرائيل، حيث نزح أكثر من 230 ألف إسرائيلي، فيما نزح ما يزيد عن 70 ألف لبناني من منازلهم في جنوب لبنان بسبب الصراع".
وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانييل هاغاري، في 29 ديسمبر الماضي، إنه لضمان أمن حدودها الشمالية والجنوبية، ستعمل إسرائيل "بحزم ضد كل تهديد".
وبوتيرة يومية، منذ 8 أكتوبر الماضي، يتبادل "حزب الله" وفصائل فلسطينية في لبنان مع جيش الاحتلال قصفا متقطعا بالصواريخ والمدفعية، بالإضافة إلى غارات جوية إسرائيلية؛ ما أسفر عن قتلى وجرحى على جانبي "الخط الأزرق" الفاصل.
وتعتبر كل من إيران وإسرائيل الدولة الأخرى العدو الأول لها، وتواصل الأخيرة منذ عقود احتلال مناطق في فلسطين وسوريا ولبنان.
اقرأ أيضاً
مشادات بجلسة الحكومة الإسرائيلية بسبب إدارة الحرب مع حزب الله
مقتل موسوي
و"يأتي تصاعد الأعمال العدائية في الأيام الأخيرة بعد غارة جوية في دمشق أسفرت عن مقتل مسؤول كبير في الحرس الثوري الإيراني (رضي موسوي). ويُعتقد أن إسرائيل هي التي شنت الهجوم، وأقسم القادة الإيرانيون على الانتقام لمقتله"، بحسب مالسين وكيلر.
واعتبرا أن "أي تصعيد يشكل مخاطر على الجانبين، فحزب الله، الذي يضم عشرات الآلاف من مقاتلين تم اختبارهم في معارك وترسانة صواريخ قدمتها إيران، يشكل خصما أكثر قوة من حماس ذات التسليح الخفيف نسبيا".
وتابعا أنه "خلال الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006، قصفت إسرائيل لبنان بشدة، بما في ذلك مطار بيروت وغيره من البنية التحتية المدنية، في حين أمطر حزب الله إسرائيل بالصواريخ".
مالسين وكيلر قالا إنه "يُعتقد منذ فترة أن التهديد بالدمار على الجانبين ردع تجدد الصراع بين إسرائيل وحزب الله، لكن هجوم حماس أظهر أن الردع وحده لم يمنع أسوأ هجوم على إسرائيل في التاريخ، وهي حقيقة غيرت حسابات المسؤولين الإسرائيليين".
وأردفا أن "إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن ضغطت على كل من إسرائيل ولبنان لاحتواء القتال ومنع نشوب حرب إقليمية أوسع يمكن أن تجذب حزب الله وحلفاء آخرين لإيران، وأقنعت واشنطن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإلغاء ضربة ضد "حزب الله" بعد أيام من هجوم حماس".
اقرأ أيضاً
هل يقترب الشرق الأوسط من حرب إقليمية واسعة؟
المصدر | جاريد مالسين وكاري كيلر لين/ ذا وول ستريت جورنال- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
دوافع التهدئة بين إسرائيل وحماس: محطات وتحديات (الرابحون والخاسرون)
بعد أكثر من 15 شهرًا أسفل آلة القتل الإسرائيلية، آن للشعب الفلسطيني أن يتنفس الصعداء، ويفشلون أكبر المخططات التي حيكت في الظلام الدامس لتهجريهم من بيتوهم لانقضاض إسرائيل عليها، بمساندة باتت واضحة لكل لبيب من المعسكر الغربي" الولايات المتحدة الأمريكية، بالعتاد والسلاح، والإغداق بالأموال على قادة الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ المخطط، والحقيقة الدامغة أنهم لا يعلمون أن العشعب الفلسطيني ليس لقمةً سائغةً يلوكها أصحاب المصالح ويتقاسم أراضيهم أصحاب الهوى، ليعطون من لا يستحق ما لا يملكون.
المملكة السعودية تُعرب عن ترحيبها باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة أردوغان يرحب بإعلان اتفاق وقف إطلاق النار في غزةولعل هناك العديد من النقاط التي يجب تسليط الضوء عليها لتحليل اتفاق الهدنة بين حماس وإسرائيل يمكن حصرها في التالي:
أولًا: 7 أكتوبر 2023 وإجهاض المخططات
ثانيًا: تحديات بين الأطراف الداخلية(الفصائل)
ثالثًا: دور مصر المحوري في إحلال السلام(فلسطين في القلب)
رابعًا: الرابحون والخاسرون من الحرب في غزة
خامسًا: تداعيات اتفاق الهدنة على إسرائيل
• 7 أكتوبر 2023 وإجهاض المخططات
جليًا علينا ردود الفعل المتباينة التي خرجت منذ شن حماس الهجوم على جيش الكيان الصهيوني، تلك الفقاعة التي روج لها أنها لا تقهر ومن أقوى الجيوش، وهو ما يناقض الواقع حيث فشلت الاستخبارات في توقع الهجوم المباغت الذى شنته حركة حماس في 7 أكتوبر 2023 والذي أذهل العالم أجمع، ولعل ذلك يكشف جملة من الاعتبارات منها: أن الجيش الإسرائيلي هش وضعيف ولولا جبهات الإسناد من المحور الغربي لسقط مغشيًا عليه عقب أسبوع من الهجوم.
كما أن من أسباب تفوق حماس على الجيش الإسرائيلي تمرس جنود المقاومة في قتال الشوارع، مقارنة بالجيوش النظامية التي لا تجيد القتال وسط البنايات والمنازل المهدومة، ورأينا كيف يخرج المقاتل الفلسطيني في عشرات المقاطع وهو يقصف دبابة ميركافا ويقصف تجمعات الجيش الإسرائيلي في العديد من المحاور المختلفة في غزة.
أيضًا إسرائيل تيقنت عقب الخسائر من الحرب أن مخطط التهجير القسري فشل فشلًا ذريعًا، عقب صمود الشعب الفلسطيني، والذي ضرب أروع الأمثلة في الدفاع عن الأرض، لذا تسبب ذلك في إجهاض المخططات ودفع من نسجوا خيوطها إلى التراجع للوراء وإتمام صفقة لتبادل الأسرى، وتيقن جميع صناع القرار أن فكرة القضاء على حماس التي روج لها نتيناهو رئيس الوزراء الإسرائيلي مستحيلة، ولا يمكن تنفيذها على أرض الواقع، وانها حرب عبثية لا طائل منها، وأصبح الاتقاق على الهدنة هو الحل الوحيد لإحلال السلام، والمرهون بالتهدئة.
• تحديات بين الأطراف الداخلية (الفصائل)
وعقب الوصول لاتفاق بين إسرائيل وحماس، يجب أن ينظر الجميع في الداخل الفلسطيني إلى مصلحة البلاد، وتنحية جميع الخلافات جانبًا لإعادة بناء الدولة الفلسطينية، خاصة أن ذلك يبعد فكرة تعميق الانقسام بين الفصائل المختلفة، ويجهض المخططات التي تدعم شيطنة الأرضية المشتركة، وتضعف جبهات القتال مع الجيش الإسرائيلي، وهو ما يفتح الباب إلى عدم تحقيق أي تطلعات للشعب الفلسطيني الجريح والذي يعانى من ويلات الحرب، ودفع فاتورة من دماء أبنائه.
لذا يجب عدم إقصاء أي طرف شارك في مجابهة العدوان الإسرائيلي الهمجي على الفلسطينين، ما يعني دعم التوافق الوطني في البلاد، ولعل المشاركين في إتمام اتفاق التهدئة يدعمون ذلك المسار، لعدم وجود خلافات تظل عالقة بين أحلام الشعب االفلسطيني، وبين الاستقرار والتفرغ لبناء الدولة، وجميع التجارب تثبت أن الإقصاء معول من معاول الهدم، ويعطي الفرصة للأطراف المعادية إلى الدخول على الخط وإحداث فتنة وقلاقل بالبلاد.
• دور مصر المحوري في إحلال السلام ( فلسطين في القلب)
منذ نكبة 1984 حتى اتمام اتفاق الهدنة بين حماس وإسرائيل برعاية مصرية - قطرية - أمريكية، والدولة المصرية تثبت يومًا بعد يومًا أن القضية الفلسطينية، هي المركزية وتدافع عن حقوق الفلسطينيين سياسيًا ودبلوماسيًا وإنسانيًا، وظهر ذلك جليًا في تكثيف التشاور مع الرئيس عبد الفتاح السيسي من جميع قادة العالم للحيلولة دون اتساع رقعة الصراع، ويأتي ذلك اعترافًا بدور المصري المحوري في إحلال السلام في الشرق الأوسط، وهي المسئولية التاريخية لذا إطلاق الشقيقة الكبرى على القاهرة، ليس من فراغ.
وتاريخيًا فقد تخضبت الأراضى الفلسطينية بالدماء المصرية، فقد شاركت القاهرة في حرب فلسطين عام 1948، ضد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلى وكان الجيش المصري فى مقدمة الجيوش العربية التى دافعت عن الأرض والشعب الفلسطيني.
• الرابحون والخاسرون من الحرب في غزة
عقب 466 يومًا من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي بدأت بعد عملية 7 أكتوبر 2023، وتوجت بالوصول إلى الاتفاق بين الطراف لإنهاء الصراع الدائر، بالطبع هناك خسائر للمعركة، فوفقًا لوزارة المالية الإسرائيلية، تكبدت تل أبيب ما يصل إلى 125 مليار شيكل "نحو 34.09 مليار دولار" منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023، كما سجلت إسرائيل عجزًا في الميزانية قدره 19.2 مليار شيكل "نحو 5.2 مليار دولار" في ديسمبر.
وعن الخسائر للجانب الفلسطيني، ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية في آخر إحصائية عن ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 46,707،أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء العدوان، وأن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 110,265 جريحا، في حين لا يزال آلاف من الضحايا تحت الأنقاض.
• تداعيات اتفاق الهدنة على إسرائيل
من الواضح أن هناك تخبطًا واضحًا بشأن اتمام صفقة الهدنة وتبادل الأسرى مع حماس، خاصة أن هناك انقسامًا حادًا بين مؤيدًا للصفقة ورافض لها، ما يعني دعم استمرار الحرب، في ظل تزايد الضغط الشعبي على الحكومة لإنجاز صفقة التبادل، بينما وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير هو أول من دعا علنا إلى وقف الصفقة واصفًا بأنها " استسلام لحماس"، داعيًا وزير المالية بتسلئيل سموتريتش للتعاون لإبلاغ نتنياهو بأن تمرير هذه الصفقة يعني انسحابهم من الحكومة، بينما أعربت المعارضة بقيادة يائير لبيد عن دعمها للاتفاق وإتمام الصفقة لتبادل الأسرى، والسؤال الآن هل تشتمر الهدنة ام يرضخ نتنياهو مرة أخرى لليمين المتطرف ويعود لشن الهجوم وتعود الحرب؟، ذلك السؤال مرهون بالضغوط الخارجية على الأطراف المعارضة للهدنة وإحلال السلام بالشرق الأوسط.
•الخلاصة
- يمكن القول أن اتمام صفقة التبادل يعكس مدى تعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للضغوط الخارجية، للقبوص بالصفقة، لاستشعار المعسكر الغربي الداعم لإسرائيل أن الحرب لن تحقق أهدافها، والتي لا طلما روج لها عبر الإعلام الإسرائلي، والتي من بينها القضاء على حماس وتسليم أسلحتها شريطة توقف الحرب، وما حدث هو عدم الاستسلام، نحن الآن أمام اتفاق بأطراف مختلفة يرمي إلى الهدوء وتوقف القتال في غزة.
- اتفاق الهدنة بين حماس وإسرائيل مرهون بمدى الضغوط من الدول الراعية لتوقف القتال، والعمل بشكل متواصل لإنجاح الصفقة وعدم وجود عراقيل قد تعيق إتمام الاتفاق، والمرجح أن تمر الصفقة ولكن هناك أطراف خاسرة من ذلك، وعلى رأسها رئيس الوزراء الإسرائيلي من جانب اليمين المتطرف، وتبخر الوعود بمحو حماس، وهو ما يضع الحكومة على المحك، ويفتح الباب أمام المحاكمة لـ"نتنياهو" على الإخفاق الواضح في الحرب.