طرح الدعوة الرسمية الأولى من نوعها من دولة لبنان لحكومة الدبيبة في ليبيا من أجل مناقشة القضايا العالقة بينهما بعض التساؤلات حول علاقة الخطوة بقضية "هانيبال القذافي" المعتقل هناك منذ سنوات، وما إذا كان الدبيبة يسعى لإطلاق سراحه لكسب تأييد أتباع النظام السابق سياسيا وانتخابيا.

وأكدت وزارة العدل بحكومة الدبيبة أنها تلقت دعوة رسمية لزيارة الأراضي اللبنانية خلال الفترة المقبلة، من أجل تفعيل مذكرة التفاهم بين البلدين ومناقشة القضايا العالقة بينهما، وذلك بعد موافقة حكومة الوحدة والاتفاق على التفاصيل اللوجيستية والأمنية مع الدولة اللبنانية، وفق صحيفة المدن اللبنانية.



"خلافات حكومية"

وتسببت قضية نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي المعتقل في لبنان في وقوع خلافات بين حكومتي طرابلس وبيروت بعدما أكدت الأخيرة أنهات لم تتواصل أبدا مع حكومة طرابلس بالخصوص، وأن قضية هانيبال القذافي لدى القضاء وليست محل نقاش بين الحكومات.



ويوجه القضاء اللبناني لهانيبال تهمة "كتم معلومات" تتعلق بمصير رجل الدين الشيعي، موسى الصدر، ورفيقيه محمد يعقوب والصحفي عباس بدر الدين الذين اختفوا في العاصمة طرابلس عام 1978.

"الدبيبة وأتباع القذافي"

ولوحظ مؤخرا تحركات من الدبيبة لكسب تأييد أتباع القذافي من خلال تحركاته المكثفة في قضية هانيبال ومحاولات الضغط من أجل الإفراج عنه، كذلك زياراته المتعددة لتمركزات أتباع النظام السابق وآخرها زيارة منطقة "بني وليد" معقل قبائل "ورفلة" التي تنتمي أغلبها للنظام السابق وتقديد الدبيبة للوعود وحل كافة مشكلاتهم.

فهل يسعى الدبيبة لعقد صفقة مع أتباع القذافي لكسب تأييدهم وأصواتهم في الانتخابات القادمة؟ وما المكاسب والمصالح بين الطرفين الآن؟

"تسوية وخطوة طبيعية"

من جهتها أكدت عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، ربيعة بوراس أن "أحد القضايا المهمة التي يجب أن تعمل عليها السلطات العدلية والأمنية في ليبيا هي ملف السجناء بالداخل والخارج، أما بخصوص تحركات حكومة الدبيبة في أي ملف فهو يأتي في إطار التسويات السياسية سواء محليا أو دوليا وذلك لما تتعرض له من ضغوط محلية تهدد استمرارها في السلطة".

وأوضحت في تصريحات خاصة لـ"عربي21" أنه "من الطبيعي أن يتحرك الدبيبة في اتجاه المصالحة مع أنصار النظام السابق كونه أحد المترشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة، كما أن استغاثة المواطن هانيبال القذافي تتطلب من الدولة التحرك بغض النظر عن كونه أحد أبناء الأسرة الحاكمة قبل الثورة، وفق رأيها.



وأضافت: "العداوة التي أشهرتها لبنان في وجه الدولة الليبية ليس لها أي مبررات منطقية كون النظام السابق كان له بعض المشاكل التي لم تتضح إلى هذا اليوم حقيقتها لكن هذا لا يعني أن يدفع الشعب الليبي الثمن، ونتمنى هذه المرة أن تكون لبنان قد أدركت أن الصرعات السياسية لن تقدم للطرفين أي إضافة ونبذ العنف هو أساس تكوين العلاقات الدولية البناءة"، كما قالت.

"سيف القذافي أولى بالدعم"

من جهته استبعد عضو اللجنة السياسية بالمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أحمد همومة قيام الدبيبة بعقد صفقة مع أتباع النظام السابق، كونه يعلم جيدا أن أنصار النظام السابق لازالوا يحافظون على الوعد ولذلك فإنهم لن يخذلوا "سيف القذافي" في حال ضمن ترشحه لرئاسة ليبيا".

وأوضح خلال تصريحاته لـ"عربي21" أنه "بخصوص قضية هانيبال فإن الدعوة الأخيرة من قبل لبنان لحكومة الدبيبة يبدو أن الهدف منها تحريك قضية اختفاء "موسى الصدر" ومحاولة معرفة مصيره أو مصير جثمانه في مسار منفصل عن قضية نجل القذافي المنظورة الآن أمام القضاء اللبناني"، وفق تقديره.

وكان ابن عم هانيبال القذافي والمقرب من العائلة، احميدة أبومنيار، قد أكد لـ"عربي21" أن "المجلس الرئاسي هو من قام بتشكيل لجنة وزارية لتولي ملف هانيبال وهي خطوة إيجابية، لكن موقف الحكومات الليبية كان ضعيفا في التعاطي مع مناشدة العائلة التدخل للإفراج عن هانيبال الذي يتعرض للتعذيب"، وفق قوله.

"صفقة مالية وانتخابية"

الأكاديمي الليبي، عماد الهصك رأى أن "الدبيبة يحاول أن يغازل سياسيا كل أطياف الشعب الليبي لإيجاد أي دعم يمنحه أكبر قدر ممكن للبقاء على سدة الحكم، فقد حاول قبل أيام مغازلة العائلة السنوسية، وبعدها يزور مدينة بني وليد تلك الزيارة التي كانت نتائجها عكسية، وأعتقد أن الاتفاقية الموقعة أخيرا بين ليبيا ولبنان تأتي في سياق المغازلة لأنصار القذافي".



وأشار خلال تصريحه لـ"عربي21" إلى أن "المستهدف من هذا الاتفاقية هو تحرير هانبيال القذافي، ويبدو أن الأمر مرتبط بزيارة الدبيبة لبني وليد، وغير مستبعد أن تكون هناك صفقة مالية تدعم بموجبها حكومة الدبيبة الاقتصاد اللبناني المنهار مقابل هذا الإفراج الذي جاء إرضاء لأنصار النظام السابق"، كما توقع.

وتابع: "حكومة الدبيبة تمر بفترة عصيبة تدفعها لكسب ود بعض الفرقاء السياسيين، وأعتقد أن كل هذه الأفعال لن تطيل عمر حكومته التي آذن نجمها بالأفول"، وفق قوله.

"نجاح الدبيبة"

لكن الناشط والصحفي الليبي، موسى تيهوساي رأى أن "الدبيبة قد ينجح فعليا في إطلاق سراح هانيبال القذافي بدفع مبالغ مالية للميليشيات التي تعتقل نجل القذافي كونها لا تستطيع إطلاق سراحه وفق اتفاقية بين الحكومتين كون هذه الميليشيات لا تخضع لحكومة لبنان، ونجاح الدبيبة في الملف سيكون إضافة سياسية كبيرة له".

وأضاف: "الرجل قطع شوطا كبيرا في هذا الأمر وربما يكون الفريق الحكومي الزائر للبنان سيضمن نقل هانيبال إلى ليبيا باعتباره مواطنا قبل كل شيء ويجب على الدولة الليبية أن تهتم بأمره وتتدخل لوضع حد لما يعانيه من معاملة مهينة منذ سنوات طويلة"، كما صرح لـ"عربي21".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الدبيبة ليبيا هانيبال القذافي طرابلس ليبيا طرابلس هانيبال القذافي الدبيبة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هانیبال القذافی النظام السابق حکومة الدبیبة الدبیبة فی

إقرأ أيضاً:

الساحل السوري وانكشاف الزيف الإنساني

يمانيون../
تتوارد الأخبار السوريّة المفجعة: صور ومشاهد يندى لها جبين الإنسانية، مجازر تتنقّل بحسب خطوات القتلة، إعدامات ميدانية مشهودة والتّهمة “علويّ” أو “مسيحيّ”. الساحل السوري أصبح بركة دم مسفوك بسيف التكفير والإرهاب المتعدّد الجنسيات. أطفال ونساء وعُجّز ورجال يتعرّضون لأبشع أنواع التعذيب قُبيل القتل. كلّ هذا يجري في ما يواصل المبتهجون بسقوط النظام السابق رقصهم فوق جثث ضحايا إرهاب النظام الحالي، وينكشف زيف إنسانيّتهم للمرّة الألف: هؤلاء الذين بكوا بحرقة لأجل سجناء صيدنايا يصفقون اليوم لمجازر الإبادة التي تُرتكب بحقّ الأبرياء فقط لأنّ القاتل لا يعادي “أميركا”. هذه الإنسانية المشوّهة العاملة بخدمة الشرّ، هي نفسها التي اختلقت ألف ذريعة تبيح للصهيوني أن يدوس بدباباته فوق أجساد الفلسطينيين في غزّة.

بثّت “العربية” يوم أمس تقريرًا يتحدّث عن توزيع “هدايا رمضانية” على سكان الساحل السوري، ولم يصلها تعداد الضحايا الذين ملؤوا الشوارع والبيوت مغرقين بدمهم. للوهلة الأولى، يشعر المتلقي أنّ تقريرًا كهذا هو اشتراك فعلي بالقتل، فمحاولة التستّر على الجريمة جريمة أيضًا، فما حال محاولة التعتيم التّام على مجزرة لا يوجد في معجم توصيف الوحشية مفردة تفيها وحشيّتها.

وكما العربية، دول وشخصيّات رسمية، عادت سورية وحاربتها طوال سنين بذريعة أنّ النظام فيها يقمع شعبه، تغضّ طرفها اليوم عن جريمة متواصلة، يستهدف فيها القاتل السوريين العُزّل في بيوتهم وأحيائهم، ويستقدم مرتزقة متوحشين من كلّ أصقاع الأرض كي يرتكبوا كلّ ما يمكن من فِعال مجرمة: سبي واغتصاب وتنكيل وإذلال وقتل بمختلف الطرق وبعد القتل تنكيل بالجثث وانتهاك لكل الحرمات!

يتحدّث القتلة عن فعالهم بفخر في فيديوهات لا يخجلون من بثّها على منصات التواصل، ويتبجّح مؤيدوهم بما يسمّونه انتقامًا من “فلول النظام السابق”. لنسلّم جدلًا أنّ هؤلاء الضحايا وبالأخصّ الأطفال هم من مؤيّدي النظام السابق، هل يبيح هذا الأمر التنكيل بهم وقتلهم؟! دعنا من كلّ الشعارات الزائفة التي تمجّد الديمقراطية وحريّة الفكر والاعتقاد، ما الذي قد يبرّر هذا المستوى من العنف، هذا الإرهاب، هذا التطهير الديني والمذهبي؟ وما الذي قد يدفع بالأنظمة والدّول للسكوت عنه بهذا الشكل الذي لا يمكن إلّا أن يكون اشتراكًا في الجريمة؟

وللمفارقة، حين يقوم “مسلم” أو “عربي” أو “ذو أصول عربية” بارتكاب جريمة قتل في الغرب، ولو بخلفية جنائية، يتمّ تحويلها إلى جريمة إرهابية بخلفية دينية أو مذهبية، وتسارع دول وسفارات لتصدير بيانات إدانة وشجب، ويتسابق عربٌ ومسلمون وذوو أصول عربية للتبرّؤ من فعلة الفاعل، وكذلك تسارع منظمات حقوقية لتبرير الإسلاموفوبيا ومداواة المجروحة قلوبهم من المشهد. أما أمام المشهد السوريّ الدامي والواضح، يصمت بعض هؤلاء متجاهلًا المشهد، وبعضهم الآخر يصفّق له أو يجتهد في صناعة المبرّرات والذرائع.

تحدّثت “فوكس نيوز” عن أربعة آلاف قتيل من العلويين والشيعة والمسيحيين في الساحل السوري خلال اليومين الماضيين، وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان عن تخطّي عدد الضحايا للألف بين نساء ورجال وأطفال وعجّز. تمتلأ منصّات التواصل بالتسجيلات والفيديوهات المرعبة. وتتردّد أصداء نداءات الاستغاثة وأنّات الاحتضار من شوارع وبيوت الساحل السوري؛ ويصمت الذين ملؤوا الدنيا ضجيجًا في كلّ مرّة تحدّثوا فيها عن النظام السوري السابق! يصمت المنادون بحقوق الإنسان، والمحاضرون بحريّة المعتقد، والمبتهجون بتحرير السجناء مهما كان نوع الارتكاب الذي أدى إلى سجنهم.. يصمت الخطباء الذين كانوا يبلّلون المنابر بدموعهم إشفاقًا على “الأبرياء” في إدلب مثلًا.. يصمت الذين استخدموا كلّ وسائل الإعلام كي يدينوا ارتكابات النظام بحقّ الجماعات التكفيرية على مدى سنوات.. يصمت كلّ هؤلاء، في ما يتدفّق الدم المظلوم المستباح بخلفية دينية ومذهبية.. ما نشاهده اليوم هو ليس مجرّد انكشاف إنسانية مزيّفة وشعارات كاذبة.. ما نشاهده من صمت حيال الأحداث الدامية هذه هو اشتراك ميدانيّ بجريمة تطهير وإبادة، وفي مكان ما قد يكون تحريضًا عليها.
في الساحل السوريّ الآن، رائحة الدم المسفوك أقوى من كلّ الكلمات.. وأقوى من الصمت التعتيميّ والسكوت الذي يدفع القاتل إلى مواصلة جريمته.

موقع العهد الإخباري – ليلى عماشا

مقالات مشابهة

  • إيلون ماسك يسعى للقاء الرئيس الإيطالي لإنقاذ صفقة «ستارلينك» المتعثرة
  • جهود دبلوماسية لإطلاق المرحلة الثانية من اتفاق غزة
  • الساحل السوري وانكشاف الزيف الإنساني
  • السلطات السورية تلغي أكثر من 5 ملايين قرار منع سفر من عهد النظام السابق
  • قضية “اولاد المرفحين”.. الفرنسية التي قدمت شكاية الإغتصاب تسحب شكايتها
  • "الدفاع السورية": إفشال هجوم لعناصر النظام السابق على قيادة القوات البحرية باللاذقية
  • مبادرة أميركية جديدة لإطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين
  • توترات سوريا.. كيف ستنعكس على لبنان؟
  • كيف يمكن احتواء المخاطر التي تتعرض لها سوريا؟.. محللون يجيبون
  • عاجل.. الشرع: بعض فلول النظام الساقط سعى لاختبار سوريا الجديدة التي يجهلونها