شهادة أسير من داخل المسالخ الإسرائيلية!!
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
وصلتني رسالة (لا يريد المحامي ذكر اسمه كي لا يتضرر صاحبها) من خلف جدران المسالخ الإسرائيلية، هذه التي كانت تسمّى سجونا إسرائيلية أو زنازين أو باستيلات أو معتقلات، فاليوم أصبح المسمّى بكل جدارة واستحقاق المسالخ الإسرائيلية، وقد تجاوزت بذلك سجونا سيئة الصيت والسمعة مثل أبو غريب وجوانتانامو الأمريكي..
السجون الإسرائيلية صارت مسالخ سرية للغاية؛ تمارَس فيها كلّ أشكال الوحشية والسادية ويتفنّن السجانون في كل أشكال الإهانة والتعذيب.
لنقرأ الرسالة كما وردت:
"الأهل الأعزاء أنا مشتاق لكم جدا ومحتاج لدعائكم كثيرا.
لقد تم اعتقالي كما تعلمون قبل خمسين يوما، حينها تم تقييدي من الرجلين واليدين وتعصيب العينين، وتم ضربي ضربا مبرحا في اليوم الأول، عدا عن الشتم والإهانات بكلمات لم أسمع بها في حياتي من قبل، عدا عن الإهانة والتحقير بطرق تشعرك أنهم لا يرونك تعدل حشرة أو بعوضة. كنت أشعر بأن حقد العالم كلّه قد تجسّد فيهم وأرادوا أن يذيقونا شرّه دفعة واحدة وبلا حدود.
وفي اليوم السادس والسادس عشر تم أخذي للمخابرات، أيضا تم ضربي وإهانتي بشكل كبير، تفنّنوا فينا بتجليات سادية يصعب وصفها، ولست أنا وحدي وإنما كل الأسرى. كانت أياما لا أتمنّاها لا لصديق ولا لعدوّ، لم أتخيّل أبدا أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه من شرّ مطلق رغم أنّي عانيت من شرّهم خمس عشرة سنة في سجونهم، أُخضعت فيها للتحقيق مرات عديدة وقُمعت كثيرا وتعرضت للتنكيل أكثر من مرّة، لكن في هذه المرّة لا أعتبر ما مرّ عليّ سابقا عُشر ما رأيته في هذه الخمسين يوما.
أمّا الظروف التي أعيش بها الآن فأنا أتواجد في غرفة فيها عشرة شباب ينام قسم منا على الأرض. أمّا عن اللباس: فمنذ اليوم الأول لم ألبس إلا ملابس الإدارة، القميص والبنطال، رغم دخول فصل الشتاء وشدّة البرد، نوافذ مفتوحة والنصف العلوي من الباب مفتوح، لقد نصلت أجسادنا من البرد وأغلبنا أصبح يعاني من آلام في الصدر والمعدة ومن كان مريضا تفاقم مرضه ولا علاج أبدا. لم أحلق ذقني أو شعري وإن أردتم أن تتخيلوا منظري فانظروا في صورة الإنسان في العصر الحجري.
أما الأكل فهو قليل جدا ومنذ خمسين يوما نعاني من جوع على مدار الأربع والعشرين ساعة، تحسّن قليلا قبل أيام ليصبح مخصص الفرد يوميا أربع شرائح خبز وصحن رز صغير وبيضة وملعقة لبنة. أنا منذ 32 يوما صائم ومعي مجموعة كذلك نصوم كي نوفّر للشباب الصغار ما يقيم أودهم.
بالنسبة للخروج للساحة نخرج إليها عشر دقائق إلى ربع ساعة وهي لا تكفي للحمام، حيث أنه خارج الغرف في الفورة وهي ستة حمامات لمائة وعشرين معتقلا.
تم منعنا من الصلاة. نتعرّض للتفتيشات والاقتحامات بصورة متكررة وفيها ما فيها من توجيه الإهانات والضرب لأتفه الأسباب أو دون أن يكون سبب لذلك أبدا لأن المعتقلين حريصون جدا على ضبط النفس وعدم إعطائهم أيّ مبرر. وحقيقة أوضاعنا صعبة للغاية والأسرى كلهم صابرون ينتظرون الحرية في الصفقات القادمة" (انتهت الرسالة).
لا بدّ من الملاحظة أن هذه الرسالة موجّهة من المعتقل إلى أهله وفي هذه الحالة يجري التخفيف كي يقلّل من القلق والتوتّر الذي يعاني منه أهل الأسير.
أولا: ما الهدف من هذا التنكيل؟
للعلم، الشاهد مجموع حبساته سابقا 15 سنة، لم ير فيها مثل هذا التعذيب، مرّ بتحقيق عسكري وفي فترات متعدّدة، خاض تجربة التحقيق ومرّ عليه عشرات المحقّقين الذين عذّبوه بكثير من صنوف التعذيب النفسي والجسدي، لكنه لم يمرّ بمثل ما مرّ به هذه الأيام كما ذكر في شهادته. كان الهدف سابقا للحصول على الاعتراف بينما اليوم الهدف هو إشباع شهوة الانتقام لديهم، التعذيب من أجل التعذيب، أصبح التعذيب بحدّ ذاته هدفا ولم يعد وسيلة لتحقيق مآرب معيّنة.
ثانيا: من المسئول ومن صانع القرار لهذه الساديّة؟
هل هو انفلات من قِبل ضباط معينين أم تصرفات فردية أو ردّة فعل أو حميّة أخذتهم فيها العزّة بالإثم؟ ليس كلّ هذا، وإنما هو بكل تأكيد قرار اتخذه ما يسمّى وزير الأمن الداخلي بن غفير بتفويض كامل من أعلى مستويات اتخاذ القرار عندهم. وقد صرّح سابقا بنيّته تطبيق حكم الإعدام وبأن الأسرى يعيشون في فنادق خمس نجوم وما إلى ذلك، كاشفا نيّته في سحق المعتقلات والمعتقلين، ثم جاءته أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر ليعلّق على شمّاعتها ما كان ينويه من قبل وليُخرج أنيابه ويعمل ما يشاء في السجون.
ويضاف إلى هذا خطاب الكراهية والعنصرية التي انتهجتها الحكومة الإسرائيلية وإعلامها، وقوّة التحريض العالية على ممارسة القتل والإجرام، وفرق القمع التي تدير السجون جاهزة لتحويل هذا الخطاب العنصري إلى تطبيقات عملية تمارسها في السجون وتحوّلها إلى هولوكوست كما يمارس الجيش القتل والتدمير في هولوكوست غزّة.
ثالثا: هذه القرارات التي بموجبها تحوّلت السجون إلى جحيم أو هولوكوست تكشف بكلّ وضوح الطبيعة العنصرية المقيتة التي تتمتع بها هذه الحكومة الإسرائيلية بكلّ جدارة، وهي تأتي بذلك ترجمة عملية للمقولات التي تؤكد أنهم ينظرون لأنفسهم بأنهم صنف من البشر أعلى جينيّا وأن الفلسطيني يبدو لهم بأنه مجرّد حشرة أو أفعي سامّة، وبالتالي يشرعنون التعذيب، ولو نظروا للفلسطينيين على أنهم بشر لما أجازوا لأنفسهم مثل هذا الصنيع.
رابعا: ما هو المطلوب منا؟
لا يمكن أن نبقى على ذات الوتيرة في التعامل مع قضيّة الأسرى كما كنّا قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، هم غيّروا قواعد اللعبة 100 في المائة وبالتالي علينا أن نفكّر خارج الصندوق الذي عفى عليه الزمن وأن نبتكر طرقا ووسائل لا أدّعي في هذا المقال أنّي أمتلكها، ولكن لا بدّ من القوى الفاعلة والمهتمّة بشأن الأسرى فلسطينيّا أن تخرج عن النمط القديم وذلك على صعيدين: الأوّل، مقاومة الاعتقال وأن لا يبقى الفلسطينيّ لقمة سائغة بين يدي المحتلّ، والثاني العمل على تحرير أسرانا ومتابعة مأساتهم بإبداعات جديدة في معركة الوعي أولا (محليّا وعالميّا) ومعركة استرجاع حقوقهم القانونية ثانيا، وكذلك متابعة ملفّات شهداء الحركة الأسيرة بصورة جديّة وفاعلة في المحاكم الدوليّة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلية السجون التعذيب الفلسطيني إسرائيل اسرى فلسطين تعذيب سجون مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
هكذا يستقبل المعتقلون السياسيون بمصر رمضان الثالث عشر في السجون
"فاتني قطار الزواج، فأبي معتقل، وأخي معتقل منذ فض اعتصام (رابعة العدوية) 14 آب/ أغسطس 2013، ولأكثر من 12 عاما، وأمي طريحة الفراش، ويقبل عليهم وعلينا شهر رمضان الثالث عشر وهم في الأسر والمرض، ونحن في حصار الأمن والفقر والمرض".
كانت تلك كلمات فتاة ثلاثينية، مصرية تحكي عن مأساة اعتقال والدها وأخيها مدة 12 عاما ونصف، وأصبح مطلوب منها توفير العلاج لوالدتها، وتوفير نفقة الزيارة لوالدها، ونفقة زيارة مماثلة لأخيها، في شهر رمضان.
وتقول لـ"عربي21": "لم نعد نشعر بفرحة رمضان ولا أية مناسبة دينية، وفقدنا كل أمل يعيد لنا الفرحة، وغلب على حياتنا التفكير فقط، كيف نوفي ما علينا من التزامات، حياتية، وترتيب زيارة شهرية لوالدي وأخي وسط هذا الغلاء".
"مأساة 6 أسر مصرية"
وسخر أحد قيادات الصف الثاني بجماعة الإخوان المسلمين في مصر، والذين يمثلون العدد الأكبر من المعتقلين السياسيين في سجون رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، منذ انقلابه على الرئيس الراحل محمد مرسي 3 تموز/ يوليو 2013، قائلا: "في تخيلك هل يستقبلونه كباقي المصريين وباقي المسلمين بالطبع لا".
ويضيف لـ"عربي21": "يأتي رمضان هذا العام وآلاف من الأسر المصرية نسيت طعم الفرحة واللمة والدفء الأسري بسبب غياب رب الأسرة لأكثر من 12 عاما، ويصدق فيهم قول المتنبي: (عيد بأية حال عدت يا عيد)".
ويشير إلى أن "هناك أكثر من فرد معتقل من الأسرة الواحدة يوجد كل واحد منهم في معتقل مختلف عن الباقين"، ملمحا إلى "نموذج المعتقل (ع. م)، فهو الأب ومعتقل معه اثنين من أبنائه، واثنين من أشقائه، يعني تقريبا الأسرة كلها، وتتحمل الأم عبء تجهيز الزيارات لكل واحد منهم في مكان مختلف".
ويلفت إلى "نموذج المعتقل (ع. ع)، هو وابنه، وكانت الزوجة تقاسي الأمرين في رعاية الأسرة، وتبعات الزيارة، حتى ساءت حالتها النفسية، وفقدت الذاكرة، وأحيانا كانت تخرج هائمة على وجهها لولا من أعادوها لبيتها لتاهت في الأرض".
ويلمح إلى حالة "السيدة (ف. س)، التي اعتقل زوجها، وابنها، منذ كان طالب جامعي، وأيضا شقيقها المصاب بالسرطان ويعالج بالكيماوي ومريض سكر، وإحدى عينيه لا يرى بها".
وتحدث عن مأساة " أسرة المعتقل (أ. ش)، حيث ماتت الزوجة، حزنا وكمدا وصار الابن الطالب الجامعي المصاب بتشنجات وكهرباء زائدة بالمخ يتولى ترتيب أمر زيارات والده، لكنه وفي إحدى الليالي داهمته حالة تشنج بالحمام فسقط فأصيب بنزيف وعثروا عليه ميتا، وتلقى الأب المكلوم الخبر بمحبسه".
ويضيف: "ناهيك عن أزمة ابنة المعتقل (أ. ش)، المقيمة بالخارج والتي تخشى العودة لمصر، وطلبت تصوير جنازة شقيقها لتعيش لحظة وداعه".
ويواصل: "وتأتي مأساة أسرة من نوع آخر حيث اضطرت لهجرة مدنها وقراها لأماكن أخرى، فيما يشبه التهجير القسري، فغابت فرحة رمضان بين الأهل وأسر بالخارج تخشى العودة مع العلم أن موقفها القانوني سليم وصفحتها بيضاء".
"جرح جديد بكل مناسبة"
وتحكي، (نور. ح)، شقيقة أحد المعتقلين المصريين لـ"عربي21"، قائلة إن "الوضع صعب ومؤلم بكل معانى الكلمة، كل مناسبة، وكل رمضان، نعيشه كأنه أول مرة، كأن الجرح فتح الآن".
وتؤكد أن "الفراغ الذي تركه (أ) يؤلمنا ويوجعنا، مهما حاولنا داخل الأسرة الظهور أمام بعض بأننا متماسكون، كل منا يحاول ألا ينظر في عين الآخر، حتى لا ننهار ولا نبكي".
وتقول: "مكانه فاضي حتى الآن فاضي، حتى بعد مرور 6 سنوات، وأمي لسه بتحسب له نصيبه في كل حاجة، كأنه معانا، وكأنه هييجي في أي لحظة".
"أمي دائما تحاول أن تبدو قوية، ورمضان يكون أصعب وقت يمر عليها، تظل تدعي الله وتتمنى أن نتجمع، وأن تعود للبيت ضحكته كما كانت زمان، وأتذكر أول رمضان بعد اختفائه، كنت بدعي ربنا، ونظرنا لبعض أنا وأمي وبكينا، والأكل بقي كما هو، لم نقترب منه".
وتكمل روايتها قائلة: "نحن عائلة لها طقوسها قبل الإفطار، من اللمة، وتحضير العصائر، ومساعدة أمي، والضحك والسمر والحكاوي على السفرة، كل هذا أصبح ثقيلا علينا ومن الماضي ونظل ساكتين، والدنيا مليئة بالدموع في عيوننا".
وتختم بما أطلقت عليه "الحقيقة الأصعب"، مؤكدة أن "أكثر شخص موجوع فينا هي أمي، ومنذ يوم اختفاء أخي، أصيبت بالجلطة مرتين، وأصابها مرض السكري والضغط، ونسبة السكر في الدم الآن مرتفعة ولا تنزل نهائيا، وآخر مرة، أكد الطبيب أن هذا غير طبيعي، وأن هذا الوضع قنبلة موقوتة، ووضعها الصحي ممكن يتدهور في أي لحظة بشكل مخيف".
"معاناة نفسية وتكلفة اقتصادية"
وحول الملف المؤلم لكثير من المصريين، تحدثت مدير البرامج بالمنبر المصري لحقوق الإنسان، ومقره باريس، الحقوقية سمر الحسيني، لـ"عربي21"، قائلة إن "الموضوع الخاص بأسر المعتقلين السياسيين موضوع هيكلي في الحقيقة".
وتضيف: "وليس فقط في دخول رمضان، ولكن في تكلفة الزيارة، لأن التكلفة الاقتصادية بجانب التكلفة النفسية التي يتكبدها أهالي المعتقلين السياسيين تمثل تكلفة كبيرة جدا، وتكلفة اقتصاديا تزيد يوما بعد يوم، ودون وجود أي دعم من أية جهة من الجهات لهم".
الكاتبة المصرية والمحامية والناشطة في الدفاع عن حقوق الإنسان توضح أن "مسألة دخول رمضان والمناسبات بشكل عام هي لحظة فيها الكثير والكثير من الأمل لأن الناس تكون في انتظار قوائم إعفاءات أو إفراجات كما الغريق الذي يتعلق بقشة".
وتستدرك: "لكن للأسف الدولة منذ فترة لم تصدر قرارات إخلاءات سبيل، وأغلب الإعفاءات بالمناسبات تكون للجنائيين، ولا يخرج معتقلون سياسيون حتى الذين تمت محاكمتهم على جرائم جنائية وقضوا بالفعل العقوبة أو ثلثي العقوبة لا يُنظر إليهم باعتبارهم مستحقي أيضا العفو".
وتؤكد الحسيني، أن "هذه عناصر أيضا يجب على الدولة النظر إليها، ولتنظر كذلك إلى الأثر النفسي طويل المدى على هذه الأسر، وعلى أطفال المعتقلين السياسيين، وكيف سيصبح هؤلاء لاحقا مواطنون إذا كانت حياتهم تلخبطت ويكبروا في سياقات يجدوا فيها الأب، أو الأخ، أو العائل بشكل ما، أو الأم غير موجودين لأسباب خارج قدراتهم على الفهم".
حراك ودعوات.. وماذا بعد؟
وفي رؤيته، يقول الحقوقي والإعلامي المصري هيثم أبو خليل، لـ"عربي21": "هناك حركة الآن ونحن قبل 10 أيام من شهر رمضان، ويتكلم الإعلامي عمرو أديب عن سجناء الرأي ويطالب بزيادة قوائم وطلبات الإفراج عنهم ومتابعة الأوامر والقرارات في هذا الإطار".
ويضيف: "أنا ضد هذا الكلام، وأطالب بخروجهم دفعة واحدة، وتبييض السجون المصرية من كافة المعتقلين فورا، بقرار واحد يُدخل السرور على قلوب 100 ألف أسرة مصرية قبل رمضان".
ويلفت إلى أن "المحامي طارق العوضي وجه أيضا، رسالة للسيسي، يستجديه الإفراج عن المعتقلين؛ وأنا أرفض أيضا هذه الصيغة من الاستجداء، لأننا لن نستجدي من ظلم كل هؤلاء، ولكن نأمره لأنه كما قال ابن خلدون المتوفى (808هـ) في مقدمته إن "الظلم مؤذن بخراب العمران".
ويبين أن "المآسي التي يعيشها المعتقلون وأسرهم كثيرة جدا، وقلنا كثيرا إن الاعتقال فعل مجرم، والتشريع الجنائي في الإسلام قلل كثيرا من فكرة الحبس لأنه فعل متعدي أثره على المجتمع، وعلى الزوجة، والأبناء، والأسرة".
ويواصل: "هذا فعل خطير جدا؛ وأنت بهذا تحرم أسرة من عائلها وسندها سواء كان زوج أو أب أو ابن، وتحرق قلوب المصريين، وتزيد من حالات الفقر والوجع والمرض، فهناك من لا يجدون الدواء، وعلى جانب آخر قد يصل الأمر لوقوع بعض الانحرافات".
ويؤكد أن "هناك صامدون، ولكن هناك آخرون انهاروا، 12 سنة اعتقال هو حكم ظالم، وعقوبة كبيرة جدا، وهؤلاء الناس لم تقتل ولم تسرق ولم تفعل شيئا غير اختلافها سياسيا مع ما يحدث في مصر".
يتمنى أبوخليل، "مع المطالبات من هنا وهناك، وكلام عمرو أديب المحسوب عليهم، أن يتم الإفراج وأخذ قرارات كثيرة لإخلاء سبيل سجناء الرأي؛ وهذا إثبات مؤكد أن هناك في مصر آلاف وعشرات الآلاف يتم اعتقالهم لأجل تدوينة أو كلمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي".
ويلفت متعجبا من أن "هذا الوضع يأتي في توقيت يتحدث فيه البعض عن الاصطفاف مع النظام، وأن نكون على قلب رجل واحد لوجود تحديات إقليمية على حدود مصر"، متسائلا: "كيف نصطف مع شخص يخطف 100 ألف بريء وخلفهم ملايين من أهل وأصدقاء ومحبين يعانون أشد المعاناة".
ويختم الحقوقي المصري بالقول: "إذا تحدثتم عن اللحمة الوطنية والتجمع على قلب رجل واحد وطي صفحة الألم والوجع في مصر؛ فلتكن البداية فقط في إخراج 100 ألف معتقل دفعة واحدة، وإرسال رسالة للمصريين بأن هناك صفحة جديدة بدأت ورسالة أخرى إلى العدو الغادر أننا على قلب رجل واحد".
"تحتاج لحراك أكبر"
وفي تقديره، يرى الناشط السياسي والحقوقي المصري حسام المتيم، أن "قضية المعتقلين السياسيين تحتاج لحراك أكبر في الداخل والخارج من أجل الضغط على النظام المصري بالإفراج عنهم، ووقف ممارسات غير قانونية يقوم بها ويكررها مثل التدوير في قضايا سياسية لنفس الأشخاص بعد حصولهم على البراءة في قضايا أخرى وهكذا".
وفي حديثه لـ"عربي21"، يضيف: "أيضا مدة الحبس الاحتياطي على ذمة محاضر تحريات غير دقيقة وملفقة في معظم الأحيان حيث تتخطى مدة الحبس الاحتياطي حاليا ما يقرره القانون، وكأن لسان الحال يوحي بأن المتهم مذنب حتى وإن ثبتت براءته، في انقلاب على كافة المفاهيم القانونية والتشريعية والدستورية والأعراف الدولية".
ويوضح انه "لذلك لابد أن يكون هناك تحرك فاعل ورصد كامل لملف المعتقلين السياسيين، ورصد كافة الانتهاكات في حقهم، ومنها المنع من الزيارة والحبس الانفرادي لمدد طويلة، وأيضا المنع من الحصول على العلاج أو الحق في التعليم".
ويشير إلى أن "هناك انتهاكات عديدة تطال المعتقلين وذويهم لا يمكن السكوت عنها أو تجاهلها نظرا لخطورتها على السلم والأمن المجتمعي".
ويلفت إلى أنه "ومع صعوبة الملف ومحدودية التعامل معه، وفقا لتلك الظروف مازلنا ندعو ونطالب كافة المعنيين من جهات حقوقية محلية أو دولية وغيرها للضغط بكل شكل ممكن على النظام من أجل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، والسماح بعودتهم لأحضان ذويهم لعله يتوقف هذا النزيف النفسي والاجتماعي عند هذا الحد".
"مطالبات لا تنتهي وتعنت حكومي"
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي تتوالى شكاوى أسر المعتقلين، من أوضاعهم الحياتية والمعيشية والصحية وإصابة كثيرين منهم بأمراض مزمنة، وتعرضهم لضغوط لا يتحملونها، ومطالبتهم بالإفراج عن ذويهم.
واستبق بعض النشطاء والسياسيين قدوم شهر رمضان بإطلاق دعوات للإفراج عن المعتقلين السياسيين وعبر وسوم مثل (#حرروا_المعتقلين)، و(#الحرية_للمصريين)، و(#الحريه_لسجناء_الرأي).
وتساءل منسق حزب "تيار الأمل" تحت التأسيس السياسي علاء الخيام: "كيف يستقبل أهل المعتقلين شهر رمضان"، مطالبا بـ"الحرية لكل سجناء الرأي".
وأطلق نقيب الصحفيين المصريين خالد البلشي، ما أسماه "نداء ومطالبة وأمل "، قائلا: "مع اقتراب شهر رمضان، هناك مقاعد شاغرة لأكثر من 25 زميلا صحفيا على موائد الإفطار وأسر موجعة تنتظر عودتهم.. أجدد مطالب الإفراج عن كل الزملاء المحبوسين والعفو عن الزملاء الصادر بحقهم أحكام وإطلاق سراح كل سجناء الرأي، وفي القلب منهم كل المعارضين السلميين والمحبوسين على ذمة قضايا التضامن مع فلسطين".
والأحد الماضي، فجر الإعلامي المصري، عمرو أديب، جدلا بقوله إن "الجبهة الداخلية المصرية في أقوى حالاتها، ومتماسكة" مضيفا: "خلال أيام سيحل علينا شهر رمضان المبارك، لدي أمل في أن تعود حملات الإفراج عن سجناء الرأي؛ أنا مع الحرية للجميع".
وإزاء تعنت النظام المصري في ملف المعتقلين السياسيين وعدم الاستجابة لتلك الدعوات لجأت والدة المعتقل علاء عبدالفتاح، ليلى سويف٬ الجمعة الماضية، إلى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، للتوسط لدى الدولة المصرية للإفراج عن نجلها.
Having met Laila Soueif this week, my message is clear. I will do all that I can to secure the release of her son Alaa Abd el-Fattah and reunite him with his family.
We will continue to raise his case at the highest levels of the Egyptian government and press for his release. — Keir Starmer (@keir_starmer) February 16, 2025