أثير – مـحـمـد الـعـريـمـي

مرّت الميزانية العامة لسلطنة عمُان خلال الـ 10 سنوات الماضية بظروف أدت لعجوزات مالية حتى تراكمت لفترات مما أدى إلى ارتفاع المديونية العامة لسلطنة عُمان بنسبة 70% وبنحو 20 مليار ريال في العام 2020م، كما أدى ذلك إلى انخفاض تصنيفها الائتماني لدى وكالات التصنيف الائتماني.

ولمعالجة الوضع المالي فقد تمكنت سلطنة عُمان بعد فضل الله تعالى وحكمة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- والإصلاحات الهيكلية والمبادرات التي قامت بها الحكومة من خفض المديونية وحسّنت تصنيفها الائتماني وقللت مخاطر التمويل الخارجي.

نأخذكم في السطور الآتية إلى مراحل المديونية العامة لسلطنة عُمان خلال الـ 10 سنوات الماضية وصولًا إلى انخفاضها الكبير وتحسن تصنيف سلطنة عُمان الدولي والتوقعات خلال الفترات القادمة.

كيف كانت المديونية العامة منذ العام 2014-2023م؟

كانت مستويات المديونية في سلطنة عمان لا تتجاوز الـ 5% في العام 2014م مقارنةً إلى حجم اقتصادها وبسبب العجوزات وتراكمها استمرت المستويات في الارتفاع حتى بلغت بنهاية العام 2020م نسبة الـ 70% وتجاوزت في العام 2021 الـ 20 مليار ريال من حجم الاقتصاد الوطني، فبدأت بالانخفاض بعد ذلك إلى أن أوضحت النتائج الأولية للأداء المالي لعام 2023م تمكّن الحكومة من خفض الدَّيْن العام من (17.6) مليار ريال عُماني إلى (15.2) مليار ريال عُماني وذلك بسداد نحو (2.4) مليار ريال عُماني، ما أدى إلى توفير (140) مليون ريال عُماني من تكلفة خدمة الدَّيْن العام.

رسم بياني يوضح مراحل المديونية من العام 2014_2023م


كيف عالجت الحكومة ارتفاع المديونية؟

وفقًا للاهتمام والتوجيه لجلالة السلطان -أبقاه الله- نحو أولوية خفض الدين العام، بدأت الحكومة بمعالجة هذا الارتفاع من خلال خطتها التوازن المالي متوسطة المدى (2021- 2024) والتي حظيت بالمباركة السامية في 22 من أكتوبر 2020م، وتهدفُ الخطة إلى تحقيق مستويات مستدامة للتوازن المالي مع نهاية عام 2024م وتهيئة الظروف المالية الداعمة لرؤية “عُمان 2040”.

وقد بدأت المديونية بالتراجع خلال الفترة الماضية واستمرت وزارة المالية بتوجيه أي إرادات إضافية وبشكل متوازن نحو تخفيض المديونية لتبلغ عند إغلاق العام الماضي 2023م حوالي 15 مليار و200 مليون، وهذا يعني انخفاض نسبة مديونية سلطنة عُمان إلى 35% بعد أن كانت في مستويات 60-70% في العامين2020 و2021م.

ما هي توقعات المديونية العامة في العام 2024م؟

أوضح العرض المرئي الذي قدّمه سعادة عبدالله بن سالم الحارثي وكيل وزارة المالية في اللقاء الإعلامي للميزانية العامة للدولة لعام 2024م، أن تقديرات المديونية في العام 2024م بلغت 15.4 مليار ريال وبنسبة 35% وذلك في حالة الاقتراض لتغطية العجز، ووضعت خطة تمويل العجز في العام 2024م سيكون جزء منها سحب من الاحتياطيات 400 مليون ريال، وجزء آخر عن طريق التمويل من مؤسسات دولية 240 مليون ريال، إلا أن الحارثي أكّد بان سلطنة عمان لن تلجأ إلى الاقتراض والسحب من الاحتياطيات لتمويل العجز المقدّر لهذا العام 2024 في حال ارتفعت الإيرادات العامة للدولة عن الإنفاق المعتمد، والمُقدّر بـ 60 دولارا من مبدأ التحوط، ويمكن أن تلجأ للاقتراض لسداد القروض المالية الحكومية الحالية ذات كلفة تمويلية عالية واستبدالها بقروض ذات كلفة تمويلية أدنى.

ماذا يعني تخفيض المديونية لسلطنة عمان؟

وفرت الحكومة سنويًا بسبب سياسة إدارة الدين العام 350 مليون ريال كان مصيرها تذهب لمؤسسات التمويل وبدل أن تذهب لمؤسسات التمويل تم توجيهها للمشاريع ذات الأولوية في قطاعي التعليم والصحة وبالتالي هذا الجانب له أثر مباشر على أهمية معالجة الأولويات الوطنية، ومجمل ما تم تخفيضه منذ بدء سياسة إدارة الدين العام في الفترة القصيرة بلغ 5,5 مليار ريال.

ما هي أهداف تخفيض المديونية؟

– تقليل مخاطر التمويل الخارجي
– استعادة الحيز المالي للتمكن سلطنة عمان من التعامل مع المخاطر المحتملة
– تحسين تصنيف سلطنة عمان الائتماني
– زيادة ثقة المستثمرين بما يعزز من تدفق الاستثمارات
– خفض كلفة خدمة الدين وأعباء المديونية العامة للدولة
– تخصيص مبالغ مالية لتمويل مشروعات تنموية وتقديم خدمات حكومية
– الاستمرار في تقديم الخدمات الحكومية ورفع جودتها
– تعزيز النمو الاقتصادي

هل تحسّن التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان، وما أهمية ذلك؟

جميع مؤسسات التصنيف الدولي رفعت تصنيف سلطنة عمان خلال العام الماضي وبعضها رفعت تصنيف سلطنة عمان مرتين خلال العام 2023م، وذلك يعني أن سلطنة عُمان على عتبة المستوى الاستثماري وبعد أن تتجاوز سلطنة عمان هذه العتبة، ستكون السلطنة جاذبة للمستثمرين وتصنيفها من ناحية المخاطر سيكون في مستوى آخر وهذا سيعزز من جاذبية سلطنة عمان في الجانب الاستثماري في الفترة القادمة.

خطاب سامٍ ووعد سلطاني

جلالة السلطان في 23 فبراير 2020م: “سنحرص على توجيه مواردِنا المالية التوجيه الأمثل، بما يضمن خفض المديونية، وزيادة الدخل، وسنوجه الحكومة بكافة قطاعاتِها لانتهاج إدارة كفؤة وفاعلة، تضع تحقيق التوازن المالي، وتعزيز التنويع الاقتصادي، واستدامة الاقتصاد الوطني، في أعلى سُلّم أولوياتها، وأن تعمل على تطوير الأنظمة والقوانين ذات الصلة بكل هذهِ الجوانب بمشيئة الله”.

جلالة السلطان في 18 نوفمبر 2023م: “لقد تمكنت بلادنا -بعونٍ من الله وتوفيقه- من تحقيق نتائج طيبةٍ، وإنجازاتٍ مهمةٍ، على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والأداء المالي بالرغم من التحديات التي واجهها الاقتصاد العالمي والتي انعكست سلبًا على اقتصادنا وبرامجنا الوطنية، وقد رسمنا خططنا بشكلٍ مدروسٍ بعنايةٍ، وبأهدافٍ تلبي متطلبات الحاضر وتسعى لتحقيق النمو المستدام، من خلال إدارة مواردنا الإدارة السليمة؛ لتخفيف أعباء الدين العام، ووجهنا جزءًا من الفوائض المالية؛ لدعم القطاعات الاجتماعية، وتحفيز النمو الاقتصادي”.

يُمكن للقارئ الكريم الاطلاع على أبرز ما جاء في الميزانية العامة للدولة 2024م عبر الملف المرفق:

أثير – الميزانية العامة للدولة 2024

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: العامة للدولة تصنیف سلطنة ع الدین العام ریال ع مانی سلطنة عمان ملیون ریال ملیار ریال لسلطنة ع فی العام ن العام

إقرأ أيضاً:

وزير الاقتصاد: 2.7% توقعات بنمو الاقتصاد العماني خلال العام الجاري

"عمان": استضافت جامعة السلطان قابوس، ممثلة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، معالي الدكتور سعيد بن محمد الصقري وزير الاقتصاد في لقاء حواري مع طلبة الجامعة والأكاديميين، بحضور صاحب السمو السيد الدكتور فهد بن الجلندى آل سعيد، رئيس الجامعة. ويأتي اللقاء ضمن مبادرة "أفكار وسواعد"، التي تنظمها وزارة الاقتصاد بهدف إثراء النقاشات وتبادل الرؤى حول مختلف التطورات الاقتصادية.

وأوضح معالي الدكتور وزير الاقتصاد أن فرض الرسوم الجمركية واسعة النطاق بعد أبريل 2025 قد تكون له تداعيات ملموسة على حركة التجارة الدولية، وسلاسل الإمداد، ومستويات الإنتاج، وثقة المستهلكين، وزيادة الضغوط التضخمية؛ ما يشكل تحديات إضافية أمام تعافي الاقتصاد العالمي، موضحا أن الضرائب الجمركية يمكن أن تؤدي إلى زيادة تكلفة المنتجات المُستوردة، مما قد يؤثر سلبا على تنافسية البضائع الأجنبية في الأسواق المحلية بالإضافة إلى ذلك، قد يواجه المصدرون تراجعا في الطلب على سلعهم في الأسواق الخارجية نتيجة للضرائب المضافة على صادراتهم في تلك الدول، ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة التجارة العالمية في عام 2023، أشار التقرير إلى التأثير المتوقع على الصادرات والواردات بسبب السياسات الحمائية التي زادت على مستوى العالم، وأدت إلى زيادة تكاليف الاستيراد بنسبة تراوحت بين 7 بالمائة إلى 10 بالمائة في بعض القطاعات، مما قلل من تنافسية البضائع الأجنبية في الأسواق المحلية، كما تواجه الدول المصدرة تحديات في الوصول إلى الأسواق الدولية بسبب الضرائب المُضافة على صادراتها، وقد تمتد تداعيات فرض الرسوم لسلاسل التوريد العالمية وتعطيل عمليات الإنتاج، خاصة في الصناعات التي تعتمد على مدخلات يتم استيرادها من عدة دول، مما يؤثر على كفاءة الإنتاج وتسليم المنتجات في الوقت المناسب، وقد تقوم العديد من الشركات بإعادة تقييم مواقع الإنتاج والتوريد، بحثا عن بدائل أقل تكلفة وأقرب إلى السوق النهائي لتقليل العبء الجمركي، وتتضمن التداعيات الممكنة على المستهلكين التأثير على ثقتهم وارتفاع الأسعار في كثير من الدول بعد الجهود التي قامت بها البنوك المركزية لضبط مستوى التضخم.

وحول أداء الاقتصاد العماني، أوضح معاليه أن سلطنة عمان تواصل تقدمها نحو النمو والتنويع والاستدامة المالية وفق مستهدفات رؤية عمان، ويشهد مسار النمو الاقتصادي استقرارا مع تحسن ملموس في مؤشرات الوضع المالي ومؤشرات أداء الاقتصاد الكلي خلال الخطة الخمسية العاشرة، وخلال العام الماضي 2024، أدت متغيرات السوق النفطية لانخفاض إنتاج النفط الخام وتراجع مساهمة القطاعات النفطية في الناتج المحلي الاجمالي، وقد بلغ تراجع الأنشطة النفطية نسبة 3 بالمائة خلال عام 2024، وفي المقابل كان الأداء إيجابيا للقطاعات غير النفطية التي حققت نموا بنسبة 3.9 بالمائة خلال عام 2024، مما عزز استمرار ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عمان ليصل إلى 38.3 مليار ريال عماني وبمعدل نمو 1.7 بالمائة بالأسعار الثابتة.

وأضاف معالي الدكتور وزير الاقتصاد أنه من المتوقع ان يواصل الاقتصاد العماني النمو خلال العام الجاري بمعدل يتراوح ما بين 2.7 بالمائة حسب توقعات وزارة الاقتصاد و3.1 بالمائة حسب توقعات صندوق النقد الدولي.

وأوضح معاليه أن سلطنة عمان استطاعت الحفاظ على استقرار نسبي في الأسعار خلال الفترة المنصرمة، بفضل سياسات مالية واقتصادية متوازنة مكنت الاقتصاد الوطني من التعامل مع التحولات العالمية بكفاءة.

وحول التداعيات المحتملة للسياسات الحمائية على الاقتصاد العماني، فيمكن أن يكون لها تأثير مباشر وغير مباشر على التبادل التجاري، ويتجاوز حجم التجارة بين سلطنة عمان والولايات المتحدة الأمريكية 3 مليارات دولار سنويا، وتصدر عمان إلى الولايات المتحدة الأمريكية سلعا تبلغ قيمتها حوالي 1.5 مليار دولار، وتستورد منها سلع تبلغ نفس القيمة تقريبا، وأهم الصادرات العمانية إلى الولايات المتحدة الأمريكية تتمثل في المنتجات النفطية والبلاستيك والألمنيوم والمواد الكيميائية والأسمدة والمعادن، فيما تعد السيارات والطائرات والبلاستيك والأدوات والمستحضرات الطبية والأدوية والمنتجات الكهربائية أبرز الواردات الأمريكية، والرسوم الجديدة التي تم فرضها مؤخرا يمكن أن تؤثر على بعض السلع التي لم يشملها الإعفاء، مثل الألمنيوم والبلاستيك، كما تشمل التأثيرات غير المباشرة إمكانية زيادة الرسوم الجمركية على سلع معينة تؤثر على سلاسل التوريد العالمية، ففي حال ارتفاع تكاليف البضائع المصنعة أو المستوردة، فقد ينعكس ذلك على تكلفة السلع المصدرة أو المستوردة من عمان، وقد يؤدي ذلك إلى انخفاض تنافسية بعض المنتجات العمانية في الأسواق التي تشهد تغيرات جذرية في الأسعار نتيجة للرسوم الأمريكية، كما من الوارد أن تقوم الشركات بتعديل سياسات النقل واللوجستيات نتيجة للضرائب، وقد يبحث الشركاء التجاريون عن أسواق بديلة أو سلاسل توريد أكثر كفاءة، وهذا قد يتطلب إعادة تقييم الاستراتيجية التجارية والتعاقدية مع الشركاء الخارجيين.

مقالات مشابهة

  • وزير الاقتصاد: 2.7% توقعات بنمو الاقتصاد العماني خلال العام الجاري
  • بأكثر من 87 مليار ريال.. المملكة تُعزّز شراكاتها التجارية مع دول الجامعة العربية في الربع الأخير من 2024م
  • 29 اتفاقية و5 مليارات ريال استثمارات.. 1.1 مليار كجم إنتاج الدواجن في السعودية
  • الشراكات الاقتصادية والإنجاز الدبلوماسي
  • سلطنة عمان ومملكة هولندا توقعان 3 اتفاقيات
  • بعد رفضها الامتثال للأوامر... ترامب يجمّد منحًا بأكثر من 2.2 مليار دولار جامعة هارفارد
  • وزير البيئة يدشّن النسخة الرابعة من معرض الشرق الأوسط للدواجن ويشهد توقيع (29) اتفاقية باستثمارات بلغت (5) مليارات ريال
  • 21 مليار ريال عُماني حجم الاستثمار التراكمي في المناطق الاقتصادية والحرة والصناعية
  • وزير المالية يوضح سبب ارتفاع المديونية في الموازنة العامة
  • سلطنة عمان تحتضن الحدث الأضخم في الطاقة والاستدامة بالمنطقة