الاقتصاد المصري بين أزمات 2023 وتحديات 2024
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
على الرغم أن الاقتصاد المصري واجه ضغوطًا عديدة خلال السنة المنتهية 2023، وكانت هناك تحديات وصعوبات أبرزها «غول التضخم» وارتفاع أسعار العديد من السلع ومنها السكر والأرز والبصل والزيوت والسجائر، بجانب الذهب ظهرت أزمات عديدة، إلا أن معظم التوقعات تشير إلى قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة التحديات في العام الجديد 2024 خاصة مع الإجراءات الحكومية التي اتخذت في الأسابيع القليلة الماضية والتي قد تساهم نسبيًّا في تراجع التضخم.
وهذا ما أكده الدكتور محمد معيط وزير المالية، بأن الاقتصاد المصري أبدى تماسكًا وصمودًا أمام الأزمات العالمية بتداعياتها وآثارها القاسية خلال السنوات الماضية بدءًا من جائحة كورونا، وحتى التوترات الجيوسياسية، واستطاع التعامل الإيجابي والمرن مع هذه التحديات الخارجية والداخلية، على نحو يجعلنا نتوقع أن يكون الوضع الاقتصادي لمصر أفضل خلال العام المالي 2024- 2025.
إلى أين يتجه الذهب؟تشير التوقعات إلى أن أسعار الذهب قد تشهد قفزات جديدة في عام 2024 حيث توقع البنك الدولي أن يصل سعر الأوقية إلى 2200 دولار بزيادة 6%عن عام 2023 وهذا رقم تاريخي آخر يضاف إلى قائمة القفزات المتتالية لأسعار الذهب نتيجة التغيرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم خاصة مع اتساع فترة الحرب على غزة، واستمرار الحرب الروسية الأوكرانية التي لم تظهر حتى الآن ملامح لنهايتها.
ويرى صفوت فانوس أحد الخبراء العاملين في مجال صناعة الذهب أن أسعار الذهب في العام الجديد قد تشهد ارتفاعًا قياسيًّا جديدًا حيث من المتوقع أن يصل جرام 24 في نهاية 2024 إلى 5 آلاف جنيه، وعيار 21 الأكثر مبيعًا في مصر إلى 4 آلاف جنيه لأنه أفضل وعاء ادخاري يحفظ أموال المستثمرين من تأثيرات الأزمات الدولية والمحلية ومن التحديات الاقتصادية مثل تغير معدلات التضخم نتيجة ارتفاع الأسعار وقرارات البنوك المركزية برفع أو خفض الفائدة فهو يعتبر أسهل وسيلة لجنى الأرباح في فترات قصيرة عكس باقي الأوعية الادخارية الأخرى مثل العقارات التي يحتاج الاستثمار فيها إلى أموال كثيرة، وتستغرق وقتًا طويلاً حتى يكون هناك عائد.
أما شادي شاكر أحد أصحاب محلات الصاغة، فيقول إن الإقبال على شراء المعدن الأصفر سوف يشهد رواجًا كبيرًا مع أعياد الميلاد والمناسبات الاجتماعية التي ترتبط مع بداية العام الجديد بالإضافة إلى تحول عدد كبير من المواطنين الذين لديهم سيولة مالية الاستثمار في الذهب خاصة السبائك الذهبية هذا غير المشغولات الذهبية وخاصة الجنيهات التي وصل سعرها إلى 25 ألف جنيها ويرى شاكر أن الفترة القادمة سوف تشهد ارتفاعات متتالية في أسعار الذهب على خلفية تخلى البنك الفيدرالي الأمريكي عن سياسة التشدد النقدي.
انفراجة متوقعة في أسعار السلع الغذائيةمرت السلع الغذائية خلال عام 2023 بالعديد من الأزمات من نقص في المعروض وتعطيش حاد في الأسواق المحلية نتيجة سياسة الاحتكار وانعدام الرقابة على الأسواق والتأثيرات الخطيرة للحروب الدولية والإقليمية على نقص سلاسل إمداد الغذاء على مستوى العالم خاصة الدول النامية مثل مصر والتي تعتمد بنسبة 60% على استيراد احتياجاتها من الخارج بالدولار.
وهذا ما أكده حسين أبو صدام نقيب الفلاحين قائلا: «إن سيناريو الأزمات التي حدثت في عام 2023 لن يتكرر لأن أجهزة الدولة تعمل الآن على تفادى الأخطاء وسوء إدارة تلك الأزمات سواء ما حدث في السكر والأرز والبصل والبطاطس حيث إن الحكومة تنفذ الآن عدة قرارات من أجل زيادة الإنتاج من تلك المحاصيل».
وتابع: أنه تم تخصيص مساحات جديدة لتواسع في زراعة بنجر السكر الذى يحتاج إلى كميات بسيطة من المياه والإبقاء على المساحة المزروعة بالقصب كما هي دون زيادة بسبب استهلاكه للمياه بالإضافة إلى سعى الدولة في المرحلة القادمة إلى تعويض المتضررين من المزارعين عن خسائر ارتفاع تكلفة الإنتاج عن طريق رفع أسعار التوريد لمعظم المحاصيل الزراعية التي تورد إلى الصوامع الحكومية أما الأرز فهناك اتجاه لمنع التصدير الفترة طويلة وأيضا محصول البصل سوف يتم منع التصدير لحين استكمال احتياجات السوق والمخزون الاستراتيجي منه.
وأشار صدام إلى أن مصر لديها اكتفاء ذاتي في الخضروات والفواكه ولكن سوء التخزين وفوضى المحتكرين ومضاربات السوق السوداء هي السبب الرئيسي في ما شهده عام 2023.
وفي نفس السياق أشار أحدث تقرير للبنك الدولي أن أسعار السلع الغذائية وأسعار المواد الخام الزراعية سوف تنخفض نسبة 21% خلال عام 2024 ما عدا القمح الذى سوف يواصل الصعود.
وأوضح التقرير أنه من المتوقع أن تنخفض أسعار معظم السلع بشكل كبير نتيجة تباطؤ النمو العالمي.
في حين أصدرت غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات بيانًا مناقضًا تمامًا لما جاء في تقرير البنك الدولي حيث أكد بيان الغرفة أن أسعار السلع الغذائية سوف ترتفع خلال الربع الأول من عام 2024 وأن أسعار الأرز سوف تشهد قفزات جديدة تصل إلى 380 دولارًا للطن في حين سجل 350 دولارًا خلال الربع الأخير من عام 2023 بينما يشهد السكر تراجعًا ملحوظًا خلال الربع الأول من عام 24 ليسجل السكر الأبيض المكرر 660 دولارًا للطن في شهر مارس المقبل في حين سجل في نوفمبر من عام 2023 حوالى 745 دولارًا للطن. في حين سوف ينخفض السكر الخام من 602 دولار للطن إلى 500 دولار.
وصرح حازم المنوفي عضو شعبة المواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية لـ"الأسبوع" بأن معظم السلع التي شهدت نقصًا في المعروض في عام 2023 سوف تشهد انفراجة في بداية العام الجديد 2024 حيث من المتوقع أن يكون الأسبوع الثاني من يناير نهاية حقيقية لأزمة السكر على مستوى الجمهورية بالإضافة إلى تراجع في أسعاره بنسبة 35% وتوفره بنسبة 100% في كافة المنافذ وهذا ينطبق أيضًا على باقي السلع الأساسية والغذائية والتي تعمل الدولة جاهدة على تخفيضها مع بداية العام الجديد.
العقارات
شهدت أسعار العقارات في مصر ارتفاعًا كبيرًا خلال العام الجاري بنسبة وصلت 100% في بعض المشروعات الجديدة على إثر ارتفاع التضخم وزيادة تكاليف الإنشاء وانخفاض العملة المحلية بجانب ارتفاع الطلب على العقار للتحوط من خفض جديد في سعر صرف الجنيه المصري.
وعلى الرغم من الانخفاض الطفيف في معدلات التضخم الأساسي، إلا أن أسعار العقارات ارتفعت بنسبة تقارب 70% في آخر ستة أشهر في مدن القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية، وغرب القاهرة، العين السخنة، والساحل الشمالي الذي شهد أعلى ارتفاعات في الأسعار
والسبب في ذلك الارتفاعات الكبيرة والمستمرة في أسعار مدخلات البناء مثل الحديد والأسمنت وغيرها وقلق الكثير من المطورين من تلك الأسعار وقدرتهم على إتمام تنفيذ المشروعات في التوقيتات المتفق عليها مع العميل. ومن المتوقع أن تزيد بنسبة 30% أخرى.
الى أين تذهب أسعار النفط؟من جائحة "كورونا" التى هزت العالم، وعرضته لخسائر فادحة، لحروب عالمية سواء "حرب روسيا وأوكرنيا"، أو "العدوان الإسرائيلي على غزة" والتي بدورها أسفرت عن أزمات اقتصادية أبرزها كانت أزمة الطاقة، إذ ارتفعت أسعار النفط، وسط ترقب بزيادات جديدة في مطلع 2024.
وفي هذا الصدد، تواصلت «الأسبوع» مع الدكتورة وفاء علي، أستاذ الاقتصاد والطاقة والتي أكدت أن الترقب والانتظار والخوف من الأزمات، هو عنوان العام ليأخذنا إلى عام 2024، ليحمل معه ما يسمى بالتقاطع المميت الذي يلقي بظلاله على أسواق الطاقة، فالعالم لا يتحمل مزيدًا من الارتباك في أسواق النفط والغاز.
وأوضحت أن الأسعار ليست مثالية، ولكن كل الخيارات مفتوحة ما بين «الأوبك بلس»، والبيانات الصينية، وتوقعات الوكالة الدولية للطاقة والسياسة النقدية، وحتى يكتمل مربع حالة عدم اليقين والضبابية جاءت فوضى البحار والمحيطات والمضايق المائية.
واستطردت: ومع استمرار حالة الفوضى العالمية والصراعات الجيوسياسية التي انتقلت إلى البحر الأحمر وخليج عدن بعد هجمات الحوثيين، ترتب عليها وجود تكتلات وتحركات عسكرية ألقت بظلالها على أسواق النفط مما أدى إلى زيادة علاوة الشحن 20%، إلى جانب تأجيل مواعيد وصول الشحنات حتى مارس المقبل، وتقرير البعض تغيير المسار.
وبالرغم من خروج أنجولا من الأوبك، فإن «الأوبك بلس» استطاعت السيطرة على الموقف.. وتحملت السعودية وروسيا القدر الأكبر، مضيفة أن صراع المنتجين من خارج الأوبك بلس جعل هناك وفرة في المعروض العالمي، مما جعل الأسواق لا تتأثر بالأحداث الجيوسياسية، وتحرك السعر بشكل عرضي.
وذكرت أستاذ الاقتصاد والطاقة، أن هناك فجوة عمقتها الصراعات الجيوسياسية لتلقي بأكبر تأثير في أسعار النفط، لتتحرك بشكل عرضي حول الـ80 دولارًا، إلا إذا انخفض المعروض فى العام القادم، فستتحرك الأسعار إلى الأمام، لافتة إلى أن الصورة الجلية لسوق النفط الحالية معادلة شديدة التعقيد عالميًا، فعامل التوترات والتخفيض الطوعى يمثل تأثير أقل أمام وفرة المعروض خصوصًا مع ارتفاع المخزونات الأمريكية طبقًا لتقرير وكالة إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
أسعار الغازوبالنسبة إلى سوق الغاز وزيادة الأسعار، فنوهت بأن السبب يعود إلى الأحداث العالمية التي يمر بها العالم في الآونة الأخيرة، وأبرزها «طوفان الأقصى»، وأيضًا توترات البحر الأحمر بالتزامن مع هجمات الحوثيين على سفن الشحن، لتصعد معه عقود الغاز الآجلة تسليم يناير، مؤكدة أن المخزون الأوروبي من الغاز والذي يبلغ حوالي 80% لن يكفي للتدفئة، أما الصناعة فتحتاج إلى تدفق أكبر من الغاز بعد تسليمات يناير، مما سينتج عنه ارتفاع أسعار الغاز.
الدولار.. الجنيه المصرى.. الطروحات الحكوميةيرى عدد كبير من الخبراء أن القوة الشرائية للجنيه المصري أمام قطاع العملات الأجنبية ستتأثر بالتحركات الرئيسية على الجانب الاقتصادي خلال العام الجديد 2024.
ويأتي على رأس المحركات المؤثرة في سعر الصرف الطروحات الحكومية، حيث يرى الخبير المصرفي محمد عبد العال أن سرعة تنفيذها يدعم من زيادة مشاركة القطاع الخاص بجانب توفير سيولة محلية من النقد الأجنبي تساهم فى تلبية احتياجات تمويل العمليات الاستيرادية سواء لخدمات صناعية أو أدوية وسلع مكتملة الصنع.
وتابع الخبير المصرفي أن تحرك سعر الصرف خلال العام 2024 يتوقف على مقدار تدفقات النقد الأجنبي الواردة من خارج سوق الاقتراض لتجنب زيادة معدل الدين، مشيرًا إلى أن من الشروط التدفق الجديد أن يسد الطلب المحلي على الدولار لمدة أقل من 3 شهور في حال حدوث أي خفض جديد للجنيه المصري، وذلك حتى عودة الوسائل التقليدية كتحويلات المصريين العاملين بالخارج وحصيلة رسوم قناة السويس إلى جانب تدفقات القطاع السياحي لوضعها الطبيعي.
وأضاف من المرتقب أن تغيير الآليات داخل خطة الدولة من وضع الجنيه خصوصًا مع اتجاهها نحو تسوية المدفوعات عن طريق التبادل السلعي فضلاً عن مبادلة الديون باستثمارات محلية مع إدخال العملات الوطنية في التسويات التجارية مع دول عدة، وذلك وسط الإمكانيات الجديدة التى ستمتلكها مصر بعد تفعيل عضويتها رسميًا في تكتل بريكس.
ويميل الخبير المصرفي إلى أن صندوق النقد الدولي سيتجه لزيادة حزمة التمويل بدعم من التغيرات الجيوسياسية بالمنطقة سواء في غزة أو توترات البحر الأحمر، ما قد ينتج عنه تأجيل مطالب الصندوق بإجراء أي خفض في قيمة العملة المحلية.
وفي ذلك اتفق الخبير الاقتصادي هاني جنينة، ويرى أن الوصول إلى اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي وزيادة قيمة التمويل سيمهد للخطوات الأخرى فيما يتعلق بمرونة سعر الصرف إلى جانب تسريع عجلة الطروحات الحكومية باعتبار أن استكمال إجراءات الصندوق مع مصر شهادة ضمان للمستثمرين.
وقدر عبد العال حاجة الاقتصاد المحلي لنحو 12 مليار دولار في حالة حدوث أي عملية خفض للعملة المحلية للوصول إلى المرونة المطلوبة، وذلك لتحقيق مبدأ العرض والطلب ما يعني تواجد النقد الأجنبي داخل السوق الرسمي للبلاد بما يكافئ معدل الطلب عليه من جانب المستوردين ما يدفع إلى تقليل الفجوة بين السوقين الرسمي والموازي.
وتري الدكتورة سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر سابقًا، أن سعر الصرف خلال العام 2024 سيتأثر بمدى قدرة البلاد على السير في عدد من المحاور الهامة، منها، اتفاقية صندوق النقد الدولي، والتي من المرجح وفقًا لتصريحات مديرة الصندوق كريستالينا غورغييفا أن يتم صرف الشريحتين المتأخرتين منذ منتصفي مارس وسبتمبر من العام 2023 خلال الربع الأول من العام الجديد فضلاً عن رفع قيمة قرض الصندوق من 3 مليارات حاليًا.
وأشارت الدماطي إلى اتفاقية مبادلة ديون الصين على مصر فيما يخص 8.5 مليار على مصر ستقلل من مدفوعات الديون على مصر فضلاً عن توسيع رقعة الاستثمار الداخلي وفرصة متاحة لإيجاد حلول جديدة لمشكلة الديون تتمثل في صورة استثمارات محلية، ما يعد مدخلاً جديدًا للنقد الأجنبي للبلاد.
وتتوقع بنوك الاستثمار أن ينخفض الجنيه المصري أمام الدولار خلال الربع الأول من العام الجديد ليتراوح بين 40 و45 جنيهًا.
اقرأ أيضاًهل توجد استثناءات فى تطبيق زيادة الحد الأدنى للأجور بالقطاع الخاص؟.. وزارة العمل تجيب
«المرتبات زادت».. أول تعليق من وزير النقل على رفع أسعار تذاكر المترو
ضبط 103 مخالفات خلال حملات على المخابز والأسواق بالمنيا
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الدولار أسعار الذهب الجنيه المصرى أسعار النفط الاقتصاد المصرى الطروحات الحكومية أسعار الغاز خلال الربع الأول من الاقتصاد المصری السلع الغذائیة من المتوقع أن العام الجدید أسعار الذهب خلال العام سعر الصرف فی أسعار ارتفاع ا أن أسعار دولار ا إلى أن من عام عام 2023 عام 2024 فی حین
إقرأ أيضاً:
عاجل | "تثبيت الفائدة".. ما هي الأسباب التي دفعت البنك المركزي لهذا القرار ؟
قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، خلال اجتماعها يوم الخميس 21 نوفمبر 2024، تثبيت أسعار الفائدة الرئيسية. وتم الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند 27.25% و28.25%، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 27.75%، كما تم تثبيت سعر الائتمان والخصم عند 27.75%.
عاجل.. قرار مفاجئ من البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة اجتماع البنك المركزي المصري السابع خلال 2024: هل يتم تغيير سعر الفائدة؟
ويأتي هذا القرار استنادًا إلى أحدث التطورات والتوقعات الاقتصادية على الصعيدين المحلي والدولي منذ الاجتماع السابق للجنة.
الوضع العالمي:
ساهمت السياسات النقدية التقييدية التي تبنتها الاقتصادات الكبرى والناشئة في تراجع معدلات التضخم عالميًا، ما دفع بعض البنوك المركزية إلى خفض أسعار الفائدة تدريجيًا مع استمرار جهودها لخفض التضخم إلى المستويات المستهدفة. ورغم استقرار معدلات النمو الاقتصادي بشكل عام، لا تزال آفاق النمو معرضة لعدة مخاطر، مثل تأثير السياسات التقييدية على النشاط الاقتصادي، التوترات الجيوسياسية، واحتمال عودة السياسات التجارية الحمائية.
ورغم التوقعات بتراجع أسعار السلع الأساسية عالميًا، خاصة الطاقة، لا تزال المخاطر التضخمية قائمة بسبب احتمالية حدوث صدمات عرض نتيجة الاضطرابات الجيوسياسية أو سوء الأحوال الجوية.
الوضع المحلي:
على الصعيد المحلي، أظهرت المؤشرات الأولية للربع الثالث من عام 2024 نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بوتيرة أسرع من 2.4% المسجلة في الربع الثاني، مع توقعات باستمرار التحسن خلال الربع الرابع، وإن كان دون تحقيق طاقته الكاملة. يُتوقع أن يدعم هذا المسار تراجع التضخم على المدى القصير، مع تعافي النشاط الاقتصادي بحلول العام المالي 2024/2025.
في المقابل، ارتفع معدل البطالة إلى 6.7% في الربع الثالث من عام 2024، مقارنة بـ6.5% في الربع الثاني، نتيجة عدم توافق وتيرة خلق فرص العمل مع زيادة الداخلين إلى سوق العمل.
التضخم:
استقر معدل التضخم السنوي العام عند 26.5% في أكتوبر 2024 للشهر الثالث على التوالي، مدفوعًا بارتفاع أسعار السلع غير الغذائية المحددة إداريًا مثل أسطوانات البوتاجاز والأدوية. كما انخفض التضخم الأساسي السنوي بشكل طفيف إلى 24.4% في أكتوبر، مقارنة بـ25% في سبتمبر. وبلغ التضخم السنوي للسلع الغذائية 27.3% في أكتوبر، وهو أدنى مستوى له خلال عامين. هذه التطورات، إلى جانب تباطؤ وتيرة التضخم الشهري، تشير إلى تحسن توقعات التضخم واستمراره في الانخفاض، رغم تأثره بإجراءات ضبط المالية العامة.
يتوقع استقرار التضخم عند مستوياته الحالية حتى نهاية عام 2024، مع احتمالات لبعض المخاطر مثل التوترات الجيوسياسية وعودة السياسات الحمائية. ومع ذلك، يُتوقع انخفاض كبير في معدل التضخم بدءًا من الربع الأول من 2025 بفضل تأثير التشديد النقدي وتغير فترة الأساس.
قرار اللجنة:
أكدت اللجنة أن الإبقاء على أسعار الفائدة الحالية يعد مناسبًا لضمان تحقيق انخفاض مستدام في معدلات التضخم. وستستمر اللجنة في اتباع نهج يعتمد على البيانات لتحديد مدة التشديد النقدي الملائمة بناءً على توقعات التضخم وتطوراته الشهرية. كما ستواصل مراقبة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب، مع التأكيد على استعدادها لاستخدام جميع الأدوات المتاحة لمواجهة التضخم والحفاظ على الاستقرار المالي.