دراسة تكشف خطورة البلاستيك الدقيق على الكائنات الحية
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
توصلت دراسة بحثية إلى أن البلاستيك الدقيق لديه القدرة على امتصاص الكادميوم، وهو عنصر فلزي طري يوجد مع النحاس والزنك المستخدم في البطاريات واللحام، ولديه خصائص سمية مباشرة وغير مباشرة، وعند التعرض المشترك للبلاستيك الدقيق والكادميوم يزيد من نسبة تراكمه في الأسماك مقارنة بالتعرض الفردي للكادميوم مما يؤدي لزيادة التأثير السمي له.
وقال الباحث الرئيس مُخلص بن سعيد المرشودي في دراسته التي جاءت بعنوان "التأثير السُمّي المضاف لجزيئات البلاستيك الدقيق على تراكم وسُمّية الكادميوم في أسماك الزرد: "إن الدراسة جاءت من أجل تقييم التأثيرات السامة المباشرة وغير المباشرة للبلاستيك الدقيق عن طريق التعرض الفردي والمشترك للبلاستيك الدقيق والكادميوم في أسماك الزرد وهي من أسماك الزينة وتسمى أحيانًا بالسمك المخطط، حيث سُحقت حبيبات بلاستيك مصنوعة من البولي إيثيلين عالي الكثافة (HDPE) غير المعرضة لعوامل التعرية، والمعرضة لعوامل التعرية إلى جزيئات صغيرة الحجم.
وأوضح المرشودي أن الدراسة أجريت على جزأين؛ في الجزء الأول قُيّمت قدرة البلاستيك الدقيق على امتصاص عنصر الكادميوم عبر طريق تجربة الامتزاز الدفعي، أما الجزء الثاني كان التعرض البيولوجي عبر عدة طرق، وهي عنصر الكادميوم لوحده، والبلاستيك الدقيق لوحده، ومزيج من الملوثين، بعدها تم قياس التراكم الأحيائي للكادميوم، ومعدل إنتاج الميتالوثيونين، وسلوك السمك، والتشريح المرضي كمؤشرات للسمية.
وأشار إلى أن سمك الزرد تعرض لتركيز واقعي بيئيًا من البلاستيك الدقيق (غذاء ملوث بنسبة 0.1% بالبلاستك الدقيق) والكادميوم (50 ميكروغرام / لتر) ومزيج من الاثنين لمدة (21) يومًا، ولقد تم تسجيل نفوق للأسماك بسبب التعرض للكادميوم المنقول بالماء، بينما لم يكن للبلاستيك الدقيق أي تأثير ولم يتأثر نمو الأسماك وحجمها، مقارنة بالتعرض الفردي.
واستطرد: لقد أدى التعرض المشترك لنظام غذائي غني بالبلاستيك الدقيق والكادميوم المنقول بالماء إلى تراكم أعلى لعنصر الكادميوم (على وجه التحديد عند الذكور) بينما لم يتأثر مستوى إنتاج الميتالوثيونين، وهو من أنواع البروتينات عالية الأحماض الأمينية بينما زاد سلوك القلق بشكل ملحوظ بعد التعرض المشترك للبلاستيك الدقيق والكادميوم التي تنقلها المياه.
ووجدت الدراسة أن السلوك الاجتماعي لأسماك الزرد تأثر بشكل طفيف بجمع أنواع التعرضات لاسيما التعرض للبلاستيك الدقيق المتأثر بعوامل التعرية، ولوحظ تأثير بسيط على جرأة الأسماك، وسلوك الأسماك الجماعي، وأظهرت الخياشيم وأنسجة الكبد تغيرات طفيفة بينما كانت معظم الآفات النسيجية المرضية في الأمعاء، وأشارت النتائج النسيجية المرضية إلى قدرة الكادميوم على التسرب من خلال البلاستيك الدقيق والتسبب في تأثير سمي أكثر من البلاستيك النقي.
وبشكل عام تدعم الدراسة فرضية أن البلاستيك الدقيق له القدرة على نقل الملوثات إلى الكائنات الحية، وفي المقابل، كان وجود البلاستيك الدقيق محفزًا للتراكم الأحيائي للكادميوم لكن العملية لم تكن بشكل مباشر والآلية المحددة التي أدت لزيادة تراكم الكادميوم قد تكون غير مباشرة، ومقارنة بالبلاستيك الدقيق غير المشبع بالكادميوم، لم يكن للبلاستيك الدقيق المشبع بالكادميوم أي تأثيرات واضحة على وفيات الزرد، وامتصاص الكادميوم، وسلوك الأسماك، ولكن على مستوى التشريح المرضي، كان لديهم تأثيرات أعلى.
وتسهم الدراسة في فهم بعض الجوانب السمية للملوث البيئي "جزيئات البلاستيك الدقيق"، حيث إن سمية هذا الملوث غير مفهومة بشكل كبير، ويتوقع العلماء أن لهذا الملوث البيئي جوانب سمية عديدة لم تفهم بعد، وحول توصيات الدراسة قال الباحث مخلص المرشودي: إن الدراسة أوضحت قدرة جزيئات البلاستيك الدقيق على التأثير السمي المباشر وغير المباشر على الأسماك وهذا ينذر بضرورة دراسة احتمالية تأثير هذه الملوثات على كائنات أخرى وصولًا بالبشر، كذلك أوصت الدراسة بضرورة دراسة مدى انتشار هذه الملوثات في البيئات الطبيعية كالبيئات البحرية، وبيئات المياه العذبة، والعمل على استقصاء مصادرها الأساسية والثانوية لمعرفة طرق التقليل منها، بالإضافة إلى محاولة دراسة هذه الملوثات بصورة أوسع وأكثر شمولية، حيث يعتقد الكثير من الخبراء أن ما نعرفه عن هذه الملوثات أقل بكثير مما لا نعرفه خاصة وأن هذه الملوثات توجد في البيئة بعدة أشكال وأنواع وأحجام مختلفة.
منجزات متحققة
حقق المشروع البحثي بعنوان "التأثير السمي المضاف لجزيئات البلاستيك الدقيق على تراكم وسمية الكادميوم في أسماك الزرد"، الجائزة الوطنية للبحث العلمي ضمن قطاع البيئة والموارد الحيوية لفئة الباحثين الناشئين لعام2023م، كذلك نشرت نتائج المشروع البحثي في مجلة (Chemosphere) والتي تعد واحدة من أهم المجلات العلمية المحكمة العالمية في المجال البيئي ودراسات التلوث.
الفريق البحثي
تكون فريق المشروع من الباحث الرئيسي مخلص المرشودي "وقد نال من خلال إنجازه للمشروع درجة الماجستير في علم البيئة، من جامعة السلطان قابوس، كلية العلوم، قسم الأحياء" والمشرف الأكاديمي الدكتور مايكل باري، أستاذ مشارك، جامعة السلطان قابوس، كلية العلوم، قسم الأحياء، والدكتور حسن بن علي الريسي، أستاذ مشارك، جامعة السلطان قابوس، كلية العلوم، قسم الأحياء، والدكتور عزيز بن أحمد الحبسي، أستاذ مساعد، جامعة السلطان قابوس، كلية العلوم، قسم الأحياء.
الجدير بالذكر أن البلاستيك الدقيق "MPs" يعدّ ملوّثًا جديدًا ناتجًا عن الإنتاج الضخم للبلاستيك في العقود القليلة الماضية، ويلوث البلاستيك الدقيق معظم البيئات الطبيعية، لكن البيئات المائية هي الأكثر تضررًا، إلى جانب السمية المباشرة للبلاستيك الدقيق للكائنات المائية، إذ يعمل البلاستيك الدقيق كناقل يزيد من نقل الملوثات الموجودة في الماء إلى الكائنات الحية مما يتسبب في تهديد محتمل للكائنات المائية، ويعد عنصر الكادميوم "Cd" هو أحد الملوثات التي لديها فرصة كبيرة للوجود مع البلاستيك الدقيق جنبًا إلى جنب في البيئات المائية.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
خطورة أداء العبادات التي تتضمن المشقة على الكبار والمرضى
العبادات.. قالت دار الإفتاء المصرية إن الإسلام يحافظ على وحدة المجتمع بكلِّ تنوُّعاتِه، خاصةً في أداء العبادات، وإذا كان أداء الكبار لهذه العبادات قد يتضمَّنُ مشقَّةً وكُلفَةً فإنَّ الرَّسول ﷺ نبَّهَ إلى خطورةِ الأفعال التي تؤدِّي إلى حرمانهم من نَيْلِ ثواب حضور الجماعات وتحوُل دونَ اجتماعهم لأداء هذه العبادات، مثل الإطالة في الصلاة، التي ترهق الكبار والمرضى والضعفاء.
أداء العبادات:قال ﷺ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ، فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ مِنْهُمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ» أخرجه البخاري.
العبادات والطاعة:
تُعَدُّ الطاعة والانقياد لله سبحانه وتعالى واتباع أوامره من الأمور اللَّازمة لشخصية المسلم؛ فالمسلم يدرك أنه مخلوقٌ لله جلَّ وعلا، وأن مقتضى العبودية لله أداء ما افترضه الله عليه، واجتناب ما نهى عنه، والتقرُّب إليه بشتَّى أنواع العبادات والفضائل.
فضل الطاعة لله تعالى:
ووقيام المسلم بطاعة الله سبحانه وتعالى وأداء واجبات العبادة؛ هو سبيله إلى التَّحرُّر من العبودية لغير الله، وحينئذٍ يتحقَّق بالمعنى الحقيقي للحرَّية، فلا يتحكَّم فيه شيءٌ من المخلوقات أو الشَّهوات أو نفسه؛ لأنه لا يخضع لغير الله.
والإنسان في هذا المسعى إنما يمارس جهادًا عظيمًا مع نفسه؛ ليردعها عن الخضوع للشهوات والتعلق بالله الواحد لا شريك له، وعلى قدر هذه المشقة التي يكابدها الإنسان في التحقق بفضيلة الطاعة والانقياد والخضوع لله؛ يكون الجزاء العظيم من الله عز وجل، يقول الإمام الغزالي: [وعلى الإنسان أن يتعب نفسه في دفع المعاصي، كما عليه أن يتعب نفسه في ترك المعاصي، والمعاصي كلها في تركها تعبٌ، وإنما الطاعة كلها ترجع إلى مخالفة النفس، وهي غايةُ التعب] اهـ.
وبيَّن الله تعالى أن طاعته وطاعة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم سبيل الفوز الحقيقي؛ قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [النور: 53].
العبات في السنة النبوية الشريفة:
وأثنى الله تعالى على من يطيع رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، وجعل طاعة الرسول من طاعة الله؛ قال تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ [النساء: 80]، كما أكَّد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على هذا المعنى حين قال: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، إِلَّا مَنْ أَبَى». قالوا: يا رسول الله، ومَنْ يأْبَى؟! قال: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى» رواه البخاري.
والطاعة بين الناس تكون في المعروف والخير، فلا يجوز لأحد أن يطيع غيره في معصية لله عز وجل؛ فعن سيدنا عليٍّ رضي الله عنه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً، وأمَّرَ عليهم رجلًا من الأنصار، وأمَرَهُمْ أن يطيعوه، فغضب عليهم، وقال: أليس قد أمرَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أن تطيعوني؟ قالوا: بلى، قال: قد عزمتُ عليكم لما جمعتم حطبًا، وأوقدتم نارًا، ثم دخلتم فيها، فجمعوا حطبًا، فأوقدوا نارًا، فلما هَمُّوا بالدخول، فقام ينظر بعضهم إلى بعض، قال بعضهم: إنما تبعنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فِرارًا من النار؛ أفندخلها؟! فبينما هم كذلك، إذ خمدت النار، وسكن غضبه، فَذُكِرَ للنبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ» رواه البخاري.
العبادات وطاعة الله تعالى:
وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ ۞ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾ [الشعراء: 151-152]، ولكن إذا تمَّ الإكراهُ على المعصية بصورةٍ جديَّةٍ وغلب على ظنِّ المكرَه أن المكرِهَ سيقوم بتنفيذ تهديده، فإنه يرخَّص للمرء أن يفعل المعصية في أدنى درجاتها؛ تخلُّصًا من إكراه المكرِه، واستثنى الشَّرع من ذلك الإكراه على القتل والزنا، لأنه ليست نفس أوْلى من نفس، فلا يجوز للإنسان أن يطيع من يكرهه في ارتكاب فعل القتل أو الزنا حتى لو غلب على ظنه أو تأكَّد أن المكرِه سيزهِق روحَه، فلا يجوز له أن يضحي بغيره من أجل أن ينقذَ نفسه؛ لأنه ليس أولى من غيره.
الآثار المترتبة على الطاعة وأداء العبادات
وللطاعة وأداء العبادات آثارٌ إيجابيَّةٌ كثيرة في المجتمع المسلم؛ فطاعة الله ورسوله تمنح المسلمين الفوز والفلاح والنجاة في الآخرة فضلًا عن الدنيا، وتأتي بعد ذلك طاعة أولي الأمر فيما لا يخالف ما أمر الله ورسولُه به؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: 59]، فبهذه الطَّاعة تنتظم أمور المجتمع المسلم، ويتحقق الحفاظ على قوَّة المجتمع وتماسكه، ولا يقع في الفوضى والاضطراب الذي يشوِّش الأفكار ويقسم المجتمع ويثير العداوة والبغضاء بين أفراده.
ومن ذلك أيضًا طاعة القوانين واحترام النظام العام في المجتمع؛ فإن ذلك يؤدي إلى انتظام سير شؤون الحياة وتحقيق الغاية من وضع هذه القوانين والنُّظُم، ووصول الحقوق إلى مستحقيها، وعدم الإضرار بالأبرياء، وكذلك طاعة العلماء والمتخصصين في مجالاتهم يحقق للمجتمع أمنه وأمانه، حين يحصل المريض على دوائه من الطبيب، والسائل على جوابه من أهل الاختصاص في مجال سؤاله، فلا يكون لادِّعاء العلم مجال في المجتمع المسلم؛ فلا تنتشر الخرافة، ولا يسود الجهل.