تسير الدولة بخطى حثيثة نحو تحقيق التصالح في مخالفات البناء، هذا ما دفعها لسن العديد من القوانين من أجل تسهيل عمليات التصالح على المواطنين، فجاء القانون رقم 187 لسنة 2023 بإصدار قانون التصالح فى بعض مخالفات البناء وتقنين أوضاعها، والذى وافق عليه مجلس النواب.

يهدف قانون التصالح، لتحقيق التوازن بين الحفاظ على هيبة الدولة وقوانينها التي تنظم البناء وتحافظ على الثروة العقارية، وبين اعتبارات الأمر الواقع والمصالح الخاصة لملايين المواطنين، وهذا ما يثير تساؤلات عديدة بشأن القانون ومدى فاعليته في القضاء على العشوائيات والحفاظ على الرقعة الزراعية، ومصير المخالفات التي تمت إزالتها، وكيف سيعود ذلك على الدولة بالكسب؟

«الغرض الأساسي من القانون هو دمج ما تم بناؤه بشكل مخالف وعشوائي ضمن أعمال البناء المخطط والمنظم»، هكذا عبر مايكل البدراوي، عضو لجان التصالح بمحافظة القاهرة، حيث قال: إن القانون سيعمل على تحديد ما إذا كانت المخالفة يمكن التصالح عليها أو تستمر مخالفة وتتم إزالتها، وذلك من أجل القضاء على المناطق التي قد تخلق عشوائيات داهمة الخطورة تكلف الدولة مبالغ طائلة للقضاء عليها، مؤكدا أن القانون سوف يحافظ على الرقعة الزراعية في مصر، حيث نص على منع التصالح مع أي تعديات على نهر النيل وأيضا الرقعة الزراعية وهو التزام دستوري.

وأوضح «البدراوي»، بشأن الفارق الحادث في مساحة الأراضي قبل المخالفات وبعدها، أن حالات التعدي على الأراضي الزراعية خلال السنوات العشر الماضية فقط بلغت 2 مليون حالة، وارتفعت حالات التعدي على الأراضي الزراعية إلى 55.6 ألف حالة على 2.994 ألف فدان خلال عام 2020، وتمت إزالة 44.1 تعد على مساحة 2.469 ألف فدان، بنسبة 79.3% من إجمالي التعديات، وذلك حسبما ذكر تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، مضيفا أنه وفقا لآخر تقرير تم تقديمه من الحكومة لمجلس النواب أفاد بأن عدد المباني المخالفة وصل إلى 2.8 مليون مبنى على مستوى الجمهورية ويقترب عدد الوحدات المخالفة بكل المحافظات من 20 مليون وحدة.

وأردف عضو لجان التصالح بمحافظة القاهرة، أن أبرز مخالفات البناء هي مخالفة البناء بدون ترخيص وتغيير الاستخدام مثل التغيير من سكني إلى تجاري أو إداري وعدم المطابقة للاشتراطات التخطيطية والبنائية السارية إلى جانب البروز والتعدي على خطوط التنظيم والبناء على أملاك الدولة، ولفت إلى أن المخالفات التى تمت إزالتها تكون خضعت لقانون البناء، لذا تم إزالتها لأن مالكها لم يتقدم للتصالح أو تمت الإزالة قبل قانون التصالح، وفي هذه الحالة يجوز التقدم للحصول على تراخيص بناء جديدة طبقا للاشتراطات. وأضاف أنه بالنسبة للأراضي في نطاق الحيز الزراعي وطبقا لتوجيهات الحكومة والقيادة السياسية، فيتم إعادة الاستصلاح الزراعي إلا إذا كان ذلك يصعب نتيجة تبوير الأرض وعدم صلاحية زراعتها، فيتم تحويلها إلى مشروعات الإنتاج الزراعي كالمزارع أو إنتاج الأعلاف وخلافه من المشروعات.

يسهم في القضاء على العشوائيات:

في سياق متصل قال محمود غيث، رئيس الجمعية المصرية للتخطيط العمراني: إن قانون التصالح يتمتع بالكثير من المميزات ولكن هناك بعض الحالات التي لا يمكن التصالح فيها، وتتمثل تلك الحالات في أن يكون العقار آيلا للانهيار أو غير خاضع للصيانة الدورية، أو أن يكون البناء في مناطق مجاورة لنهر النيل، أو أن يكون في مناطق مجاورة للمعالم الأثرية أو داخل المعلم نفسه، أو أن يكون البناء قد تم على الجراجات غير المغطاة.

وأضاف «غيث» في تصريحاته لـ «الأسبوع»: لذا فنحن بحاجة لأن يكون التصالح متاحًا طوال الوقت، فليس هناك تصالح سوى مع 3% فقط من الظاهرة، وبالتالي سيتيح القانون التعامل مع جميع مخالفات البناء، فمشرو

ع التصالح في مخالفات البناء ليس مشروع بداية، ولكنه عكس إلى حد كبير وضع المواطن، كما أنه ليس عقوبة ولكنه ارتقاء بالمستوى من أجل الحفاظ على الرقعة الزراعية. واستكمل: «فقدنا 2 مليون فدان من أصل 9 ملايين في الريف الجديد، وقد يحدث تنمية عمرانية على المتخللات، حيث أصبحت الأرض تستخدم للسكن بينما هي زراعية، فالأراضي التي تورث أصبحت متخللات وعند حسابها قدرت بـ 110 أضعاف الأرض الموجودة».

وأسهب «رئيس الجمعية المصرية للتخطيط العمراني» أن اللجنة المختصة في البرلمان حددت هذه المرة في آخر تعديلات لقانون التصالح في مخالفات البناء قيمة سعر المتر المطلوبة من المتقدمين للتصالح على وحداتهم العقارية، على أن يتراوح سعر المتر الواحد في قانون التصالح الجديد من 50 جنيها إلى 2500 جنيه تبعًا للمنطقة والمستوى العمراني بها ومدى توافر الخدمات، الأمر الذي يعني أن الوحدة التي لا تزيد مساحتها على 100 متر سوف تقدر بمبلغ 5000 جنيه مصري بالقرى، و 200، 000 جنيه مصري بالمناطق الراقية.

وأما عن الدور الذي تلعبه تلك المخالفات في زيادة العشوائيات، فقال «غيث»: إن تلك المتخللات ستزيد من حجم العشوائيات. مضيفًا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي اكتشف عند وضع علاج موضعي للعشوائيات أنه سيكلف الدولة أضعافًا مضاعفة، مؤكدًا سعي الدولة لإدخال التحول الرقمي في متابعة المخالفات، فيقول بعض الأشخاص إنه الأساس، إلا أن جوهر التنوير يكمن في كونه آداة للاستخدام، فنحن في حاجة للاستثمار في التحول الرقمي، فالتحول الرقمي يعد شيئًا عظيمًا إلا إنه يحارب من قِبل كل الموظفين لأنه أحدث إعاقة عالية وفجوة بين جيلين، وأضاف: «فأصبح هناك مركز استخدامات الأراضي، والذي بدأ ينشر خريطة كاملة للمساحة الكلية للأراضي في مصر، هذا إلى جانب عملية التصوير التي تتم على فترات وآخرها في 15 أكتوبر وتم من خلالها رصد لكل استخدامات الأراضي الزراعية والمخالفات الموجودة عليها».

وصرح «غيث» أن التعديلات التي تمت على القانون الجديد تضمنت العديد من المزايا، تتمثل في تمديد فترة العمل بالقانون، للسماح بأكبر قدر من الاستفادة لجميع الأطراف، إلى جانب عدم المبالغة في قيمة المخالفة، من خلال ضبط الإجراءات وآليات التقييم، بالإضافة إلى الحرص على أن تتسلم الإدارة جميع الطلبات مع السماح للجان المختصة فقط للفصل بينها، والتعامل مع الخدمات وفق طبيعة المنطقة، وقيمتها السوقية، ونوعيتها مع مراعاة البعد الاجتماعي والتعامل العادل مع الشروط والضوابط.

عدد المخالفات يفوق المتوقع

من جانبه قال إيهاب منصور، عضو مجلس النواب، ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي: إن اللائحة التنفيذية للقانون ستصدر خلال 3 أشهر، مؤكدًا أن القانون لا علاقة له بتطوير العشوائيات، فهو تصالح على مخالفات قائمة، ولكن إذا أردنا القضاء على المناطق العشوائية فنحن بحاجة إلى تطبيق القانون على الجميع إلى جانب هذا أن تكون يد الحكومة صارمة لمنع التعدي على القانون والرشاوي والمخالفات، وهذا ما يحتاج إلى جهاز رقابي غير موجود إلى الآن، لذا يجب على الحكومة أن تقوي أجهزتها الرقابية بزيادة تعيين أفراد من أجل الرقابة، فإذا بذلت الحكومة جنيهًا من أجل تحسين الرقابة سيوفر ذلك 10 جنيهات يهدرها الفساد والتعديات، فيكفي ما حدث من تعدٍ على الأراضي الزراعية حتى هذه اللحظة.

وأما عن المكاسب التي ستعود على المواطن من جراء التصالح، أضاف «منصور» أن المواطن سيتصالح لأن هناك إشكاليات في القانون على أرض الواقع، حيث يوجد أشخاص عليهم قضايا ستودي بهم إلى السجن، أما عندما يتصالح المواطنون فستنتهي تلك الأحكام، كما أن هناك بعض الموظفين غير الشرفاء يبتزون المواطنين بسبب تلك المخالفات شهريا، وبالتالي نظرة الحكومة صحيحة بشأن الغرامات فبدلا من ابتزاز هؤلاء الموظفين شهريا بمبالغ طائلة تصنف في عِداد الرشاوى، تتقاضى الحكومة مبلغًا إزاء تلك المخالفات وستغلق تلك القضايا وتستطيع الدولة الاستفادة من تلك الغرامات واستثمارها في إنشاء المشروعات.

وأردف «عضو مجلس النواب» أن المادة رقم 8 في القانون تنص على أن التصالح سيوفر مبالغ مالية سيتم تخصيص 25% منها إلى صندوق الإسكان الاجتماعي والتمويل العقاري.

وكان الجهاز المركزي للمحاسبات قد وجد عند مراجعة ملف الإسكان الاجتماعي أن هناك 116 ألف وحدة سكنية لم يتم تخصيصها لأي أحد، لذا يجب إعادة توزيعها على المواطنين، واستكمل أن من قدموا على التصالح في ظل القانون القديم يقدرون بـ 2 مليون و800 ألف مخالفة، ولكن عدد المخالفات يفوق ذلك بكثير، فتنفيذ القوانين السابقة كان قد فشل في التطبيق ولم ينجح منها سوى 4% فقط ممن تقدموا للتصالح، لذا نتمنى أن يحسن التطبيق الجديد تلك النسبة وأن تتمكن اللائحة التنفيذية من تحسينها عند الصدور.

على صعيد آخر قال حاتم حمدون، وكيل كلية الزراعة بالوادي الجديد: إن البناء على الأراضي الزراعية يعد جريمة كبرى، وذلك لأن الأرض تأخد سنوات كي يتم استصلاحها، ولكن الدولة تجابه ذلك بهدم البناء الذي تم، وهنا تنقسم الرؤية إلى شقين أولهما الشق الزراعي، وهو ما يثير تساؤلا مهما حول مدى قدرة الأرض على أداء المهام الزراعية إذا تم استصلاحها بعد هدم البناء، فهل ستعود كما كانت في السابق؟ وما لبث أن أجاب مسرعا: « نعم ستعود ولكن بعد إجراء بعض التحسينات على التربة من خلال إضافة بعض الأسمدة العضوية وغير العضوية، فنحن بحاجة إلى كل شبر من الأرض نظرا للزيادة السكانية المطردة». مضيفًا أن توجه الدولة حاليا يكمن في استصلاح الأراضي، فهناك استصلاح لمليون ونصف المليون فدان، وهذا ما سوف ينقلنا نقلة نوعية ويخفض من أسعار السلع، ويساعدنا على تقليل فاتورة الاستيراد من الخارج، فمن لا يملك قوته لا يملك حريته. وأكد أن البناء على قطعة معينة من الأرض من الوارد أن يؤثر على الرقعة المحيطة بها وذلك لأنهم يقومون بحقن الأرض بالأسمنت أثناء البناء.

اقرأ أيضاًموعد فتح باب التصالح في مخالفات البناء 2023 بعد تصديق الرئيس على القانون

صدق عليه الرئيس السيسي.. موعد تطبيق قانون التصالح في مخالفات البناء وسعر المتر

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مخالفات البناء قانون التصالح قانون التصالح في مخالفات البناء التصالح في مخالفات البناء قانون التصالح الجديد قانون التصالح الجديد 2023 ملف التصالح في مخالفات البناء إجراء التصالح في مخالفات البناء موعد تطبيق قانون التصالح في مخالفات البناء الجديد قانون التصالح الجديد في مخالفات البناء التصالح فی مخالفات البناء على الأراضی الزراعیة الرقعة الزراعیة قانون التصالح على الرقعة القضاء على إلى جانب أن یکون من أجل

إقرأ أيضاً:

بخلاف الحبس والغرامة.. عقوبات جديدة للمتعدين على الأراضي الزراعية

 حدد مشروع قانون الضمان الاجتماعي الجديد، والذي وافق عليه مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، في المجموع، حالات وقف الدعم النقدي للأفراد والأسر المستفيدة.

ويأتي مشروع قانون الضمان الاجتماعي، ليضع ضوابط صارمة تضمن توجيه الدعم إلى مستحقيه، مع اتخاذ إجراءات حاسمة ضد المخالفات التي تخل بأهدافه الأساسية.

أبرز حالات الحرمان من الدعم النقدي بالقانون الجديد

التعدي على الأراضي الزراعية.. ويُعد التعدي على الأراضي الزراعية أحد الأسباب المباشرة لوقف الدعم، وفقًا لنص القانون الجديد.

وتنص المادة 34 من مشروع القانون على أنه مع عدم الإخلال بحالات وقف الدعم المادي الأخرى المقررة في هذا القانون، يوقف الدعم إذا صدر حكم بات ضد الأفراد المستفيدين أو أرباب الأسر المستفيدة، بحسب الأحوال، بالإدانة في الجرائم الآتية:

أ- التسول.
ب- الاتجار بالبشر.
جـ- تعريض الطفل للخطر.
د- ختان الإناث.
هـ- الزواج المبكر.
و- التحرش.
ز- التعدي على الأراضي الزراعية.
ح- الجرائم الأخرى المخلة بالشرف والاعتبار.

عقوبات التعدي على الأراضي الزراعية في القانون

تصدى قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، حمل رقم 164 لسنة 2019، للمخالفات الخاصة بالتعدى على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة.

ونصت المادة 372 مكررًا، من القانون، على الآتى:

كل من تعدى على أرض زراعية أو أرض فضاء، أو مبان مملوكة للدولة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو لوقف خيرى أو لإحدى شركات القطاع العام أو لأية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة أو في حيازة أى منها، وذلك بزراعتها أو غرسها أو إقامة إنشاءات عليها أو شغلها أو الانتفاع بها بأية صورة، يعُاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد علي خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه.

ويحكم على الجانى برد العقار المغتصب بما عليه من مبانٍ، مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء على نفقته فضلًا عن دفع قيمة ما عاد عليه من منفعة.

فإذا وقعت الجريمة بالتحايل، أو نتيجة تقديم إقرارات أو الإدلاء ببيانات غير صحيحة مع العلم بذلك، تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على 7 سنوات، وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد علي مليوني جنيه.

وتضاعف العقوبة المنصوص عليها فى الفقرتين السابقتين في حالة العود.

 مشروع قانون الضمان الاجتماعي

يعد مشروع قانون الضمان الاجتماعي والدعم النقدي، من القوانين الهامة التي ناقشها مجلس النواب ووافق عليه من حيث المجموع برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي.

يأتي مشروع القانون من منطلق سعي الدولة لتحسين دخول المواطنين لاسيما الأكثر احتياجا، وجاء قانون الضمان الاجتماعي ليمنح الأسر الفقيرة وبعض الفئات مساعدات نقدية استثنائية .

وشهد الأسبوع الماضي موافقة مجلس النواب خلال جلساته العامة الماضية على مجموع مواد مشروع قانون الضمان الاجتماعي والدعم النقدي المقدم من الحكومة، فيما أرجأ رئيس المجلس المستشار الدكتور حفني جبالي الموافقة النهائية لجلسة لاحقة.

مقالات مشابهة

  • بخلاف الحبس والغرامة.. عقوبات جديدة للمتعدين على الأراضي الزراعية
  • طلب إحاطة في النواب بشأن مشكلات التصالح في مخالفات البناء
  • طلب إحاطة بمجلس النواب لمواجهة مشكلات التصالح فى مخالفات البناء
  • بالفيديو.. خبير تنمية محلية يكشف تفاصيل بدء الحكومة في تلقي طلبات زيادة مسطح المباني بالمدن الجديدة
  • الحق نفسك.. الأوراق المطلوبة للتصالح على مخالفات البناء والحالات المستثناة
  • الفئات المستثناة من التصالح في مخالفات البناء لعام 2024
  • وزير الصحة يكشف مكاسب الأطباء والمرضى بمشروع قانون المسئولية الطبية
  • الدفاع المدني وقيود الارتفاع.. تسهيلات جديدة في التصالح على مخالفات البناء
  • «التنمية المحلية»: تذليل العقبات في ملف التصالح على مخالفات البناء
  • المصري الديمقراطي يستقبل شكاوى المواطنين بشأن قانون التصالح