فلسطينيون يروون مأساة البحث عن ذويهم في غزة
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
القدس المحتلة-سانا
شهر مر على استشهاد 42 فرداً من عائلته، ولم يفقد الشاب إياد غيضان الأمل في البحث عن والدته المسنة التي لا يعرف مصيرها هل هي مع الشهداء أم الأحياء، بعد انقطاع أخبارها إثر قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلهم في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة وتسويته بالأرض.
حال إياد كحال ذوي 7000 مفقود لا يعرف مصيرهم في قطاع غزة، هل هم شهداء تحت ركام أكثر من نصف مليون منزل تعرض للقصف جواً وبراً وبحراً أم بين من اعتقلتهم قوات الاحتلال.
ويروي غيضان لمراسل سانا لحظات الألم والفاجعة التي ألمت به لحظة استشهاد جميع أفراد أسرته “شقيقه الوحيد وأطفاله وشقيقاته وأطفالهن”، قائلاً: كنت خارج المنزل لحظة القصف وتلقيت نبأ استشهادهم من أحد جيراني.. 42 شهيداً بينهم 29 طفلاً أصغرهم ابنة أخي جودي 6 سنوات التي وجدت تحت ركام المنزل، وهي ممسكة بكرسي عله ينجيها من جحيم صواريخ الاحتلال الإسرائيلي التي أحرقتها هي وكل أفراد أسرتها، والدتها ووالدها وإخوتها وأخواتها السبعة.
ويضيف غيضان: لم أشارك في تشييع جثامين أفراد أسرتي لأنني نزحت إلى مدينة رفح جنوب القطاع.. شاهدت ملامحهم عبر وسائل الإعلام فقط.. وجوههم تفحمت وتحولت أجسادهم البريئة إلى أشلاء.
ويؤكد غيضان الذي يقيم داخل مركز إيواء تابع للأونروا في رفح أنه حتى اللحظة لا يعرف مصير والدته هل كانت خارج المنزل لحظة القصف أم استشهدت مع أبنائها وأحفادها إذ لم يعثر المسعفون على جثمانها داخل المنزل الذي سوي بالأرض، مشيراً إلى أن نجاتها هي الأمل الذي يتعلق به.
وعن آخر لحظة تكحلت عيناه برؤية والدته يقول غيضان: احتضنت والدتي قبل خروجي من المنزل وكان قصف الاحتلال عنيفا على مدينة غزة.. ودعتها وأنا خائف على مصيرها ومصير كل أفراد أسرتي، وقالت لي بنبرة حزن: “دير بالك على حالك يا إياد.. الاحتلال يقصف بلا هوادة ويحرق ويدمر”، أملي الوحيد أن تكون والدتي بين الأحياء.
مأساة غيضان هي ذاتها مأساة كمال عودة من بيت لاهيا شمال القطاع فنجله لا يزال مفقوداً بعد تدمير الاحتلال منزله ولا يعرف مصيره، وخاصة أن الاحتلال ارتكب مجازر عدة في الشمال راح ضحيتها آلاف الشهداء.
ويقول عودة: أحبس أنفاسي كل لحظة وأسأل عن نجلي.. لا أحد يستطيع إخباري بمعلومة تطمئنني عنه، هل هو بين الشهداء أم مع من اعتقلتهم قوات الاحتلال أم مع الناجين.. قلبي ينفطر عليه.. منذ شهر ونصف فقدت الاتصال به.. لا أستطيع التوجه إلى بيت لاهيا للبحث عنه فالاحتلال قطع أوصال القطاع ولا يسمح لأحد بالتنقل أو تفقد مناطقهم.. أتعلق بأمل أن أجد نجلي إبراهيم بين الأحياء حينها ستعود الروح إلى جسدي.
من جانبه يشير محمد شبات من بيت حانون شمال القطاع إلى أن هناك أكثر من 700 مفقود في المدينة وأن الأهالي يخاطرون بأرواحهم بالعودة إليها للبحث عن فلذات أكبادهم، حيث تستهدفهم قوات الاحتلال بالرصاص، مبيناً أنه تمكن من الوصول إلى بيت حانون ووجدها أكواما من الركام لا يمكن التمييز بين طرقها ولا شوارعها.
وقال شبات: استشهد في بيت حانون وحدها خلال الأيام القليلة الماضية 10 من أبناء المدينة الذين كانوا في رحلة بحث عن أفراد عائلاتهم.. الاحتلال يواصل ارتكاب الفظائع والجرائم في القطاع، ولا يزال المجتمع الدولي صامتاً عنها بل شريكاً مباشراً فيها.
محمد أبو شباب
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: لا یعرف
إقرأ أيضاً:
أصوات من غزة.. غياب المواصلات يُضيف معاناة جديدة للعائدين للشمال
غزة- اختار محمود عطية أن يعود لمدينة غزة فور سماح الاحتلال الإسرائيلي للنازحين في جنوبي القطاع بالعودة، صبيحة يوم الاثنين 28 يناير/كانون الثاني الماضي.
وقُرب منتصف الليل، عقب عودته لمنزله، جاء المخاض لزوجته الحامل، فحاول العثور على سيارة كي ينقلها للمستشفى، لكنه من دون جدوى، كذلك أخبره جيرانه المقيمون أن العثور على وسيلة نقل في شمالي القطاع يعد أمرا بالغ الصعوبة بسبب إجراءات الاحتلال الإسرائيلي.
اضطر عطية إلى أن يبحث عن عربة يجرها حمار، كي ينقل زوجته للمستشفى لتضع مولودها، ويصف للجزيرة نت تلك اللحظات قائلا: "عانيت بشدة لكي أجد وسيلة نقل، لم أجد! لولا أني أخذت عربة من جيراني، لم أكن أعرف ماذا أفعل".
ويناشد الشاب الفلسطيني "الجهات كافة" العمل على توفير المواصلات لقطاع غزة، للتخفيف من المأساة التي يحياها السكان، متسائلا: "ألا يكفي ما نعاني من الأمور الأخرى؟ أنا دبرت نفسي، لكن غيري، كيف سيدبر أموره؟".
تدمير الاحتلال آلاف السيارات أدى إلى تفاقم مشكلة المواصلات والنقل (الجزيرة) مشكلة مضاعفةمنذ 27 يناير/كانون الثاني الماضي، شرع عشرات الآلاف من النازحين بالعودة إلى مناطقهم التي هُجّروا منها، حسب ما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
إعلانلكن سكان شمال القطاع يعانون من أزمة في المواصلات، بفعل منع الاحتلال إدخال الوقود بكافة أشكاله منذ بداية الحرب التي بدأت في أكتوبر/تشرين الثاني 2023، كما فاقم من المشكلة تدمير قوات الاحتلال آلاف السيارات.
تبدو مشكلة المواصلات بالنسبة لرأفت دغمش مضاعفة، نظرا لمعاناته من بتر كامل في قدمه اليمنى، وجزئي في اليسرى، إذ أُصيب في بداية الحرب خلال قصف الاحتلال الإسرائيلي مسجد "إحياء السنة" بحي الصبرة، يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وكان هذا القصف أسفر عن استشهاد أكثر من 50 مصليا.
وخلال المجزرة ذاتها، فقدَ دغمش اثنين من أبنائه، واضطر للنزوح إلى جنوبي القطاع، ثم عاد مؤخرا بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار مشيا على الأقدام، مستخدما عكازين، ليفاجأ بافتقار مدينة غزة للمواصلات، وهو ما جعل معاناته مضاعفة.
لكنه يشير إلى أن المواصلات في وسط القطاع وجنوبه كانت متوفرة، إما بواسطة السيارات أو العربات التي تجرها الحيوانات، وهو أمر مفقود في الشمال، ويضيف: "أنا مُصاب ولا أستطيع التحرك، وأتمنى من الجهات المختصة أن توفر مواصلات لهذا البلد، وأن يوفروا لي كرسيا كهربائيا للتحرك".
العائدون للشمال يناشدون الجهات المعنية كافة العمل على حل مشكلة المواصلات (الجزيرة) عزلة وانقطاعيشير أبو محمد فارس، الذي عاد أيضا مؤخرا لشمال القطاع، إلى أن أي "مشوار بسيط" يستغرق منه نهارا كاملا، لعدم توفر المواصلات، ويضيف "نشعر هنا بالعزلة؛ في الجنوب كانت هناك مواصلات حتى على عربات (تجرها الحيوانات)، والحياة أسهل، هنا نعاني بشدة، لا توجد وسائل نقل".
كما ذكر أن نسبة كبيرة من الطرق مغلقة بفعل الركام والأنقاض، وهو ما يجبر المواطنين على سلك طرق التفافية تزيد من معاناتهم.
ويُبدي بدر كنعان تخوفه الشديد من حدوث أي حالة طارئة له أو لأهله أو جيرانه، تستوجب الانتقال إلى المستشفى، في ظل عدم توفر المواصلات، ويقول: "حاليا، نخاف إذا وقعت إصابة أو أي مشكلة صحية، لأننا سنعاني بشكل كبير ولا نعرف كيف سنذهب للعيادة أو المستشفى".
إعلانويضيف "منذ عودتي من الجنوب، أعاني كثيرا من موضوع المواصلات، لا نجد أي نوع من وسائل النقل، لا سيارات ولا عربات ولا توكتوك"، مشيرا إلى أنه في حال توفرت أي وسيلة مواصلات، فإنها تكون باهظة الثمن.
أما عبد العال عبد العال، الذي يمتلك دراجة هوائية قديمة، فيقول إن "الناس تحسده عليها"، ويشير إلى أن امتلاك أي وسيلة نقل مهما كانت يسيرة، يخفف كثيرا من المعاناة الكبيرة التي يتكبدها السكان.
لكنّ الدراجة لا تحل مشكلته، فهي قديمة ومرهِقة، ويضيف "منذ عودتنا من الجنوب، لا طرق ولا مواصلات، الحياة معدومة"، مشيرا إلى أن الذهاب للسوق وشراء بعض الأغراض يعني الاضطرار لحملها لمسافات طويلة جدا، وهو ما يصيبه بالإرهاق الشديد، ويختم قائلا "أزمة المواصلات بهدلت الناس، ربنا يرفع عنا هذه الغمة".