تحل اليوم الذكرى الثالثة لرحيل ملك الحكايات الكاتب الكبير الراحل وحيد حامد، الذي غادر عالمنا في الثاني من شهر يناير لعام 2021، بعد عمر لم يكف فيه عن الحكي يوما، منذ أن خرج من قريته في منيا القمح بمحافظة الشرقية، حتى رحيله.
وحيد حامد كان مشاغبا كما يقول الكتاب، إذ استطاع خلال رحلته الطويلة في عالم الكتابة والفن السابع، أن يشرح المجتمع المصري، ويتنبأ بمجيء الإخوان لسدة الحكم في يوم من الأيام، من خلال فيلمه الأشهر «طيور الظلام».
نستطيع أن نطلق على وحيد حامد «ملك النبوءة الفنية»، ففي كل عمل من أعماله حل للغز مجتمعي معين، يراهن على صدق قراءته للتاريخ، وربما دراسته لعلم الاجتماع، إذ كان بمثابة الباب الذي فتح على مصرعيه لتشريح ما جرى وما سوف يجري في المجتمع المصري.
كنت أتمنى أن يدخل كاتبنا الكبير الراحل نادى المائة في عالم الكتابة، سواء للسينما أو المسرح أو التليفزيون أو الإذاعة التي دخل من بابها الكبير، ورغم أن رصيده الفني تجاوز الـ80 عملا في هذه الوسائط، هناك معلومة لا يعرفها جمهور كاتبنا الكبير، وهي أنه كان بحوزته أكثر من 20 عملا مكتوبا، لم يروا النور، ما بين معالجة أو سيناريو كامل، سواء للسينما أو التليفزيون.
وعلي سبيل المثال لا الحصر «موال البيات والنوم» للأديب الكبير الراحل خيري شلبي، «قيس ونيللي» لرواية تحمل نفس الأسم للكاتب الراحل محمد ناجي، ورواية «ولاد الناس» للكاتبة الكبيرة ريم بسيوني، تلك الأعمال التي كانت من أصل أدبي.
وهناك سيناريوهات سينمائية لم تر النور أيضا، مثل: دهموش، والملك فاروق كان متحمسا لإخراج د/ سمير سيف، لكن المشروع تعثر، الصحبة الحلوة، الذي كان سيعود به الفنان الكبير يحيي الفخراني للسينما بعد غياب 40 عاما، وكان من إخراج ساندرا نشأت، وسيناريو عن موقعة كبريت التي أظهرت بسالة الجندي المصري في حرب 1973، والعبارة، عن حادث عبارة السلام الشهيرة، وفي التليفزيون الجزء الثالث لمسلسل الجماعة، وسيناريوهات أخري.
وكان وحيد حامد، يريد إعادة كتابة فيلمين من أشهر أفلامه، قال لي هذا السر ذات يوما، لأنه لم يكن راضيا عنهما بالقدر الكافي، الأول: «سوق المتعة» وهو إنتاج 2000، ولعب بطولته الساحر محمود عبد العزيز، إلهام شاهين، حمدي أحمد، و كوكبة كبيرة من النجوم، وفيلم «ديل السمكة»، الذي لعبت بطولته حنان ترك، سري النجار، فريدة سيف النصر، محسنة توفيق، والغريب أن كلا الفيلمين من إخراج د/ سمير سيف.
وحكي لي حامد، أن فيلمه «سوق المتعة» تم إقحام الأغاني فيه، وسط هوجة أغاني الأفلام في تلك الفترة، ولم يكن ذلك على رغبته، بينما فيلمه الثاني كان يريد أن يقدمه بشكل آخر، لأنه به تشريحا كبيرا لكل الطبقات المصرية، من خلال شخصية كشاف النور.
وحيد حامد الذي راهن على ذكاء الفلاح الفصيح بداخله، دخل معارك كثيرة مع الرقابة وانتصر فيها، آخرها كان سيناريو «دهموش»، وعلى الرغم من أنه لم ير النور، دخل معارك رقابية شرسة لتمرير ما يريد، فلم يهادن في يوم ما بداية أول أعماله حتى آخرها.
وحيد حامد الذي أحب أيامه، كما قال أثناء تكريمه في مهرجان القاهرة السينمائي في دورة 2020، أحب أيضا أحلامه وأفلامه وحكاياته.
لم يكن وحيد حامد صانعا للسينما فقط، إنما كان صانعا للأحلام وعابرا لها، فهو السيناريست الوحيد في تاريخ السينما المصرية، الذي استخدم أسمه للدعاية للعمل، من خلال فيلم «محامي خلع» الذي لعب بطولته كل من هاني رمزي وداليا البحيري، إذ كتبت الشركة المنتجة لهذا العلمل فيلم لـ«وحيد حامد».
وبعد ذلك رفض حامد، أن يكن هذا عرفا، فرفض أن تكون كل العروض بهذا الشكل، لأنه يريد أن يتساوى مع كل العاملين في الفيلم من مخرج ومنتج وممثل، كنوع من العدالة التي كان ينشدها في السينما والفن، وليس في الحياة فقط.
رحم الله وحيد حامد كاتبنا الكبير بقدر ما أمتعنا بأعمال ما تزال وستظل راسخة في وجدان كل محبي السينما، سواء في مصر أو الوطن العربي.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: وحيد حامد طيور الظلام وحید حامد
إقرأ أيضاً:
لا نزال في منتصف المعركة فكيف يريد البعض النزول من جبل الرماة وجمع الغنائم؟
المنطقة كلها ملتهبة وتتأهب لحروب كبيرة قادمة، حشود عسكرية على الحدود الإرترية الإثيوبية، الجنوب اندلعت فيه الشرارة الأولى بالفعل. أوكرانيا سوف يتم اقتسامها بين روسيا وأمريكا.. سوريا مقبلة على معارك ذات صبغة طائفية.. إسرائيل تريد أن تبتلع الشام والعراق، وبدأت عملياً التخطيط لشق ما تسميه بممر داؤود، فيما وافق الاتحاد الأوروبي_ لأول مرة منذ عقود_ على خطة بقيمة 800 مليار يورو لتعزيز الإنفاق الدفاعي في جميع أنحاء أوروبا.
الصين قالت إنها جاهزة للقتال، في ذات الوقت تقوم الإمارات حالياً بترتيبات المرحلة الثانية لغزو السودان _عبر دول الجوار هذه المرة_ وذلك بعد فشل جناحها الجنجويدي في الانقلاب على الدولة والسيطرة على السلطة بالقوة،
وهذا الوضع يستدعي من القوات المسلحة والشعب السوداني، بكافة أطيافه وقبائله، المزيد من التكاتف والتعاضد، ونبذ الفرقة، والتخلص من أبواق الفتنة التي كل همها السلطة،
وتعمل حالياً على ضرب تماسك القوات المساندة للجيش، وعلى رأسها درع السودان، وهو النموذج الباهر على نجاح المقاومة الشعبية، واستنفار المجتمع لمواجهة المخاطر والتحديات التي تستهدفه في أرضه ووجوده، ولذلك من المهم التفكير في حجم المؤامرة،
وما يسعى له العدو الأكبر الذي يبحث عن ثغرات يلج عبرها، كما أننا، وهذه إشارة تبدو مهمة، لا نزال في منتصف المعركة فكيف يريد البعض النزول من جبل الرماة وجمع الغنائم؟
عزمي عبد الرازق