أعلنت الولايات المتحدة، اليوم السبت، إعادة قطعتين أثريتين إلى ليبيا، كانتا قد سرقتا من مدينة "قورينا" (شحات) التاريخية شرقي البلاد التي أسسها الإغريق في حدود سنة 631 قبل الميلاد، وتوجد بها العديد من الآثار المهمة.

جاء تسليم القطعتين في إطار تنفيذ اتفاقية الملكية الثقافية الموقعة بين البلدين عام 2018، وفق ما أعلنت السفارة الأميركية لدى ليبيا عبر حسابها في تويتر.

وأشارت السفارة إلى جهود مكتب المدعي العام في مانهاتن ومسؤولي مباحث الأمن الداخلي (HSI) ودولة ليبيا في استعادة القطعتين الأثريتين المسروقتين من مدينة شحات المدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) للمواقع الأثرية المعرضة للخطر.

وأضافت: "أعيدت هذه الكنوز إلى السلطات الليبية.. يمثل هذا الإنجاز مثالاً آخر على النتائج القيمة لاتفاقية الملكية الثقافية الثنائية بين الولايات المتحدة وليبيا لعام 2018، فضلاً عن التزامنا بحماية التراث الثقافي والحفاظ عليه في ليبيا".

وفي 23 فبراير/ شباط 2018، وقعت الخارجية الأميركية مع الخارجية الليبية (حكومة الوفاق الوطني السابقة)، اتفاقية تعاون مشترك لمكافحة أعمال النهب والتهريب والاتجار غير المشروع بالقطع والمواد الثقافية القادمة من ليبيا.

وذكرت الخارجية الأميركية عقب التوقيع آنذاك، أن الاتفاقية "تضع قيودًا على استيراد بعض المواد الأثرية التي تتراوح أعمارها من 12000 قبل الميلاد إلى 1750 قبل الميلاد".

​​​​​​​وبين وقت وآخر، تعلن جهات أميركية أو ليبية استعادة آثار مسروقة بموجب الاتفاقية الموقعة بين الجانبين.

ومنذ 2011، يستغل مهربو الآثار المحليون والخارجيون حالة الفوضى التي تعيشها البلاد والانفلات الأمني بعد الإطاحة بحكم معمر القذافي في تهريب الآثار الليبية.

ويقول مدير مصلحة الآثار محمد الشكشوكي إن الحروب والنزاعات تؤثر بشكل سلبي على جميع المواقع الأثرية، وتساهم في زيادة الاعتداءات على الآثار مما يؤدي لسرقة ونهب آثار جديدة وعرقلة خطط مصلحة الآثار في التواصل الجيد مع مراقبات المدن الأثرية.

وعن تلك المسروقات قال الشكشوكي لتقرير سابق للجزيرة نت "رصدنا مجموعة من القطع الأثرية التي تصل بالعشرات في إسبانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة" منوها بدور الحكومة في استرجاع القطع الأثرية من الدول التي وصلت إليها "وفق اتفاقيات متبادلة تلزم برد هذه القطع الأثرية المنهوبة".

آثار ليبيا

وعلى مدى أكثر من عقد، تعرضت آثار ليبيا إلى السرقة والتخريب والتهريب، بسبب شبكات تهريب دولية استغلت الفوضى وضعف الأمن في ليبيا.

وتفتقر المواقع الأثرية إلى الحراسة من قبل الجهات الأمنية حيث تقتصر على موظفين غير مسلحين تابعين لمصلحة الآثار، وبعض المتطوعين بالمنطقة المجاورة للمعالم الأثرية.

وأفاد مدير مصلحة الآثار في شرق ليبيا أحمد حسين بأن الآثار المهربة للخارج تسرق عبر الحفريات غير الشرعية أو في القطع غير المسجلة في المتاحف والمخازن بمصلحة الآثار.

وأضاف لتقرير سابق للجزيرة نت "هناك عدد من الأواني الفخارية سرقت من متحف سوسة عام 2013، وبعض الآثار المسروقة لم تخرج إلى الآن من ليبيا لكنها مسجلة لدينا ومفقودة".

وتضم البلاد 5 من مواقع التراث العالمي مدرجة على قوائم الخطر من قبل منظمة اليونسكو، وهي المدينة القديمة غدامس المعروفة بــ "لؤلؤة الصحراء" (قرب حدود البلاد مع تونس والجزائر) وموقع شحات قرب مدينة البيضاء شرقي البلاد.

وهناك المدينتان التاريخيتان لبدة وصبراتة على الساحل الغربي اللتان كانتا جزءا من المملكة النوميدية الزائلة وجبال أكاكوس على الحدود مع الجزائر التي تتميز باحتوائها على الكهوف والمغارات ولوحات يعود تاريخها إلى ما بين 12 ألف عام قبل الميلاد و100 ألف عام.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

تعتيق الأثاث.. مصريات يُتقن العودة بالأثاث إلى الماضي

قطع أثاث عادية وجديدة وأيضا لامعة، هدف رائع للبعض، لكنها ليست كذلك لآخرين يحملونها إلى ورش متخصصة في "تعتيق الأثاث" أي منحه مظهرا قديما مع لمسات كلاسيكية "فينتاج" كي يحمل عبقا ولو بصورة اصطناعية، حالة امتدت لبقية الديكورات، واللوحات، والأواني وحتى الملابس وغير ذلك من التفاصيل التي تحمل الجو العام من الحاضر إلى الماضي، وهو ما استرعى اهتمام كثيرين ليس فقط من المستهلكين، ولكن أيضا من الفنانين الذين راحوا يقدمون المزيد من الورش حول فن "التعتيق".

السر وراء الأثاث العتيق

يبحث كثيرون عن قطع الأثاث والديكور العتيقة، ذات المظهر القديم، بل المتهالك في بعض الأحيان، مسألة يتم ربطها بما لتلك القطع من طابع ساحر، ومظهر كلاسيكي محبب، وبينما يدفع البعض مبالغ ضخمة لشراء القطع القديمة بالفعل، تلك التي مر عليها عشرات السنوات، يلجأ آخرون إلى تعتيق الأثاث الحديث عن عمد.

سهير كامل، سيدة مصرية خمسينية، قررت أخيرا تغيير مظهر بيتها بالكامل إلى المظهر الكلاسيكي العتيق، هكذا راحت تبحث عن طريقة لتعتيق ما لديها من أثاث، بحيث يبدو مظهره أقدم وأكثر أصالة، وتقول للجزيرة نت "يمنحني المظهر العتيق لقطع الأثاث شعورا بمقاومة الزمن، والصمود في وجه السنوات، كما أن الأثاث العتيق يجعل من كل قطعة في المنزل تحفة فنية بذاتها، لكن هذا ليس كل شيء، فالمسألة تتعلق بالعاطفة، أو لنقل النوستالجيا لأزمان جميلة مضت، كانت عامرة بالجمال والرقي، كما أنني أظن أن الأثاث العتيق يمنح المنزل مظهرا أكثر أناقة مما يفعل الأثاث الحديث".

كثيرون يبحثون عن قطع الأثاث والديكور العتيقة، ذات المظهر القديم، بل المتهالك أحيانا (الجزيرة)

تشير أبحاث أن تفضيل الأثاث العتيق يعود بشكل ما إلى أسباب نفسية أيضا، أهمها الشعور بالأصالة والتفرد، ولأنه يشبه بشكل ما أثاث الأجداد، وما كان يمثله من جودة ومتانة، وعراقة، وانتماء إلى زمان ومكان بعينه.

ولعل يتم استغلاله في بعض الأحيان بطرق غير متوقعة كما جرى في المملكة المتحدة، حين اشترى تاجر مكتبا عاديا بقيمة 2500 جنيه إسترليني ليعمل على تعتيقه، ويخرجه عقب 6 أشهر فقط على أنه مكتب من القرن الـ18، ويبيعه بأكثر من مليون جنيه إسترليني، لم يكن صعبا عليهم العثور على زبائن مفتونين بالأثاث العتيق، حتى إن تحذيرات سرت قبل أكثر من عام في المملكة للفت الأنظار إلى ما يقوم به التجار والمرممون من خلال خداع المهتمين، وبيع القطع "المعتقة يدويا" على أنها قد عتيقة بالفعل.

هكذا يتم تعتيق الأثاث الجديد

يعلم زبائن المصرية هايدي حسين، التي اشتهرت بورشتها المتخصصة في تعتيق الأثاث الحديث، أنها واحدة من القلائل الذين اختاروا التخصص في هذا المجال على مستوى الجمهورية، هكذا يأتيها الناس بقطع جديدة كي تقوم بتعتيقها، ومنحها طابعا كلاسيكيا مميزا، صحيح أنها تخرجت في كلية الآداب، إلا أن عشقها للفنون جعلها تتعمق في تعلم المزيد حول الديكورات، والفنون حتى استقرت على فن التعتيق.

هايدي حسين، اشتهرت بورشتها المتخصصة في تعتيق الأثاث الحديث (الجزيرة)

تقول للجزيرة نت "التعتيق هو تحويل قطعة جديدة إلى قطعة قديمة تحمل علامات الزمان، بدأت نشاطي بالتزامن مع جائحة كورونا عام 2019، كانت البداية مع دورات تدريبية في فن الديكوباج، لكنه لم يستهوني، لذا قررت دراسة كيفية التعتيق، مع فنان إيطالي شهير، ثم لاحقا مع مدرب فرنسي، عبر الإنترنت، واكتشفت أن التعتيق يتم باستخدام المواد ذاتها التي استخدمها قدماء المصريين في الرسم، حيث يتم التعتيق في الأساس باستخدام مادتي التمبرا المصنوعة من بياض البيض، والميلك بينت المصنوع من بروتين اللبن".

وتضيف "ثم قررت التعمق أكثر في الأمر، فسافرت إلى روسيا حيث حصلت على كورس إضافي في فن التعتيق، وصرت الآن إلى جانب عملي  في تعتيق الأثاث الجديد، وخاصة غرف السفرة، والقطع المتفرقة كالبايو مثلا، أقوم بتدريب المزيد من الفنانين والمهتمين بتعلم التعتيق".

تعزي هايدي الاهتمام المتزايد باقتناء القطع العتيقة إلى حالة من الحنين إلى الماضي، وتوضح "هذا هو الفن الأكثر ارتباطا بالحنين إلى الماضي، والذي يمس الناس ويحرك مشاعرهم، ويذكرهم ببيوت الجدات، وهدوء العصور القديمة، وأيام كانت تحمل الكثير من راحة البال، هذا ما يحبه الناس وهذا ما أحبه أيضا، فالمسألة بالنسبة لي عمل أكثر منها مهنة، أتأمل القطع وأتساءل كيف سيكون شكلها في النهاية، يتطلب الأمر كثيرا من الطبقات والجهد والتركيز حتى أستطيع الوصول إلى مظهر وإحساس ينتمي إلى زمان مضى".

الأثاث العتيق يجعل من كل قطعة في المنزل تحفة فنية بذاتها (الجزيرة) كثير من الورود ومزيد من التفاصيل

لم يعد الأمر يتعلق بالأثاث وحسب، فاقتناء أثاث كلاسيكي يتبعه سلسلة من عمليات الشراء والاقتناء العديدة اللاحقة، النيش الكلاسيكي يلزمه أطقم تقديم تنتمي إلى الطراز ذاته، والأثاث الفينتاج يتطلب مفارش وقطع إكسسوار تحمل الطابع العتيق، الأمر الذي فتح الباب لخيال العديد من الفنانين والفنانات لإشباع ذلك الاحتياج، من بينهم المصرية مروة بوادي، والتي تقوم بإضفاء طابع عتيق للمزيد من القطع، سواء كانت ملابس أو إكسسوارا، وتتخصص في رسم الورود بطريقة مميزة.

وتذكر للجزيرة نت "تعد الورود جزءا أساسيا من ذاكرة الأثاث والديكور العتيق، فالورود كانت الرمز الرئيسي للجمال والزينة، هكذا كانت تحمل كل أغراض الأجداد ورودا، الجدران، المفارش، الملابس، حتى أواني الطعام" الشابة التي تخرجت في كلية الفنون التطبيقية، أرادت تطبيق الفن في صورة أغراض عملية يمكن استخدامها يوميا، وتقول "أرسم على الملابس، والحقائب، والأواني، والمفروشات، والأثاث، وأي شيء، باستخدام المواد المناسبة، وقد لاحظت حالة ميل إلى الأغراض العتيقة، حيث إن بعضا من التفاصيل البسيطة تضفي طابعا أكثر قيمة وجمالا للأشياء".

ترى مروة أن الميزة الأبرز لحالة الولع بالأثاث العتيق، ليس فقط فيما يحمله من عراقة، ولكن أيضا في قيم الاستدامة والحفاظ على البيئة التي يقدمها بشكل غير مباشر، وتضيف "الميل إلى تعتيق الأشياء يسمح بتجديد الأغراض القديمة بدلا من الاستغناء عنها، وهنا يأتي دوري في الرسم وإضفاء الطابع العتيق، عبر معالجات ودهانات معينة، حالة الحنين إلى الماضي تزداد ومعها محاولات استبقاء الأغراض القديمة والتمسك بها مع تجديدها بطريقة مبتكرة، حقائب، أكواب، أطباق، ملابس، مفارش، وغير ذلك الكثير".

مقالات مشابهة

  • ” الكوني” يبحث مع وجهاء واعيان مدينة زوراة مستجدات الأوضاع في ليبيا
  • ندوة لقط الآثار المؤلف بصحار تناقش أهمية الكتاب وأهم المسائل التي تناولها
  • ذا نورث أفريكا بوست: بـ رقم مذهل.. ليبيا تقود ركب العرب في النمو الاقتصادي في 2025
  • القماطي: شح الأسلحة في ليبيا بسبب شراء الاستخبارات الأوروبية 
  • تعتيق الأثاث.. مصريات يُتقن العودة بالأثاث إلى الماضي
  • الرئيس الـ 47 لأمريكا.. فتح صناديق الافتراع في واشنطن و13 ولاية
  • «العرب اللندنية»: أزمة الرئاسي والبرلمان تنذر بتعميق الانقسام في ليبيا
  • أسوشيتد برس: مسؤولون من ليبيا تلقوا تدريبات أمنية بببرنامج “سايكلوبس” الممول من واشنطن
  • المشير “خليفة حفتر” يفتتح فعاليات معرض “ليبيا بيلد” في مدينة بنغازي
  • تأسست منذ أكثر من 1000 عام .. الرئيس السيسي: القاهرة من أعرق عواصم العالم