مثل الإعلان عن عبور مدمرة إيرانية باب المندب ودخولها البحر الأحمر خطوة لافتة، بالنظر إلى الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي اليمنية، المدعوما إيرانيا، في المجرى المائي، حيث تستهدف الجماعة حركة الملاحة منذ أسابيع.

 

وقالت وكالة أنباء "تسنيم" شبه الحكومية الإيرانية، الاثنين، إن المدمرة "ألبرز" وصلت البحر الأحمر، في إطار المجموعة 94 التابعة لبحرية الجيش الإيراني، مشيرة إلى أنها "تعمل في المنطقة لتأمين الممرات التجارية ومواجهة القراصنة ومهمات أخرى".

 

ولم تذكر الوكالة توقيت دخولها، مع العلم أنه كانت هناك تقارير غير مؤكدة على وسائل التواصل الاجتماعي عن وصولها في وقت متأخر، السبت، وفق رويترز.

 

وشن الحوثيون هجمات بمسيرات وصواريخ على سفن مبحرة في هذا الممر الذي تعبر منه 12 في المئة من حركة التجارة العالمية.

 

ويكرر الحوثيون الذين يسيطرون على مساحات شاسعة من اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء، أنّهم سيواصلون هجماتهم هذه طالما لم تدخل كميات كافية من الغذاء والدواء إلى قطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل، وتشن عليه حملة قصف متواصلة وعمليات برية منذ هجوم حماس على في السابع من أكتوبر.

 

ودفعت هذه الهجمات الولايات المتحدة إلى إنشاء تحالف دولي يضم أكثر من 20 بلدا لحماية الملاحة في البحر الأحمر.

 

ويأتي التحرك الإيراني الأخير بعد يوم واحد من إعلان الولايات المتحدة إغراق 3 زوارق حوثية وقتل طاقمها، وتهديد بريطانيا باتخاذ إجراءات مباشرة ضد الحوثيين.

 

وبعد القصف الأميركي، أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، الأحد، أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى اتساع الصراع في الشرق الأوسط، قائلا في مقابلة مع قناة "أيه بي سي": "كل ما نريده أن يوقف الحوثيون هذه الهجمات وكنا واضحين بشأن ذلك مرارا وتكرارا".

 

ويقول سعد بن عمر، مدير مركز القرن العربي للدراسات في السعودية، وهو عسكري سابق، في تصريحات لموقع الحرة، إن دخول المدمرة الإيرانية، مثل كثير من القطع البحرية الأخرى الإيطالية والإسبانية والفرنسية وغيرها، يراه باعتباره عسكريا أمرا طبيعيا، لكنه يشير إلى أن طهران تريد اختبار ردود فعل الجانب الآخر بإرسال قطعة عسكرية إلى الميدان البحري.

 

ومن جانبه، يرى عماد جاد، خبير العلاقات الدولية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن التحرك الأخير من جانب إيران بمثابة تصعيد، لأنه "لا علاقة لها بالبحر الأحمر. هي تستطيع أن تتحدث عن الخليج العربي لأنها تطل عليه، وقد تدعي تجاوز مياهها الإقليمية، لكن لا علاقة لها بالبحر الأحمر".

 

ويقول جاد إن الأميركيين والأوروبيين، في المقابل، ينشرون قطعا بحرية في البحر الأحمر لتأمين حرية الملاحة في ممر دولي مستهدف من قبل الحوثيين.

 

أما وجود مدمرة تحمل صواريخ كروز في البحر الأحمر فهو "استفزاز غير عادي يمكن أن يؤدي إلى توترات والمزيد من إعاقة الملاحة أو وقوع حوادث غير مقصودة تؤدي إلى اشتعال الصراع"، وفق جاد.

 

ويقول الخبير المصري إن توقيت دخول المدمرة تزامن مع الإعلان الأميركي والتهديد البريطاني بتوجيه ضربات من أجل الدفاع عن حرية الملاحة، "وهذا أمر منطقي وطبيعي أن تفعل تلك الدول هذا الشيء، وقد سبقت أن فعلت ذلك بمواجهة عصابات القرصنة الصومالية، أما ما هو غير منطقي فهو دخول إيران".

 

ولا يستبعد المحلل العسكري السعودي، سعد بن عمر، حدوث أخطاء "مع اقتراب كثير من الأسلحة الحوثية قرب المدمرات الأميركية واستفزاها بطلقات تحذيرية وما شابه ذلك، ووجود المدمرة الإيرانية في المجال التكتيكي للقوات الأميركية، وهو ما قد يؤدي إلى وقوع أخطاء ميدانية".

 

والأحد، قال وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، إنه أوضح في اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أن طهران "شريكة في المسؤولية عن منع هجمات الحوثيين" في البحر الأحمر.

 

وأضاف في منشور على منصة "أكس": "لقد أوضحت أن إيران شريكة في المسؤولية عن منع هذه الهجمات، نظرا لدعمها طويل الأمد للحوثيين"، مضيفا أن الهجمات "تهدد حياة الأبرياء والاقتصاد العالمي".

 

وقال وزير الدفاع البريطاني، غرانت شابس، الاثنين، إن بريطانيا "مستعدة لاتخاذ إجراءات مباشرة" تستهدف الحوثيين، مضيفا في تصريحات لصحيفة ديلي تلغراف: "لن نتردد في اتخاذ إجراءات إضافية لردع التهديدات لحرية الملاحة في البحر الأحمر".

 

وأضاف أن على الحوثيين "أن يفهموا جيدا: نحن ملتزمون بمحاسبة الأطراف الشريرة المسؤولة عن هجمات وعمليات مصادرة غير قانونية".

 

وكتب وزير الخارجية الإيراني على "أكس" عن مكالمته مع كاميرون أنه عبر له عن رفضه "استمرار دعم اميركا وبريطانيا وبعض الحكومات الغربية لجرائم الحرب" في غزة، معتبرا أنها "السبب الرئيسي لتوسيع نطاق زعزعة الاستقرار في المنطقة، وقال إنه "حذر بوضوح من العواقب الوخيمة للاستمرار في دعم الأعمال الشريرة" لإسرائيل.

 

واعتبر وفق ما نقلته وكالة فارس أن "إيران وحلفاءها دائما جزء إيجابي من التطورات والأمن بالمنطقة".

 

ولم تذكر "تسنيم" تفاصيل عن المدمرة "ألبرز" سوى أنها انضمت إلى الأسطول البحري في بندر عباس عام 1972، وتزن 1550 طنا، وتبلغ سرعتها أكثر من 36 عقدة.

 

وفي عام 2019، انضمت المدمرة إلى الأسطول الجنوبي لبحرية الجيش الإيراني بعد إجراء إصلاحات رئيسية وتركيب أنظمة تقنية جديدة، وفق "تسنيم".

 

ويرى الخبير العسكري السعودي أنه من جانب التكنولوجيا التي تتمتع بها "فليس هناك مجال للمقارنة بين التقنية الإيرانية والأميركية".

 

ويرى بن عمر أن التحرك العكسري الأخير لطهران "مجرد محاولة لكسب الدعاية والسمعة الحسنة وإثبات للحوثيين أن أيران تقف إلى جانبهم، لكن واقعيا لن يؤدي هذا التحرك إلى نتائج".

 

ويعتقد جاد أن جميع الأطراف سوف تسعى لتجنب التصعيد لأن ذلك يعني امتداد الحرب ودخول ميلشيات سورية ولبنانية وعراقية، وإيران تعلم أنها لو دخلت معركة مع الغرب سوف تخسرها، وهي فقط تريد أن يكون لها تواجد بحري وأن تثبت أنها لا تتخلى عن الحوثيين.

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن ايران البحر الأحمر مدمرة ايرانية أمريكا فی البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

تحذير أمريكي من استخدام الحوثي لنفوذه الجديد حتى بعد انتهاء حرب غزة

أكد معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن الآثار المباشرة لحملة جماعة أنصار الله "الحوثي" ضد الشحن البحري خطيرة بشكل واضح، ولابد للولايات المتحدة والسعودية والشركاء الآخرين الاستعداد لاحتمال أن تستخدم الجماعة نفوذها المكتشف حديثا بطرق أخرى تتجاوز حرب غزة.

وقال المعهد في تحليل له نشره الأربعاء الماضي إن: "التهديد لا يزال يتصاعد بشكل كبير كما ونوعا، ولم يتمكن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ولا القوة البحرية للاتحاد الأوروبي التي تم إطلاقها مؤخرا من الحد من هجمات الحوثيين، التي شنتها الجماعة ردا على القتال في غزة".

وأضاف أنه "في الأشهر الخمسة منذ أن بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا بشن ضربات عسكرية في اليمن بدعم غير عملياتي من دول أخرى، تم تسجيل أكثر من 100 حادثة إضافية، شملت الكثير من عمليات الاعتراض البحرية لأسلحة الحوثيين".

 وفي البداية، تجاهلت بعض الشركات التجارية التي تتعامل مع "إسرائيل" تهديدات الحوثيين واستمرت في العمل في المنطقة، ولكن في نهاية المطاف، بدأت الجماعة بمحاولة شن هجمات أكثر فتكا وتعقيدا. 


وعلى سبيل المثال، في 12 حزيران/ يونيو، هاجمت الحركة ناقلة بضائع سائبة باستخدام سفينة سطحية غير مأهولة ونجحت في إلحاق أضرار جسيمة بسفينة تجارية للمرة الأولى منذ تشرين الثاني/نوفمبر. 

وقد غرقت السفينة لاحقا، وتم الإبلاغ عن وفاة أحد البحارة، ومن ثم في 13 حزيران/ يونيو، شن الحوثيون هجوما مزدوجا على سفينة شحن باستخدام ثلاثة صواريخ على الأقل، مما أسفر عن إصابة بحّار بجروح خطيرة وأرغم بقية الطاقم على إخلاء السفينة.

وأكد المعهد أنه "في ضوء تزايد المخاطر، اقتنعت الكثير من شركات الشحن بالابتعاد عن المنطقة، مما تسبب بانخفاض حاد في عمليات العبور الإجمالية عبر مضيق باب المندب، أحد أهم ممرات الشحن في العالم، فبين 10 و16 حزيران/يونيو، انخفضت حركة المرور عبر المضيق بأكثر من 50 بالمئة مقارنة بالأسبوع الرابع والعشرين من العام الماضي. 

ومن المتوقع أن تزداد الهجمات بشكل أكبر إذا استمرت حرب غزة أو إذا صعّدت "إسرائيل" وحزب الله صراعهما في لبنان.

وأضاف أنه "على الرغم من التركيز المفهوم على التبعات البحرية والتجارية المباشرة لهذه الهجمات، ينبغي إيلاء المزيد من الاهتمام لمدى ترسخ التهديد الحوثي، وكيف يمكن أن يستخدم الحوثيون نفوذهم المكتشف حديثا لخدمة أجندات سياسية مختلفة في المستقبل. فمع أن التهديد البحري قد يتلاشى تدريجياً إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، فهو لن يختفي، بل إن فعاليته في تعطيل التجارة العالمية لن تؤدي إلا إلى تشجيع الحوثيين".

"مرحلة رابعة" 
وقال المعهد إنه "في 16 أيار/مايو، بعد أيام معدودة من شن إسرائيل هجومها على رفح، حذّر زعيم الحوثيين قائلاً: سنسعى إلى تعزيز المرحلة الرابعة من التصعيد من حيث عدد الهجمات وتأثير الضربات، مؤكدا أن الغرض من الحملة هو دعم الفلسطينيين في غزة. ومنذ ذلك الحين، وسّعت الجماعة قائمة أهدافها: فإذا كان لدى شركة ما سفنٌ ترسو في الموانئ الإسرائيلية، فقد أصبحت جميع سفنها الآن عرضة للاستهداف، حتى تلك التي لا تبحر إلى إسرائيل. وفي "المراحل" الثلاث السابقة، ركز الحوثيون بشكل أساسي على السفن التي أبحرت إلى إسرائيل أو كانت لها صلات معروفة بالولايات المتحدة أو بريطانيا أو إسرائيل، مع أن الكثير من هجماتهم لم تكن تملك دوافع واضحة أو استندت إلى معلومات غير دقيقة".

ووفقاً لما توعدت به الحركة، كانت الموجة الحالية أكثر قوة أيضا. فقد اعترضت القوات الغربية الكثير من محاولات الاستهداف، لكن العدد الإجمالي للهجمات لم يتوقف تقريبا منذ 23 أيار/مايو، عندما أطلق الحوثيون صاروخا على ناقلة البضائع السائبة "يانيس" (رقم "المنظمة البحرية الدولية" 9401910) التي ترفع علم مالطا. 


وعلى غرار الموجات السابقة، وقعت غالبية هذه الهجمات في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن (حيث شهد كل من المحيط الهندي وبحر العرب هجوماً واحداً مؤكداً على الأقل خلال حملة الحوثيين).
وكانت العديد من الأهداف في الموجة الحالية تابعة لشركات مقرها اليونان، ومن بينها "شركة شرق المتوسط البحرية المحدودة" ("إيست ميد") و"إيفالند" و"غريهيل". وتمتلك "إيفالند" سفينة "تيوتر" (رقم "المنظمة البحرية الدولية" 9942627)، وهي السفينة التي غرقت بعد تعرضها لضربات متكررة من سفينة سطحية غير مأهولة وأسلحة أخرى في وقت سابق من هذا الشهر. كما أصدر الحوثيون إعلانات مشكوك فيها وغير مؤكدة بتبنّي هجمات في المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط وميناء حيفا الإسرائيلي، وقد انطوت في بعض الحالات على تعاون مزعوم مع الميليشيات العراقية المدعومة من إيران.

في وقت سابق من هذا الشهر، ذكرت وزارة الدفاع الأمريكية أن الحوثيين شنوا حوالي 190 هجوماً منذ 19 تشرين الثاني/نوفمبر، لكن "حفنة قليلة فقط" نجحت في إصابة الهدف بسبب "فعالية قوات التحالف في وقف الهجمات". وفي حين تتفاوت التقييمات التي تقيس تأثير عمليات التحالف، إلا أنه لا يمكن إنكار النتائج السلبية للتصعيد الحوثي، إذ يتم استهداف المزيد من السفن، وتواصل الكثير من شركات الشحن تجنب الممرات المائية في المنطقة، ويبدو أن الحوثيين يشعرون بالقوة بدلاً من الضعف. فبعد أشهر من ضربات التحالف، ما زالوا يحددون الشروط التي يمكن للشركات بموجبها إرسال السفن إلى المنطقة وعبرها، منتهكين المبادئ الأساسية لحرية الملاحة.

وفي الوقت نفسه، تتخذ السفن التجارية التي تواصل الإبحار عبر البحر الأحمر خطوات غير عادية لتقليل خطر تعرضها للهجوم. وقد استخدم بعضها نظام التعرف الآلي الخاص بها للإشارة إلى أنه "ليس لديها أي صلة بإسرائيل"، في حين بثت أخرى رسائل مثل "كل أفراد الطاقم مسلمون" أو "جميع الطاقم سوري" أو "طاقم السفينة صيني". وبثت إحدى السفن رسالة "نفط خام روسي" بدلاً من الإشارة إلى ميناء توقفها التالي. ومع ذلك، فحتى الناقلات المحملة بالنفط الروسي تعرضت أحياناً للاستهداف، ويعود ذلك عادة إلى معلومات غير دقيقة أو قديمة حول ملكية السفينة. على سبيل المثال، تعرضت الناقلة "ويند" (رقم "المنظمة البحرية الدولية" 9252967) للاستهداف في 18 أيار/مايو بينما كانت تحمل زيت الوقود الروسي متجهة إلى الصين، كما هو مفصل في متتبع الهجمات التابع للمعهد.

في هذه المرحلة، أثبت الحوثيون أنهم قادرون على تعطيل حركة المرور بشكل كبير بين المناطق التجارية المختلفة، إذ قررت شركات عملاقة مثل "شركة البحر الأبيض المتوسط للملاحة" (MSC) و"ميرسك" تجنب جنوب البحر الأحمر. ونتيجة لذلك، انخفض حجم سفن الحاويات التي تعبر باب المندب بنحو 55 في المائة، وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن "لويدز ليست إنتليجنس". ومن بين الوجهات الأخرى المتضررة، انخفض عدد هذه السفن التي تزور ميناء الملك عبد الله وميناء جدة - أكبر مركز لإعادة الشحن في المملكة العربية السعودية، وأكبر ميناء للحاويات على التوالي - بشكل حاد في وقت سابق من هذا العام.

وفي أيار/مايو 2023، وقبل بضعة أشهر فقط من شن الحوثيين حملتهم الهجومية، أعلنت "ميرسك" عن خدمة بحرية جديدة تربط أسواق الشرق الأوسط بأوروبا وتدور بين الموانئ الرئيسية مثل جدة. ولكن بحلول كانون الأول/ديسمبر، دفعت هجمات الحوثيين شركة "ميرسك" إلى الإعلان عن تعليق حركة المرور في البحر الأحمر وإعادة توجيه السفن حول رأس الرجاء الصالح "في المستقبل المنظور".


وفي الشهر الماضي، أصدرت الشركة توقعات أكثر سوداوية: "توسعت منطقة الخطر، والهجمات تصل إلى مسافات أبعد في البحر. وقد أجبر هذا سفننا على إطالة رحلتها، مما أدى إلى هدر المزيد من الوقت وزيادة التكاليف... وإلى الاختناقات وازدحام السفن، فضلاً عن التأخير ونقص المعدات والقدرات. ونقدّر نسبة الخسارة في الطاقة على مستوى القطاع بما يتراوح بين 15 و20 في المائة في الشرق الأقصى وصولاً إلى شمال أوروبا وسوق البحر الأبيض المتوسط خلال الربع الثاني".

أما بالنسبة إلى "شركة البحر الأبيض المتوسط للملاحة"، فقد أعلنت "الهيئة العامة للموانئ" السعودية في آذار/مارس 2023 أن الشركة ستضيف جدة إلى خدمات الشحن في البحر الأحمر وشرق أفريقيا والبحر الأحمر. لكن منذ تشرين الثاني/نوفمبر، تم استهداف الكثير من سفنها بشكل مباشر. ويعتبر الحوثيون، من دون مسوغ دقيق، أن الشركة التي تتخذ من سويسرا مقراً لها هي "شركة إسرائيلية"، ويرجع ذلك على الأرجح إلى تعاونها التجاري مع شركات الشحن الإسرائيلية.

وبناءً على ذلك، سيكون من الحكمة أن تستعد السعودية وغيرها من الدول المتضررة في المنطقة لمستقبل تظل فيه بنيتها التحتية الحيوية تحت تهديد الحوثيين إلى أجل غير مسمى. فقد أصبح لدى الجماعة الآن القدرة على شن هجمات أكثر تطوراً في سياقات سياسية مختلفة تتجاوز حرب غزة، بدعم من إيران على الأرجح. على سبيل المثال، قد تقرر في النهاية استئناف هجماتها البحرية أو تصعيدها إذا بدا أن اتفاق التطبيع الإسرائيلي السعودي وشيك، خاصة إذا لم يتم حل الصراع اليمني. وحتى الآن، فضلت الرياض البقاء على الهامش وتجنب المواجهة مع الحوثيين، معتقدة أن ذلك لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة ويعرّض السفن السعودية لخطر الهجوم.

وفي الواقع، يُعتبر استقرار البحر الأحمر بالغ الأهمية لطموحات المملكة بتوسيع قطاع الخدمات اللوجستية فيها، وهذا عنصر أساسي في كل من "برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية" السعودية واستراتيجيتها الأوسع نطاقاً "الرؤية 2030". فالرياض تخطط لزيادة القدرة التنافسية لموانئها وتعزيز ترابطها الدولي على مدى السنوات القليلة المقبلة. غير أن إنشاء مركز لوجستي بحري عالمي يتطلب بيئة مستقرة، ليس في شمال البحر الأحمر فحسب حيث أطلق السعوديون مؤخراً خدمة شحن جديدة بالشراكة مع شركة "سي إم ايه - سي جي أم" الفرنسية العملاقة، ولكن أيضاً في جنوب البحر الأحمر الذي يشهد تقلبات شديدة.


ووفقاً لعض التوقعات، ستستمر حملة الهجوم الحوثية الحالية لبقية هذا العام على الأقل، وستواصل الكثير من السفن التجارية تجنب خليج عدن وجنوب البحر الأحمر حتى عام 2025 أو بعده. ويمكن لوقف إطلاق النار في غزة أن يخفف من حدة الهجمات إلى حد ما، ولكن حتى ذلك الحين قد لا يوقف الحوثيون حملتهم بالكامل. ومع أن بعض مالكي السفن قد شهدوا زيادة في أرباحهم بسبب ارتفاع أسعار الشحن، فإن التأثير العام على حركة الملاحة البحرية وسلاسل التوريد العالمية كان شديداً. وليست دول الخليج محصنة ضد هذه التأثيرات، لذلك يجب على واشنطن أن تحثها على إيجاد وسيلة دبلوماسية لوقف الهجمات، بغض النظر عما يحدث على المسارين الدبلوماسيين الأمريكيين المنفصلين في غزة ولبنان.

وختم المعهد بالقول: "يتعين على واشنطن وشركائها تضمين التهديد المحتمل بحدوث تصعيد حوثي على المدى الطويل في مخططاتهم العسكرية. وفي وقت سابق من هذا الشهر، غادرت حاملة الطائرات "يو إس إس دوايت دي أيزنهاور" البحر الأحمر، حيث كانت متمركزة لمواجهة تهديدات الحوثيين منذ أواخر العام الماضي. وإذا تصاعدت الحملة الحالية بشكل أكبر، أو إذا كثفت الحركة هجماتها في المستقبل، فقد تحتاج القوات البحرية الغربية إلى نشر المزيد من الأصول لحماية السفن التجارية".

مقالات مشابهة

  • الحوثيون يشنون أكبر عدد من الهجمات على السفن
  • الجيش الأميركي يعلن تدمير رادار حوثي يهدد الملاحة الدولية
  • قائد مدمرة أمريكية يروي تفاصيل المواجهة الأولى مع صواريخ أسرع من الصوت في البحر الأحمر
  • قائد مدمرة أمريكية يكشف هول المعركة في البحر الأحمر
  • قائد المدمرة الأمريكية كارني المنسحبة من البحر الأحمر: الصواريخ اليمنية فرط صوتية كانت أكثر ما يقلقنا
  • قائد مدمرة أمريكية: عجزنا عن التصدي للصواريخ اليمنية
  • بعد سبعة أشهر من انتشارها بالبحر الأحمر.. المدمرة الأمريكية "كارني" تعود لموطنها وطاقمها يتحدث عن طبيعة المعركة (ترجمة خاصة)
  • تحالف “حارس الأزهار”.. البحر الأحمر ومعركة الملاحة العالمية
  • تحذير أمريكي من استخدام الحوثي لنفوذه الجديد حتى بعد انتهاء حرب غزة
  • تحالف حارس الأزهار.. البحر الأحمر ومعركة الملاحة العالمية