الحروب تُنسي بعضها بعضا.. مقتطفات من مقالات كبار كتاب الصحف
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
سلط كبار كتاب صحيفتي (الجمهورية) و(الأهرام)، الصادرتين صباح اليوم الثلاثاء، الضوء على موضوعات تهتم بالشأنين المحلي والدولي.
ففي عموده (من آن لآخر) بصحيفة (الجمهورية).. قال الكاتب عبدالرازق توفيق، إن الحقيقة أن حماية الأمن القومي المصري في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي أمر يستحق التحية، فالقارئ في رؤية الرئيس السيسي لحماية وبناء مصر الحديثة، وضمان عدم تكرار التهديدات والأطماع والفوضي، التي كان بسببها الوطن على مشارف الضياع يتأكد تماماً أننا أمام رؤية جديرة بالاهتمام والتدبر.
وأضاف الكاتب - في مقال بعنوان (الرؤية الرئاسية.. والحفاظ على الأمن القومي) - أن الرئيس السيسي وضع مبكراً يده على مناطق الخطر ومكامن التهديدات التي تواجه مصر، أدرك أنها تعيش فى منطقة شديدة الاضطراب كثيرة الأطماع، متعددة المؤامرة والمخططات وتستهدف مصر بالدرجة الأولي، فأيقن أن الحل فى امتلاك القوة والقدرة، ليست قوة عسكرية أو دفاعية فحسب، ولكنها قوة وقدرة شاملة ومؤثرة في كافة المجالات والقطاعات ترتكز في مجملها على الحكمة في القيادة.
وأشار إلى أن رؤية شديدة الذكاء والعبقرية والوطنية وضعها الرئيس السيسي لحماية مصر والحفاظ على أمنها واستقرارها وصون أمنها القومي انطلقت في كافة المجالات والقطاعات وعلى مختلف الأصعدة، بناء على بُعد نظر واستشراف للمستقبل، وإدراك لمتطلبات تأمين مصر، بناء القوة والاستثمار فيها وبناء القدرة الشاملة والمؤثرة.
وتابع أنه في ظل قراءة ما حدث في يناير 2011 وإدراك حجم المخاطر والتهديدات الإقليمية والدولية، كان لابد من الاستثمار في بناء القوة والقدرة على الردع، من خلال رؤية استراتيجية شاملة لتطوير وتحديث الجيش المصري العظيم وتزويده بأحدث منظومات التسليح ليصبح جيشاً عالمياً هو الأقوى في المنطقة ومن الأقوى في العالم، وتمكينه من مجابهة تهديدات كثيرة.
أما الكاتب عبدالله عبدالسلام قال - في عموده (أفق جديد) بصحيفة (الأهرام) - إن القول المأثور المنسوب للخليفة الأول أبي بكر الصديق- رضي الله عنه- "إذا وعظت فأوجز، فإن كثرة الكلام يُنسى بعضه بعضا"، ينطبق على حروب عالمنا الراهنة، ففي 24 فبراير 2022، غزت روسيا أوكرانيا، ليصبح الحدث الأول على مدى شهور عديدة هو الحرب الروسية الأوكرانية، لم تتوقف الحرب لكن أخبارها توارت لأن هناك حروبا أخرى اشتعلت.
وأضاف الكاتب - في مقال بعنوان (الحروب تُنسي بعضها بعضا) - أنه في 15 أبريل 2023، اندلعت اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اتسع نطاقها وشملت معظم أنحاء السودان لتتحول فعليا إلى حرب أهلية، اهتم العالم في الأسابيع الأولى بما يجري، وحاولت دول ومنظمات عديدة التوسط لإيقاف الحرب لكن كل الجهود تكسرت وفشلت.
وتابع "الآن العالم يركز اهتمامه على العدوان الإسرائيلي الهمجي على غزة، المواقف الغربية في أغلبها منحازة بل متواطئة والتغطيات الإعلامية تُحّمل الضحية وهم الفلسطينيون المسئولية، لكن كل هذا الاهتمام سيتراجع بعد فترة، إسرائيل تريد ألا يركز العالم على ما ترتكبه من جرائم، من مصلحتها تقليل حجم التغطيات، ولذلك تفرض رقابة عسكرية صارمة على التقارير الصحفية والتليفزيونية التي تتابع الحرب".
وأردف أنه قد يبدو هناك تعاطف مع معاناة الفلسطينيين ومآسيهم، لكن كثيرا من المنصات الصحفية والإعلامية تتعامل مع الأحداث الكبرى كالحروب والكوارث والمجاعات باعتبارها مناسبات لجذب مزيد من القراء والمشاهدات، لذا تبذل كل جهدها لتقديم أفضل وأوسع خدمة ممكنة، ثم بعد فترة عندما تجد أن اهتمام متابعيها تراجع، تقوم تلك المنصات بإبعاد الحدث عن دائرة التركيز لينتقل تدريجيا من صدارة النشرات والصفحات الأولى إلى الداخل.
وأكد أنه التوجه المسيطر الذي ينظر للإعلام والصحافة كمشروع اقتصادي لابد أن يحقق ربحا، وإنها أيضا الطبيعة البشرية المتقلبة والملُولة التي لا تستطيع التركيز على حدث واحد مهما كانت أهميته لفترة طويلة.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
الحرب والأدب – رائحة الدم وسلطة الحكي
منذ البدء أدركت أن الحرب، كالأدب، هي فن قلة أدب... مؤلم ولكنه مغرٍ. لم يكن مطلوباً من الحروب أن "تصلح" العالم، بل إن أكثر الحروب دماراً كانت تحركها دوافع لا أخلاقية: السلطة، المال، الانتقام، وأحياناً مجرد النزوات. مثل الأدب، الحروب التي تُشعل الصفحات وتجذب الأنظار هي تلك التي تقلب الطاولة على الرتابة وتعيد ترتيب الأدوار، حيث يصبح الضعيف قوياً والقوي هشاً، ولو للحظات.
لا تبتعد الحرب كثيراً عن وظيفة الطُّعم في الروايات. إنها لعبة يجيدها الكبار الذين يكتبون مصائر الشعوب بالرصاص والقنابل. في كل حرب، قصة غير مكتملة تحتاج لشهودٍ كي تكتمل: شهداء في الأرض، أرقام على الشاشات، وذاكرة مشوهة.
الأدب والحرب شهوة الحكي وصمت الفجيعة
الحروب، كما الأدب، تجرّ كتّابها نحو التناقضات. ماركيز دو ساد كانت فجاجته في الأدب انعكاساً لتخيلاته المتطرفة، أما أدب الحروب العربية فكان مرآةً لنفاق واقعها. الحرب، في عمقها، تشبه الجنس في الأدب: محرك خفي للمشاعر والقرارات، محرّم أحياناً، لكنه حاضر كظل ثقيل في كل زاوية.
مثلما كانت رواية "أنا أحيا" لليلى بعلبكي تصرخ في وجه الصمت المجتمعي، تخرج الحروب بوحشيتها لتكشف عن ضعف الشعوب وقوة الحاكم، لتعيد ترتيب الخرائط السياسية والمجتمعية كما تفعل الروايات الجريئة بنصوصها. محمد شكري جُرّ إلى المنع بسبب الكتابة عن جسده، بينما تُساق شعوب بأكملها نحو الموت بسبب أجساد تملك السلطة ولا تُمس.
لغة الدماء و"ماركيتينغ" الحرب
في زمن "البيست سيلر"، الحروب أيضاً تخضع لقواعد السوق. مشاهد الدمار تُباع، وصور اللاجئين تُستهلك، وقصص الأبطال تُصنع في مكاتب العلاقات العامة. الحرب، مثل الأدب الرديء، قد تبدو مفبركة أحياناً، لكن تأثيرها حقيقي ومدمر. الفرق الوحيد هو أن النصوص تُطوى بينما الجثث تُترك للتراب.
أدب الحروب من الاحتشام إلى الوقاحة
كما الجنس في الأدب، تتأرجح الحروب بين الوقاحة المفرطة والاحتشام الزائف. هناك من يكتب عن الحرب كفعل نبيل، وهناك من يراها مجرّد أداة لنشر الخوف وإحكام السيطرة. الحروب تبيع نفسها للجماهير كضرورة، لكنها في جوهرها تظل كاتباً مهووساً بتسجيل الفوضى.
سؤال السقوط هل يفقد الأديب قيمته؟
حين يكتب الأديب عن الجنس، بشكل مباشر أو فاضح، وحين يغوص في المناطق المحرمة من الذات والواقع، تُثار أسئلة حول أخلاقيته ودوره. لكن، هل يُسقط ذلك الأديب من عليائه؟ أم أن الأدب بطبيعته فعل تمرّد على الخطوط الحمراء؟
يبقى السؤال معلقاً في الهواء، بلا إجابة حاسمة هل يكتب الأديب ليصنع فناً خالداً يتسامى على القبح، أم يكتب ليواجهنا بمرآة صادمة تكشف أكثر أوجهنا انكساراً؟ وهل يكفي الالتزام بالقيم، أم أن الحقيقة—مهما كانت عارية—هي القيمة العليا في الكتابة؟
zuhair.osman@aol.com