أثارت تصريحات الصين بأن قوات بحرية وجوية روسية ستشارك في تدريبات مشتركة بين البلدين تُجرى في الجزء الأوسط من بحر اليابان، قلقَ واشنطن التي أعلنت عن خطة دفاع عن تايوان ضد أي هجوم محتمل.

وفي موقف توضيحي، قالت بكين إن هذه المناورات تهدف لتحسين التفاعل الإستراتيجي بين جيشي الصين وروسيا في مواجهة التحديات الأمنية، كما سوّقت لهذه التدريبات العسكرية بالقول إنها ستركز على الحفاظ على أمن الممرات البحرية الإستراتيجية، وتسعى لتعزيز القدرة على الحفاظ على السلام والاستقرار الإقليميين بشكل مشترك.

وفي هذا السياق، أوضح الإعلامي والكاتب الصحفي رونغ هوان -في تصريحاته لبرنامج "ما وراء الخبر" (2023/7/15)- أن هذه التدريبات العسكرية المشتركة هي من ضمن خطة تعاون متفق عليها سابقا، مؤكدا أنها تهدف إلى حماية الممرات الإستراتيجية البحرية كما تعمل على تعزيز الاستقرار والسلام في المنطقة ومواجهة أي تهديدات أمنية محتملة في المستقبل.

ونفى بشدة الاتهامات التي توجَّه للصين بشأن عزمها استخدام أسلحة نووية، منبها إلى تعهدها بعدم المبادرة باستخدام هذا النوع من الأسلحة ضد أي منطقة إلا في حال تعرضها لهجوم نووي، مؤكدا في الوقت ذاته أن التدريبات العسكرية الحالية تنحصر في الجانب الدفاعي ولا تكتسي أي صبغة هجومية.

قلق أميركي

أما الجيش الأميركي فأكد أنه يراقب التدريبات الصينية الروسية بتركيز عال، وأنه يعمل منذ أكثر من عام مع نظيره الياباني على خطة للدفاع عن تايوان في حال حصول هجوم صيني، وذلك دون أي مشاركة من جانب الجيش الياباني.

وأشار مدير مجلس الأمن القومي الأميركي السابق لشؤون الصين دينيس وايلدر -في حديثه إلى "ما وراء الخبر"- إلى أن أميركا قلقة من العسكرة التي تحدث في شمال شرق آسيا، سواء بين الصين وروسيا أو مع كوريا الجنوبية، معتبرا أن استخدام طائرات مقاتلة تحمل قنابل نووية لا يدخل ضمن القدرات الدفاعية للصين، بل يصنفها في خانة هجومية تجعل واشنطن وحلفاءها في حالة تأهب مستمرة.

ودافع عن التواجد العسكري الأميركي في منطقة بحر الصين، معتبرا أنه لا يؤدي إلى عسكرتها بل إلى الحفاظ على السلام بالدرجة الأولى، فيما اتهم الصين بعسكرة المنطقة، مشددا على أن ما يقلق أميركا هو الممرات المفتوحة في مضيق تايوان التي تمرّ من خلالها 17% من السفن التجارية العالمية.

من جهته، لفت الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إلى أن التعاون العسكري بين أميركا واليابان ليس الأول من نوعه، وقال إن أميركا اجرت مئات المناورات والتدريبات العسكرية مع الكثير من دول العالم خلال السنوات الماضية، لكنه رأى أن تعارض المصالح الصينية والأميركية في المنطقة هو ما جعل التعاون بين أميركا واليابان يكتسي أهمية كبرى، وذلك لأن المصالح الأميركية تتلخص في منع هيمنة الصين على بحر جنوب الصين، والتأهب لأي هجوم عسكري محتمل على تايوان.

وقال الدويري إن المصالح الأميركية في هذه المنطقة ترتبط بموجودات النفط التي تصل إلى 23 ترليون متر مكعب من الغاز، مما يجعل أميركا تعزز وجودها العسكري في بحر جنوب الصين بشكل كبير لفرض التوازن الإستراتيجي.

وتقول تقارير إن الولايات المتحدة شجعت اليابان على دور عسكري أوسع، غير أن طوكيو -التي أبدت استعدادها لدعم الجيش الأميركي بتوفير الوقود والإمدادات الأخرى- ترفض إشراك جيشها عسكريا مع واشنطن.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

ورقة بحثية: 3 فرضيات تكشف أسرار العلاقة بين ترامب وروسيا

كشفت ورقة بحثية نشرها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات عن 3 فرضيات تكشف طبيعة التحول في السياسة الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترامب خاصة ما يتعلق بروسيا، المنافس التقليدي للولايات المتحدة.

فقد اتسمت العلاقات الأميركية الروسية بالتنافس السلمي في اتجاها الأعظم، ولم يخل الأمر من استخدام الأدوات الناعمة أو الخشنة أحيانا لتحقيق الضغط المتبادل، لكن وصول ترامب للحكم شكّل تراجعا واضحا في حدة التنافس بين البلدين، وتعزز ذلك أكثر مع عودته للحكم مطلع العام الحالي.

وجاء في الورقة البحثية التي عنوانها "ترامب وإشكالية التحول في العلاقات الروسية الأميركية" أن هناك سهام نقد توجه لسياسة ترامب تجاه روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين، وما ترتب على ذلك من تصدع في جبهة التحالف الغربي ضد روسيا، ثم القلق على مدى تماسك حلف شمال الأطلسي (ناتو) وتوجهاته الجديدة.

وشكَّل لقاء القمة الأميركي الأوكراني في واشنطن أواخر شباط/ فبراير الماضي تكريسا لتوجه جديد تبنته الولايات المتحدة تجاه روسيا التي تمثل خصمها التاريخي، فقد أبدى ترامب ملاحظات علنية ناقدة وحادة لسياسات أوكرانيا ورئيسها فولوديمير زيلينسكي تجاه روسيا.

المحافظون القدامى

فقد انصب النقد الموجه لترامب -عقب هذا اللقاء- على تجاوز التقاليد الدبلوماسية في إدارة الحوار والتفاوض وبشكل علني، ناهيك عن قواعد الحوار الدبلوماسي من حيث المفردات المستخدمة ولغة الجسد والاتهام الواضح للرئيس الأوكراني، ثم إلغاء مؤتمر صحفي كان من المقرر عقده بعد اللقاء.

إعلان

ولتفسير هذا التحول الأميركي تجاه روسيا، يضع معد الورقة البحثية الدكتور وليد عبد الحي 3 فرضيات أساسية، ومنها:

العودة إلى نموذج "ويستفال" لمواجهة أعباء العولمة: وعن هذه الفرضية، يقول الدكتور عبد الحي إن أغلب الباحثين في الشأن الأميركي يُقرون بصعوبة التصنيف الأيديولوجي لترامب، لكنهم يميلون لربطه بتيار "المحافظون القدامى" الذي يجمع بين النزعة الأبوية المحافظة والوطنية (أو القطرية)، والأخلاق المسيحية، ويركز في السياسة الخارجية على الحمائية التجارية، ومعارضة العولمة، وضبط التدخل العسكري، وجعل المصلحة القومية تعلو غيرها.

وتدلل الورقة البحثية على هذه الفرضية بعدة صور:

إستراتيجية التحلل من أيّ التزامات تثقل كاهل الاقتصاد الأميركي، وضرورة الانتقال من النزعة الإمبراطورية إلى النزعة القومية أو الوطنية. رفض ترامب الاتساق مع المؤسسات الدولية التي يعدّها من آليات العولمة، مثل المحكمة الجنائية الدولية أو منظمة الصحة العالمية واتفاقية باريس للمناخ وغيرها. سياسة ترامب في فرض التعريفات الجمركية تعكس تَشكُكه العام في المؤسسات متعددة الأطراف، وهي الهيئات الدولية التي تعمل فيها بلدان مختلفة معا لحل القضايا العالمية وتصميم القواعد والأطر العالمية. رؤية ترامب المتمثلة في وضع "أميركا أولاً" و"جعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، التي تستند إلى عدم الثقة في المؤسسات متعددة الأطراف. انتقال المواقف الأميركية من قيادة التحالف الغربي لكبح التوجهات الروسية تجاه أوروبا بشكل خاص إلى الاصطفاف إلى جانب روسيا ضدّ المواقف الغربية الأخرى، كما يتضح في موضوع أوكرانيا.

ويضيف عبد الحي أنه تجسيدا لهذه الفرضية تمّ طرح توجهات أميركية جديدة مع روسيا، مثل عدم تحميلها مسؤولية الحرب في أوكرانيا، بل تعود المسؤولية للاتجاه السياسي الذي يتبناه الرئيس الأوكراني، وهو ما اتضح في المشادة الكلامية التي وقعت في البيت الأبيض نهاية فبراير/شباط 2025، والتي تضمنت التراجع الأميركي عن استمرار تحمل عبء الدعم لأوكرانيا.

إعلان

وخلاصة هذه الفرضية تقوم على أساس أن سياسة ترامب تجاه روسيا تعد تجسيدا لنزعة محافظة تسعى لتجنب مواجهات عسكرية كبرى ومكلفة مع روسيا، وإخضاع أوروبا لمزيد من التنازلات لصالح أميركا، وتعزيز المصالح الأميركية القُطرية قبل أي مصلحة دولية أخرى، وتكييف التجارة الدولية والمؤسسات الدولية لصالح أميركا، فترامب معني بالدولة الأميركية لا بالإمبراطورية الأميركية.

السمات الشخصية لترامب تدعم "نظرية المؤامرة" في علاقته مع روسيا (الجزيرة) نظرية المؤامرة

تشكل نظرية المؤامرة الفرضية الثانية في بيان التحول الأميركي في العلاقة مع روسيا في عهد الرئيس ترامب، وتعتمد هذه الفرضية على بعض الدراسات والتقارير التي تشير إلى أن هناك علاقة بين ترامب والأجهزة الأمنية الروسية، وأنه "يعمل ومنذ فترة طويلة مع المخابرات الروسية"، وأن الروس تمكنوا من تجنيده.

وتشير الورق البحثية إلى بعض السمات الشخصية لترامب التي يمكنها دعم هذه الفرضية، ومنها:

لديه 8 سمات من مجموع 9 سمات “لمرض” النرجسية، فضلا عن جنون العظمة وارتفاع نسبة الكذب لديه، وأنه لا يولي القيم والأخلاق أي أهمية، فالحياة لديه مجرد صفقات تجارية. استغلال العلاقات المالية له ولأعوانه مع الروس لتحقيق أهداف سياسية. تعدد القضايا القانونية المرفوعة ضده خلال فترته الأولى وما بعدها، فهو الرئيس الأميركي الوحيد الذي يتعرض للمساءلة القضائية مرتين حول موضوعات لها علاقة بالانتخابات الرئاسية الأميركية ودور روسيا المباشر أو غير المباشر فيها.

وبالإضافة إلى ما سبق، يسوّق معدّ الورقة عدة مشاهدات يمكن أن تمثل أساسا يدعم الرأي المؤيد لنظرية المؤامرة، ومن ذلك:

في لحظات تعثر ترامب ماليا عملت جهات روسية على إنقاذه من التعثر. الكثير ممن ساعدوا ترامب في تعثره هم من "المافيات الروسية". المافيات استخدمت مشاريع ترامب كقناة "لغسيل الأموال". نسبة كبيرة من رجال المافيات الروسية على صلة بجهات روسية أهمها: الرئيس بوتين من ناحية، وأجهزة الاستخبارات الروسية من ناحية ثانية. ترامب (يسار) ونظيره الصيني شي جين بنغ يتصافحان أثناء قمة العشربن في اليابان عام 2019 (رويترز) إضعاف الصين

وتعد رغبة ترامب في إضعاف الصين هدفا أساسيا للسياسة الأميركية في عهده، وتدل أدبياته الإستراتيجية على نزوع حادٍ للعمل ضدّ الصين، لذا فإن تقربه من روسيا يستهدف الإضرار بالصين طبقا لهذه الفرضية، وتبدو توجهات ترامب في المظاهر التالية، حسب ورقة مركز الزيتونة:

إعلان نزوعه لجلب المزيد من القوات الأميركية من الخارج لتحويل المواجهة مع روسيا باتجاه التضييق على الصين. ترامب يسعى للتأثير على تطور العلاقة الروسية الصينية في الفترة الأخيرة عبر منع هذا التطور الذي سيؤدي إلى إضعاف المكانة الأميركية في النظام الدولي وتكريس مركزيتها. هناك افتراض بأن موسكو ربما تكون على استعداد لتعديل علاقاتها مع بكين في ظلّ حوافز مناسبة يمكن أن تقدمها واشنطن.

لكن الدكتور عبد الحي يذهب -في بحثه- إلى أن هذه الفرضية تحمل نقاط ضعف في طياتها، إذ إن إيجاد صدع في العلاقة الروسية الصينية يحتاج فترة لإنجاز هذه الإستراتيجية، في ظل عمق العلاقات الروسية الصينية الثنائية، وعبر التنظيمات الدولية مثل بريكس وشنغهاي، وهذه الفترة ستكون أطول كثيرا من 4 سنوات التي سيحكم فيها ترامب، وهو ما يجعل قدرة هذه الإستراتيجية على الاستمرارية موضع شك.

الخلاصة

تبدو الفرضية الثالثة “إضعاف الصين” هي الأضعف بين الفرضيات الثلاث، بينما تتوازى الفرضيتان الأخريان في وجاهة ركائزهما.

فالفرضية الأولى تمثل في النزعة الوطنية واضحة المعالم في توجهات ترامب، ويشاطره قطاع مهم من المجتمع الأميركي العداء للعولمة، ويبدو أن النزعة البراجماتية في العقل الأميركي تُعزِّز هذه الفرضية.

أما معطيات الفرضية الثانية، سواء أكانت بالمؤامرة أم بالتواطؤ، فإنها تمتلك شواهد ليس من اليسير رفضها، خاصة أنها من مصادر مختلفة، وذات معطيات يمكن أن يتم تبنيها، وتتعزز احتمالات هذه الفرضية بمؤشرات وركائز عديدة وتتبناها جهات رسمية أمنية وأكاديمية.

ويبقى العامل المشترك في كلّ ما سبق هو توصيف ترامب بأنه شخص يصعب التنبؤ بردات فعله، بناء على دراسات عديدة عن شخصيته، وهو ما قد ينطوي على احتمال وقوع مفاجآت مختلفة لترامب نفسه أو لحكومته أو للمجتمع الأميركي ذاته، حسب ما جاء في الورقة البحثية.

إعلان

مقالات مشابهة

  • لعبة الكبار: أين ستقف الصين وروسيا في المواجهة بين أميركا وإيران؟
  • مناورات صينية مفاجئة بالذخيرة الحية قرب تايوان وأمريكا تحذر
  • الجيش الألماني يستعد لأكبر مناورات عسكرية منذ الحرب الباردة
  • محللون: لقاء ترامب ونتنياهو سيحدد مسار التعاطي مع إيران
  • أمين عام الناتو: الحلف ليس جزءًا من مفاوضات السلام بين أوكرانيا وروسيا
  • اتهمتها بالتعاون مع تايوان..الصين تضيف 11 شركة أمريكية إلى الكيانات غير الموثوقة
  • ما الأهداف الخفية وراء التصعيد الإسرائيلي في سوريا؟ محللون يجيبون
  • بعد رسوم ترمب.. الصين توقف إبرام اتفاق بيع تيك توك مع أميركا
  • الصين ترد بفرض رسوم إضافية ضد أميركا وترامب يهدد
  • ورقة بحثية: 3 فرضيات تكشف أسرار العلاقة بين ترامب وروسيا