ما الذي يمكن أن تتعلمه إسرائيل من فشلين للمخابرات الأمريكية؟
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
يمكن لفشل المخابرات الأمريكية في هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 وحرب العراق عام 2003 أن تسلط الضوء على كيفية معالجة مشاكل التنسيق والتسييس في المخابرات الإسرائيلية التي أخفقت في كشف هجوم حركة "حماس"، بحسب هالي بارتوس وجون تشين في مقال بمجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية (National Interest).
وردا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى بمدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي هجوم "طوفان الأقصى" ضد قواعد عسكرية ومستوطنات، بعد أن اخترقت جدارا مزودا بتكنولوجيا دفاعية متقدمة.
وقتلت "حماس" في الهجوم نحو 1200 إسرائيلي وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بوساطة قطرية مصرية أمريكية.
بارتوس وتشين قالا، في المقال الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إنه "لا تزال تتكشف تفاصيل جديدة عن الفشل المخابراتي الإسرائيلي الهائل الذي سبق هجوم حماس. وأفادت تقارير بأن رئيس جهاز المخابرات العسكرية للجيش، اللواء أهوران حاليفا، الذي اعترف بالفشل في التحذير من الهجوم، سيستقيل".
وأضافا أنه "يبدو من الواضح أن إسرائيل كانت تمتلك معلومات كافية في وقت مناسب لتقييم أن حماس كانت تخطط لهجوم واسع، ولا يبدو أن المشكلة هي فشل المخابرات في جمع معلومات، بل في كيفية تحليلها والتعامل معها".
و"أُجريت مقارنات عديدة بين هجوم 7 أكتوبر وهجمات تنظيم القاعدة (بطائرات مدنية) على الولايات المتحدة في 2001 (ما أودى بحياة نحو 3 آلاف شخص)، وبعيدا عن حجم وجرأة الهجومين (...)، فإن التشابه الأكثر إقناعا يتلخص في فشل المخابرات"، كما أردف بارتوس وتشين.
واعتبرا أنه "على غرار مجتمع المخابرات الأمريكي، بعد 11 سبتمبر، ستحتاج المخابرات الإسرائيلية إلى إجراء تحقيق جنائي شامل في فشلها والتعلم من أخطائها، وستحتاج إسرائيل إلى إعادة هيكلة نظامها لتحليل المعلومات".
اقرأ أيضاً
إعلام عبري يكشف تفاصيل فشل استخباراتي إسرائيلي قبل هجوم طوفان الأقصى.. ماذا حدث؟
هجمات سبتمبر والعراق
و"يمكن لإسرائيل أن تنظر بشكل مثمر إلى تجربة الولايات المتحدة فيما يتعلق بالدروس المستفادة والإصلاحات التي أعقبت الإخفاقات المخابراتية، إذ خضع مجتمع المخابرات الأمريكي لتدقيق شامل وتغييرات جذرية في أعقاب إخفاقين كبيرين في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين"، وفقا لبارتوس وتشين.
وأوضحا أنه "قبل شهر واحد من هجمات 11 سبتمبر، قالت وكالة المخابرات المركزية في الموجز اليومي للرئيس إن "(أسامة) بن لادن (زعيم تنظيم القاعدة) مصمم على ضرب الولايات المتحدة".
وتابعا أن "مكتب التحقيقات الفيدرالي قدم تفاصيل مثيرة للقلق عن أعضاء القاعدة الذين يعيشون في الولايات المتحدة. لكن تبادل المعلومات بين الوكالات واجه مشكلات هائلة، مما ساهم في الفشل في التحذير".
وبشأن إخفاقات المخابرات في حرب العراق، قال بارتوس وتشين إن "الخطأ الرئيسي كان هو إدراج استنتاجات خاطئة حول برنامج أسلحة الدمار الشامل العراقي في تقديرات المخابرات لعام 2002".
وشددا على أنه "تم تسييس هذه الاستنتاجات من جانب إدارة (الرئيس) جورج دبليو بوش لتبرير قرار غزو العراق (أسفر عن نحو مليون قتيل وفقا لتقديرات) والإطاحة بالرئبس العراقي صدام حسين (عام 2003)".
وأفادا بأن "هذه الأخطاء ترجع جزئيا إلى إخفاقات تحليلية لم تصدر أحكاما صارمة، مما دفع المحللين إلى إجراء تقييمات "موثوقة نسبيا" لبرنامج أسلحة الدمار الشامل، على الرغم من الإشارة إلى أنهم يفتقدون أجزاء مهمة من اللغز". وعجزت واشنطن بعد الغزو عن إثبات أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل".
اقرأ أيضاً
صحيفة عبرية تكشف فشل استخباراتي جديد لإسرائيل: الضيف بصحة جيدة
تسييس ونقص تنسيق
"لدى إسرائيل وزارة مخابرات، على غرار مكتب مدير المخابرات الوطنية (ODNI)، ولكن على عكس نظيرتها الأمريكية، لا تشرف الوزارة على إنتاج تحليلات لرئيس الوزراء أو تقود تقديرات المخابرات"، كما زادا بارتوس وتشين.
وأضافا أنه "في ضوء النتائج التي توصل إليها تقرير لجنة التحقيق بشأن 11 سبتمبر، والذي حدد، من بين إخفاقات أخرى، نقص التنسيق بين وكالات المخابرات المنعزلة، تم في عام 2004 إقرار قانون إصلاح المخابرات ومنع الإرهاب لإنشاء منصب مدير المخابرات الوطنية لتخفيف مشكلة التنسيق بين الوكالات".
وأوضحا أن "مكتب مدير المخابرات مكلف بقيادة والإشراف على مجتمع المخابرات الأمريكي، ويعمل مدير المخابرات الوطنية كمستشار استخباراتي للرئيس، والغرض هو تبسيط جمع وتحليل المعلومات".
بارتوس وتشين قالا إن "مكتب مدير المخابرات الوطنية يمكّن وكالات عديدة من التعاون في تجميع وتبادل المعلومات، لعدم تكرار حالات الفشل مثل أحداث 11 سبتمبر التي لم تربط فيها الوكالات المعلومات".
وأردفا أن "مكتب مدير المخابرات الوطنية يسعى أيضا إلى منع تسييس تحليل المعلومات، ويزيل مجلس المخابرات الوطني التابع له (لا تملكه إسرائيل) الغموض عن معلومات المخابرات ويقدمها بدقة إلى صناع السياسات، لمنع أخطاء كتلك التي تم ارتكابها في تقرير التقييم الوطني العراقي لعام 2002 بشأن أسلحة الدمار الشامل".
وأضافا أنه "مثل الولايات المتحدة، لدى إسرائيل وكالات مخابرات متعددة، بينها جهاز الأمن الداخلي (الشين بيت) وجهاز المخابرات الخارجية (الموساد) وهو مثل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، بالإضافة إلى جهاز المخابرات العسكرية".
و"نظريا، تهدف وزارة المخابرات الإسرائيلية، التي تأسست عام 2009، إلى إدارة والإشراف على مختلف الوكالات، لكن جهاز المخابرات العسكرية يخضع لإشراف وزارة الدفاع، وهناك مؤشرات واضحة على وجود مشاكل في الاتصال (مع الوكالات الأخرى)"، كما ختم بارتوس وتشين.
اقرأ أيضاً
صدمة البنتاجون.. تحقيق مطول عن هزيمة حماس لتكنولوجيا إسرائيل
المصدر | هالي بارتوس وجون تشين/ ناشونال إنترست- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الولایات المتحدة جهاز المخابرات فشل المخابرات
إقرأ أيضاً:
لماذا لا تستطيع إسرائيل هزيمة حماس؟
رأى الكاتب الإسرائيلي، أمنون ليفي، أن الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تستطيع هزيمة حركة حماس في قطاع غزة، موضحاً أن حماس فكرة، وأيديولوجية تشكل قوة دافعة قاتلة، ورغم القضاء على زعيمها يحيى السنوار، إلا أن هناك بديلاً له أخذ مكانه على الفور، وهو شقيقه محمد، وهو لا يقل عنه في شيء.
وقال ليفي في مقال بصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، إن صور آلاف الرجال المسلحين بالزي العسكري لحماس وهم يملأون ساحات مدينة غزة دون خوف أذهلت الإسرائيليين، فكيف يمكن أن يحصل ذلك بعد المعارك العنيفة والقصف، وبعد تدمير أجزاء واسعة من غزة وتحويلها إلى بحر من الأنقاض، وكيف تمكنت حماس من أن تبقى قوة كبيرة وقوية ومنظمة. ووصف المشهد بـ"المرعب".وأضاف ليفي، أن الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي يقودها رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، غير قادرة على هزيمة حماس، لأنها ليست مجرد تنظيم مسلح، فحماس فكرة وأيديولوجية تشكل قوة دافعة قاتلة، ورغم القضاء على يحيى السنوار إلا أن شقيقه محمد تولى المهام سريعاً، مؤكداً أنه لا يقل عنه.
ماذا يريد أهل غزة؟https://t.co/QaclBXNQdG pic.twitter.com/HF6nsJKE6s
— 24.ae (@20fourMedia) February 18, 2025نبع لا ينضب
وقال الكاتب إن حركة حماس تجلس على نبع غضب لا ينضب، وسينتج دائماً عناصر مقاتلة من الداخل، مشيراً إلى أن تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالجحيم "أمر سخيف"، فنصف سكان القطاع أصبحوا الآن بلا مأوى وبلا طعام وبلا مستقبل، وتساءل: "كيف يمكنك أن تهددهم بعد الآن؟".
ورأى أن الطريقة الوحيدة لمحاربة تنظيم مسلح عنيف ذا أيديولوجية هي من خلال العمل المشترك، وشن حرب عسكرية لا هوادة فيها من ناحية، ومن ناحية أخرى بناء بديل معتدل يقدم الأمل، مشدداً على ضرورة تقديم بديل محلياً يوفر لهم الحماية من حماس التي تسيطر على القطاع.
لن تنجح في هزيمة حماس
وأشار إلى أنه أمام أيديولوجية حماس التي تعد بالحرب الأبدية، فلا بد من إقناع سكان غزة، من خلال القيادة الفلسطينية المعتدلة، بأن هناك فرصة للحياة معاً، وأن منطقة الكارثة هذه يمكن أن تتحول إلى مكان يمكن العيش فيه، مؤكداً أن حكومة نتانياهو غير قادرة على تشكيل ائتلاف مع المعتدلين، وبالتالي لن تنجح في هزيمة حماس.
كما أكد أنه لا يمكن لنتانياهو، وإيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش أن يقدموا إلا الموت لسكان غزة، فإنهم يستطيعون أن يأمروا الجيش بقتال حماس، ولكن ليس لديهم حليف فلسطيني، ورغم كل هذا، فإن الأمر انتهى بـ"كارثة 7 أكتوبر (تشرين الأول) بسبب عدم كفاءتهم، مؤكداً أن مفهوم نتانياهو وشركائه كان ولا يزال يهدف إلى تقويض السلطة الفلسطينية التي يمكن التحدث معها.
إسرائيل: سنبدأ مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق غزةhttps://t.co/2Vng4vua2O
— 24.ae (@20fourMedia) February 18, 2025تحالف خفي
وتابع "يستطيع رئيس الوزراء أن يقول من الصباح إلى الليل إن كارثة 7 أكتوبر ، حدثت لأنه لم يتم إيقاظه في الوقت المناسب، لكن الحقيقة هي أنه نائم منذ عشرين عاماً، لقد حل علينا الدمار بسبب عمى بصره، لأنه رعى حماس، حتى لا يضطر إلى التحدث مع السلطة الفلسطينية"، مضيفاً أن حكومة نتانياهو حليف خفي لحماس، وهذا التحالف "متطرف" يمنع إسرائيل من القضاء على الحركة.