□ في اعتقادي حرب السودان هي أكبر عملية تلاعب بالرأي العام حدثت في القرن الواحد وعشرين..

□ كيف لجهة ان تقنع فئة من الشعب أن يكونو على الحياد، وان لا يتسلحو للدفاع عن أنفسهم، بل وحتى ترفض ان تتعامل بجدية مع الانتهاكات التي حدثت لهم.

□ لا يوجد تلاعب بهذا الحجم بطبقة سياسية كاملة، يتبعها قطيع كبير، يبصم بكامله على تسليم دولة كاملة حتى بدون محاولة الدفاع عنها!
□ شيئ عجيب.

حمد ملك
Mohammed Malk

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

عن الإنجليزية في السودان

بقلم: د. خالد محمد فرح

بدأت علاقة السودانيين باللغة الإنجليزية رسميا وعلى نطاق ملموس وواسع نسبيا، مع بداية عهد الحكم الثنائي 1898 -.1955م، اي تزامنا مع الغزو الاستعماري لبلادهم بواسطة قوات بريطانية ومصرية بقيادة الضابط البريطاني اللورد هربرت كتشنر ، تلك القوات التي أسقطت حكم دولة المهدية الوطنية، على اثر نتيجة معركة كرري او معركة ام درمان كما تؤثر المصادر الغربية تسميتها بذلك، والتي حدثت بتاريخ الجمعة الثاني من سبتمبر 1898م.
ولما كانت تلك الادارة الاستعمارية التي خيمت على السودان منذ خواتيم القرن التاسع عشر ثنائية في تركيبتها وطبيعتها، بمعنى انها كانت تتألف من كيانين هما بريطانيا الناطقة باللغة الإنجليزية، ومصر الناطقة باللغة العربية، فقد أثر ذلك بكل تاكيد على وضع اللغة الإنجليزية بالذات داخل المجتمع السوداني، وعلى حضورها العام فيه على المستويات التعليمية والثقافية والإعلامية والتواصلية وهلم جرا.
وهكذا ظل المجتمع السوداني مجتمعا متحدثا باللغة العربية في الاساس في لهجاتها المحكية المتعددة المنتشرة عبر ربوع البلاد الشاسعة، ، ومستخدما للغة العربية الفصحى عموماً في سياقات بعينها ، وخصوصا بالنسبة للمتعلمين، بينما اقتصرت معرفة الإنجليزية بين السودانيين بين قلة قليلة جداً من سكان البلاد الذين حظوا بالتعليم النظامي، إبتداءا من المرحلة المتوسطة فما بعدها وقد كان عدد هولاء محدودا جدا خصوصا خلال العقود الاولى من تلك الحقبة.
لم يشأ الإنجليز فرض لغتهم أو التمكين لها بين عامة السودانيين، على غرار ما فعلوا في مجتمعات اخرى بمستعمراتهم السابقة ببعض البلدان الآسيوية والأفريقية، مثل الهند وسريلانكا ونيجيريا وكينيا وأوغندا، على سبيل المثال، وانما تركوهم على سجيتهم، بل عمدوا إلى استقدام ثلة من الموظفين والإداريين من بني جلدتهم، ورتبوا لتعلميهم اللغة العربية واللهجة السودانية حتى يتواصلوا مع اهل البلاد مباشرة في اغلب الاحيان وخصوصا في الأرياف والبوادي.
ولكن هذا لا يمنع من القول ان المستوى العام في اللغة الإنجليزية بين المتعلمين السودانيين عموما، قد كان مرتفعا بشكل ملحوظ خلال العقود الاولى من الحقبة الاستعمارية، وانه قد ظل يشهد تراجعا مطردا مع مضي الأعوام خلال العقود اللاحقة، إلى ان وصل إلى درجة متناهية من الضعف والتدهور في الوقت الحالي بشهادة الجميع.
والسبب في ذلك انه في خلال العقود الاولى من الحقبة الاستعمارية، كان منهج تدريس اللغة الإنجليزية قويا، بدليل ان جميع المواد كانت تدرس باللغة الإنجليزية منذ المرحلة المتوسطة، ربما حتى أربعينيات القرن الماضي، فيما عدا اللغة العربية والتربية الاسلامية، ثم استمر التدريس في المرحلة الثانوية باللغة الإنجليزية لجميع المواد فيما عدا العربي والدين حتى عام ١٩٦٧ الذي شهد تعريب التعليم الثانوي، ولكن مع ذلك كان المستوى في اللغة الإنجليزية مرضياً بصورة عامة ايضا.
على ان الأمر الذي دفعني لتسجيل هذه الخاطرة حقيقةً، ان هنالك بالفعل بصمة معينة خاصة بالسودانيين فيما يلي علاقتهم باللغة الإنجليزية عبر تاريخهم الطويل نسبيا معها. ولا تخلو مسيرة السودانيين تلك مع اللغة الإنجليزية من مواقف طريفة ومفارقات وموافقات ومصادفات عجيبة، واحيانا سوء فهم وأخطاء يقع فيها احيانا حتى المتعلمون منهم تعليماً جامعيا.
ولعل من الطرف الكلاسيكية التي تروى عن صلة العوام من السودانيين باللغة الإنجليزية، تلك التي يحكونها عن صاحب حمار مشاوير للإيجار بمثابة التاكسي بالعاصمة في زمن الانجليز ، اراد ان يشرح لرجل انجليزي طالب خدمة ترحيل، اقترب منه ذات يوم فقال له كما زعموا:
Donkey me, ride you. Khartoum palace piaster two
ومعنى العبارة: اركب على حماري هذا إلى قصر الحاكم العام بالخرطوم بأجرة مقدارها قرشان. وبالطبع فان مثل هذه العبارة الركيكة، لا يمكن ان تصدر من اي شخص من قاطني نيروبي او كمبالا او لاغوس او فريتاون، مهما كان مستواه التعليمي، ببساطة لان الوسط اللغوي والتواصلي العام السائد في تلك العواصم الأفريقية، قد ظل ينضح باللغة الإنجليزية في كل زاوية من زواياه، وذلك بعد ان اضحت اللغة الرسمية المهيمنة على المشهد اللغوي والثقافي العام في تلك البلدان.
من المفارقات الغريبة التي وقف عليها ابناء جيلنا وربما الاجيال التي كانت قبلنا من خلال منهج اللغة الإنجليزية الذي الذي كان مقررا علينا، مما صنعه المستر مايكل ويست وأضرابه، وأقرته شعبة المناهج والكتب ببخت الرضا عبر سلسلة Readers ابتداء من ريدر ون وحتى ريدر 6 وريدر 7 ، اننا قد افهمنا مثلاً ان هنالك ثلاث وجبات طعام في اليوم هي: الافطار واسمه Breakfast ، والغداء واسمه Dinner ، والثالثة هي العشاء واسمه Supper. ولكننا تعلمنا بعد سنوات من ذلك، عن طريق المعايشة ومخالطة المتحدثين بالإنجليزية، وكذلك من خلال أفلام السينما ومسلسلات التلفزيون، ان الغداء اسمه Lunch في الواقع، وان ال Dinner ليس هو الغداء كما افهمونا، وانما هو العشاء، اما Supper هذه، فاحسب انها من العتيق المهجور من اللغة الإنجليزية. ولاحقا جداً فقهنا معنى العبارة الإنجليزية السائرة التي تجري مجرى المثل
There is no free lunch
وهي تعني حرفيا: ليس هنالك غداء مجاني، بينما ان مدلولها العام هو ان لا احد ، دولة او منظمة او مجتمعا دوليا ، او منظمة حكومية او غير حكومية ، تقدم لك خدمة أو تسدي لك معروفا بدون مقابل ، او هكذا عفواً من اجل سواد عينيك.
ولذلك فانه من اجل تمكين التلاميذ والطلاب السودانيين من امتلاك ناصية اللغة الإنجليزية، والتحدث بها ببراعة وطلاقة لسان مع النطق السليم والصحة في النحو والمعاني، فانه لا بد من استناد المناهج إلى مادة اللغة التي يتحدث بها اهلها فعلا في سياقاتها الحياتية الاعتيادية المختلفة، وذلك على غرار ما يرد مثلا في الكتيبات الإرشادية والتعليمية الصغيرة التي يستهدف بها السياح ومرتادو الأسفار لتعلم لغة ما، وماذا على المرء ان يقول في المطار، وفي المطعم ، وفي الصيدلية، وفي محطة القطار، وامام الطبيب ومع موظف وكالة السفر والسياحة وهلم جرا.
وعلى ذكر وكالات السفر والسياحة، حدث استاذ جامعي سوداني محترم صديق لنا قال: درسنا اللغة الإنجليزية بكلية الاداب بجامعة الخرطوم ، ولم نترك شعر شكسبير وكيتس وشلي وبايرون، ولكننا غرقنا في شبر ماء عندما ابتعثنا للسفر إلى الخارج ، وسألنا احدهم ان كنا قد عملنا ال Booking للسفر ام لا ؟ قال فوقف حمار الشيخ في العقبة، ولم نعرف ما هو ذلك ال Booking المطلوب منا، فاذا هو حجز التذاكر ومعرفة تاريخ وموعد السفر .
بلى، قد يستطيع المتعلم السوداني الدارس للغة الإنجليزية حتى المستوى الجامعي ، متابعة محاضرة باللغة الإنجليزية في الثقافة العامة او السياسة او التاريخ او الاجتماع او الاقتصاد، من أشد المختصين في تلك المجالات تبحراً وعلماً في سهولة ويسر ، ويفهم فحواها تماما، ولكنه قد لا يستطيع في المقابل ان يخاطب مثلا سباكاً او ميكانيكي سيارات لكي يشرح لكل منهما ما يريده بالضبط باللغة الإنجليزية. وهنا تبدو المفارقة وانحصار المعرفة والتحصيل في اللغة الإنجليزية في مجالات بعينها اكاديمية وعلميّة وثقافية عامة ومتعالية نوعاً ما، وبعيدة عن لغة الحياة اليومية والتخاطب والتفاعل التلقائي البسيط.
ولسبب ما أيضاً ، فيما يلي الطريقة التي تعلم بها معظم السودانيين نطق بعض ألفاظ اللغة الإنجليزية، نشأت اجيال مستفيضة منهم وهم ينطقون اسم يوم الخميس بالإنجليزي Thursday ، هكذا " ثَرَسْدى او سَرسدى " بثاء او سين مفتوحة تليها راء مفتوحة بعدها سين ساكنة، كما لوكان حرف ال R في هذه الكلمة سابق لحرف ال U ، والواقع هو ان حرف ال U هو السابق فينبغي ان ينطق اولا هكذا " ثيرسداى ". ولكن هكذا تعلمناها كابرا عن كابر.
وختاماً من الاخطاء الشائعة التي يقع فيها كثير من المتعلمين السودانيين عند تحدثهم بالإنجليزية، انهم بعتقدون ان كلمة worth فعل verb ، ويتعاملون معها على هذا الاساس ، ويصرفونها تصريفا قياسيا بحسب موقعها من الجملة، بينما هي في الواقع صفة adjective. فنسمع احدهم يقول مثلا في معرض التاكيد بأن هذا الأمر يستحق هذا الجهد
It worths or it worthed this effort etc,
وانما الصحيح ان يقال:
This matter is worth so and so or it was worth so and so, and this house is worth a hundred billion Sudanese pound for instance !.  

مقالات مشابهة

  • كيف يستخدم الاغتصاب سلاح حرب في السودان؟.. المأساة أكبر من المعلن (شاهد)
  • بينها عملية استشهادية.. 383 عملا مقاوما نوعيا في نابلس منذ بداية العام الجاري
  • سكرتير مساعد بني سويف يتفقد استعدادات مبادرة «سوق اليوم الواحد»
  • عن الإنجليزية في السودان
  • واشنطن تبحث نشر قوات في اليابان إن حدثت أزمة مرتبطة بتايوان
  • الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم
  • يواجهون أكبر ظاهرة نزوح في العالم.. ماذا يحدث داخل السودان الآن؟
  • محافظ بنك السودان المركزي يوجه برفع مستوى الاستعداد بالجهاز المصرفي لانطلاق عملية استبدال العملة
  • السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم مع تدهور الأوضاع الإنسانية
  • الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم