كل أسبوع.. بناء الوعي يبدأ باحترام التخصص
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
ما زلت لا أجد تفسيرا لإصرار بعض مقدمي البرامج على الخوض في قضايا لا يصح لهم التحدث فيها أو عرضها على العوام لمناقشتها، لمجرد أن نفرا قليلا يعترضون على حكم أو توجيه قرآني تقره الشريعة وقال به الراسخون في العلم.
وليعلم الجميع أن دين الله لا تحكمه الأهواء ولن تتحكم فيه فئة باغية مأجورة نعرف توجهاتهم، وسيظل الأزهر الشريف بعلمائه الثقات حائط الصد الراسخ في الدفاع عن دين الله.
وليتنا ننتبه جميعا إلى أننا سنكون خير أمة أخرجت للناس- كما يريد الله لنا- حين نحترم التخصص، ويتقن كل منا عمله، ولا يتدخل في عمل غيره ولا يتكلم فيما لا يعلم، ولن يكون ذلك في دنيانا هذه إلا بتدخل ولى الأمر، وسن قوانين تجرم الظهور الإعلامي للتحدث في غير التخصص، ولا بد من إعادة الهيبة لعالم الدين والمؤسسة الدينية بما يفوق هيبة المؤسسات الأخرى، إذا كنا جادين في قضية بناء الوعي، ونسعى بصدق لكسب الدنيا والدين معا.
إن احترام التخصص يا سادة من أعمدة بناء الوعى الأساسية، ونحن بخير بل كل أمة لا تنهض ولا تتقدم ولا تكون بخير إلا إذا احترمت التخصص في شتى المجالات وفي كل مناحي الحياة، وتأتي على رأس هذه التخصصات علوم الدين المختلفة، التي كانت فيما سبق قد يستوعبها عالم واحد بما فتح الله عليه من سعة الأفق وقوة الحفظ وشمولية المعرفة، فكنا نجد العالم الواحد على دراية بعلوم القرآن والتفسير والحديث والعقيدة وربما الطب والفلك، والنماذج كثيرة لا يتسع المقال لذكرها، ومع تقدم الزمن واتساع العلم الواحد وتشعب فروعه صار التخصص دقيقا جدا، فنجد كل فرع من علوم الشريعة له متخصصون، فنجد متخصصين في التفسير وآخرين في الحديث، وفى العقيدة، وفى الفلسفة، وفى السيرة، وفى النحو والصرف والبلاغة، كما الحال في علوم الطب والهندسة وبقية العلوم النظرية والتطبيقية، وذلك ليس في عالمنا الإسلامي فقط، بل في العالم كله، فلم يعد هناك العالم الشامل "الكشكول".
الشاهد من هذا الكلام أننا إذا كنا جادين فعلا في بناء وعي الأمة المصرية أو استعادته، فلا بد من أن نضع تشريعا عاجلا لتجريم التحدث في غير التخصص، لمنع كل من هب ودب من الحديث فيما لا يعلم، ويثير الجدل في المجتمع، وخاصة ما يتعلق بالقضايا الدينية، لأن الواقع يؤكد أن علوم الدين هي الأكثر عرضة للتجرؤ عليها دون بقية العلوم، وأي انتحال لصفة طبيب أو مهندس أو ضابط أو غير ذلك من المهن يجرمه القانون ويعاقب هذا المنتحل، أما عالم الدين فيستطيع أي ساقط ابتدائية أو فاشل في حياته العلمية أو العملية أن ينتحل صفة عالم الدين، ناهيك عن العصابة المتوغلة في القنوات الفضائية الذين نصبوا أنفسهم مفتين، بل يهاجمون أحيانا العلماء المتخصصين ويفترون الكذب على الأزهر وشيخة، بل على الإسلام وثوابته ونبي الإسلام وصحابته، وعلى أمهات المؤمنين.
وقد نفق من هؤلاء نفر غير قليل، ولكن بقى لهم أذناب لا يقلون وقاحة ولا وضاعة ولا سفالة عن سابقيهم ممن أخذهم الله وأراحنا من شرور أفكارهم الساقطة الزائفة القائمة على الكذب والتدليس والمغالطة، وبمجرد رحيلهم لا يبقى لهم أثر يذكر سوى اللعنات التي لاحقتهم أحياء، وأوزار من تابعهم ودخل في عباءة فكرهم الأسود المظلم، مهما ادعوا أنهم تنويريون، وهم في الحقيقة ظلاميون جهلة، وأجراء يقبضون ثمن ما يروجونه من أكاذيب لا تستند إلى أي منطق أو منهج علمي صحيح، ويخوضون في قضايا من المسلمات لدى عامة المسلمين وخاصتهم، ويتطاولون على علماء دين أفذاذ لهم قدرهم العالي على مستوى العالم، ويحظون بالقبول والاحترام من المسلمين وغير المسلمين على حد سواء [email protected].
اقرأ أيضاًالأوقاف تنظم برنامج متكامل للقوافل الدينية الدعوية بقرية فارس بأسوان
افتتاح مركز الأوقاف المصرية للدراسات والبحوث الدينية يناير المقبل
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الأزهر شيخ الأزهر بناء الوعي بناء الشعب التقدم والازدهار
إقرأ أيضاً:
إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق .. علي جمعة يوضح
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه إذا كنت تريد أن تمتثل لأمر الله ورسوله وأن تكون رحيمًا ؟ ابتعد عن الغلو، وكلما سمعت هذه الكلمة ، فاعلم أن النبي ﷺ قد نهاك عنها. يسِّر ولا تعسِّر، كن أنت وردةً في مجتمعك وبين ناسك.
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أنه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي ﷺ قال : « إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ » [البخاري].
عليك أن تبتعد عن كل ما فيه غلو وتشدد وتعصب ، فهذا شيء قبيح وسيء، ولا يكون أبدًا من الرحمة ؛ فإن الرحمة تكمن في التيسير.
قال رسول الله ﷺ: «إنَّ اللهَ فرضَ فرائضَ فلا تُضيِّعوها ، وحَدَّ حدودًا فلا تعتَدوها ، وحرَّمَ أشياءَ فلا تنتهِكوها ، و سكَت عَن أشياءَ رحمةً بكم غيرَ نسيانٍ ، فلا تَبحثوا عَنها» .
يسر، وقلل من الأسئلة، ومن التفتيش، ومن البحث، ومن التشديد على نفسك. يقول سيدنا رسول الله ﷺ: « إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ ، وَلاَ تُبَغِّضْ إِلَى نَفْسِكَ عِبَادَةَ اللَّهِ » [السنن الكبرى للبيهقي]
وهذا رأيناه فيمن يشدد على نفسه حتى يملَّ العبادة « فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا» فيترك الدين لأنه ثقل عليه.
« إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ ، وَلاَ تُبَغِّضْ إِلَى نَفْسِكَ عِبَادَةَ اللَّهِ » اجعلها سهله ، « فَإِنَّ الْمُنْبَتَّ لاَ أَرْضًا قَطَعَ ، وَلاَ ظَهْرًا أَبْقَى» المنبت هو ذلك الذي يسير بجمله في الصحراء، فلا يريد راحة الجمل ولا راحة نفسه ؛ فيموت الجمل، فيجلس بجواره لا يستطيع الانتقال،فتذهب الراحلة التي كان يرتحل عليها. لا تفعل هذا مع نفسك ، فإن هذا الدين متين ، فأوغل فيه برفق.
قَالَتْ عَائِشَةُ –رضى الله عنها- : "صَنَعَ النَّبِىُّ -ﷺ- شَيْئًا فَرَخَّصَ فِيهِ فَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ" -يعني أن بعض الناس لا يريدون أن يعملوا مثلما عمل النبي ﷺ- فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ ﷺ. فَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ : « مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنِ الشَّىْءِ أَصْنَعُهُ ، فَوَاللَّهِ إِنِّى لأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً »[البخاري].
إذًا ، فلا بد عليك من اليسر ، قال تعالى :{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}.