لم تشهد أي حلقة أخرى في نصف القرن الماضي اختبارا للعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل بهذه الطريقة المكثفة والمؤثرة مثل الحرب المستمرة بين تل أبيب وحركة "حماس" منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وفقا لصحيفة "ذا نيويورك تايمز" الأمريكية (The New York Times) في تقرير مطول ترجمه "الخليج الجديد".

وبدعم أمريكي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا على غزة خلّفت حتى أمس الإثنين 21 ألفا و978 شهيدا، و57 ألفا و697 جريحا، ودمارا هائلا في البنى التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.

وتحت عنوان "الولايات المتحدة وإسرائيل: العناق يظهر علامات التوتر بعد 7 أكتوبر"، أضافت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين طلبوا عدم كشفت هويتهم، أن الدبلوماسية المعقدة بين البلدين برزت عبر الحكومتين في تفاعلات مباشرة بين القادة والوكالات العسكرية والاستخباراتية.

وذكرت أن الرئيس الأمريكي جو بايدن كان يستعد للقيام بزيارة جريئة إلى إسرائيل لإظهار التضامن بعد هجوم "حماس".

وردا على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" في 7 أكتوبر هجوم "طوفان الأقصى" ضد قواعد عسكرية ومستوطنات في محيط غزة.

وقتلت "حماس" في الهجوم نحو 1200 إسرائيلي وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بوساطة قطرية مصرية أمريكية.

الصحيفة استدركت: لكن بدا فجأة أن الرحلة تنهار قبل أن تبدأ، إذ أدى الانفجار في المستشفى المعمداني بغزة إلى مقتل مئات الفلسطينيين.

وتابعت: كان الفلسطينيون يتهمون إسرائيل بتفجير المستشفى، وقادة عرب رفضوا مقابلة بايدن عندما وصل إلى المنطقة، فاستدعى الرئيس مستشاريه إلى اجتماع لمناقشة عما إذا كان يجب إكمال زيارته لإسرائيل.

واندلع نقاش حاد بين مستشاري بايدن، إذ نصحه البعض بإلغاء الرحلة، لأنه لم يكن واضحا ما الذي يمكن تحقيقه، كما أن "حماس" قد تطلق صواريخ على مطار بن جوريون لحظة وصول طائرة الرئاسة، بحسب الصحيفة.

واستطردت: لكن رأى آخرون أن بايدن يجب أن يزور إسرائيل. وقالت الاستخبارات الأمريكية إن إسرائيل ليست مسؤولة عن انفجار المستشفى. أما بايدن فتمسك بالذهاب، وبزيارته إسرائيل (18 أكتوبر الماضي) أدار بايدن الحرب شخصيا مع تعرضه لخطر سياسي كبير في الداخل والخارج.

ومنذ اندلاع الحرب، تقدم بايدن للاحتلال أقوى دعم عسكري واستخباراتي ودبلوماسي ممكن، حتى بات منتقدون يعتبرون واشنطن "شريكة" في "جرائم الحرب الإسرائيلية" في غزة.

اقرأ أيضاً

ضرائب السلطة الفلسطينية تنهي "مكالمة صعبة" بين بايدن ونتنياهو

علاقة مشحونة

الصحيفة قالت إنه بعد هذه الزيارة بدأت سلسلة من المكالمات الهاتفية المحبطة والتعليقات الحادة والاجتماعات الماراثونية المنهكة، وباتت العلاقة مشحونة، وانخرط بايدن في الحرب بشكل مكثف أكثر من أي قضية أخرى خلال ثلاث سنوات في منصبه.

وتابعت: وتدخل بايدن وفريقه مرارا لإبعاد إسرائيل عن تجاوزات في ردها الانتقامي، لكن كانت تل أبيب تتحداهم. كما شهد بايدن مقاومة داخلية متزايدة لدعمه لإسرائيل، بينها رقيات معارضة من دبلوماسيين بوزارة الخارجية.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أرسل أكثر من 500 أمريكي يمثلون حوالي 40 وكالة حكومية رسالة إلى بايدن؛ احتجاجا على دعمه إسرائيل في الحرب، كما أضافت الصحيفة.

وأردفت: وكان الديمقراطيون في الكونجرس يضغطون على بايدن للحد من الهجوم الإسرائيلي، ووجدت الولايات المتحدة نفسها على خلاف مع دول أخرى في الأمم المتحدة.

وبحسب الصحيفة، لا يوجد أي نقاش جدي داخل الإدارة حول تغيير حقيقي، مثل وقف تزويد إسرائيل بالأسلحة. وخلال محادثة متوترة قبل أسبوع، ضغط بايدن على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتقليص نطاق الحرب وحصرها  بشكل أكبر في غارات جوية تستهدف قادة "حماس" والأنفاق، بدلا من القصف واسع النطاق.

اقرأ أيضاً

بايدن ونتنياهو يتوصلان إلى صفقة حول استمرار حرب غزة.. هذه تفاصيلها

انسحاب وغارات

نتنياهو أرسل مستشاره رون ديرمر إلى واشنطن والذي قال لمسؤولي البيت الأبيض إنه في الأسابيع المقبلة سينهي الجيش عملياته في شمال قطاع غزة ويبدأ في سحب قوات عديدة، لكنه وفقا للصحيفة لم يقدم جدولا زمنيا.

وأضافت أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يخطط لزيارة إسرائيل مجددا في أوائل يناير/ كانون الثاني الجاري، للحصول على قرارا بشأن الخطوات التالية.

وذكرت أنه بموازاة الحرب، يتفاوض فريق بايدن على صفقة تبادل أسرى جديدة بين "حماس" وإسرائيل، كما تُبذل جهود للتفاوض عبر وسطاء على ترتيب مع "حزب الله" للانسحاب من المنطقة القريبة من حدود لبنان مع إسرائيل، مما يمنع اندلاع حرب أوسع نطاقا في المنطقة ويسمح لعشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين فروا من منازلهم بالعودة إليها.

وقال السيناتور الديمقراطي كريس كونز، عضو لجنة العلاقات الخارجية، إن "بايدن كان له بعض التأثير (على الإسرائيليين)، وكان قادرا على تحريك قراراتهم، لكنه احتضن إسرائيل في أعقاب الهجوم (حماس)".

ووفقا للصحيفة فإنه بينما يشعر المسؤولون الإسرائيليون بالغضب من القيود التي حاول بايدن فرضها عليهم، فإنهم يدركون أنه الحليف الأكثر أهمية لديهم وسط انتقادات عالمية متزايدة، وأن واشنطن هي الوحيدة التي تمنع الأمم المتحدة من فرض عقوبات على إسرائيل.

اقرأ أيضاً

فاتورة الهزيمة في غزة.. من يدفعها أولا: بايدن أم نتنياهو؟

مستقبل غزة

لم تعجب واشنطن بالخطة الإسرائيلية للغزو البري لغزة (بدأ في 27 أكتوبر الماضي)، وسعت إلى تخفيفها، لكن تل أبيب أطلقت النيران على غزة بقوة أكبر ما توقعته إدارة بايدن؛ ما أدى إلى نتائج مميتة، وأثارت صور القتلى الفلسطينيين غضب الكثيرين في حزب بايدن وإدارته والبيت الأبيض، بحسب الصحيفة.

وتابعت أن بايدن واصل سيلا من المكالمات الهاتفية مع نتنياهو، سعيا إلى تقليل الخسائر بين المدنيين، وبالعمل مع قطر تم التوسط إلى الهدنة. لكن الخلاف الأكثر حدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل يتركز على مستقبل غزة بعد الحرب.

وأوضحت أن نتنياهو عارض اقتراحات بايدن بأن تدير السلطة الفلسطينية غزة، على أن يتبعه في نهاية المطاف إنشاء دولة فلسطينية.

وفي غزة يعيش نحو 2.4 مليون فلسطيني يعانون حتى من قبل هذه الحرب من أوضاع كارثية؛ جراء حصار إسرائيلي مستمر للقطاع منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية في عام 2006.

وإثر انهيار حكومة وحدة وطنية، سيطرت "حماس" على غزة في يونيو/ حزيران 2007؛ إثر  خلافات لا تزال قائمة مع حركة "فتح"، التي تدير السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، بقيادة الرئيس محمود عباس.

وقالت الصحيفة إن المحادثات الأخيرة بين بايدن ونتنياهو أكثر توترا، وكل مكالمة تكون متوترة وحادة وصعبة، ولكنها بناءة.

اقرأ أيضاً

بايدن يدعو نتنياهو لتغيير حكومته ويحذر: الإسرائيليون يفقدون الدعم

المصدر | ذا نيويورك تايمز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حرب غزة علاقة أمريكا إسرائيل حماس غزو بري مدنيون الولایات المتحدة اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

مبعوث بايدن يلتقي نتنياهو اليوم لبحث وقف الحرب بين إسرائيل وحزب الله

قال مكتب رئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي إن المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين، الذي يسعى إلى التوسط لوقف إطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وحزب الله، سيلتقي برئيس وزراء الاحتلال،بنيامين نتنياهو، اليوم، الخميس.

وجاء ذلك بعد أن ذكرت وسائل الإعلام العبرية أن هوكشتاين وصل إلى إسرائيل مساء أمس، الأربعاء، وأجرى محادثات مع وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر.

وكان المبعوث الأمريكي، قد صرح أمس، الأربعاء، بعد انتهاء اللقاء مع رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، بأنه سيسافر في غضون ساعات إلى إسرائيل في محاولة للانتهاء من محادثات التوصل لهدنة.

ووفقا لـ "الوكالة الوطنية للإعلام" اللبنانية، أكد هوكشتاين، بعد انتهاء اللقاء مع بري، في تصريح مقتضب، أنه "لم يفصح تفاصيل عن هذا اللقاء  قد تكون مخيبة للبعض  وهناك تقدم إيجابي".

وتابع: "سأزور تل أبيب وسنسير  خطوة تلو اخرى ونعمل مع الإدارتين".

كما أشار الموفد الأمريكي إلى "إنجاز تقدم إضافي"؛ مضيفا: "سأنتقل خلال ساعتين إلى إسرائيل في محاولة للوصول إلى خاتمة إذا تمكنا من ذلك ولن أعلن المفاوضات علنا".

وأكد أنه سيتم العمل مع الإدارة الأمريكية القادمة بخصوص جهود التوصل لهدنة في لبنان.

تضافر الجهود الدبلوماسية من أجل الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، خاصة مع تواجد هوكشتاين في بيروت اليوم أيضًا، لإجراء مباحثات حاسمة حول الأمر.

مقالات مشابهة

  • مبعوث بايدن يلتقي نتنياهو اليوم لبحث وقف الحرب بين إسرائيل وحزب الله
  • أمريكا: إسرائيل تحقق أهدافها واقتراب نهاية حربها مع حزب الله
  • أحمد موسى: التاريخ لن ينسى جرائم أمريكا وإسرائيل ودعمهما للإبادة في غزة|فيديو
  • مستوطنون يشعلون سيارات بالضفة وإسرائيل تكشف تفاصيل خطة عسكرية شمال غزة
  • تركيا ترفض استضافة قادة “حماس” والحركة تبحث عن بديل وهذه الدول الـ 3 المتبقية .. مواقف غريبة ورضوخٌ لضُغوط أمريكا وإسرائيل .. أين ستذهب “حماس”؟
  • بسبب غزة.. "أسلحة إسرائيل" تضع إدارة بايدن في مأزق
  • أعضاء بمجلس الشيوخ يطالبون بايدن بوقف تسليح إسرائيل
  • الخارجية الأمريكية: هناك تقدم على صعيد اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل
  • إسرائيل توجه طلبا لمصر .. ما هو؟ تفاصيل تكشف
  • خبير: إذا كانت أمريكا تسعى للحفاظ على أمن إسرائيل فعليها وقف الحرب في لبنان