ماذا تحتاج الدول العربية لتوفير مزيد من فرص العمل لمواطنيها؟
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
تعد المنطقة العربية موطنا لأعلى معدلات البطالة بين صفوف الشباب في العالم، وهي بحاجة إلى توفير أكثر من 33.3 مليون فرصة عمل بحلول عام 2030، كي تكون قادرة على استيعاب العدد الكبير من الشباب الذين يدخلون سوق العمل كل عام.
ولتحقيق ذلك، تحتاج الدول العربية لتغيير جذري في أنظمة التعليم والمناهج التعليمية الحالية التي لا تنسجم مع سوق العمل المتطور وطبيعته المتغيرة.
ويشمل ذلك تعزيز أنظمة التعليم، بما في ذلك التعليم والتدريب على المهارات والتعليم الفني والمهني، وتعزيز الروابط بين التعلم وسوق العمل، وتعزيز السياسات واستكشاف الفرص مع القطاع الخاص لخلق فرص العمل ودعم ريادة الأعمال لدى الشباب، حسب ما ذكرت منظمة اليونيسيف التي أكدت أن مناهج التعليم الحالية في المنطقة العربية لا تزود الشباب بالمهارات الكافية لتحقيق النجاح في اقتصاد اليوم.
ويبلغ معدل بطالة الشباب في المنطقة ضعف المعدل العالمي تقريبا، وقد نما بمعدل 2.5 مرة أسرع من المتوسط العالمي. وحسب استطلاع للأمم المتحدة، سجلت المنطقة العربية معدل بطالة بنسبة 12% عام 2022، وهو الأعلى في العالم.
واستمرت مستويات البطالة في الارتفاع منذ ظهور جائحة كوفيد-19، خاصة بين الشباب العربي، ومن المرجح أن تواجه مصر والأردن ولبنان والسودان وتونس تحديات ناشئة عن الاقتصاد العالمي الهزيل.
ويعني المظهر الديمغرافي للشباب في المنطقة العربية أن مزيدا من الشباب يدخلون سوق العمل كل عام مع ضعف فرص العمل بشكل متزايد، وفق الباحثة بسمة المومني في تقرير لها نشرته مؤسسة كارنيغي.
وعلى أرض الواقع، تظهر استطلاعات رأي أن الشباب العربي من بين أكثر الفئات إحباطا إزاء الأوضاع السياسية والاقتصادية في بلدانهم، وغالبا ما يفكرون في هجرة أوطانهم بحثا عن فرص أفضل، وحياة كريمة عجزت بلدانهم عن توفيرها لهم.
وتسهم عوامل عدة في ارتفاع معدلات البطالة في الدول العربية.
لا تتوافق أنظمة التعليم الموجودة حاليا في معظم الدول العربية مع سوق العمل المتطور وطبيعته المتغيرة، فهي لا تزود الشباب بالمهارات الكافية التي تعتبر بالغة الأهمية لتحقيق النجاح في اقتصاد اليوم الذي هو اقتصاد معرفي بالدرجة الأولى، حسب ما ذكر مركز كارنيغي للشرق الأوسط في ورقة بحثية له شارك بها عدد من المختصين.
وأشارت الدراسة إلى أن "الحكومات العربية لا تزال تنظر إلى إصلاح التعليم باعتباره جهدا من أعلى إلى أسفل يستمر في إدامة علاقات القوة والتفكير الاستبدادي، مما يؤدي إلى تهميش التفكير النقدي والإبداعي بين الطلاب".
وتشمل المهارات الجديدة المطلوبة: التواصل، والإبداع، والتفكير النقدي، وحل المشكلات، والتعاون، والقدرة على التعامل مع متطلبات الأتمتة الجارية على قدم وساق في العالم وتحدياتها المختلفة. فحسب دراسة للمنتدى الاقتصادي العالمي، سيرتفع معدل الاعتماد على الآلات في كافة أنواع الوظائف إلى 52% بحلول عام 2025.
ووجدت الدراسة أن العمال الذين سيحتفظون بأدوارهم في السنوات الخمس القادمة سيتعين على نصفهم تعلم مهارات جديدة، مشيرة إلى أنه بحلول عام 2025 سيقسم أصحاب العمل أعمالهم بالتساوي بين البشر والآلات.
وسيزداد الطلب على العمال الذين يستطيعون شغل الوظائف المرتبطة بالاقتصاد الصديق للبيئة، ووظائف البيانات المتطورة، والذكاء الاصطناعي، وشغل أدوار جديدة في الهندسة والحوسبة السحابية، وتطوير المنتج وإدارته.
وتشير الدراسة إلى قصور كبير في المدارس والجامعات العربية في تبني وتدريس هذه التخصصات الجديدة، وتزويد الطلاب بالمهارات الأساسية والمتقدمة التي يحتاجها سوق العمل العالمي.
معضلة الفسادأصدرت الهيئة الدولية لمراقبة الفساد مؤشر مدركات الفساد لعام 2022، الذي يراجع سجل الأداء في الشفافية ومكافحة الفساد في 180 دولة حول العالم.
وتراجعت غالبية الدول العربية في ترتيبها، إذ انخفض متوسط المنطقة إلى مستوى جديد بلغ 38 من أصل 100 على مقياس تشير فيه درجة الصفر إلى دولة شديدة الفساد.
واحتلت سوريا المركز الأول عربيا ضمن ترتيب الدول الأكثر فسادا في المنطقة، تلتها اليمن، وليبيا والعراق ولبنان ومصر والجزائر والمغرب وتونس والكويت وسلطنة عمان والبحرين والأردن على التوالي، في حين سجلت دول الإمارات وقطر والسعودية أفضل المعدلات في مكافحة الفساد ضمن دول المنطقة، حسب ما ذكر موقع "المونيتور".
وتدرك الدول العربية أن الفساد يشكل أكبر عقبة أمام تحقيق التنمية، وهو أشبه بالوباء الذي يكلف اقتصادها مليارات الدولارات سنويا في غياب إرادة سياسية جادة للتغيير والإصلاح، ومشاركة فاعلة من المجتمع المدني ووسائل الإعلام، مما يفاقم عدم الاستقرار السياسي في المنطقة ويعوق تنميتها الاجتماعية والاقتصادية، حسب ما ذكرت الجزيرة نت في تقرير سابق لها.
ورغم ذلك لم تتغير حال عديد من الدول العربية طيلة عقود من الزمن، وبقي عنوان مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين شعارا ترفعه الحكومات المتعاقبة، من دون أن تنجح في إرساء آليات فعالة تحول دون استشراء الفساد في عديد من القطاعات.
اقتصاديات مركزيةتبنت معظم الدول العربية مسارا تنمويا تقوده الدولة في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ومنذ ذلك الحين، أصبحت الحكومات العربية جهة توظيف رئيسية للقوى العاملة، وهو ما أدى في النهاية إلى خلق أجهزة حكومية مترهلة، مع غياب قدرتها على استيعاب الأعداد الكبيرة من الشباب التي تدخل السوق كل عام.
وأدى هذا المسار إلى ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، وانخفاض المهارات، وزيادة أوقات الانتظار الطويلة بين التخرج والحصول على أول وظيفة في القطاع العام.
كما أدى هذا النهج إلى قلة مرونة سوق العمل الذي يعتمد على الدولة بوصفها جهة توظيف مركزية، وانخفاض الدور الذي يلعبه القطاع الخاص في مكافحة البطالة، وهو ما أدى إلى تفاقم المشكلة.
وتحتاج الدول العربية غير النفطية إلى زيادة فرص العمل لاستيعاب العاطلين والوافدين الجدد إلى سوق القوى العاملة، وتشير حقيقة أن البطالة بين الشباب ظلت مرتفعة لفترة طويلة إلى أن المشكلة هيكلية إلى حد كبير، ويحتاج حلها إلى نمو مرتفع ومستدام قادر على خلق فرص العمل، بدعم من بيئة اقتصادية سليمة بعيدة عن الفساد والسيطرة المركزية للدولة، وتحفيز القطاع الخاص، كما يحتاج تحقيق هذا الهدف إلى إعادة نظر شاملة بمناهج وأساليب التعليم المتبعة، وإدخال تخصصات مواكبة بروح الثورة الصناعية الرابعة، وتأخذ بعين الاعتبار التحديات الجديدة التي تطرحها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المنطقة العربیة الدول العربیة فی المنطقة سوق العمل فرص العمل حسب ما
إقرأ أيضاً:
الصفدي: لقاء شباب العواصم العربية منصة حيوية لتعزيز التعاون وتمكين الشباب والمرأة اقتصادياً
صراحة نيوز-
قال رئيس مجلس النواب، أحمد الصفدي، إن اللقاء العشرين لشباب العواصم العربية يمثل منصة حيوية لتبادل الخبرات وتعزيز أطر التعاون بين الشباب العربي، مشددًا على أن تمكينهم اقتصاديًا هو أولوية وطنية وقومية في ظل المتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم والمنطقة.
حديث الصفدي جاء خلال الاجتماع الذي عقدته لجنة الشباب والرياضة والثقافة النيابية، اليوم الثلاثاء، برئاسة النائب محمد هديب، لمناقشة أبرز المحاور المرتبطة بتمكين الشباب اقتصاديًا، وذلك ضمن فعاليات اللقاء العشرين لشباب العواصم العربية، الذي يقام تحت عنوان “الشباب والتمكين الاقتصادي في ظل المتغيرات المعاصرة”.
وأضاف الصفدي أن الشباب يشكلون العماد الأساسي لمستقبل الأمة العربية، مؤكدًا أن الأردن دخل المئوية الثانية للدولة بتوجيهات من جلالة الملك عبد الله الثاني نحو مشروع وطني شامل يعزز مشاركة المرأة الشباب، حيث تم تعديل قانون الانتخاب لتخفيض سن الترشح إلى 25 عامًا، مما أتاح وجود برلمانيين شباب، مشيراً إلى أن الشباب يحظى دوماً باهتمام من جلالة الملك وسمو ولي العهد عبر دعم مشاريعهم الريادية وأفكارهم البناءة، وواجبنا في مختلف السلطات تسخير الجهود لخدمتهم.
وأكد الصفدي على أهمية تمكين المرأة في مختلف المجالات، مشيرًا إلى أن إشراك المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية يُعد ركيزة أساسية لبناء مجتمع متوازن وقادر على مواجهة التحديات وتحقيق التنمية المستدامة.
من جهته أكد رئيس لجنة الشباب والرياضة والثقافة النيابية حرص اللجنة التام على دعم كافة المبادرات الشبابية التي تهدف إلى مواجهة التحديات الكبرى التي تواجه الشباب في مجالات البطالة وفرص العمل.
وأوضح هديب أن اللجنة تنظر إلى دعم الشباب ليس فقط كواجب وطني، بل كاستثمار استراتيجي في مستقبل الوطن، لما للشباب من طاقات وإبداعات قادرة على دفع عجلة التنمية والابتكار في المجتمع.
وأشار إلى أهمية تعزيز ثقافة ريادة الأعمال بين الشباب، وتشجيعهم على تبني الأفكار والمشاريع الريادية التي تساهم في خلق فرص عمل جديدة، وتقليل معدلات البطالة، مؤكداً على ضرورة توفير الدعم الفني والمالي والإرشادي للمشاريع الناشئة. كما شدد على أن بيئة العمل يجب أن تكون محفزة ومحفوظة الحقوق، بحيث يشعر الشاب بالأمان والقدرة على المخاطرة وتجربة الأفكار الجديدة.
ولفت هديب إلى أن تطوير الشراكات العربية المشتركة بين مختلف الدول والمؤسسات يمثل خطوة أساسية في تحقيق هذه الأهداف، من خلال تبادل الخبرات، وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر على الشباب. وأكد أن تنسيق المبادرات والبرامج الشبابية على المستوى العربي، إلى جانب تكثيف التعاون بين القطاعين العام والخاص، يشكلان منصة قوية لدعم الشباب وتمكينهم من الإبداع والابتكار، بما يساهم في بناء مستقبل واعد يعزز من مكانة الشباب ويحقق لهم طموحاتهم.
وخلال مداخلاتهم، استمع النواب معتز الهروط، رند الخزوز، نور ابو غوش، مؤيد العلاونة ، مالك الطهراوي، إلى مداخلات الوفود الشبابية المشاركة، التي عرضت تجارب بلدانها في مجال تمكين الشباب اقتصاديًا وتوظيف التكنولوجيا والابتكار لتحقيق التنمية المستدامة
وأكد النواب في مداخلاتهم أهمية توسيع نطاق البرامج الموجهة للشباب وتكثيف المبادرات الهادفة إلى تعزيز مشاركتهم الفاعلة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
من جانبهم، عبّر ممثلو الوفود الشبابية المشاركة في اللقاء العشرين لشباب العواصم العربية عن تقديرهم لجهود مجلس النواب الأردني في تنظيم هذا الحدث، الذي يقام تحت عنوان “الشباب والتمكين الاقتصادي في ظل المتغيرات المعاصرة”.
وأكدوا أن هذه الفعاليات تشكّل فرصة مهمة لتبادل الخبرات والاطلاع على قصص النجاح في مجال ريادة الأعمال وتنمية المهارات.
وأشار عدد من المشاركين إلى أن اللقاء العشرين لشباب العواصم العربية يعكس اهتمام المؤسسات البرلمانية والهيئات الرسمية بقضايا الشباب، لافتين إلى أن المتغيرات المعاصرة تفرض على الأجيال الجديدة ضرورة تعزيز قدراتهم في مجالات الابتكار والتحول الرقمي، بما يسهم في بناء مستقبل اقتصادي مزدهر ومستدام.