الخليج الجديد:
2024-07-03@13:17:53 GMT

ورطة «اليوم التالي»!

تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT

ورطة «اليوم التالي»!

ورطة «اليوم التالي»

مهما كانت النتائج العسكرية لهذه الحرب، فإن اليوم التالي لها لن يغيب عنه قلق إسرائيلي وأميركي عميق.

يرى الأميركيون أن رفض إسرائيل حلّ الدولتين يعني حلّ الدولة الواحدة، والقيام بنكبة جديدة في الضفة الغربية والقطاع أمر يصعب تحقيقه ولو بتدرّج.

يود بعض الإسرائيليين استعادة سيناريو بيروت 1982، في إنهاء منظمة التحرير الفلسطينية، لكنه السيناريو جاء بقوى أكثر راديكالية أدت لأزمة كبيرة لإسرائيل والغرب.

ما تطرحه الولايات المتحدة من منح إدارة القطاع للسلطة الفلسطينية بعد تجديدها (جلب وجه بديل في رئاستها) لا يعدو كونه تعيين حارس أمني محلي لحماية أمن إسرائيل.

إعادة احتلال القطاع أو السيطرة الأمنية عليه تعني التورط بعبء إدارة شؤون أكثر من مليونَي إنسان، واستنزافاً أمنياً وعسكرياً، إذ لن يتوقف إيذاء الفلسطينيين القوة المحتلة بكل شكل.

تحاول الإدارة الأميركية إنقاذ إسرائيل بطرح حلول تقلّل تورط إسرائيل في استنزاف طويل تجرّ معه أميركا إلى ما لا تريده بهذه المرحلة، لكن حلول الطرفين المطروحة تورط كليهما.

* * *

أدخلت عملية 7 أكتوبر إسرائيل إلى حربٍ لم تخطّط لها، فاندفعت للانتقام بتوجيهٍ ومساعدة من الولايات المتحدة. حاول الأميركيون دفع نتنياهو للتفكير في «اليوم التالي» لحربه على غزة، حيث يفترض الطرفان إمكانية تحقيق الأهداف الكبيرة للحرب من تفكيك البنية العسكرية لحماس، والقضاء على حكمها للقطاع.

اصطدم الاثنان بتباعد خياراتهما الاستراتيجية، إذ يتمسك الأميركيون بحلّ الدولتين ولو شكلياً، بينما يفاخر نتنياهو بأنه منع بكل قوة إقامة دولة فلسطينية. تحاول الإدارة الأميركية إنقاذ إسرائيل من نفسها، عبر طرح حلول تقلّل من احتمالية تورط إسرائيل في استنزاف طويل تجرّ معه الولايات المتحدة إلى ما لا تريده في هذه المرحلة، لكن حلول الطرفين المطروحة تفضي إلى ورطة لكليهما.

إعادة احتلال القطاع أو السيطرة الأمنية عليه تعني التورط بعبء إدارة شؤون أكثر من مليونَي إنسان، واستنزافاً أمنياً وعسكرياً، حيث لن تتوقف محاولات الفلسطينيين لإيذاء القوة المحتلة بكل شكل ممكن.

بعض الإسرائيليين يودّون استعادة سيناريو بيروت عام 1982، في إنهاء خطر منظمة التحرير الفلسطينية، لكن حتى في ذاك السيناريو ظهرت قوى أكثر راديكالية لتحوّل فرحة الانتصار الإسرائيلي إلى أزمة كبيرة لإسرائيل وحلفائها الغربيين.

يستحضر الأميركيون سيناريوات العراق وأفغانستان لتحذير الإسرائيليين من أن إنهاء الإدارة الحالية للقطاع لا ينتج بالضرورة نصراً مستداماً، وأن هناك وسائل سياسية ضرورية لجعل أيّ تقدّم عسكري مثمراً.

ورطة احتلال القطاع تطرح حلولاً أخرى، أهمها تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، لكن هذا الحل إن حدث ينتج أزمة كبيرة للولايات المتحدة، إذ يجعل البيئة الإقليمية التي عملت على بنائها لعقود قابلةً للانفجار.

وقد يعني هذا تفريغ اتفاقية كامب ديفيد من مضامينها إذا ما ضرب هذا الحل كل الترتيبات الأمنية في سيناء، وارتدّ الأمر على إسرائيل بإشكالات أمنية جديدة. تسير العنجهية الإسرائيلية نحو تورط أكبر، وتغيب عن العقلية المتفلتة والمتعطشة للانتقام حسابات اليوم التالي، لكن الولايات المتحدة التي تسعى إلى أن تكون العقل الذي يرشّد الجنون الإسرائيلي، لا تملك هي الأخرى حلولاً تمنع الورطة.

تصرّ الولايات المتحدة على حل الدولتين الذي قُتل برصاص الاستيطان الإسرائيلي والرعاية الأميركية له. يرى الأميركيون أن رفض إسرائيل حلّ الدولتين (ونتاجه أصلاً أقل ّمن ربع دولة للفلسطينيين) يعني خطر إرغامها على حلّ الدولة الواحدة مستقبلاً، وأن القيام بنكبة جديدة في الضفة الغربية والقطاع أمر يصعب تحقيقه ولو بتدرّج.

لكن ما تطرحه الولايات المتحدة من منح إدارة القطاع للسلطة الفلسطينية بعد إصلاحها (وهذا يعني غالباً جلب وجه بديل في رئاستها) لا يعدو كونه تعيين حارس أمني محلي لحماية أمن إسرائيل.

ويبدو أن الأميركيين لا يقرأون جيداً فشل نموذج الضفة الغربية بشقَّيه الأمني والاقتصادي، ولا يرون أن عدم قدرة السلطة على ضبط الناس في الضفة، وتزايد العمليات ضد إسرائيل في السنوات الأخيرة، يعود بشكل أساسي إلى تعمّد الولايات المتحدة إضعاف هذه السلطة بعدم اتخاذ موقف سياسي ينقذ حلّ الدولتين من الموت، ويلجم الاستيطان الإسرائيلي.

حلّ الدولتين المطروح أميركياً بلا مضمون، وورطة اليوم التالي أميركياً أنها لا تزال تأمل بتجاوز القضية الفلسطينية بنوع من الترتيبات الأمنية، والعودة إلى مساعي التطبيع عربياً لتأمين بيئة إقليمية تضمن الحفاظ على المصالح الأميركية في المنطقة، لكن الأمور لا تسير ببساطة وفق الأمنيات الأميركية.

ثبتت هذه الحرب زيادة اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة، وسرعت مسار تحوّلها إلى عبءٍ على الأميركيين، وفي حالة تراجع القوة الأميركية في العالم، وخاصة مع فشل الرهان الأميركي في أوكرانيا، وعودة أميركا إلى تركيز جهودها ومواردها لاحتواء الصعود الصيني، تجد إسرائيل نفسها في ورطة التعامل مع تراجع قوة ودور الراعي الأميركي، وأزماتها الداخلية، وعدم القدرة على إنهاء وجود الفلسطينيين في أرضهم.

مهما كانت النتائج العسكرية لهذه الحرب، فإن اليوم التالي لها لن يغيب عنه قلق إسرائيلي وأميركي عميق.

*بدر الإبراهيم كاتب عربي

المصدر | الأخبار

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: غزة 7 أكتوبر إسرائيل إعادة احتلال القطاع السيطرة الأمنية اليوم التالي الإدارة الأميركية حل الدولتين الدولة الواحدة الولایات المتحدة الیوم التالی

إقرأ أيضاً:

مؤرخ إسرائيلي يطالب بإعلان الأردن دولة للفلسطينيين بديلا عن حل الدولتين

طالب مؤرخ إسرائيلي بمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية المحتلة حتى لو كلف ذلك "مواجهة مع الولايات المتحدة"، بسبب ما وصفه "بالخطر الذي سيحدق بإسرائيل"، مشددا على ضرورة إقناع داعمي الاحتلال الإسرائيلي بأن "الأردن هو دولة الفلسطينيين".

وقال عالم الآثار في دائرة التاريخ في جامعة بار إيلان الإسرائيلية، إبراهام فاوست، إنه "لا مفر أمام إسرائيل من صد كل محاولة لإقامة دولة فلسطينية حتى بثمن مواجهة مع الأمريكيين"، مستدركا: "ولكن إذا ما أهملنا الساحة السياسية والإعلامية، وبدون إسناد امريكي فسيفرض العالم إقامة دولة فلسطينية. وبالتالي على إسرائيل أن تأخذ المبادرة السياسية".

وأضاف في مقال نشرته صحيفة "معاريف العبرية"، أن على دولة الاحتلال أن" تعرض إلى جانب المخاطر المترتبة على إقامة الدولة الفلسطينية، سياسة يمكنها أن توفر البديل لأصدقاء إسرائيل في العالم، عن المطلب المتزايد لإقامة دولة فلسطينية"، مشير إلى أنه من الضروري أن "تقول بصوت عال وواضح إنه توجد منذ الآن دولة فلسطينية، وهي الأردن"، حسب زعمه.


وشدد المؤرخ الإسرائيلي على أن الترويج لوجو دولة فلسطينية بالفعل سيظهر بأن الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة "ليسوا شعبا بلا دولة بل أقلية تعيش خارج دولتها"، معتبرا أن ذلك "سيدفع قدما بالفهم بأنه تحتمل حلول سياسية لا تتطلب إقامة دولة فلسطينية"، على حد ادعائه.

ولفت المؤرخ الإسرائيلي في طرحه الذي يسعى إلى إنهاء حل الدولتين وسلب الفلسطينيين في الضفة الغربية من كافة حقوقهم على أرضهم، إلى أن سياسة "الأردن هو الدولة الفلسطينية ستجر معارضة حتى في إسرائيل. كما أن قادة جهاز الأمن سيعارضون تغيير السياسة سواء لأن بعضهم لانهم لا يزالون معنيين بكسب الهدوء بكل ثمن ويخافون من انهيار الأردن وتحوله إلى دولة مواجهة".

واستدرك قائلا "لكن أحداث 7 أكتوبر علمتنا أنه ليس فقط لا يجب الاعتماد على قادة جهاز الأمن في فهم الواقع في الشرق الأوسط بل أن سياسة كسب الهدوء نهايتها أن تتفجر"، معتبرا أنه "مهما كانت المخاطر التي تنطوي على انكشاف الهوية الفلسطينية للأردن، فإن مخاطر إقامة دولة فلسطينية في مركز البلاد، فورية أكثر وأكبر".


ودعا المؤرخ الإسرائيلي في ختام مقاله، قيادة دولة الاحتلال الإسرائيلي "إلى التغلب على المخاوف وعلى معارضة كبار الموظفين، وأن تبلور سياسة المشكلة الفلسطينية في سياق أوسع وتمنع إقامة دولة فلسطينية غربي نهر الأردن".

يأتي الطرح الإسرائيلي هذا في ظل سعي حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي يسود عليها نفوذ اليمين المتطرف، إلى تصعيد العدوان المتواصل على قطاع غزة، ليشمل جميع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، بما في ذلك القدس والضفة الغربية المحتلة، التي تتعرض بالفعل إلى اعتداءات إسرائيلية متزايدة على صعيد الاعتقالات والمداهمات وتعزيز سياسات الاستيطان.

مقالات مشابهة

  • مناظرة بين اثنين من كبار السفهاء
  • واشنطن تدين اختطاف «الحوثي» طائرات «اليمنية»
  • نيجيريا: الولايات المتحدة والأمم المتحدة تدينان "الهجمات المروعة" في بورنو
  • انقسام بالداخل الإسرائيلي بشأن خطة اليوم التالي للحرب في غزة
  • حرب ضروس قد تلتهم الشرق الأوسط
  • إيران: لا نريد حربًا إقليمية لكن ندعم حزب الله في حال التصعيد
  • الولايات المتحدة تتوقع مواصلة تعاونها مع فرنسا بعد الانتخابات
  • مؤرخ إسرائيلي يطالب بإعلان الأردن دولة للفلسطينيين بديلا عن حل الدولتين
  • كالكاليست: هل يمكن لإسرائيل الاستغناء عن الأسلحة الأميركية؟
  • الحرب بين إسرائيل وحزب الله قد تلتهم الشرق الأوسط