قلقٌ فرنسيّ على مهمّة اليونيفيل والرهان على التحرك الأميركي لتبريد الجبهة الجنوبية
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
تعود الحركة السياسية ودورة الحياة العادية اليوم بعد عطلة رأس السنة ، وتتجه الأنظار الى تقصي حقيقة ما تردد في الأيام الأخيرة عن تدخل أميركي جديد في ملف الحدود اللبنانية الإسرائيلية كافضل وأضمن السبل لاعادة تبريد الجبهة الجنوبية ومحاولة الذهاب مجددا الى حل حدودي ثابت وتاريخي من خلال وساطة الترسيم البري التي سيتولاها كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين في تحرك مكوكي جديد بين لبنان وإسرائيل في الأسابيع القليلة المقبلة .
وتشير المعطيات في هذا السياق الى ان أي شيء جدي في شأن الملف الرئاسي لم يتبلور بعد سواء حول تحرك فرنسي جديد او للمجموعة الخماسية في حين ان الرهان يبدو مجديا اكثر على التحرك الأميركي لتبريد الجبهة الجنوبية اقله في الفترة القريبة .
وقد زار وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو قاعدة دير كيفا في جنوب لبنان حيث أجرى محادثات مع رئيس أركان الجيوش والجنود الفرنسيين المنتشرين ضمن قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل).
وأعلن لوكورنو أمام 700 جندي قبل أن يشاركهم عشاء بمناسبة رأس السنة أن "هذه المهمة يمكن أن تصبح خطيرة جداً". وأضاف تحت خيمة نصبت في القاعدة على بعد حوالي عشرة كيلومترات من الحدود بين إسرائيل ولبنان "سيكون دربنا مزروعاً بالشكوك في الأسابيع والأيام المقبلة".
وبحث لوكورنو وقائد الجيش العماد جوزف عون مهمة قوة يونيفيل و"كيف يمكن الاستمرار في ممارسة المهمة في ضوء اوضاع متدهورة وكيف نحمي الجيش اللبناني وعناصر يونيفيل في مهامهم".وقال للقوات بشأن الوضع في الشرق الأوسط "كل ذلك ما زال يغرقنا في هاوية".
وقبل مغادرته إلى باريس يعتزم الوزير الفرنسي لقاء العماد عون مجددا اليوم الثلثاء لمناقشة المساعدة التي اقترحتها فرنسا للقوات المسلحة اللبنانية مع تسليم العديد من الآليات المدرعة.
وكان العماد جوزف عون تفقد قيادة فوج التدخل الخامس في كفردونين، حيث اطّلع على المهمات المنفَّذة في سياق التطورات عند الحدود الجنوبية. كما التقى الضباط والعسكريين وقدم لهم التعزية بالرقيب عبد الكريم المقداد الذي استشهد جرّاء تعرّض مركز عسكري تابع للجيش في العديسة - الجنوب للقصف الإسرائيلي إلى جانب إصابة عدد من العسكريين. واعتبر عون أن "صمود عناصر الفوج وسائر الوحدات المنتشرة في الجنوب أمام التحديات الراهنة مهم لأبناء المنطقة"، مشيدًا بتضحياتهم، ولافتًا إلى أن "تفانيهم مع رفاقهم في أداء مهماتهم طمأن اللبنانيين خلال الأعياد". بعدها انتقل إلى قيادة وحدة احتياط قائد اليونيفيل في دير كيفا، حيث التقى وزير الجيوش الفرنسيةسيباستيان لوكورنو. ونوّه العماد عون بجهود عناصر الوحدة وسائر عناصر اليونيفيل، واحترافهم وتضحياتهم في أداء الواجب، مشددًا على أهمية التعاون بين الجيش واليونيفيل ضمن إطار القرار ١٧٠١، بخاصة خلال الظروف الاستثنائية الحالية.
في سياق متصل وزعت السفارة الفرنسية في لبنان، رسالة تهنئة من القائم بالأعمال لدى سفارة فرنسا في لبنان السفير هيرفي ماغرو، لمناسبة العام الجديد 2024، جاء فيها قوله "كنت أود أن أوجه إليكم رسالة التهنئة هذه في جو أقل وطأة. إن الحرب التي تجري في غزة، والتي تمتد بالفعل إلى جنوب لبنان، هي من أخطر الأزمات التي اجتازها الشرق الأدنى، وهي تعرض أمن هذا البلد واستقراره إلى تهديد حقيقي. ويجري ذلك في الوقت الذي يواجه فيه لبنان منذ سنوات عدة أزمة إقتصادية لا سابق لها، وهي أزمة تفاقمت منذ عام من جراء الفراغ المؤسساتي وما أدى إليه من تفكك للدولة". أضاف: "في هذه المحن، تبقى فرنسا على إلتزامها التام إلى جانبكم، وهي وفية لتاريخنا المشترك ولروابط المودة القوية التي تجمع بين بلدينا. وهذا الإلتزام يهدف أولا إلى تجنب تصعيد إقليمي سيكون كارثيا بالنسبة إلى لبنان المنهك القوى. نحن نؤدي منذ سنوات دورا حاسما من أجل الحفاظ على استقرار جنوب لبنان، لا سيما في إطار قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، الذي يشكل ركيزة هذا الاستقرار، كما من خلال مساهمتنا في قوات اليونيفيل. وأوجه تحية خاصة اليوم إلى الرجال والنساء الذين يشكلون عديد هذه القوات. ونحن سنواصل حشد جهودنا أكثر من أي وقت مضى بهدف حث جميع الأطراف على ضبط النفس والعمل مع جميع الأفرقاء للمساهمة في عودة الاستقرار بشكل مستدام. ويهدف هذا الالتزام أيضا إلى إيجاد حل للأزمة السياسية التي تتسبب بشلل المؤسسات والدولة، فمن دون هذا الحل لن يكون من المستطاع بذل أي جهد من أجل التعافي الجدي للبلاد. وهذا مغزى المهمة التي أوكلها رئيس جمهوريتنا إلى جان-إيف لودريان. إذ يقع على عاتق رئيس الجمهورية العتيد أن يجمع اللبنانيين، وأن يرمم أواصر الثقة مع المجتمع الدولي، وأن يعمل مع حكومة جديدة على الإصلاحات الضرورية للخروج من الأزمة، ونحن سندعمه ونواكبه في هذا المسعى. كما أننا نواصل وسنظل نواصل بذل الجهود مع شركائنا الدوليين لتقديم دعم مشترك للبنان، وهذا ما يعبر عنه حاليا من خلال أعمال المجموعة الخماسية بشكل خاص. ويهدف هذا الالتزام أخيرا إلى مساعدة الشعب اللبناني على مواجهة الصعاب التي يصادفها كل يوم، وإلى التحضير معا لنهوض البلاد. لقد بذلنا منذ بداية الأزمة جهودا إستثنائية للتصدي لحالات الطوارئ الإنسانية ودعم المؤسسات الصحية والقوى الأمنية والدفاع المدني، بالإضافة إلى دعم المدارس والجامعات والإبداع الثقافي، فهنا تكمن ثروة لبنان الحقيقية، واللغة الفرنسية تحتل مكانة مميزة على هذا الصعيد. وعندما يتم تجاوز الشلل المؤسساتي، سنكون أيضا إلى جانبكم لدعم التعافي الاقتصادي الذي يتعين على السلطات اللبنانية المستقبلية أن تعكف عليه".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
مرشح رئاسي فرنسي: الإخوان أخطر من روسيا على أوروبا
بعد صمت إعلامي طويل، عاد رئيس الوزراء الفرنسي السابق فرانسوا فيون، للظهور علناً من خلال صحيفة "فالير أكتييل"، ومن بين المواضيع التي تناولها في حواره معها، يُحذّر بشدّة من "الإسلام السياسي، الذي تسلل إلى المُجتمع الفرنسي بهدف السيطرة عليه، وتدميره المُعلن في نهاية المطاف".
واعتبر المرشح الرئاسي السابق، أنّ روسيا التي بدأت مؤخراً تستعيد انتصاراتها في أوكرانيا تُشكّل تهديداً لأوروبا أقلّ بكثير من التهديد الذي يُشكّله لها الإسلام المُتطرّف، وتنظيم الإخوان الإرهابي "كأيديولوجية خبيثة ازدهرت في جزء كبير من أراضينا".
وبرأيه فإنّ المُتطرّفين الجُدد في منطقة الشرق الأوسط يُشكّلون تهديداً مباشراً لفرنسا وأوروبا، حيث سيواصلون تشجيع التبشير بتنظيم الإخوان الإرهابي، وهم في صميم الأعمال الإرهابية التي قتلت بالفعل الآلاف من الأبرياء في جميع أنحاء العالم.
وللمرّة الأولى منذ مُغامرته الرئاسية في عام 2017، تحدّث السياسي الفرنسي المعروف دون حدود عن تطوّرات الأحداث في العالم ومُستقبل بلاده. وهو لا يُخفي قلقه بالقول "لم أتخيّل أنّ فرنسا قد نرى وضعها يتدهور إلى هذه النقطة" وأنّ "خطر الصراعات الطائفية بات ملموساً" على أراضيها.
????️ François Fillon :
«La Russie est une menace infiniment moindre que celle de l'islam radical, idéologie pernicieuse qui prospère sur une grande partie de notre territoire. » pic.twitter.com/nHD5vl45Zn
وحول ثقل صعود الإسلاموية في تعزيز الانقسام المُجتمعي في فرنسا، وهل يرى ذلك تهديداً داخلياً أم خارجياً؟ اعتبر فرانسوا فيون أنّ التهديدين الرئيسيين للسلام العالمي هما التنافس بين الصين والولايات المتحدة، وصعود الشمولية الإسلاموية التي تُحاول فرض سيطرتها على الدولة وكافة نواحي الحياة والمُجتمع والاقتصاد والثقافة والرياضة.
وبالنسبة للتهديد الأول، فهو يأمل أن يتمكّن القادة الأمريكيون والصينيون من إظهار المسؤولية. فالصين والولايات المتحدة برأيه قوتان عظميان تُؤثّر أفعالهما على الكوكب بأكمله، أما فرنسا وأوروبا فهما غير قادرتين على المنافسة.
لكن فيما يتعلّق بصعود الشمولية الإسلاموية يعتبر فيون أنّ ذلك يُهدد فرنسا بشكل مباشر أكثر بسبب قُربها من الشرق الأوسط وأفريقيا. ولكن أيضاً بسبب أنّ عدداً مُتزايداً من الأشخاص في أوروبا يتقبّلون هذه الأيديولوجية التي تلبس ثوب الإسلام لإخفاء مشروع سياسي على غرار النازية أو الستالينية التي شوّهت القرن العشرين.
Alors que François Fillon assure que «la Russie est une menace infiniment moindre que celle de l'islam radical», Jonathan Siksou corrobore ces propos : «Ce ne sont pas les envoyés de Vladimir Poutine qui décapitent les professeurs» dans #MidiNews pic.twitter.com/SbxbLNKWKw
— CNEWS (@CNEWS) March 6, 2025 داعش يكتسب أرضية في أوروباوذكر أنّ الإسلام السياسي المُتطرّف تمكّن من النمو على مدى ثلاثين عاماً، مدفوعاً بالأنظمة الفاسدة، ولكن أيضاً بالتدخلات العسكرية الغربية في العراق وأفغانستان، وعدم حلّ القضية الفلسطينية.
وحذّر من أنّ هزيمة تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا لم تُغيّر شيئاً، لأنّ الفكر الإرهابي عميق. وهو ينتشر في جنوب شرق آسيا وآسيا الوسطى والشرق الأوسط ومعظم أفريقيا. مؤكداً أنّه "يكتسب أرضية في أوروبا، حيث تلتزم نسبة متزايدة من السكان المسلمين بقواعد الإسلام المُتطرّف والاستبدادي القاتل للحريات، والذي يُمثّل خطراً حقيقياً ومباشراً على قيمنا وطريقة حياتنا".
أوروبا تواجه صدمة عاطفية.. عصر جديد يلوح في الأفق - موقع 24لعقود طويلة، كان أحد الأهداف الرئيسية للاتحاد السوفيتي هو فصل الولايات المتحدة عن أوروبا، وهو ما كان يُعرف بمصطلح "فك الارتباط". كان هذا التفكيك سيؤدي إلى كسر التحالف الغربي الذي منع الدبابات السوفيتية من اجتياح سهول بروسيا. وزن الهجرةوفي شأن الهجرة، اعتبر رئيس الوزراء السابق أنّ فرنسا قد تجاوزت الحدّ المسموح به، وأنّ المسؤولية الأولى تقع على عاتق الدولة التي بإمكانها أن تقرر من يستطيع دخول أراضيها. وحذّر من أنّ الزيادة المستمرة في عمليات الدخول غير الشرعية وعدم القدرة على تنفيذ قرارات إعادة الأشخاص إلى الحدود من شأنه أن يُقوّض سلطة الدولة ويخلق فراغاً أكثر خطورة في ظلّ وضعنا الديموغرافي الحرج.
كما شدّد على أنّ دور التيار اليساري في هذه القضية مذنب وغير مفهوم، فلم يعد الأمر يُشكّل خطراً بل أصبح حقيقة يراها الفرنسيون يومياً، والآن تقريباً في كل مكان على التراب الوطني، فقد تجاوزت التدفقات قُدرات فرنسا، مُشيراً إلى أنّ الأمر لا يُمكن تفسيره على أنّه كراهية للأجانب.
Quelle confusion intellectuelle…. Comme si les deux questions avaient le moindre rapport, pouvaient faire l’objet de la moindre comparaison ou faisaient appel aux mêmes instruments ou aux mêmes concepts. En réalité, s’égarer ainsi n’a qu’un objectif, nier la première…. https://t.co/Z7eNU6PExw
— Gérard Araud (@GerardAraud) March 5, 2025 فشل التعددية الثقافيةواعتبر فرانسوا فيون أنّ كثيرين ممن يُهاجرون إلى فرنسا وأوروبا يُريدون فرض تقاليدهم وثقافتهم، وفي ظلّ هذه الظروف فإنّ التعددية الثقافية محكوم عليها بالفشل.
ودعا الدولة الفرنسية لأن تختار، على أساس احتياجاتها وقُدراتها التكاملية، عدد ونوعية الأجانب الذين يُمكنها أن تفتح لهم أبوابها. واقترح أن يتم تقديم حصص سنوية إلى البرلمان حسب المهنة، وحسب المؤهلات، ولكن أيضاً حسب الأصل الجغرافي، من أجل تحقيق الهجرة المتوازنة والمعقولة.
وشدّد رئيس الوزراء السابق في ختام تصريحاته، على أنّه في ظلّ الوضع الحالي، يتعيّن على فرنسا أن تعمل على تقليص عدد الأجانب الذين يدخلون البلاد منذ عدّة سنوات بشكل جذري، وإعادة المُهاجرين غير الشرعيين بأسلوب منهجي.