عربي21:
2024-10-05@06:32:50 GMT

هل سيلجأ قادة حماس إلى الجزائر؟

تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT

حتى أيقونة الصناعة التلفزيونية في فرنسا، دافيد بوجاداس، وقع في فخ الترويج لـ"خبر" أن قادة حماس على وشك الاستقرار في الجزائر بموجب صفقة إقليمية لإنهاء الحرب الإسرائيلية على سكان غزة.

بوجاداس الذي يراكم خلفه عقودا طويلة من العمل كمذيع في كبريات القنوات التلفزيونية الفرنسية، تعامل مع الخبر مثلما كان يتعامل مع لحظة إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية الفرنسية أو الأمريكية: يقبض أنفاسه، يراقب العد التنازلي ثم يعلن النتيجة كأنه الوحيد في العالم الذي يعرف السر!

كان واضحا في حديثه عن "خبر" قادة حماس، عجزه عن إخفاء بهجته وهو يذيعه وكأنه سبق صحفي يكرِّس حسم إسرائيل الحرب لصالحها.

لم يكن "الخبر" حصريا خاصا ببوجاداس، بل نقلا عن صحيفة جيروزاليم الإسرائيلية (اليمينية) التي نقلته بدورها عن منصات إخبارية وحسابات لا يوجد ما يثبت أنها جديرة بالثقة.

حتى بعض "المحللين" و"الخبراء" العرب ممن يقال للناس أنهم أفضل الموجود، اندفعوا للترويج لـ"الخبر".

كيف يسقط إعلاميون محترفون و"خبراء" يزعمون أنهم أصحاب خبرة كبيرة بسهولة في فخ مثل هذه الإشاعات التي تثير شكوك أي مبتدئ في العمل الإعلامي؟ فتّش عن الجواب، للوهلة الأولى، في البحث الجامح لدى معسكر إسرائيل عن أيّ علامة تحيل إلى نصر في حرب كبدّت "أقوى جيش في المنطقة" خسائر تاريخية دون أن يحقق هدفا واحدا من أهدافها بعد ثلاثة أشهر.

ثم ثق أن الأمر لا يتعلق هنا بخطأ مهني أو سوء تقدير تحريري، وأن المسألة تتعلق بعمل نفسي دعائي منظم تديره ماكينة محترفة تقف وراءها لوبيات إسرائيلية. تعرف هذه الماكينة ماذا تريد، وأحد أهدافها نشر الشك والفرقة والتساؤلات في صفوف حركة حماس والمعسكر الداعم للفلسطينيين.

ويحدث أن الورطة التي وقع فيها "أقوى جيش في المنطقة" انعكست ضغطا على الماكينة فاندفعت تبحث عن أيّ علامة نصر، وهو ما جعلها ترتبك وترتكب الأخطاء في بنائها للإشاعات والترويج لها.
الخروج من الأردن ثم بيروت لم يُنه منظمة التحرير ولم يقد إلى تصفية القضية الفلسطينية. ويتناسون أن قتل إسرائيل العشرات من قادة النضال الفلسطيني لم يدفن القضية الفلسطينية

المعروف أن الاتفاق على ترحيل قادة أيّ حركة مقاومة من ساحة أيّ معركة يكون عادة ثمرة مفاوضات حول مصير الحركة وقادتها، بعد تكون هذه الحركة قد انهزمت، والأهم، أقرَّت بهزيمتها علنا.
الماكينة وضعت العربة قبل الحصان.. نتيجة المفاوضات قبل بدء التفاوض لحد الآن لا يوجد ما يوحي بأن حماس انهزمت. وليس هناك أيّ علامة عن مفاوضات، مباشرة أو غير مباشرة، لإنهاء الحرب. المفاوضات الوحيدة التي يتكرر الحديث بشأنها تخص تبادل الأسرى. أما المؤشرات العسكرية والسياسية فتفيد كلها أن الحرب متجهة نحو تصعيد، وحماس صامدة رغم ضراوة القتال والجرائم البشعة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي مدعوما من الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة.

أُدرك أن في الحروب والصراعات كل شيء ممكن ولا مكان للمستحيل. لكن أعرف في المقابل أن الحرب النفسية سلاح جبار أخطر من الصواريخ والقنابل.

الماكينة التي تدير إشاعة ترحيل قادة حماس تتعامى عن حقائق مهمة في ما يجري، منها أن حماس استثمرت كثيرا من أجل هذه الحرب لكي تنسحب منها في منتصف الطريق وتترك غزة لمصيرها. العقل السوّي يدرك بأن زعيما مثل يحيى السنوار ومحمد الضيف يفضل الموت تحت ركام مبنى أو نفق دمّره صاروخ إسرائيلي على العيش مَلكا في فيلا فخمة مطلة على خليج الجزائر العاصمة الساحر.

ارتباك الماكينة الدعائية بسبب اندفاعها في البحث عن علامة نصر تجلى كذلك في الخلط بين قادة حماس السياسيين والقادة الميدانيين. إذ بينما روّجت أجنحة من الماكينة إلى أن قرار الترحيل للجزائر يخص القادة السياسيين، أوردت أجنحة أخرى أن الأمر يتعلق بالقادة الميدانيين وتحديدا السنوار والضيف.

من الطبيعي أن تطرأ بعض اختلافات بين القادة السياسيين والعسكريين لأي مقاومة في مثل هذه الظروف الحالكة والضغط الحربي والنفسي، لكن من الصعب استيعاب أن يلتقي القادة كلهم دفعة واحدة للإقامة في الجزائر.

وأضافت الماكينة للإشاعة مُسوِّغ أن الجزائر تقيم علاقات متينة مع إيران وقطر، وتملك جهازا أمنيا قويا قادرا على السيطرة على هؤلاء القادة ومنعهم من النشاط. وهذا بدل التكهن بأن قوة الجهاز الأمني الجزائري مفيدة مثلا في حمايتهم.

اختيرت الجزائر لأنها تخدم حبكة الإشاعة واسمها يجعل الكذبة أسهل لتصديقها، فهي الوحيدة المتبقية للتعامل مع قرار كهذا إذا ما طُرح يوما. ناهيك عن الضغط عليها كآخر صوت يدعم الفلسطينيين ولو بالكلمة فقط.

لكن فات الماكينة أن الجزائر أذكى من أن تجمع هؤلاء القادة جميعا على أرضها، لأسباب سياسية واستراتيجية وأيضا أمنية. سياسيا، قبول الجزائر بقرار كهذا يعني مشاركتها في شل زخم المقاومة. استراتيجيا، يعني أن الجزائر تعمل على تصفية القضية الفلسطينية بينما شعار الدبلوماسية الجزائرية أن فلسطين قضية لن تموت. أمنيا، يعني استقبال قادة حماس في الظروف الحالية صداعا أمنيا داخليا غير مسبوق، مكلفا ومتعِبا، الجزائر في غنى عنه.

تشبيه «لجوء» قادة حماس إلى الجزائر بخروج ياسر عرفات ومقاتلي منطمة التحرير من بيروت في 1982 فيه مغالطة أخرى تنمُّ عن تسطيح. منظمة التحرير لم تكن يوما جزءا من النسيج الاجتماعي اللبناني، وكان معروفا من لحظة حلولها في بيروت أنها ستخرج منها يوما ما.

في المقابل حماس جزء هام من النسيج الاجتماعي في غزة، مَن منها سيخرج للجزائر ومَن سيبقى، ومَن يحدد ذلك إذا جارينا هذه الإشاعة؟

أما خروج قائدين أو ثلاثة واعتبار ذلك حلا سحريا، فتفكير أحمق حماقة المتحمسين له الذين (وعلى افتراض صدق إشاعتهم)، يتناسون أن الخروج من الأردن ثم بيروت لم يُنه منظمة التحرير ولم يقد إلى تصفية القضية الفلسطينية. ويتناسون أن قتل إسرائيل العشرات من قادة النضال الفلسطيني لم يدفن القضية الفلسطينية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه قادة حماس الجزائر الفلسطينيين فلسطين الجزائر قادة حماس مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القضیة الفلسطینیة قادة حماس

إقرأ أيضاً:

حسام زكي: الاعتداءات على لبنان لن تحقق الأمن لأي طرف

قال السفير حسام زكي الأمين العام المساعد للجامعة العربية، إن المنطقة تمر بظرف شديد الخطورة، مشيرًا، إلى أن الدول الأعضاء حذرت منذ شهور من مخاطر الحرب الإقليمية التي لن يكون أي طرف بمنأى عن تبعاتها.

الاحتلال الاسرائيلي يغلق الحرم الابراهيمي بالتزامن مع الأعياد اليهودية في اليوم الـ363 من العدوان.. سقوط شهداء ومصابين جراء قصف الاحتلال في غزة قادة الاحتلال الإسرائيلي

وأضاف، في كلمته خلال الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين لبحث التطورات في لبنان، نقلته قناة "إكسترا نيوز": "نقترب بشدة من اندلاع مثل هذه الحرب بسبب غطسرة وتهور قادة الاحتلال الإسرائيلي الذين يصرون على إشعال الحرائق في المنطقة، ولا يكتفون بالإجرام الذي مارسوه ويمارسونه، وإنما يريدون استنساخ السيناريو الوحشي ذاته في لبنان متحصنين بعجز عالمي عن ردع سلوكهم واجترائهم على كل القواعد القانونية والإنسانية والأخلاقية". 

الاعتداءات على لبنان

وتابع: "الاعتداءات على لبنان وأهله واستعراضات البطش التي أسكرها غرور القوة لن تحقق الأمن لأي طرف، بل تزرع بذور صراعات ممتدة وكراهية متزايدة".

مقالات مشابهة

  • الأولمبية الجزائرية: الشائعات التي تطارد إيمان خليف لا أساس لها من الصحة
  • الرشق يعقب على أنباء إبعاد قيادات حماس عن غزة
  • إسرائيل تعلن مقتل 3 قادة من حماس بينهم روحي مشتهى يد السنوار اليمنى.. ماذا نعرف حتى الآن؟
  • آخر التطورات في غزة.. اتفاق مرتقب واسرائيل تغتال ثلاث قادة لـ «حماس»
  • يموت القادة وتنتصر القضية.. عن الفكري والتاريخي والسياسي في مصير المقاومة
  • من هو روحي مشتهى الذي أعلنت إسرائيل مقتله واثنين آخرين من قادة حماس ؟
  • في غارة قبل 3 أشهر.. الجيش الإسرائيلي يُعلن اغتيال 3 من قادة حماس بغزة
  • حسام زكي: الاعتداءات على لبنان لن تحقق الأمن لأي طرف
  • مركز الدراسات الإستراتيجية: إيران تُزايد على العرب في دعم القضية الفلسطينية
  • بوميل: “مباراتنا أمام شبيبة القبائل هي التي كنت أحلم برؤيتها في الجزائر”