لماذا أوصانا الرسول بعدم الغضب .. وما هو الأسلوب الأمثل للتغلب عليه؟
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
لماذا أوصانا الرسول بعدم الغضب؟ سؤال يشغل ذهن الكثيرين ونجيب عنه في التقرير التالي، من خلال بيان الأزهر الشريف لحديث النبي صلى الله عليه وسلم:«لا تغضب».
لماذا أوصانا الرسول بعدم الغضب؟ورد عن أَبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا قَالَ للنَّبِيِّ ﷺ: أَوْصِني، قَالَ: لا تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ: لا تَغْضَبْ رواه البخاري.
قالت دار الإفتاء إن الغضب: هو حالةُ غليانٍ تنتابُ الإنسان نتيجةَ انْزِعاجِه من أمرٍ من الأمور؛ بحيث يكون مريدًا للتشفي والانتقام، قال الإمام الجرجاني في "التعريفات" (ص: 162، ط. دار الكتب العلمية): [الغضب: تغير يحصل عند غليان دم القلب؛ ليحصل عنه التشفي للصدر] اهـ. وقال الإمام الراغب الأصفهاني في "المفردات في غريب القرآن" (ص: 608، ط. دار القلم): [الغَضَبُ: ثوران دم القلب إرادة الانتقام] اهـ.
وأضافت: لا مراء في أن الشخص إذا تصرف وهو على حال الغضب فإن تصرفَه لن يكون محمودًا؛ بل سيفعل ما لا تُحمد عواقبه ويندم عليه بعد ذلك غالبًا؛ لأن الغضبَ نارٌ تَشْتَعِلُ في الجسم فلا يكون الإنسان معها مُتحكِّمًا في تصرفاته وانْفِعَالاته؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَلَا وَإِنَّ الغَضَبَ جَمْرَةٌ فِي قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، أَمَا رَأَيْتُمْ إِلَى حُمْرَةِ عَيْنَيْهِ وَانْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ» رواه الترمذي في "سننه" والبيهقي في "شعب الإيمان".
وتابعت: لهذه الخطورة التي يُحدِثها الغضب ذَمَّت الشريعة الإسلامية الغضب وحذَرت الناس منه، ومن عواقبه؛ فعن معاويةَ بنِ حيدةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «يَا مُعَاوِيَةُ: إِياكَ وَالْغَضَبَ، فَإِنَّ الغَضَبَ يُفْسدُ الإِيمَانَ كَمَا يُفْسِدُ الصَّبْرُ العَسَلَ». رواه الطبراني في "المعجم الكبير" والبيهقي في "شعب الإيمان"؛ فلخطورة ما يترتب على الغضب، وما قد يؤول صاحبه إليه، كان الغضب من حيث الأصل منهيًّا عنه شرعًا.
وورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: أوصني، قال: «لاَ تَغْضَبْ» فردد مرارًا، قال: «لاَ تَغْضَبْ». رواه الإمام البخاري في "صحيحه"؛ فهذا يدل على أن الغضب في أصله منهيٌ عنه شرعًا.
قال الإمام الصنعاني في "سبل السلام" (2/ 668، ط. دار الحديث): [والحديث نهى عن الغضب] اهـ.
1- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم: حيث دعت تعاليم الإسلام المسلم الغاضب إلى الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم؛ تخلّصاً من غضبه، وذلك بأن يقول: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، ومنه ما ثبت عن سليمان بن صرد -رضي الله عنه- قال: (اسْتَبَّ رَجُلَانِ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ونَحْنُ عِنْدَهُ جُلُوسٌ، وأَحَدُهُما يَسُبُّ صَاحِبَهُ، مُغْضَبًا قَدِ احْمَرَّ وجْهُهُ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً، لو قالَهَا لَذَهَبَ عنْه ما يَجِدُ، لو قالَ: أعُوذُ باللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ).
2- أن يتوضأ الغاضب وضوءه للصلاة حثّ رسولُ الله -صلّى الله عليه وسلّم- الغاضبَ على الوضوء كوضوء الصلاة، وذلك لأمرين: أوّلهما إشغال النفس بأمر آخر سوى الغضب، فقد يحتاج الغاضب أثناء وضوئه إلى أن يأتي بالماء، ويُقرِّبه إليه، ونحو ذلك، وهذا من شأنه أن يُخفف من شدِّة الغضب ويُبرِّده، وثانيهما إطفاء حرارة الغضب، حيث إنّ الأعضاء والأطراف تكون مرتفعة الحرارة فتبرد بالماء.
3- السكوت وعدم التكلم حتى يهدأ حثّ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم الغاضبَ على السكوت، والتوقف عن الكلام؛ وذلك حتى لا يكون الغضب سبباً في الوقوع في المحظور، وقد دلّ على ذلك قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا غَضِبَ أحدُكم فلْيسكتْ).
4- تغيير الهيئة والحالة التي عليها الغاضب، حيث أرشد رسولُ الله -صلّى الله عليه وسلّم- الغاضبَ إلى تغيير الهيئة التي يكون عليها حال غضبه، فإن أصابه الغضب حال قيامه فعليه أن يجلس، فإن لم يذهب عنه الغضب اضطجع، وكذلك إن أصابه الغضب حال جلوسه فعليه أن يضطجع، وقد دلّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا غضبَ أحدُكم وهو قائمٌ فلْيجلسْ، فإن ذهبَ عنه الغضبُ وإلاَّ فلْيَضْطَجِعْ)،
5- تذكر أجر كتم الغضب واستشعار الخوف من الله، قال تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
6- تذكر قول رسول الله الذي يُبيّن فيه أنّ القوي مَن يَملك زمام نفسه حال الغضب، لا مَن ينال الغلبة في الصُّرعة وذلك بقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ليسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّما الشَّدِيدُ الذي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ).
7- تذكر وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالابتعاد عن الغضب ومجانبته، وفق الوارد في الحديث السابق «لا تغضب».
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الغضب الغضب الشديد ل ى الله علیه وسل م صلى الله علیه رضی الله عنه رسول الله ة الغضب ن الغضب الغ ض ب
إقرأ أيضاً:
غربال الثورة الناعم
غربال الثورة الناعم
حيدر المكاشفي
لفت انتباهي مقال نشر مؤخرا لصديقنا وزميلنا الأصغر وائل محجوب، جاء في مقدمته أنه في مرحلة الثورة وما تلاها من حكم انتقالي، برزت وجوه محددة لعبت دورا متصلا وكبيرا، في إضعاف أي مجال للتقارب أو الحوار بين مختلف قوى الثورة، عبر شيطنة الناس وتبني الشائعات، وتسميم أجواء المجال العام، وتدني لغة الحوار بالسب والشتم لرموز وشعارات القوى المختلفة، وكانت وجهة نظري وقتها أن كثير من هذه الأصوات تؤدي أدوارا معلومة، وسينكشف أمرها يوما ما. وبعد اندلاع الحرب، تمايزت الصفوف وخرج من بين صفوف الثوار من حمل السلاح ضمن صفوف المقاومة الشعبية، وهجر أخرون السلمية وتبنوا الدعوة للحرب والتعبئة لها، بينما مضى أخرون بشكل أكثر وضوحا نحو كتائب البراء ابن مالك، ومعلوم انها كتائب للحركة الاسلامية، وضالعة بحسب أكثر من تصريح لقادتها في مهاجمة الثورة، ويشتبه في كونها من ضمن قوات القناصة التي أردت كثير من الشهداء، وصار كثير من هؤلاء الثوار “السابقين” “يردد أمن يا جن.. ومثلما كشف الله ستر كثيرون ممن عادوا لقواعدهم بعد الحرب، هاهو مؤتمر الميثاق التأسيسي الذي انعقد بنيروبي، يخرج البقية الباقية ممن تدثروا طويلا بشعارات رفض الحرب..
ما ذهب اليه الزميل وائل يعيد الى الذاكرة الحديث الشريف الذي رواه البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله (أن أعرابيا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة، فأتى الأعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أقلني بيعتي، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاءه فقال أقلني بيعتي، فأبى، ثم جاءه فقال أقلني بيعتي، فأبى، فخرج الأعرابي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها)، وهذا هو بالضبط حال ثورة ديسمبر المجيدة بعد انقلاب 25 اكتوبر 2021 الغاشم وحرب أبريل القذرة تعكف على نفي خبثها وغربلة صفوفها، وما خبثها الا اولئك المتملقين والمنافقين والمتذبذبين الذين ما اعلنوا انحيازهم للثورة الا على سبيل الملق والنفاق والمراء، وبدا واضحا انهم لم يؤيدوا الثورة الا لمنصب يصيبونه أو فائدة يجنونها، فما ان اعلن الانقلابيون سيطرتهم على الأوضاع ومن بعده حربهم اللعينة حتى انقلبوا معهم ولذات الاهداف الرخيصة، فصاروا مثل (فسية) تقرأ ذيل الديك التي تميل حيث تهب الهبوب، ولو كان للانقلاب والحرب من حسنة وحيدة ان كانت لهما حسنات، فهي أنهما فرزا الخبيث من الطيب والثوار الحقيقيون من ادعياء الثورة، وهذا ما يمكن الثورة والثوار الآن من نفي خبثهم كما ينفي الكير خبث الحديد وغربلة صفوفهم، ودنس الثورة وخبثها يجسده هيجان بعض من يدعونها من الذين لا يتحلون بأدبها ولا أخلاقها، ويأبى الله إلا أن يفضح مدعيها هؤلاء على رؤوس الأشهاد، وتلك سنة الله في اهل الملق والنفاق ولابسي ثياب الزور.. لقد كانت ثورة ديسمبر ولا تزال وستظل هي أعظم ما فعله السودانيون عبر تاريخهم الحديث، وهي ثورة طاهرة ستنفي خبثها وتنقي صفوفها، ولا يصلح أن يتصدى لحمل لوائها والدفاع عنها والسعي لاستعادتها، إلا من أخلص لها وآمن بمبادئها وضحى في سبيلها، وإذا كان البعض قد خذل الثورة أو خانها، وارتمى في أحضان الانقلابيين وحلفائهم من الكيزان وفلول النظام البائد، وأصبح أداتهم لاجهاضها، فإن هناك الغالبية الكاسحة من المخلصين للثورة ومبادئها والعاضين عليها بالنواجذ، والذين لن يقبلوا ان يعطوا الدنية في ثورتهم ولا في مبادئهم رغم كل ما تعرضوا له وسيتعرضون له من قمع وتنكيل، ولا يزالون يبذلون وسيظلون يبذلون ما في وسعهم دفاعا عنها في وجه هذه الهجمات التي تتعرض لها بلا كلل ولا ملل ولا يأس، فاليأس خيانة للثورة ولشهدائها، وفي تجارب التاريخ العبرة والمثل، فأصحاب كل القضايا العادلة لم ييأسوا في معاركهم طلبا لحقوقهم مهما تطاول عليهم الأمد، قرأنا ذلك في قصص الأنبياء والمرسلين، وقرأناه في تاريخ الشعوب، بل في تاريخنا الوطني ذاته، فالاصرار على استمرار فتنة هذه الحرب اللعينة المهلكة ماهو الا هو دليل خوف وليس دليل قوة، لأن هذه الحرب استهدفت بالأساس ثورة الشعب وليس المليشيا بدلالة كثير من الشواهد والمواقف والتصريحات والتلميحات، وهذا وضع لا يمكن له الاستمرار طويلا لأنه ضد طبيعة الأمور، وستظل بحول الله ثورة ديسمبر صامدة في وجه الثورة المضادة التي أرادت وأدها، وهو صمود مرشح للاستمرار ومن ثم النجاح لأن صبر الشعوب يفوق كثيرا قدرات أنظمة الحكم مهما بلغ جبروتها، وها هم أبناء الثورة، شبابها وكنداكاتها المخلصين يسطرون ملاحم في الصمود والتمسك بمبادئ ثورتهم والدفاع عنها، لا يضرهم من خذلهم أو خانهم، كما أنهم يزدادون وعيا بالمشهد من حولهم، ويحسبون خطواتهم، وهم يراهنون بالأساس على شعبهم، فارادة الشعب دائما هي الأقوى والردة مستحيلة..
الوسومالإنقلابيون الثورة حيدر المكاشفي وائل محجوب