الثورة /

مع إطالة أمد العدوان الصهيوني على قطاع غزة دون تحقيقه أياً من أهدافه المعلنة بات يعيش المزيد من الإحباط والشعور بالهزيمة.
ويقول لواء في جيش الاحتلال “كلما مرّ الوقت، نبتعد أكثر فأكثر عن تحقيق أهداف الحرب: القضاء على حماس وإطلاق سراح المختطفين”
واكد اللواء الاحتياط، في جيش الاحتلال الصهيوني، إسحاق بريك في تقرير نشره، في صحيفة “معاريف”، العبرية قائلًا: “نحن نغرق أكثر فأكثر في وحل غزة.

. هذا بالضبط هو الوضع الذي وصلنا إليه اليوم”.
وكتب يقول: “هناك حالات في الحرب يجب إعادة النظر في مسار العمل فيها، اليوم من الواضح للجيش أنه في هذه المرحلة لن يكون بالإمكان تحقيق الهدف الكامل الذي من أجله خرجنا إلى الحرب – القضاء على سلطة حماس وقدراتها على مواصلة القتال. مجرد الاعتراف بعدم وجود نية للدخول إلى رفح، حيث تسيطر حماس سيطرة كاملة، لأنها المكان الأكثر ازدحامًا في غزة والشرق الأوسط بأكمله، حيث يعيش مليونا لاجئ في مخيمات اللاجئين، وبيئتهم مزدحمة بشكل رهيب. ولذلك من المستحيل مهاجمة هذه المخيمات، وبكلمة واحدة، من المستحيل القضاء على حماس هناك حيث يختلط جنودها باللاجئين”.
يضيف بريك: “إن عدم القضاء على حكم حماس في رفح وعدم السيطرة على الأنفاق الموجودة تحتها، والتي تعدّ بمثابة الممر الرئيسي للأسلحة من سيناء إلى القطاع، يعني أننا فشلنا في تحقيق المهمة الأساسية التي حددناها لأنفسنا في الحرب، ألا وهي: إسقاط حكم حماس”؛ لافتًا إلى أن الحركة تتمتع في رفح بحرية الوصول إلى خان يونس، ومن هناك – إلى شمال القطاع عبر مئات الكيلومترات من الأنفاق المرتبطة ببعضها البعض، والتي ما نزال بعيدين جدًا عن تدميرها، حتى لو دمرنا أكثر من ألف فتحة نفق، فإن لدى حماس آلافًا أخرى، وبالتالي فإنّ التدمير الجزئي لا يؤثر فعليًا على حركتهم في الأنفاق”.
يتابع بريك: “من هنا؛ فإنّ استمرار قتال الجيش الإسرائيلي بالشكل الحالي في خان يونس، وفي الأحياء والبلدات في وسط قطاع غزة، لا يضيف إلى تحقيق أهداف الحرب. والعكس هو الصحيح، فهذا القتال يكبدنا كل يوم خسائر فادحة: من المتفجرات والأفخاخ التي يزرعها “المخربون” (المقاومون) لنا والصواريخ المضادة للدبابات التي تُطلق علينا”.
ويشدد بالقول: “لقد حان الوقت لإعادة تقييم طريقة القتال، أي تغيير النموذج والخروج من التجمعات السكانية الكثيفة، والهجوم الجراحي بالطائرات بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة ومداهمات برية فقط”.
وإذ يقرّ بريك أن جيش الاحتلال لم يحقق كل تمنياته المتمثلة بتجريد حماس من قدراتها، طالب المستوى السياسي والأمني بالخروج من “المعمعة التي لا فائدة منها”، وأن يعمل في المرحلة الثالثة من الحرب على مواصلة السيطرة على المنطقة بخسائر أقل، ومنع حماس من إعادة تنظيم صفوفها.
وقال: “كما يفهم بعض الوزراء وأعضاء الكنيست أن هذا هدفًا غير واقعي في هذه المرحلة، لكنهم يخشون التعبير عن رأيهم خشية اتهامهم بالإضرار بالروح القتالية للمقاتلين وبالهدف المتمثل بتدمير حماس. هكذا تنشأ حلقة مفرغة لا مخرج منها، من ناحية – نواصل القتال بأسلوب قتالي لم يعد فعالًا، ما يسبّب لنا خسائر فادحة ولا يأتي بالنتيجة المرجوة، ومن ناحية أخرى – لمّا ننتقل بعد إلى الأسلوب القتالي المتمثل في الضربات الجراحية بالطائرات والعمليات الموضعية المبنية على معلومات استخباراتية دقيقة، وهو أسلوب سيوفر لنا الكثير من الخسائر وأفضل النتائج بكثير”.
وأضاف: “حتى من الناحية السياسية، ندور في “حلقة مفرغة” – وضعٌ لا مخرج منه، يعود بعد المرور بكل المواقف إلى الوضع الأولي من دون قدرة على إيقافه أو الخروج منه… أعضاء الحكومة من اليمين المتطرف يعلنون، ليلًا نهارًا، أن القتال داخل قطاع غزة يجب أن يستمر بكل قوته حتى هزيمة حماس، بينما يتجاهلون الحقائق على الأرض ويعيشون واقعًا زائفًا”.
وأشار إلى أن: “الجناح الراديكالي في الائتلاف ليس مستعدًا، بأي حال من الأحوال، لعقد نقاش حكومي عن اليوم الذي يلي للحرب، خوفًا من اتخاذ قرار يسمح بدخول إدارة دولية تدير غزة. وبحسب فهمهم، فإنّ قطاع غزة يجب أن يبقى في أيدي “إسرائيل” سواء في الجانب الأمني أم في الجانب الإداري المدني إلى الأبد”.
ولفت إلى: “معنى هذا التوجه هو أن “إسرائيل” ستقبل المسؤولية عن مليوني لاجئ، وأي كارثة إنسانية ستكون على عاتق “إسرائيل”، وبذلك سنخسر دعم العالم بشكل عام ودعم الولايات المتحدة في الحرب، وسنخسر كل إنجازاتنا في الحرب التي دفعنا ثمنها باهظًا حتى الآن، لكن هذا لا يكفي، فوفقًا لنهجهم، ستستمر قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي في البقاء في المناطق ذات الكثافة السكانية في القطاع لسنوات عديدة وستواجه حرب عصابات مع حماس التي ستستمر في ملاحقتنا ووضع عبوات وأفخاخ لنا وإطلاق صواريخ مضادة للدروع على قواتنا وتتسبب لنا بخسائر فادحة”.
ويختم بريك محذرًا بالقول: “هذا النهج الراديكالي سيؤدي إلى استمرار خدمة بعض وحدات الاحتياط، ولن يتمكّن جنودها من الاندماج بشكل صحيح، سواء في العمل أم في معيشة منازلهم. وسيكون من الضروري توظيف وحدات نظامية في الميدان بدل تأهيلهم وتدريبهم. نهجهم سيؤدي أيضًا إلى حرب استنزاف مع حزب الله، يمكن أن تتحول إلى حرب إقليمية واسعة النطاق والإبقاء على وحدات احتياطية على طول الحدود الشمالية لأوقات طويلة جدًا، وأخيرًا ستؤدي أيضًا إلى تدمير اقتصاد “إسرائيل”.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

ألا موت يُباع فأشتريه.. لسان حال جامعة الدول العربية

منذ الإعلان عن قيام جامعة الدول العربية في ٢٢ مارس ١٩٤٥م كانت قضية فلسطين هي قضيتها المركزية الأولى بالإضافة إلى قضايا دعم النضال الوطني للشعوب العربية لنيل الاستقلال من المستعمر الغربي. فالجامعة أنشئت لعدة أهداف من بينها، ما نصت عليه المادة (٢) من ميثاقها من ”توثيق الصلات بين الدول المشتركة فيها، وتنسيق خططها السياسية، تحقيقاً للتعاون بينها وصيانة لاستقلالها وسيادتها، والنظر بصفة عامة في شؤون البلاد العربية ومصالحها“. وخلال ما يقارب الثمانية عقود واجهت جامعة الدول العربية مواقف وتحديات صعبة في التعامل مع أحداث كبرى مرت بها الأمة العربية مثل: قيام الجمعية العامة للأمم المتحدة في ٢٩ نوفمبر من عام ١٩٤٧م باعتماد قرار يوصي بتبني وتنفيذ خطة لتقسيم فلسطين، الخاضعة للانتداب البريطاني آنذاك، إلى دولتين، واحدة عربية والأخرى يهودية، وما تبع ذلك من قيام حرب ١٩٤٨م، وهي أولى الحروب العربية الإسرائيلية. والتي حدثت عقب إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وإعلان قيام إسرائيل، والعدوان الثلاثي على مصر في عام ١٩٥٦م، والحرب العربية الإسرائيلية في عام ١٩٦٧م وما نتج عنها من قيام الكيان الصهيوني باحتلال شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية ومعظم مرتفعات الجولان السورية، وحرب أكتوبر في عام ١٩٧٣م، والحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت من عام ١٩٧٥م إلى عام ١٩٩٠م، وبالطبع لا يمكن إغفال عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني، والانقسام الحاد الذي حدث في الأمة العربية نتيجة لهذا التطبيع. والحرب العراقية الإيرانية التي استمرت لمدة ٨ سنوات خلال الفترة من ١٩٨٠م إلى ١٩٨٨م، والغزو العراقي الكارثي للكويت في ٢ أغسطس من عام ١٩٩٠م وما تبع ذلك من حصار مدمر للعراق، والغزو الأمريكي للعراق في ٢٠مارس ٢٠٠٣م. إضافةً إلى الخلافات العربية الحادة، التي ما ينتهي خلاف منها إلا وينشأ خلاف آخر أشد وطأة من سابقاتها.

وباستحضار تاريخي لأدوار الجامعة العربية خلال الثمانية عقود الماضية، ترى إلى أي مدى استطاعت عدد من الدول العربية الفاعلة إيصال جامعة الدول العربية وحراكها في قضايا الأمة إلى ما وصلت إليه من تقزيم، حتى يمكن أن ينطبق عليها ما قاله الوزير الشاعر المهلبي عندما حاصرته قسوة الدنيا وأرمت عليه بأثقالها في شبابه ”ألا موتٌ يُباعُ فأشتريه.. فهذا العيش ما لا خير فيه“. فمن قيام الجامعة العربية باتخاذ قرار في ١٢ أبريل من عام ١٩٤٨م بإرسال الجيوش العربية إلى فلسطين لمحاربة الكيان الصهيوني الغاصب، إلى عدم قدرة جامعة الدول العربية ودولها الـ ٢٢ وعدد سكانها الذين يقتربون من ٥٠٠ مليون إنسان من إدخال زجاجة ماء واحدة أو كيلو سكر أو كيس طحين لإخوة لهم يبادون إبادة جماعية في غزة، ويتم تجويعهم على مرأى العالم حتى الموت، من قبل الكيان الصهيوني المجرم المحتل، وهم على بعد أمتار قليلة من حدود عدد من الدول العربية. لا يوجد أدنى شك أن ما وصلت إليه الجامعة العربية، بالرغم من الكثير من الإنجازات عبر مسيرتها الطويلة في مجالات العمل العربي المشترك، وبالذات في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية وغيرها من المجالات، من ضعف وتهميش، حسب تقديري متعمد، وهذا الضعف هو انعكاس لإرادة الدول العربية الأعضاء وبالذات الدول الفاعلة، والتي لا أعلم ما مصلحتها من تقييد أي دور فاعل لجامعة الدول العربية في الأزمات الكبيرة التي مرت بها وتمر بها الأمة، وآخرها وقوفها وقوف المتفرج على ما يحدث من مجازر مروعة في غزة، والتي أيقظت ضمير الشرفاء والأحرار في كل دول العالم ولم تحرك ساكناً لدى جامعة الدول العربية ومعظم الدول العربية ذات التأثير في عمل الجامعة.

والتي اكتفت ببيانات تنديد صحفية وتشكيل لجنة وزارية وإشراك الأمين العام فيها، وهو معروف سلفًا أن لا نتيجة ولا أثر حقيقي لأعمالها، والدليل واضح وضوح الشمس.

أنا هنا لا أقلل من مكانة ودور الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، فهو من القامات الدبلوماسية الرفيعة على مستوى العالم العربي، وكلي يقين أنه إذا سُمح له بالحركة، على غرار ما هو معمول به في الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية، فإنه سيسخر عصارة خبراته ومعاونيه في قيام الجامعة بما هو مأمول منها في هذه الأزمة، وأرى أن هناك مساحة يمكن لمعالي الأمين العام والجامعة التحرك فيها بمعزل عن تأثير الدول الأعضاء، تتمثل في تشكيل خلية أزمة من الطاقات العربية التي تتحدث اللغات الحية في العالم، يناط بها التواصل مع مؤسسات المجتمع المدني الحرة والاتحادات الطلابية والأكاديميين والإعلاميين والمؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي في كل من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية وكافة الشرفاء في دول العالم، المتعاطفين مع القضية الفلسطينية، من منظورها التاريخي والقانوني والإنساني، وكشف زيف وتضليل الحركة الصهيونية لهذه الحقائق، منذ ظهورها للوجود بشكل رسمي على يد تيودور هرتزل في عام ١٨٩٧م، ومدى تأثير هذه الحركة وسيطرتها على الحكومات والبرلمانات والاقتصاد والإعلام في كل من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية لإخضاع هذه الدول بكل ما تملك من مؤسسات وقدرات لخدمة المشروع الصهيوني ودولة الكيان المحتل لفلسطين وتزييف وتشويه صورة العربي والمسلم في الذاكرة الجمعية لهذه الدول.

خالد بن عمر المرهون، متخصص في القانون الدولي والشؤون السياسية.

مقالات مشابهة

  • الحرب على غزة وصمود المقاومة
  • ورطة الكيان الصهيوني بغزة
  • بن غفير: ممنوع التوصل إلى اتفاق مع حماس وإذا توقفت الحرب ضدها لن أكون في الحكومة
  • ألا موت يُباع فأشتريه.. لسان حال جامعة الدول العربية
  • لبيد ..التهدئة في غزة ستؤدي إلى التهدئة في الشمال
  • تفاصيل رفض الاحتلال أي تعديلات على مقترح بايدن لوقف القتال في غزة
  • احتمالات الحرب الكبرى في الجبهة اللبنانية
  • إيران: الاجواء المثارة من الكيان الصهيوني ضد لبنان حربا نفسة
  • أكسيوس: واشنطن تدفع بصياغة جديدة وتعديل لمقترح صهيوني حول اتفاق وقف النار في غزة
  • قائد لواء إسرائيلي: تفكيك حماس في رفح سيستغرق عامين آخرين على الأقل