بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى الثامنة والستين لاستقلال السودان، ومع بداية عام جديد، أكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الاثنين، الولايات المتحدة "تلقي بالا للمعاناة المستمرة للشعب السوداني بسبب الصراع الذي لا داعي له بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية".

زقال الوزير في بيان أن "هذا الصراع أدى إلى ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وتطهير عرقي، وانعدام الأمن الغذائي بشكل خطير، والنزوح على نطاق واسع، وانهيار نظام الرعاية الصحية.

كما تسبب كذلك في تعميق الانقسامات بالسودان على أسس عرقية وقبلية وإقليمية بشكل خطير".

وأضاف بلينكن أنه "قبل عام، انضمت الولايات المتحدة إلى الشعب السوداني ورحبت بالعملية السياسية على أمل أن تتمكن من استعادة انتقاله الديمقراطي، لكن حاليا يعاني السودان من واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية وأزمة النزوح في العالم بسبب قرارات الأطراف المتحاربة، فضلا عن أن الاقتصاد والبنية التحتية في السودان في حالة خراب".

وتطرق الوزير الأميركي إلى معاناة النساء في السودان جراء الصراع، وقال إن "العديد من النساء والفتيات تعرضن للاغتصاب أو يعشن في حالة من الرعب من العنف الجنسي وسط حالة من الفوضى والإفلات من العقاب".

وطالب بلينكن قوات الدعم السريع والجيش السوداني بضرورة "إنهاء هذه الحرب الوحشية وإعادة الحكم إلى المدنيين، كما طالب الشعب السوداني منذ فترة طويلة".

وأكد بلينكن وقوف الولايات المتحدة إلى جانب شعب السودان والعمل على إنهاء الصراع حتى يتمكن الشعب السوداني في العام المقبل من البدء في تحقيق السلام والأمن والازدهار الذي يستحقه.

وتحل الذكرى الثامنة والستين لاستقلال السودان، وسط انقسام كبير ومعارك تركت أكثر من 7 ملايين سوداني في عداد النازحين، سواء داخل البلاد أو خارجها، وفي ظل استمرار قوات الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) في القتال والابتعاد عن عملية سياسية لإنهاء الأزمة التي اندلعت في أبريل الماضي.

وخرج كل من البرهان وحميدتي خلال الساعات الأخيرة بخطابين في ذكرى استقلال البلاد عن الاحتلال الإنكليزي، وكال كل منهما الاتهامات نحو الآخر بالتمرد والخروج عن الحكم الديمقراطي، وسط آراء بأن الأزمة لن تنتهي قريبا.

وأنهى قائد قوات الدعم السريع جولة خارجية لدول جوار السودان، حيث زار أوغندا إثيوبيا وجيبوتي، وأوضح حميدتي أنه ناقش خلال تلك الزيارات تطورات الأوضاع في السودان ورؤيته لوقف الحرب والوصول إلى حل شامل.

وفي خطابه، الاثنين، قال حميدتي: "السودان يعيش أسوأ أزمة في تاريخه وشعبه يعاني... حققت الدعم السريع انتصارات عسكرية كبيرة وواسعة"، داعيا قوات الجيش إلى "الإقرار بالخسارة في الحرب وعليهم التوقف عن القتال وتدمير البلاد".

أما البرهان فقد أوضح خلال خطابه، الأحد، أن "الانتصار قريب وسيتم تحرير السودان"، داعيا الدول التي تستقبل حميدتي بالتوقف عن "التدخل في شأننا لأن أي تسهيلات تقدم لقيادة المجموعة المتمردة تعتبر شراكة في الجرم وشراكة في قتل شعب السودان وتدميره".

وحققت قوات الدعم السريع خلال الأيام الأخيرة انتصارات بارزة، إذ سيطرت على ولاية الجزيرة المحورية في البلاد، الواقعة جنوبي العاصمة الخرطوم، وكانت مركزا لعمل كثير من المنظمات الدولية.

وأسفر تقدم الدعم السريع عن موجة نزوح كبيرة لمئات الآلاف من المواطنين كانوا بالأساس قد نزحوا من الخرطوم بحثا عن الأمان في الولاية.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

رائحة الموت تنبعث من أحد أحياء الخرطوم على وقْع المعارك بين الجيش و«الدعم السريع»

الخرطوم: «الشرق الأوسط» تنبعث رائحة كريهة من حفرة للصرف الصحي في حي دمّرته الحرب في الخرطوم، بينما ينهمك عناصر «الهلال الأحمر» في انتشال جثة منتفخة من تحت الأرض. ويقول المتطوعون إن 14 جثة أخرى لا تزال تحت الأرض، وقال مدير الطب العدلي بولاية الخرطوم هشام زين العابدين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في الموقع، إن بعض الجثث «عليها آثار إطلاق نار على رؤوسها وهي مهشّمة الجماجم».

وأضاف أن الضحايا إما أُطلق عليهم الرصاص أو ضُربوا حتى الموت قبل إلقائهم في الحفرة.

وخلفه كان صندوق شاحنة يمتلئ بالجثث المُنتشَلة من حفرة الصرف الصحي في منطقة شرق النيل، إحدى المناطق الشرقية للخرطوم، والتي باتت، الآن، أنقاضاً.

وألحقت الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، أضراراً كبيرة بمساحات واسعة من الأراضي.

ومنذ اندلاع الحرب، فرَّ أكثر من 3.5 مليون شخص من سكان الخرطوم، التي كانت، ذات يوم، مدينة تنبض بالحياة، وفق الأمم المتحدة.

ويعيش ملايين آخرون ممن هم غير قادرين أو غير راغبين في المغادرة، بين مبان مهجورة وهياكل سيارات وما يطلق عليه الجيش مقابر جماعية مخفية.

مدينة مدمَّرة
تتواصل الحرب بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ونائبه السابق قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، منذ أبريل (نيسان) 2023.

وأسفرت المعارك عن مقتل عشرات الآلاف، وتهجير أكثر من 12 مليون شخص، وفق أرقام الأمم المتحدة، يعيش كثيرون منهم في مخيمات مؤقتة، بينما فرّ أكثر من 3.5 مليون شخص عبر الحدود.

واستولت قوات «الدعم السريع»، في البداية، على الخرطوم، لكن، في الأشهر الأخيرة، استعاد الجيش السيطرة على مناطق؛ من بينها بحري، المعروفة بالخرطوم شمال، ومنطقة شرق النيل الواقعة شرقاً.

وحالياً لا تفصل وحدات الجيش في وسط الخرطوم عن القصر الرئاسي الذي سيطرت عليه قوات «الدعم السريع» في بداية الحرب، سوى أقل من كيلومتر واحد.

ورغم تلك المكاسب، لا يزال دقلو على تحديه، إذ توعَّد بألا تنسحب قواته من العاصمة. وتعهّد، في كلمة عبر تطبيق «تلغرام»، بأن قواته «لن تخرج من القصر الجمهوري». وأضاف: «نحن قادمون إلى بورتسودان» الواقعة على البحر الأحمر، وحيث تتمركز الحكومة منذ سقوط الخرطوم.

وعَبَر فريق من «وكالة الصحافة الفرنسية»، بمواكبة عسكرية، من أم درمان، المدينة التوأم للخرطوم، والتي استعادها الجيش، العام الماضي، إلى بحري وضواحيها التي مزّقتها الحرب.

ومرّ الموكب في أحياء مهجورة ومُوحشة؛ بما فيها حي الحاج يوسف، حيث تمتد هياكل المتاجر المغلقة والأرصفة المتداعية على طول الشوارع.

وتنتشر الأنقاض والحطام والإطارات المتروكة في الشوارع.

وتجلس مجموعات صغيرة من الناس بين كل بضعة شوارع أمام مبانٍ ومتاجر فارغة منخورة بالرصاص.

وتوقفت المستشفيات والمدارس عن العمل. ويقول الجيش إنه عثر على عدد من المقابر الجماعية، إحداها في محكمة أم درمان.

وتبدو على المدنيين الذين ما زالوا في المدينة، صدمة الحرب.

وقالت صلحة شمس الدين، التي تسكن قرب الحفرة؛ حيث ألقت قوات «الدعم السريع» جثثاً: «سمعت أصوات الرصاص، ليلاً، عدة مرات كما شاهدتهم يُلقون جثثاً في البئر».

جوع
وبالنسبة لمن نجوا وشاهدوا استعادة الجيش للمنطقة، مطلع الشهر، لا تزال الحياة تطرح صعوبات مستمرة. فالكهرباء مقطوعة، والمياه النظيفة والطعام شحيحان.

في شارع هادئ في بحري، يجلس نحو 40 امرأة تحت خيمة مؤقتة يُحضّرن وجبات الإفطار في مطبخ مجتمعي، وهو واحد من عدد من المطابخ التي عانت في ظل سيطرة قوات «الدعم السريع».

وتقوم النسوة بتحضير العصيدة والعدس في أوان كبيرة على نار الحطب.

والغاز لم يعد متوافراً، وشاحنات المياه تأتي، الآن، من أم درمان، وهو تحسُّن ملحوظ، مقارنة بالفترة عندما كان السكان يخاطرون تحت نيران القناصة للوصول إلى نهر النيل، الذي بدوره يمثل مخاطر صحية في ظل غياب خدمات الصرف الصحي.

وأصبحت المطابخ المجتمعية خط الدفاع الأخير للمدنيين الذين يعانون الجوع، وفقاً للأمم المتحدة. لكنها عانت صعوبات طوال الحرب للصمود.

ومع قطع طرق وتدمير أسواق وسلب مقاتلي قوات «الدعم السريع» للمتطوعين تحت تهديد السلاح، أصبح إطعام المحتاجين شبه مستحيل.

وقال مؤيد الحاج، أحد المتطوعين في مطبخ مجتمعي بحي شمبات: «أيام سيطرة (الدعم السريع)، كانت لدينا مشكلة في التمويل لأنهم يصادرون الأموال التي يجري تحويلها عبر التطبيقات البنكية». وأضاف: «لكن، الآن، الوضع اختلف، شبكات الهواتف تعمل، كما أننا، كل أسبوعين، نذهب إلى أم درمان لجلب احتياجات المطبخ».

وما بدأ نزاعاً على السلطة بين البرهان ودقلو، تحوّل إلى أكبر أزمة نزوح وجوع في العالم.

وأدت الحرب إلى تدمير البنية التحتية للسودان، وانهيار اقتصاده الضعيف أصلاً، ودفعت بالملايين إلى حافة الجوع.

وأُعلنت المجاعة في ثلاثة مخيمات للنازحين، وفق التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المدعوم من الأمم المتحدة.

وفي الخرطوم وحدها، يعاني ما لا يقل عن 100 ألف شخص ظروف مجاعة، وفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل.

   

مقالات مشابهة

  • قائد في الجيش السوداني يكشف عن خيارين أمام الدعم السريع وسط الخرطوم
  • قائد «درع السودان» يتبرأ من جرائم «الدعم السريع» ويؤكد أنه جزء من الجيش
  • وزير الخارجية السوداني: بلادي تواجه ظروفًا معقدة وأطماعًا خارجية في مواردها
  • رائحة الموت تنبعث من أحد أحياء الخرطوم على وقْع المعارك بين الجيش و«الدعم السريع»
  • مقتل وجرح العشرات بقصف لـ«قوات الدعم السريع» في السودان
  • الجيش السوداني يحاصر الدعم السريع بالخرطوم والسلطات تكتشف مقبرة جماعية
  • الجيش السوداني يضيق الحصار على الدعم السريع ويقترب من القصر الرئاسي
  • السودان.. الجيش يقترب من القصر الرئاسي وهروب لقوات الدعم السريع
  • السودان.. «الدعم السريع» يهدد بالتصعيد ويحدد خريطة عملياته
  • قائد قوات الدعم السريع: سنبقى في الخرطوم ولن نخرج من القصر الجمهوري