«المنتدى الاستراتيجي» يبحث غـداً حالة العالم العربـي 2024
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
دبي: «الخليج»
يجسد المنتدى الاستراتيجي العربي الذي انطلق عام 2001 تحت رعاية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الريادة في الاستشراف والتخطيط للمستقبل ووضع الحلول الاستباقية والبديلة للوقوف على المتطلبات اللازمة لمواجهة مختلف التحديات المستقبلية إقليمياً ودولياً.
ويعدّ المنتدى الذي يندرج تحت مظلة مؤسسة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، منصة فريدة في استشراف الأحداث الجيوسياسية والاقتصادية إقليمياً وعالمياً، ويجمع كبار المسؤولين الحكوميين والخبراء الاستراتيجيين والأكاديميين من المنطقة العربية والعالم، للاستفادة من آراء وبيانات موثوقة المصدر، وتحليلات متعمقة تسهّل عملية استشراف التحديات والفرص الإقليمية المستقبلية.
يقدم صورة استشرافية واضحة أمام متخذي القرار عن مستقبل كثير من القضايا؛ وهو ما يسهم في تمكينهم من وضع خطط استراتيجية لمواجهة التحديات الجيوسياسية والاقتصادية، كما يقدم توقعات دقيقة عن الأحداث المهمة على مدار العام.
وجّه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، في عام 2001، بإطلاق المنتدى، بهدف جمع المفكرين والخبراء السياسيين والاقتصاديين وصنّاع القرار في منصة واحدة، حيث تعمل على الاستفادة من منهجين علميين وهما الاستراتيجي للاستشراف، والاستراتيجي للتخطيط للمستقبل.
وقدم المنتدى الذي انعقد من 12 إلى 14 نوفمبر2001 إطار عمل متميزاً لتبادل المعرفة والرأي بين جميع المسؤولين من مختلف القطاعات الخاصة والحكومية ومجموعة من الخبراء العالميين، حيث درسوا المستقبل الاقتصادي الجديد، وحدّدوا الأولويات والاستراتيجيات في البيئة التنافسية للقرن الحالي.
واستشرف الاقتصاد الجديد، وشهد كشف صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، عن رؤية دبي الاستراتيجية خلال السنوات العشر التالية، حيث شدد على أن التطورات والمتغيرات في الساحة الدولية تتلاحق بسرعة مذهلة، وتفرض على البشرية بأسرها مفاهيم جديدة في السياسة والاقتصاد والتجارة والثقافة والاجتماع وفي نمط العيش، ما يدفع دبي إلى دعوة خبراء متخصصين وأساتذة جامعات مشهود لهم دولياً لمحاورتهم في تفاصيل المشهد العالمي ومتغيراته الأساسية، سواء في الاقتصاد الجديد أو في السياسة والاجتماع والعلاقات الدولية.
توجّه إقليمي
وحمل المنتدى الاستراتيجي العربي عام 2002 الذي انطلق تحت شعار «التواصل من أجل التقدم» بعداً إقليمياً، حيث قدم صورة شاملة للتحديات التي تواجه المنطقة، وأضاء على المتغيرات العالمية والتطورات الراهنة والمستقبلية في مجالات المستقبل الاقتصادي والسياسي.
وناقش المنتدى على مدى ثلاثة أيام عدداً من المواضيع المهمة ذات الصلة بعملية التنمية الشاملة في دول آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط، ومن أهمها استراتيجيات الشركات وثقة المستثمر بأداء الشركات العالمية، إلى جانب طرائق معالجة موضوع الفساد الإداري والمالي والتخلص من البيروقراطية التي تحبط مساعي النهوض بمستوى التنمية الشاملة على كل صعيد.
منصة دولية
وشهد المنتدى تغييراً جوهرياً، وتأكيد تحوله تجاه البعدين الإقليمي والعالمي، ليصبح الحدث الأبرز في استشراف حالة العالم سياسياً واقتصادياً.
وحمل المنتدى في 2004، شعار «العالم العربي 2020»، وتناول مختلف السيناريوهات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والمخاطر والفرص المرتبطة بكل منها.
وناقش المشاركون موضوعات عدة في التوجه نحو اقتصاد قائم على التجارة الحرة والتبادل التجاري العربي ودور الشباب في تنمية العالم العربي، وكيفية إعداد قادة المستقبل في السياسة والأعمال والمجتمع، وموضوع استقطاب الاستثمارات ومتطلبات وشروط تحسين البيئة الاستثمارية في الوطن العربي.
متغيرات عالمية
وركز برنامج المنتدى الذي انطلق تحت شعار «المتغيرات العالمية وفرص النجاح» من 4 إلى 6 ديسمبر 2006، على ثلاثة محاور رئيسية ناقش الأول المتغيرات السياسية في المنطقة العربية والعالم، والثاني المتغيرات الاقتصادية لاسيما تأثير ارتفاع أسعار النفط في السياسات الاقتصادية وحجم الإصلاحات السياسية وفرص الاستثمار المتاحة في ظل ذلك. ودور رؤوس الأموال العربية الباحثة عن فرص استثمار في المنطقة العربية.
والمحور الثالث الجانب الاجتماعي، ومدى قدرة العالم العربي على توفير فرص عمل لعشرات ملايين الشباب العرب. كما ناقش دور مؤسسات التعليم في العالم العربي وقدرتها على مواكبة متطلبات سوق العمل، إلى جانب نظرة العالم إلى عالمنا العربي وما تخللها من سلبيات.
وأضاءت مخرجات المنتدى على أهمية تنويع البنية الاقتصادية وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز الإصلاحات السياسية، ودعم عمليات التغيير لاستخلاص فرص نمو جديدة في العالم العربي.
ودعا المشاركون إلى تطوير التعليم والخدمات الأساسية وصياغة استراتيجيات كفيلة بتنمية الكوادر البشرية.
وبرزت أهمية القضايا التي ناقشها في كونها محاولة لاستباق المتغيرات الاقتصادية التي شهدها العالم عام 2008، فالدعوة إلى التنويع في القطاعات الاقتصادية والإصلاحات الهيكلية كانت كفيلة في حال تطبيقها، بالحدّ نوعاً ما من آثار الأزمة المالية العالمية.
حقوق الملكية الفكرية
وحمل المنتدى في 2009 عنوان «نحو إقامة مجتمع المعرفة في العالم العربي» حيث ناقش أهمية المعرفة لبناء اقتصاد حيوي ومجتمعات مستقرة، وهو ما أثبتته تجربة السنوات اللاحقة، حيث تعمّقت القناعة بضرورة تحديث نظم التعليم وتوفير مصادر للمعرفة، من أجل بناء اقتصاد قوي وحيوي وتأسيس مجتمعات فاعلة ومنتجة.
وأضاء على الفجوة الشاسعة بين المعرفة وسياسات التنمية العربية. كما ناقش أوضاع حقوق الملكية الفكرية ودورها في اقتصاد المنطقة، والمتطلبات التشريعية، والتنظيمية، والثقافية، والمادية لترسيخ حقوق الملكية الفكرية.
دور جديد ومؤثر
وحمل المنتدى عام 2013، عنوان شبكات التواصل ومجتمع المعرفة، حيث أضاء على هذه الشبكات التي بات لها دور جديد ومؤثر في تطوير مجتمعات المعرفة وتقدم الكثير من الأدوات والحلول للدول وأصحاب القرار والمجتمعات، للارتقاء بدولهم واستغلال الثقافة.
وحذر المشاركون من استغلال هذه الشبكات سياسياً، مؤكدين ضرورة أن يواكب الإعلام ما يدور من تفاعل على شبكات التواصل التي باتت تشهد سيلاً جارفاً من المعلومات، منوهين بأهمية وجود قرارات في وسائل الإعلام الرسمية من أجل إحداث تغييرات في نمط عرضها المادة للجمهور، وأهمية التفاعل معهم.
قراءة أعمق وأشمل
تميزت دورة عام 2016، بمدى التخصص والاحترافية التي اكتسبها المنتدى عبر مراكمة خبرات السنوات الماضية، فقد شهدت جلساته حضور أبرز المؤسسات الاقتصادية العالمية، ونقاشات متخصصة صدرت عنها تقارير شاملة تحت إشراف مجموعة من الخبراء المحليين والعالميين، وجملة من المبادرات التي صدرت عنه لتحويل الاستشراف السياسي والاقتصادي إلى وظيفة علمية حيوية وتشكيل كادر بشري متخصص في علوم المستقبل.
وبحثت حالة العالم والعالم العربي، سياسياً واقتصادياً، وتحليل التحديات والفرص التي ستواجه العالم فيهما عام 2017.
استطلاع للفرص
قدّم المنتدى عام 2018، استطلاعاً للفرص ورصداً للتحديات المستقبلية وكيفية مواصلة مسارات التنمية وتسريع وتيرتها، بتقديم تصورات مستقبلية مبنية على المعطيات والمؤشرات الراهنة لتضع في متناول صنّاع القرار قراءات دقيقة يمكن الاستناد إليها في نشاطهم.
وطرحت مواضيع مرتبطة بمستقبل الاقتصاد في المنطقة، والاستثمارات، والتكنولوجيا، وسواها.
كما استعرضت أبرز التوقعات الاقتصادية في العالم خلال 2019، واستشرفت الدولة المرشحة لتكون القوة الاقتصادية الثالثة بعد أمريكا والصين.
ورغم التغيرات الجيوسياسية عالمياً، حدد المنتدى جملة من التوقعات الاستراتيجية عن حالة العالم اقتصادياً وسياسياً لعام 2019، واتفق المشاركون على أنه لا مبرر للتشاؤم رغم كل التغيرات التي يشهدها العالم وفي مقدمتها ارتفاع مخاطر الهجمات الإلكترونية.
استشراف تحديات عقد مقبل
تميزت دورة 2019، بأنها وسّعت النطاق الزمني لاستشراف المستقبل، لتركز على العقد القادم 2020 -2030 بأكمله، ما منحها أهمية خاصة في ظل تسارع الأحداث والتغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة والعالم خلال السنوات الأخيرة،
وعقدت تحت عنوان «استشراف العقد القادم 2020 -2030» بهدف استشراف السنوات العشر المقبلة بأكملها، وتأثيرات أحداثها في العلاقات الدولية في مختلف النواحي السياسية، والاقتصادية، والدبلوماسية، وغيرها.
وشهدت إصدار 3 تقارير الأول «العالم في 2030.. اتجاهات وتحولات وفرص وتحديات»، بالتعاون مع FutureWorld Foundation وطرح بعض أبرز الأحداث العالمية المتوقعة في السنوات القادمة، ومنها تعرض النظام العالمي الحالي ومؤسساته الرئيسية (الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، ومجموعة البنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية) لضغوط كبيرة طوال العقد القادم، وظهور انخفاض ملحوظ في الأهمية النسبية لمجموعة السبع G7.
والثاني «11 سؤالاً للعقد القادم»، وأنجز بالتعاون مع Good Judgment Inc، المؤسسة الأكثر دقة في العالم في التنبؤات الجيوسياسية والاقتصادية، ويجيب عن أبرز الأسئلة المطروحة خلال المرحلة المقبلة.
المستقبل الجيوسياسي
ركز المنتدى عام 2014، على استشراف المستقبل الجيوسياسي للمنطقة، ومدى تأثره بالمتغيرات العالمية، استجابة لتنامي حدة الصراعات الإقليمية وما أسسته من استقطاب في المشهد السياسي العالمي، وتنامي خطر الإرهاب والجماعات المسلحة.
وناقشت نخبة فكرية سياسية واقتصادية عالمية موضوعين أساسيين: الأول أهم التحولات السياسية الرئيسية في العالم والنزاعات القائمة وإمكانات تفاقمها والسيناريوهات المحتملة لها في 2015، والثاني: محاولة استشراف خريطة النمو الاقتصادي العالمية، وأهم التحديات التي ستواجه اقتصاد العالم في 2015.
وشهدت هذه الدورة نمطاً جديداً في تناول القضايا المصيرية تبحث حالة العالم العربي سياسياً، واقتصادياً.
وكانت دورة المنتدى عام 2015 محورية في تاريخه، حيث وجّه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، رعاه الله، بتحويل المنتدى، إلى منصة فكرية وبحثية عالمية تهدف إلى استشراف المستقبل وحالة العالم سياسياً واقتصادياً، بهدف بناء نموذج علمي لتحليل البيانات الجيوسياسية والاقتصادية كافة.
وتناول المنتدى تلك التطورات في المنطقة والعالم، وركز بشكل أساسي على المخاطر المحتملة التي تنذر بها حالة غياب اليقين السياسي والاقتصادي التي تسود معظم الأقاليم العربية.
وشهد المنتدى استعراضاً لمجموعة من التقارير العالمية من منظمات ومؤسسات، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمنتدى الاقتصادي العالمي.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: تسجيل الدخول تسجيل الدخول فيديوهات دبي الشیخ محمد بن راشد العالم العربی المنتدى عام حالة العالم صاحب السمو فی المنطقة العالم فی فی العالم
إقرأ أيضاً:
برعاية السيد ذي يزن «البخّارة» تحصد جائزة مهرجان المسرح العربي.. وإشادة بالعروض التي «وظفت التكنولوجيات والرقمنة»
حصلت مسرحية " البخّارة" لـ"أوبرا تونس، قطب المسرح" على جائزة صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، وذلك في حفل ختام مهرجان المسرح العربي الخامس عشر، تحت رعاية صاحب السمو السيد ذي يزن بن طارق آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، بتنظيم من الهيئة العربية للمسرح، ووزارة الثقافة والرياضة والشباب والجمعية العمانية للمسرح.
وكان العرض الفائز من تأليف: صادق الطرابلسي وإلياس الرابحي، وإخراج صادق الطرابلسي. وتقدم المسرحية حكاية اجتماعية عميقة تعكس واقع الانسان المعاصر، في مواجهة آثار التلوث البيئي والاجتماعي، مستحضرة تفاصيل الحياة اليومية في بيئة خانقة تتلاشى فيها الأحلام، وتتصاعد فيها الصراعات.
وأعلنت الهيئة العربية للمسرح أن "القاهرة" ستكون هي الوجهة القادمة للمهرجان الذي يجوب أقطار المنطقة العربية، وكانت مسقط هذا العام هي حاضنة المسرح العربي، بعروض بلغت 15 عرضا في المسار الأول، و 4 عروض في المسار الثاني، إضافة إلى ندوات وورش عمل متنوعة.
مسرح متجدد
وألقى الفنان اللبناني رفيق علي أحمد رئيس لجنة التحكيم بيانا أشاد فيه بالمناخ الحر والإيجابي الذي وفرته الهيئة لعمل اللجنة التي تحمل على عاتقها تحقيق أهداف المهرجان في مسرح جديد ومتجدد، مسرح محترف، مسرح يحقق حلمنا جميعاً في مسرح عضوي ومشتبك مع قضايا أمتنا والإنسانية جمعاء".
وحول العروض قال رئيس لجنة التحكيم: "قدمت العروض جميعاً رؤى جديدة وجماليات تنحو نحو توظيف التكنولوجيات الجديدة والرقمنة، كما شهد المهرجان وجود ستة عروض من أصل خمسة عشر عرضاً في المهرجان بتوقيع ست مبدعات عربيات ومن أجيال مختلفة، وطرحت أعمالهن قضايا معاصرة تعيشها مجتمعاتنا وتلمست مكامن الأمل والألم، وتحيي اللجنة هذه الجهود الإبداعية الفارقة".
المسرحيات الختامية
وقدمت فرقة شادن للرقص المعاصر العرض قبل الأخير من عروض المهرجان ضمن العروض المتنافسة على جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في مهرجان المسرح العربي الخامس عشر، وهو من إخراج شادن أبو العسل.
يطرح العرض قوة الجسد كأداة تعبير ومقاومة، مستعرضاً صراعاً إنسانياً أزلياً بين القمع والطموح نحو الحرية. وتميز العرض بشخصياته الرمزية الأربعة التي حملت أدوارها معاني عميقة ضمن سياق رمزي مليء بالتأويل.
الناقد جمال قرمي في قراءته للعرض المسرحية الفلسطيني "ريش"، تناول العديد من النقاط التي تبرز عمق العرض وحساسيته الفنية، مشيراً إلى أن رؤيته كممارس للعرض المسرحي جعلته يحب هذا العمل. واصفاً العرض بأنه يمثل"سلطة الصمت" في مواجهة الكلمة، حيث يرى في ذلك إيديولوجية الصمت الذي يعكس ما نعيشه في حياتنا اليومية. فالجسد في هذا العرض يتخذ مكانة رمزية، فيما الكلمات تأخذ دوراً ثانوياً في المجتمعات التي تعاني من القمع، ليصبح الجسد مساحة للمقاومة وأداة يستخدمها الفنان للتعبير عن قضايا وجودية وإنسانية.
"ريش" في نظر قرمي هو صرخة الروح المستلبة، حيث أن الجسد يتحول إلى سلاح للحرية في مواجهة التسلط وقيوده. ويعكس العرض مستويات عالية من الالتزام، ويعبر عن الواقع من خلال مزج الحركة المسرحية مع الرقص. كما أن العرض يعري مفهوم التحرر ويضيء قدرة الإنسان على المقاومة والتمرد.
وعن شخصية المرأة التي أدتها ماشا سمعان رأى قرمي أنهل تظهر في العرض كتجسيد للتمرد والتحرر، فتفتح آفاقاً جديدة وتتنقل عبر الألوان الأزرق والوردي، ليعتلي هيكلها الأنثوي في دور ذكوري، واختزال السلطة المطلقة التي تسيطر على المستلبين. بينما تظهر المرأة الدمية التي أدتها هيا خورية في حالة من الامتثال، حتى تصل إلى حالة التماهي الكامل مع القوى المسيطرة.
أما شخصية الرجل المستلب التي أداها عنان أبو جابر، فيعكس تفاعله مع الدمية تلك الحالة المشتركة بين المستلبين والمستبدين حسب قرمي. وهي تأتي كجزء من الصورة الرمزية التي يعكسها العرض، حيث تسلط الضوء على العلاقة بين الحرية والقبول بالواقع المفروض.
وعلى صعيد السينوغرافيا، يرى قرمي أن هذه العنصر يمثل نقطة محورية لدعم الحكاية وتعميق التأثير العاطفي، حيث يكون الفضاء المسرحي بين القيود والانفتاح، متقشفاً ومفتوحاً، وتسيطر عليه البساطة التي تمنح المشاهد الفرصة للتأمل. التصميم شبه الخالي من العناصر الداخلية يعكس السجن الداخلي الذي تعيشه الشخصيات.
أما فيما يخص الإضاءة، فهي تمثل لغة بصرية ذات طبقات متعددة، إذ يسيطر اللون الأزرق على مشاهد السلطة، بينما يشير اللون الأحمر إلى التحول والصراع والغضب. كما أن الإضاءة الخافتة والهادفة تُستخدم لعزل الشخصيات وتركيز الانتباه على التفاصيل الحركية.
أما الديكور، فيتمحور حول الكرسي الذي يصبح رمزاً للقيد والاستلاب كما يشير قرمي، فيما يضفي المرسى المرتفع هيمنة على العرض. بينما يمثل عنصر الريش رمزية للهشاشة، مما يضيف عمقاً آخر لفهم الشخصية والصراع الداخلي.
ولعبت الأزياء دوراً هاماً في تحديد هويات الشخصيات وديناميكيات علاقاتهم، لتكتمل بذلك رمزية العرض الذي يبحث عن كينونة الإنسان الحر. ويختتم قرمي بالإشارة إلى أن العرض يمثل نوعاً من الرقص المعاصر الذي يفتح الأفق لأسئلة التحرر والوجود.
إجمالاً، يعتبر جمال قرمي أن "ريش" هو عرض مسرحي يبحث في جوهر الإنسان وحريته، ويعكس بعمق الصراع الداخلي الذي يعيشه الأفراد في مجتمعاتهم القمعية، وتظهر فيه رمزية قوية ومؤثرة في جميع جوانب العرض.
وكان موعد ختام العروض المسرحية للمهرجان بعرض دولة الكويت الذي حمل عنوان "غصة عبور"، تأليف تغريد الداود، وإخراج محمد الأنصاري، وتدور أحداثها حول مجموعة من الأشخاص المغتربين العالقين على جسر مشاة هش رابط بين منفذين، لكل شخصية منهم تاريخ عميق يربطه بهذا الجسر، فتوقفوا عليه كالغصة التي تقف في سقف الحلق.
رسائل كثيرة بعثها العرض المسرحي، حوارات مشبعة بالوجع، وأخرى مليئة بالكوميديا السوداء، وشخوص تقمصوا الأدوار بتمكن ومثالية، وأفكار متداخلة تغذي العرض وتبهر الجمهور، وجال السؤال الذي تردد كثيرا على خشبة المسرح، وربما في أذهان الجمهور، ما هو الوطن؟ وكيف يعيش الإنسان في دوامة البحث عن الوطن، أن يجرد شاعر من كلماته ويسلب حبر قلمه النابض بحب الوطن، فيتبدل من شخص إلى آخر، طاويا غياهب ذاته في دوامة الغربة، تلك التي فرقت بين رجل وأسرته، فكان لزاما عليه أن يبقى مغتربا لما يصل إلى 30 عاما ليؤمن حياة كريمة لأبنائه القاطنين في الوطن، وهو المحروم من العيش فيه، تماما كحرمان أم أنجبت طفلها في الغربة بعد أن هجرها الرجل الذي حاربت أهلها لتكون برفقته، وبقيت عالقة تتجرع مرارة الألم والحرمان، فلا هي لوطنها تعود، ولا هي تملك لطفلها وطن.
الغربة بمفهومها الواضح والصريح، والمبطن الخفي هي أبرز ما كانت المسرحية تتناوله بعمق فكري، وكتابة مسرحية متمكنة، ولم يكن الوطن إلا شعورا عميقا بالمكان أو الأشخاص أو العاطفة، فهو بكل أشكاله ومعانيه المختلفة بين شخص وآخر ما هو إلا شعور صادق بالأمان والاطمئنان والاستقرار، الشعور أنك في حماه تجد كل التفاصيل التي تؤهل لعيش الحياة المطمئنة السعيدة.
وتميز عرض "غصة عبور" باختيار للأزياء، وألوانها ذو الدلالات المرتبطة بكل شخصية، كما كان عمل الديكور بكل تفاصيله ومعانيه، وإمكانية تحريك "الجسر" بين الحين والآخر بما يتواءم وحوارات الأداء، وبطبيعة الحال كانت الإضاءة متماشية مع كل مشهد.
أدّى بطولة المسرحية كلا من: الفنانة سماح، والفنان عبدالله التركماني، والفنان عبدالعزيز بهبهاني، والفنان عامر خليل أبو كبير، والفنان أحمد صايد الرشيدي، وآخرين.