علي يوسف السعد يكتب: سافر معي إلى بلغاريا
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
تقع بلغاريا في قلب أوروبا الشرقية، هي جوهرة مخفية تنتظر من يكتشفها من المسافرين الشجعان؛ بفضل تاريخها الغني ومناظرها الطبيعية المتنوعة ومدنها النابضة بالحياة.. تقدم بلغاريا تجربة لا تُنسى لأولئك الذين يبحثون عن الإثراء الثقافي والجمال الطبيعي، صراحة مؤخراً سمعت بأن المسافرين هناك كان لهم تجربة غير جميلة، ولكن بكل صراحة زيارتي لبلغاريا كانت مميزة.
قم بالتوجه جنوباً إلى «بلوفديف»، إحدى أقدم المدن المأهولة بالسكان في أوروبا، والتي تُعد متحفاً حياً، حيث يمكنك التجول في متاهة من الشوارع المرصوفة بالحصى والتي تصطف على جانبيها منازل من العصر العثماني المحفوظة بشكل جميل، ومسارح رومانية وحصون قديمة، وتتجلى الروح الفنية للمدينة في مشهدها الفني النابض بالحياة، حيث يمكنك الاستمتاع بالحفلات الموسيقية والمعارض في الهواء الطلق طوال العام.
بالنسبة لأولئك الذين يبحثون عن الشمس والبحر، فإن «فارنا»، جوهرة بلغاريا الساحلية على البحر الأسود، هي وجهة يجب زيارتها، وتُعد مدينة فارنا، بشواطئها النقية ومياهها الصافية وممشى شاطئ البحر الصاخب، ملاذاً للاسترخاء، ويمكنك أن تنغمس في التاريخ في متحف فارنا الأثري، لرؤية أقدم كنز ذهبي في العالم، والذي يعود تاريخه إلى أكثر من 6000 عام.
أفضل وقت لزيارة بلغاريا في الصيف (من يونيو إلى أغسطس)، فهو مثالي لرواد الشواطئ وعشاق الهواء الطلق، مع درجات حرارة دافئة وأيام مشمسة، فيما يوفر الربيع (أبريل إلى يونيو) والخريف (سبتمبر إلى نوفمبر) طقساً أكثر اعتدالًا لاستكشاف المدن والمشي لمسافات طويلة في الجبال، كما يضفي فصل الشتاء (من ديسمبر إلى فبراير) أجواءً سحرية على منتجعات التزلج في بلغاريا، مثل بانسكو وبوروفتس.
تُعد جبال ريلا موطناً لدير ريلا المذهل، وهو أحد مواقع التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ويوفر فرص المشي لمسافات طويلة والتزلج، وطبعا وبدون شك يجب زيارة بحيرات ريلا السبع، وهي مجموعة من البحيرات الجليدية.
ولا تكتمل الزيارة إلى بلغاريا دون الاستمتاع بمأكولاتها اللذيذة، فعليك أن جرب «بانيتسا»، وهي معجنات لذيذة مليئة بالجبن والبيض، أو تمتع بسلطة شوبسكا التقليدية، وهي مزيج منعش من الطماطم والخيار والفلفل وجبن الفيتا.
بلغاريا بلد التناقضات، حيث يلتقي التاريخ القديم بالحياة الحديثة، ويلوح الجمال الطبيعي عند كل منعطف، سواء كنت تستكشف شوارع صوفيا القديمة، أو تسترخي على ساحل البحر الأسود، أو تتنزه سيراً على الأقدام وسط الجبال ذات المناظر الخلابة، وبذلك تقدم بلغاريا مجموعة متنوعة من التجارب التي ستترك لك ذكريات دائمة، لذا احزم حقائبك، واحتضن جاذبية بلغاريا، وانطلق في رحلة لن تنساها. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: علي يوسف السعد بلغاريا
إقرأ أيضاً:
ابتهال أبو السعد- مبرمجة مغربية تهز عرش التكنولوجيا بشجاعة الضمير
في مشهد نادر وشجاع هزّ أركان واحدة من أضخم شركات التكنولوجيا في العالم، وقفت المهندسة المغربية الشابة ابتهال أبو السعد لتقول «لا» في وجه ما وصفته بـ»تواطؤ الذكاء الاصطناعي في جرائم الإبادة»، موجهةً اتهامًا مباشرًا لشركتها – مايكروسوفت – خلال احتفالها بمرور نصف قرن على تأسيسها.
ابتهال، خريجة جامعة هارفارد وأحد أبرز العقول الشابة في مجال الذكاء الاصطناعي، لم تكتفِ بالصمت كما يفعل الآلاف داخل كبرى شركات التكنولوجيا، بل اقتحمت منصة الاحتفال في العاصمة الأمريكية واشنطن، لتقاطع كلمة المدير التنفيذي لقطاع الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت مصطفى سليمان، وتوجه له اتهامًا قاسيًا: «تزعم أنك تستخدم الذكاء الاصطناعي من أجل الخير، لكن مايكروسوفت تبيع أسلحة ذكاء اصطناعي للجيش الإسرائيلي.. أنتم تجار حرب».
لم تكن كلمات ابتهال مجرد صرخة غضب، بل موقف مبدئي ضد شراكة تقنية تقول إنها ساهمت في قتل أكثر من 50 ألف فلسطيني في قطاع غزة، ودعمت مشاريع مراقبة وتجسس استخدمت لتصفية مدنيين، بحسب ما جاء في رسالة مسرّبة نسبت إليها لاحقًا ونشرها موقع «ذا فيرج».
من الرباط إلى مايكروسوفت.. رحلة عبقرية وضمير
وُلدت ابتهال عام 1999م في العاصمة المغربية الرباط، وتفوّقت منذ سنواتها الأولى في مجال الرياضيات والعلوم، لتنال منحة دراسية إلى جامعة هارفارد حيث تخصصت في علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي.
وقبل ذلك، كانت قد خاضت تجربة ملهمة ضمن برنامج TechGirls التابع لوزارة الخارجية الأميركية، والذي يُعنى بتأهيل الفتيات في مجالات التكنولوجيا والهندسة.
في سنوات دراستها، أسّست منصات لتعليم البرمجة للأطفال ذوي الدخل المحدود، وأسهمت في تطوير منصة رقمية لحفظ السجلات الطبية للاجئين حول العالم، في مشروع إنساني يُجسد شغفها بالتكنولوجيا كأداة تغيير إيجابي.
وفي عام 2022م، انضمت إلى مايكروسوفت، حيث عملت ضمن فرق تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي في الخدمات السحابية “مايكروسوفت أزور” ومشاريع التحليل البياني والمراقبة، دون أن تعلم – حسب تعبيرها – أن بعض هذه التقنيات سيتم تسخيرها لأغراض عسكرية من قبل جيش العدو الإسرائيلي.
صرخة مدوّية تهز الصمت
في رسالتها التي تلت الواقعة، كتبت ابتهال: “لقد حطمتني صور الأطفال الأبرياء المغطاة بالرماد والدماء… لا يمكنني أن أواصل عملي بينما يُستخدم الذكاء الاصطناعي في قتل المدنيين”.
كشفت الرسالة عن عقد قيمته 133 مليون دولار بين مايكروسوفت ووزارة دفاع الكيان الصهيوني، لتخزين وتحليل بيانات ضخمة عبر خدمات “أزور”، وهو ما وصفته بأنه “مساهمة مباشرة في مراقبة واستهداف الشعب الفلسطيني”.
كما أشارت إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تطورها الشركة “تُستخدم حاليًا في أكثر مشاريع الجيش الإسرائيلي سريةً، ومنها بناء بنك أهداف ورصد السكان الفلسطينيين”، مؤكدة أن الاستخدام العسكري لهذه التقنيات تضاعف 200 مرة منذ اندلاع العدوان في أكتوبر 2023م.
تقدير واسع ودعم شعبي
لاقى موقف ابتهال إشادة واسعة من ناشطين وحقوقيين وصحفيين في العالم العربي، حيث وصفها الحقوقي الفلسطيني رامي عبدو بأنها “ضمير يقظ داخل إحدى أكبر شركات التكنولوجيا”، أما الأكاديمي المغربي هشام بنلامين علوي، فوصفها بـ”المرأة الحرة في زمن العبيد”، مشيدًا بتضحيتها بمستقبلها المهني مقابل موقف إنساني، كما كتب الحقوقي المغربي عبدالعالي الرامي: “شكراً يا ابتهال على كونك إنسانة في عالم وحشي”.
التكنولوجيا لا تعفي من الأخلاق
ما فعلته ابتهال يعيد فتح النقاش المؤجل حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، ودور الشركات الكبرى في الحروب الحديثة، خصوصًا بعد تأكيد تقارير متعددة أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تُستخدم في تحديد الأهداف وضرب المواقع السكنية في غزة.
وإن كانت ابتهال قد غادرت منصة مايكروسوفت تحت أعين مشدوهة، فإن رسالتها – كما يقول المراقبون – لم تغادر وجدان الآلاف ممن باتوا يتساءلون: هل يمكن فصل الذكاء الاصطناعي عن دماء الأبرياء؟