"طوفان الأقصى" الذي بدأ في "7" أكتوبر الماضي، لم يكن مجرد معركة ضد محتل غاشم فحسب، وإنما بداية جديدة لـ"حرب" من طراز فريد، زلزلت دواخل عدو جبان كان مختبئاً خلف جدران الزيف، يُجمّل صورته القبيحة أمام العالم "الأعمى"، ويكتم صرخات الضحايا عن مسامع "صماء"، فانكشفت مؤامرات كانت تحاك في الخفاء، بطرق ممنهجة، أخطر بكثير من تلك التي كان يمارسها الطغاة في العلن، بمنتهى الجبروت.

الكيان الذي سرق الأرض في الماضي، احترف سرقة العقول على مدار سنوات، مستخدماً أساليب ظلت خفية، حتى فضحها "طوفان الأقصى"، ولعبت الأقدار دور المساندة لمن يستحقها، حين كشفت الصدفة (برغم أن السيناريو الإلهي لا يعترف بالصدفة)، عن مصرع الممثل والمنتج الصهيوني "ماتان مائير"، الذي يطلقون عليه "نجم منصة نتفليكس Netflix العالمية"، أثناء قتاله في صفوف الجيش الصهيوني خلال هجومه الغاشم على غزة، لينكشف للعالم الوجه الحقيقي لشخص من المفترض أنه "فنان" يستخدم الكلمة كوسيلة للتعبير، ولكن لأنه "صهيوني محتل"، كان يدرك معنى الكلمة كـ"سلاح أحدّ من السيف"، وعاش مختبئاً خلف الكاميرات لـ"دس السم" في العقول، حتى غلبته أهواء نفسه لخوض المعركة على أرض الواقع، والارتواء بدماء الضحايا، وجاءت كلمة "النهاية" على شريط حياته، بشكل لائق ومناسب لضميره، بلا أضواء مبهرة، ولا مؤثرات وخدع بصرية، ولا محاكاة مزيفة، وكشفه الواقع على حقيقته المعتمة، المجردة من كل زيف.

جندي الاحتياط "مائير"، 38 سنة، فرد الكتيبة "697" باللواء "551" في جيش الاحتلال، كان أحد أفراد طاقم مسلسل "فوضى"، الذي عرضته منصة "نتفليكس" على مدار أربعة مواسم، في أكثر من "190" دولة، ودارت أحداثه (في 48 حلقة) حول وحدة عسكرية صهيونية تدعى "مستعرفيم"، وتعني بالعربية مستعربون، تنفذ مهام خاصة بالأراضي الفلسطينية، وتخترق صفوف حماس، وتغتال قادتها، مع اختيار "ماكر" لممثلين صهاينة يجيدون اللهجة الفلسطينية الشعبية، إمعاناً في اختراق العقول، وغلغلة الرواية الصهيونية، وتكريس فكرة "الجندي الإسرائيلي الخارق"، وتشويه المقاومة (كشخصية أبي إبراهيم من عائلة فلسطينية يدعي خلال الأحداث أن ولده مات ولم يستشهد، بعد غسيل دماغه بأفكار المقاومة)، وأكد "مراقبون صهاينة في الشأن العربي"، أن انتقادات المسلسل كانت دعاية تسويقية مجانية صنعت له شعبية جارفة، ولو من باب الفضول، في حين قام رئيس الكيان الأسبق "روبي ريفلين" بتكريم أبطال المسلسل في حفل كبير!!

وبرغم أن "نتفليكس"، تؤكد للعالم دائماً أنها "منصة ترفيهية" لا تحمل أي أجندات سياسية، إلا أن كاتبة أمريكية تدعى "بيلين فيرناندز"، نشرت مقالاً عبر موقع "ميدل إيست آي"، ذكرت فيه أن نتفليكس أصبحت بيت الدعاية الصهيونية وأن الكيان محظوظ بسبب تمكّنه من تأسيس وجوده على المنصة الكبرى لترويج سياساته عالمياً، وكسب التعاطف العالمي بسهولة، من خلال عرض بطولات استخباراته، وتصوير الفلسطينيين على أنهم إرهابيون دمويون.

بدأ الوجود الصهيوني على "نتفليكس" منذ 2013، بأول مسلسل عنوانه "الرهائن"، تعتمد حبكته على "اضطراب المشاعر" بين التعاطف مع الجاني والضحية، ليبلغ الزيف قمته في مسلسل "فوضى"، بتمجيد جرائم الحرب التي يرتكبها الصهاينة، ووصم المجتمع الفلسطيني بالتعطش للدماء وتغلغل تنظيم "داعش" الإرهابي فيه، وتصوير المجتمع الصهيوني بأنه رمز النبل والأخلاق، وكان الممثل الأمريكي "ديفيد كلينون" ضمن المرشحين للبطولة، ولكنه رفض مؤكداً أن ضميره لا يسمح له بالمشاركة في عمل يبيّض وجه الاستعمار!!

مراقبو الشأن العربي، يعتبرون منصة نتفليكس "ساحة حرب لوبي غاشم" لطمس الهوية الفلسطينية، وليّ عنق الحقائق، وتصوير مذابح الصهاينة بأنها دفاع عن النفس، من أجل "شرعنة جرائمها"، حيث عرض الكيان من خلال شاشتها عشرات الأعمال الفنية، منها "المختطفون"، "عبر الأطلسي"، "مساحة سوداء"، "معركة منسية"، "مقاومة المصرفي"، "داخل الموساد"، "عندما يحلق الأبطال"، "مكتوب"، "الجاسوس"، "الشرطي الصالح"، و"الملاك"، وثلاثة مسلسلات أدرجتها "نيويورك تايمز" ضمن أهم مشاهدات السنوات العشر الأخيرة، هي:"Our Boys"، "Shtisel"، ""Be Tipul.

وبشهادات الصهاينة أنفسهم، ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست"، أن "محتويات إسرائيلية أضيفت بصمت وهدوء إلى خدمات نتفليكس، منها أعمال درامية ووثائقية، تشكل ترويجًا مباشرًا غير مسبوق"، فيما كتب الصحفي "إيسان شور"، مقالاً قال فيه: "وصلت ذراعنا الطويلة إلى هوليوود سابقًا، والآن نتفليكس، لقد تعمقنا منذ 2018، وكأن السينما والتليفزيون الأمريكيين، أصبحا جزءًا من مركز تراث المخابرات الإسرائيلية"، فيما أكد المخرج "أرييل فرومان" أن "الجمهور المستهدف من المحتوى الإسرائيلي عبر منصة "نتفليكس" هو الجمهور العربي، لتحسين العلاقات بيننا وبين العرب"!

بقي القول، إن قرابة ثلاثين عملاً فنياً "فلسطينياً"، قررت "نتفليكس" عرضها على شاشتها، على مدار العامين الماضيين، من باب "حفظ ماء الوجه"، أو بمعنى أدق "تبييض صفحتها أمام المشاهدين"، خاصة أن ثلثي متابعيها من الشباب، دون الخامسة والعشرين، وفي نفس الوقت أعلنت عن إنتاج الجزء الخامس من مسلسل "فوضى"، فهل مَنْ صنعت وأنتجت وعرضت أعمالاً تعد "كوارث روايات صهيونية قاتلة"، أيمكنها أن تصبح بين يوم وليلة "منصة مشاهدة حيادية"؟؟!

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: نتفليكس طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

خمسة شهداء فلسطينيين خلال الـ24 ساعة ومسؤول صهيوني يتحدث عن فجوات كبيرة بين الاحتلال وحماس

 

الثورة / متابعة

سقط عدد من الضحايا الأبرياء من المدنيين الفلسطينيين كشهداء وجرحى أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن في قطاع غزة؛ نتيجة استمرار العدو الصهيوني ارتكاب خروقات لاتفاق وقف إطلاق النار بين كيان العدو الصهيوني وفصائل المقاومة في القطاع، منذ 19 يناير الماضي.

وفي هذا الصدد استشهد مواطن فلسطيني، مساء أمس الأحد، جراء قصف صهيوني استهدفه في حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة، ليرتفع عدد الشهداء في القطاع إلى خمسة خلال الـ24 ساعة الأخيرة.

وأفادت مصادر محلية، بأن طائرة مسيرة صهيونية استهدفت مواطنًا قرب دوار الكويت جنوب شرقي حي الزيتون ما أدى إلى استشهاده.

يذكر أن أربعة مواطنين، بينهم اثنان متأثران بإصابتهما استشهدوا، أمس الأحد، جراء التصعيد الصهيوني في قطاع غزة.

واستشهد الشاب أحمد أبو رواع متأثرًا بجروح أصيب بها، جراء قصف من مسيرات صهيونية على مركبة في بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع أمس السبت.

كما استشهد المسن فايز الطويل (62 عامًا)، إثر قصف من مسيرة صهيونية في بلدة جحر الديك.

واستشهدت الشابة ندى عيسى متاثرة بإصابتها، في قصف منزلها في مخيم النصيرات وسط القطاع، لتلتحق بوالدها الشهيد الدكتور صلاح عيسى وشقيقها.

وفجر أمس، أطلقت دبابات العدو نار مكثف على طول محور صلاح الدين «فيلادلفيا» صوب المناطق الجنوبية لرفح، وكذلك صوب المناطق الشرقية لبلدة عبسان الكبيرة والجديدة شرقي خان يونس.

وانتشلت طواقم الإسعاف جثمان شهيد تعرض لقصف من مسيرة صهيونية أمس، في بلدة جحر الديك وسط القطاع.

وفي سياق متصل قال الدفاع المدني أن طواقمه نقلت جثامين 17 شهيدًا فلسطينيا، ممن تم دفنهم داخل أسوار مجمع الشفاء الطبي بغزة خلال حرب الإبادة الصهيونية على قطاع غزة، مشيرًا أن من ضمن الشهداء ثمانية مجهولي الهوية.

وأوضح الدفاع المدني في بيان، أن طواقمه انتشلت جثامين سبعة شهداء من تحت أنقاض منزل لعائلة المناعمة غربي مدينة غزة.

من جهتها أعلنت مصادر طبية فلسطينية، أمس الأحد، وصول إلى مستشفيات قطاع غزة نحو 29 شهيدا (15 شهيدا انتشلت جثامينهم، و14 شهيدا جديدا)، و51 إصابة خلال الساعات الـ24 الماضية.

كما أشارت إلى ارتفاع في حصيلة الشهداء الفلسطينيين في قطاع غزة إلى 48,572، وحصيلة الإصابات إلى 112,032، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء العدوان الصهيو أمريكي في السابع من أكتوبر 2023، في حين لا يزال عدد من الضحايا تحت الأنقاض، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

من جانبه قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن 80% من سكان قطاع غزة، لا يملكون الغذاء بانتظام، مؤكدا أن القطاع يعيش إحدى مراحل المجاعة، بسبب استمرار جيش العدو الصهيوني إغلاق المعابر.

وأوضح الإعلامي الحكومي في بيان، أن قطاع غزة يفتقد كل شيء بعد 15 يوما من وقف دخول المساعدات. ودعا المكتب الوسطاء التحرك لوقف جريمة العدو الصهيوني، بحق أكثر من مليوني شخص.

وأغلق جيش العدو الصهيوني جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مطلع مارس الحالي، لمنع دخول المساعدات الإنسانية، بعد تنصل العدو من اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع، وسط تجاهل أمريكي وصمت دولي.

في غضون ذلك حذّرت بلدية غزة من خطورة الأوضاع الإنسانية والصحية في المدينة نتيجة استمرار العدو الصهيوني في إغلاق المعابر ومنع دخول الوقود ومصادر الطاقة اللازمة لتشغيل المرافق والخدمات الأساسية، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات التعسفية تهدد بتفاقم الأوضاع وقطع سبل الحياة والمياه في المدينة.

وقالت البلدية، في بيان صحفي إن العدو يواصل سياساته التعسفية عبر وقف إمدادات الوقود والطاقة وتهديده بوقف ضخ المياه من خط «مكروت»، الذي يُعد شريانًا رئيسيًا لتزويد المدينة بالمياه، حيث يغطي حاليًا نحو 70% من احتياجاتها اليومية.

وأكدت البلدية أن وقف مصادر الطاقة سيؤدي إلى حالة شلل شبه كامل في تشغيل مرافق المياه والصرف الصحي، إلى جانب توقف العديد من الخدمات الحيوية الأخرى، مما يزيد من حجم الكارثة الإنسانية والصحية التي تعاني منها المدينة في ظل العدوان المستمر.

وأشارت إلى أن توقف خط «مكروت» سيؤدي إلى أزمة عطش خانقة في المدينة ويُهدد الحياة الإنسانية فيها ويؤدي إلى تدهور الصحة العامة وانتشار الأمراض.

ودعت بلدية غزة المؤسسات والهيئات الأممية والدولية إلى التدخل العاجل لإنقاذ الأوضاع الإنسانية المتدهورة في المدينة، والضغط على العدو الصهيوني لإلزامه باحترام القوانين والمواثيق الدولية، وضمان توفير مصادر الطاقة والمياه دون أية عوائق. فيما أكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، أن أسرى سجن النقب يتعرضون لأسوأ أنواع المعاملة من قبل السجانين، حيث تعرضوا للقمع والضرب والأعيرة المطاطية أكثر من مرة خلال الأسبوع الماضي.

وأوضحت الهيئة في بيان صدر عنها، أمس الأحد، أن إدارة السجن تتعمد خلط الأسرى المصابين بمرض «سكابيوس» مع غير المصابين لنقل العدوى لهم كنوع من العقاب، إضافة إلى استغلال شهر رمضان للتضييق على الأسرى بشكل أكبر، بتقليص كمية الطعام ورداءة جودته.

سياسيًا صرّح مسؤول إسرائيلي، أمس الأحد، بأن الفجوات بين العدو الإسرائيلي وحركة حماس «لا تزال كبيرة»، مما يجعل التوصل إلى اتفاق قريب أمرًا غير مؤكد، بحسب وسائل إعلام العدو.

ونقلت هيئة البث العام الإسرائيلية عن المسؤول أن «التقدير السائد هو أن الضغط سيؤدي في النهاية إلى قبول حماس بمقترح جسر الفجوات»، لكنه شدد على أن ذلك «ليس مضمونًا على الإطلاق».

مقالات مشابهة

  • الخارجية العراقية: وصلتنا رسائل بنية الكيان الصهيوني شن سلسلة ضربات على بلدنا
  • العدوان الأمريكي على اليمن.. حربٌ بالوكالة عن الكيان الصهيوني ودفاع عن جرائم الإبادة
  • وزير الدفاع يحذر كل من يُساند الكيان الصهيوني
  • زلزال طوفان الأقصى يواصل الإطاحة بكبار قادة الاحتلال
  • خمسة شهداء فلسطينيين خلال الـ24 ساعة ومسؤول صهيوني يتحدث عن فجوات كبيرة بين الاحتلال وحماس
  • العدوان الأمريكي.. هزيمة جديدة لواشنطن ومؤشر على حجم الضرر الذي ألحقه اليمن بالكيان الصهيوني
  • رئيس الشاباك يكشف أسباب إقالته وعلاقة طوفان الأقصى بالقرار
  • المعارضة في نيوزلندا تقود مشروع قانون لفرض عقوبات على الكيان الصهيوني
  • هاليفي: حماس نجحت في خداع إسرائيل قبل عملية طوفان الأقصى
  • موقع صهيوني يؤكد فشل الكيان والتحالف الدولي في مواجهة التهديد اليمني