توفي، الاثنين، أبرز المناضلين السوريين التاريخيين، رياض الترك، عن عمر ناهز 93 عاما، قضى قسما كبيرا منها خلف القضبان بسبب مناصرته لقضايا حقوق الإنسان في سوريا.

ونعى مثقفون سوريون وكتّاب ومعارضون الترك عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وذكر "حزب الشعب الديمقراطي السوري" أن قائده التاريخي توفي في إحدى مشافي باريس، العاصمة الفرنسية التي كان قد وصل إليها في 2018.

ويوصف الترك بـ"مانديلا سوريا" وكان يحب كثيرا لقب "ابن العم"، الكلمة التي كانت تعرض كل من يتفوه بها في سوريا، منذ انقلاب البعث، للاعتقال. 

"حياة خلف القضبان"

ولد الترك في حمص عام 1930، وبدأ نشاطه السياسي أثناء متابعته دراسة الحقوق، وقد انضم إلى "الحزب الشيوعي السوري" عام 1952. 

واجه السجن والتعذيب في مناسبات عدة، وغادر البلاد عند وصول "حزب البعث" إلى الحكم في العام 1963، ثم عاد في العام 1965.

عارض الترك قرار "الحزب الشيوعي السوري" في العام 1972 بالانضمام إلى "الجبهة الوطنية التقدّمية"، وهي ائتلاف مؤلّف من منظمات متحالفة مع "حزب البعث العربي الاشتراكي" الحاكم، ثم انشقّ بعد عام ليشكّل الحزب الشيوعي السوري المنشقّ (المكتب السياسي). 

وسرعان ما انتقل الحزب الجديد إلى المعارضة، ومع ازدياد حدة القمع الذي مارسته النظام السوري، حكم عليه بالسجن 18 عاما في 1980. 

ولم يمر على إطلاق سراحه في العام 1998 سنتين حتى سجن مجددا لدوره البارز في "ربيع دمشق".

يعتبر الترك من أشد معارضي النظام السوري وأمضى أكثر من 17 عاما في سجون الرئيس السابق حافظ الأسد، قبل أن يسجن مجددا عام 2001 في عهد نجله، الرئيس الحالي بشار الأسد.

ورغم الحكم عليه بالسجن لمدة سنتين ونصف سنة، فقد أطلق سراحه في نوفمبر 2002 لأسباب صحية خاصة أنه يعاني من مشكلات في القلب.

الترك كان من أبرز الموقعين على "إعلان دمشق" الذي صدر عام 2005 بمبادرة من مجموعات معارضة سورية كانت تطالب بـ"التغيير الديمقراطي" في سوريا.

ولدى اندلاع النزاع في سوريا عام 2011 قدم دعمه لحركة المعارضة السلمية، وإلى المجلس الوطني السوري الذي ولد صيف 2011 في إسطنبول جامعا قوى المعارضة.

وكان له مقولة شهيرة بعد اندلاع أحداث الثورة السورية، إذ نقل عنه قوله: "ثورتنا سلمية شعبية ترفض الطائفية، والشعب السوري واحد. لا تنازل ولا تفاوض بشأن الهدف المتمثل بقلب النظام الطاغية".

"حقبة كفاح يساري"

وبرحيل الترك "تنتهي حقبة كفاح يساري كان عنوانا بارزا على الساحة السورية طيلة النصف الثاني من القرن العشرين.. في عز زمن الصمت!"، كما كتب الشاعر والكاتب السوري، ياسر الأطرش، عبر موقع التواصل "أكس".

رحيل "مانديلا سوريا".. رياض الترك، المعارض التاريخي العتيد والعنيد.. معه تنتهي حقبة كفاح يساري كان عنواناً بارزاً على الساحة السورية طيلة النصف الثاني من القرن العشرين.. في عز زمن الصمت!. https://t.co/rTIykudU7T

— ياسر الأطرش (@yaser_atrash) January 1, 2024

الكاتب ياسين حاج صالح قال إن "الترك كان أحد أبرز المناضلين الديمقراطيين السوريين ومن أكثر أبطال الشعب السوري شجاعة وصلابة وصفاء ذهن".

وأضاف الباحث السوري، أحمد أبا زيد: "مات رياض الترك، المناضل التاريخي والأيقونة السورية الوطنية وعاشق الحرية العتيق وأحد قادة المعارضة السورية منذ زمن بعيد".

مات رياض الترك، المناضل التاريخي والأيقونة السورية الوطنية وعاشق الحرية العتيق وأحد قادة المعارضة السورية منذ زمن بعيد.
سجنه الأسد الأب ١٨ عامًا وحين مات قال على قناة الجزيرة من داخل سورية "مات الديكتاتور"، فأعاد الأسد الابن اعتقاله ومحاكمته.
كان الترك وهو عجوز ومختبئ عن الأمن… pic.twitter.com/y7rxKAvlMV

— أحمد أبازيد (@abazeid89) January 1, 2024

"سجنه الأسد الأب 18 عاما، وحين مات قال من داخل سوريا (مات الديكتاتور)، فأعاد الأسد الابن اعتقاله ومحاكمته"، كما تابع أبا زيد.

وأوضح أن المعارض السوري الكبير "كان مؤثرا في الثورة السورية ومساراتها المدنية والسياسية، إلى أن تم تهريبه ليصل إلى باريس ويموت هناك بعد 93 عاما من النضال الشرس والمستميت لأجل الحرية".

"الأب الروحي للمعارضة"

قبل أيام من بداية الثورة السورية كتب الترك مقالة بعنوان "حتى لا تكون سوريا مملكة الصمت".

وختمها بجملة: "نعم.. سورية الله حاميها لأنها باقية بشعبها وجيشها ودولتها، أما الاستبداد فإلى زوال، قصر الزمن أو طال، وإن غدا لناظره لقريب".

ويقول المعارض السوري، غسان هيتو، إن "الترك هو الأب الروحي لحركة المعارضة السورية منذ ثمانينيات" القرن الماضي، وإنه "لعب دورا محوريا في الحراك المعارض السوري منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011".

"طالب بالديمقراطية والحرية في سوريا"، وكان يؤمن ببناء سوريا الجديدة على أسس العدالة والمساواة، وفق ما كتب هيتو عبر "فيس بوك".

الكاتب والشاعر السوري، بشير البكر نعا الترك عبر "أكس"، وقال إنه "عاش حياته في مناهضة الاستبداد، ومن أجل سوريا ديمقراطية".

رحل رياض الترك الزعيم السوري الشجاع، الذي عاش حياته في مناهضة الاستبداد، ومن أجل سوريا ديموقراطية.. رحل قبل أن يرى سوريا الحرة، العزاء أن سيرته الناصعة تبقى مصدر إلهام للديموقراطيين السوريين.. وداعا ابن العم ..وخالص العزاء للعائلة وللسوريين الأحرار.

— Basheer Al Baker (@BasheerAlBaker) January 1, 2024

وأضاف: "رحل قبل أن يرى سوريا الحرة، العزاء أن سيرته الناصعة تبقى مصدر إلهام للديمقراطيين السوريين.. وداعا ابن العم.. وخالص العزاء للعائلة وللسوريين الأحرار".

وقالت الناشطة والسياسية المعارضة، عاليا منصور: "رحل مانديلا سوريا، الرجل الذي لم يتعب من النضال من أجل الحرية.. الرجل الذي ننحني بفخر أمام تضحياته".

رحل مانديلا سوريا، الرجل الذي لم يتعب من النضال من اجل الحرية، الرجل الذي ننحني بفخر امام تضحياته، الرجل الذي قال "مات الديكتاتور"، ابن العم، امضى معظم حياته في سجون الاسدين، شكرا رياض الترك لكل ما علمتنا اياه ولكل وما صنعته بعنادك.. نبكيك ونبكي حالنا ونبكي سوريا الحبيبة

— Alia Mansour عالية منصور (@aliamansour) January 1, 2024

وتابعت عبر "أكس": "الرجل الذي قال مات الديكتاتور.. ابن العم، امضى معظم حياته في سجون الأسدين.. شكرا رياض الترك لكل ما علمتنا إياه، ولكل وما صنعته بعنادك.. نبكيك ونبكي حالنا ونبكي سوريا الحبيبة".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الثورة السوریة الرجل الذی فی سوریا ابن العم فی العام حیاته فی

إقرأ أيضاً:

فرص التيار ضئيلة.. المعارضة تنهي الحالة العونية؟


يُعتبر "التيار الوطني الحر"، بزعامة جبران باسيل، أحد أبرز الأطراف المسيحية في المشهد اللبناني، اقله حتى الان، لكنه اليوم يمر بمرحلة استثنائية من العزلة السياسية، بعد أن فقد تقريبًا جميع حلفائه التقليديين داخليًا وخارجيًا. فكيف وصل "التيار" إلى هذه النقطة، وما تداعيات ذلك على مستقبله؟

ارتبط "التيار الوطني الحر"، منذ تأسيسه على يد الرئيس ميشال عون، بتحالفات إستراتيجية شكلت جزءًا من هويته. أبرزها كان "تحالف 8 آذار" مع "حزب الله"، الذي مكّنه من توسيع نفوذه خلال عقدين، خاصة بعد وصول عون إلى الرئاسة عام 2016. لكن هذا التحالف بدأ يتآكل مع تزايد الخلافات حول إدارة الأزمة الاقتصادية وملف الفساد، حيث اتهم التيار "حزب الله" بالتقصير في مسألة الفساد وتعطيل الإصلاحات.

خسر "التيار" دعم جزء كبير من قاعدته المسيحية، التي عبّرت عن خيبة أملها من فشله في تحقيق وعود الإصلاح خلال فترة رئاسة عون. تصاعدت الاحتجاجات ضده منذ 2019، واتسعت الفجوة مع "القوات اللبنانية"، الخصم التقليدي، التي استقطبت جزءًا من ناخبيه عبر خطاب معارض أقوى لـ"حزب الله".

 
على الصعيد الخارجي، لم يعد "التيار" يتمتع بالدعم الذي حظي به سابقًا. فالعقوبات الاميركية على جبران باسيل عام 2020 قلّصت قدرته على الحركة دوليًا، بينما تخلّى عنه كل الواقع العربي تدريجيًا، خاصة ان السعودية رأت في تحالفه مع حزب الله تهديدًا لمصالحها. حتى العلاقة مع فرنسا، التي كانت داعمًا تاريخيًا للمسيحيين، أصبحت متوترة بسبب اتهامات باريس ل"التيار" بالمشاركة في تعطيل تشكيل الحكومات.


يُهدّد غياب الحلفاء مستقبل "التيار" كقوة سياسية مؤثرة. ففي الانتخابات النيابية 2022، خسر عددًا من مقاعده لصالح "القوات اللبنانية" ومستقلين، مما اضعّف قدرته على التأثير. كما أن تحوّله إلى "حزب معارض" بدون خطة واضحة أو شركاء يزيد من مخاطر انهياره، خاصة مع تآكل قاعدته الشبابية التي تبحث عن بدائل خارج إطار الطائفية التقليدية.


قد يعوّل "التيار" على استغلال أي انقسامات في المعسكر المسيحي، أو على أزمات حكومية جديدة لاستعادة الدور، لكن ذلك يحتاج إلى مراجعة نقدية لسياساته، وتبني خطاب إصلاحي حقيقي بعيدًا عن التحالفات المتوقعة. التحدي الأكبر هو إقناع اللبنانيين بأنه قادر على الخروج من عباءة الماضي، في وقت يبدو المشهد السياسي أكثر انفتاحًا على وجوه جديدة.

العزلة التي يعيشها "التيار الوطني الحر" ليست مؤامرة خارجية، بل نتيجة تراكم أخطاء داخلية، والتعامل السيء مع تحالفات لم تعد موجودة. بقاؤه مرهونًا بقدرته على إعادة تعريف نفسه: إما كقوة تجديدية تعيد الاعتبار لخطاب السيادة والشفافية، أو كجزء من تاريخ سياسي انقضى.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • أحزاب المعارضة : الليونة ضرورية مع الحزب
  • بين باسيل وسلام : معارضة ولا قطيعة سياسية
  • الرابطة تنقل مباراة اتحاد العاصمة وترجي مستغانم إلى ملعب “نيلسون مانديلا”
  • ما الذي تريده إسرائيل من سوريا الجديدة؟
  • عاجل. نتنياهو يتوعد بضرب النظام السوري إذا تعرض لدروز جرمانة جنوب دمشق ويتعهد بحماية هذه الأقلية في سوريا
  • تقرير: خطاب أوجلان التاريخي خضع للمراجعة من الأمن التركي
  • المعارضة أمام تحدي النجاح من داخل السلطة
  • مسيحيو سوريا.. حق فرنسا الذي تريد به باطل
  • الشهراني يكشف تفاصيل حديثه مع ميسي بعد الفوز الأخضر التاريخي.. فيديو
  • فرص التيار ضئيلة.. المعارضة تنهي الحالة العونية؟