قبل عشرة أيام، خاض الجيش الأردني مواجهات ضد مجموعات مسلحة حاولت تمرير شحنات أسلحة ومخدرات من داخل الأراضي السورية، وبعدما استمرت لأكثر من 14 ساعة، أعلن في بيان رسمي ضبط كميات كبيرة من الذخائر والصواريخ وشاحنة محملة بالمتفجرات.

ولم يكشف البيان عن الوجهة الأخيرة التي كان من المقرر أن تصل إليها الشحنة، لكنه أضاف أن الحادثة كانت جزءا "من مخطط لاستهداف الأمن الوطني".

والاثنين، عادت صحف عبرية لتسلط الضوء على الواقعة في سياق تقرير استعرض تفاصيلها ضمن أبعاد "سيناريو" تراه إسرائيل "خطيرا".

وأشارت صحيفة "يسرائيل هيوم" إلى أن الجيش الإسرائيلي غيّر مؤخرا "انتشاره العملياتي" على الحدود مع الأردن، وقالت إن الخطوة جاءت في أعقاب الارتفاع الكبير في تهريب الأسلحة من المملكة، و"المخاوف من هجمات إرهابية ترعاها إيران، يمكن أن تقع على طول الحدود في 2024".

الصحيفة نقلت عن مصدر عسكري لم تسمه قوله إن "السيناريو الأساسي الذي تستعد له القيادة المركزية هو محاولات من قبل حزب الله أو ميليشيات أخرى موالية لإيران للتسلل من الحدود الأردنية إلى إحدى المجتمعات القريبة من الحدود".

وبينما أشارت إلى المواجهات الأخيرة بين الجيش الأردني وعصابات التهريب على حدود سوريا وربطتها بالمحاولات على حدود إسرائيل، أوضحت أن "الجيش الإسرائيلي يحافظ على اتصالاته مع الجيش الأردني، لمكافحة هذه التطورات بشكل مشترك".

ورغم أنه لم يصدر أي موقف رسمي من إسرائيل أو الأردن بشأن عمليات التهريب على طول الحدود ومآلاتها بهذا السياق، يعتبر خبراء ومراقبون أن المخاوف والخشية الإسرائيلية التي يدور عنها الحديث الآن واقعية.

ومع ذلك يشيرون في حديثهم لموقع "الحرة" إلى اختلافات من زاوية قراءة الدوافع.

"الأمر ليس افتراضيا"

وللأردن حدود طويلة مع إسرائيل يبلغ طولها 310 كيلومترات وهي الأطول بالنسبة للأخيرة عند مقارنتها بباقي جيرانها، فضلا عن خط ساحلي صغير على البحر الأحمر، بجوار مدينة إيلات. 

وخلال العامين الماضيين، كانت هناك زيادة كبيرة في تهريب الأسلحة عبر الحدود وإلى الضفة الغربية، ويقدر الجيش الإسرائيلي أن "إيران تقف وراء هذه الشحنات"، حسب ما تشير "يسرائيل هيوم".

وعمليات التهريب هذه لا تعتبر جديدة بل تعود إلى سنوات طويلة للوراء، وسبق أن تطرقت إليها وسائل إعلام غربية، بينها "وول ستريت جورنال".

وجاء في تقرير للصحيفة الأميركية في 25 أكتوبر الماضي، أن "إيران تمكنت عبر شبكة الميليشيات الموالية لها، من إنشاء ممر بري عبر العراق وسوريا إلى لبنان"، ومن خلال الأردن إلى الضفة الغربية، مما سمح لها بنقل مسلحين ومعدات وأسلحة إلى حلفائها في المنطقة.

وبالنسبة للأردن، تبين الصحيفة أن وقف تدفق الأسلحة يعد "مهمة شاقة"، خاصة عبر حدوده الشمالية الطويلة وغير المحمية بشكل جيد على الجانب السوري، بسبب عدم تعاون حكومة بشار الأسد.

وتضيف: "كما أن حدود المملكة مع إسرائيل ليست محمية بسياج كبير، مما يجعلها طريقا صالحا للتهريب على نطاق واسع".

المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآف شتيرن يوضح لموقع "الحرة" أن المخاوف الإسرائيلية وحالة التوجس المرتبطة بالحدود مع الأردن "ليست افتراضية بل أمرا واقع".

وينطبق ذلك على التحذيرات المتعلقة بـ"السيناريو الخطير" الذي أشارت إليه "يسرائيل هيوم"، وفق شتيرن.

ويضيف: "هذه المواجهة دائمة وليس حالة مؤقتة. هي تحد دائم وكبير للأجهزة الإسرائيلية، ويتم مراقبة ذلك باستمرار".

ويعتبر المحلل السياسي، إيلي نيسان، أنه ومنذ فترة طويلة تحاول إيران فتح جبهة جديدة من الأردن، مشيرا إلى "عمليات كثيرة تم خلالها ضبط كميات كبيرة من المواد القتالية، التي حاول حزب الله وطهران إدخالها إلى الضفة الغربية".

نيسان يوضح أن إسرائيل ترى المواجهات التي حصلت بين الجيش الأردني والعصابات قبل عشرة أيام على حدود سوريا وعمليات التهريب اللاحقة "محاولات لإمكانية تكديس الأسلحة في الضفة".

وتراها أيضا، حسب ما يقول المحلل السياسي "محاولة لفتح جبهة جديدة، ليس من سوريا ولبنان بل من الجانب الأردني".

ماذا عن الأردن؟

ودائما ما يحذر المسؤولون في الأردن من عمليات تهريب المخدرات والأسلحة، ويقولون إنها تشكل تهديدا متواصلا على الأمن الوطني للمملكة، من داخل الأراضي السورية.

لكن وحتى الآن لم تتوصل عمّان إلى حل لهذه "الإشكالية الكبيرة" كما وصفها الناطق باسم الحكومة الأردنية، مهند مبيضين سابقا، مشيرا بالمسؤولية قبل أسبوعين إلى "ميليشيات تدعمها قوى إقليمية".

ويشكل التحول من "حدود السلام" إلى "الحدود الساخنة" تحديا متزايدا للمملكة الهاشمية من قبل وكلاء إيران في الأشهر الأخيرة، وفق تقرير صحيفة "يسرائيل هيوم".

وتقول إن "الجيش الإسرائيلي يستعد لسيناريو خطير تنجح فيه تلك الميليشيات الإيرانية في التسلل إلى الأردن ثم مهاجمة إسرائيل من هناك".

ويعتبر عمر الرداد وهو عميد سابق في مديرية المخابرات العامة الأردنية ومحاضر في الأمن الاستراتيجي أن "سياقات التسريبات الإسرائيلية في هذه المرحلة غير معزولة عن تداعيات حرب غزة".

كما أنها غير معزولة أيضا، بحس ما يقول الرداد لموقع "الحرة"، عن "محاولات القيادات الإسرائيلية القول إن إسرائيل تواجه أكثر من جبهة، وربما أرادت إرسال رسالة بأن من بين هذه الجبهات الأردن".

لكن المحلل السياسي الإسرائيلي، إيلي نيسان يشير إلى "مخاوف من إمكانية خلايا تتبع لحزب الله بالاستيلاء على تجمعات سكنية قريبة من الحدود بين إسرائيل والأردن، بعد نجاحها في التسلل". 

ويقول إنه وعلى إثر ذلك "بدأ السكان يستعدون لتشكيل وحدات خاصة لحماية التجمعات السكنية".

ويلفت المحلل السياسي، يوآف شتيرن، من جانبه إلى أنه "يوجد تنسيق أمني بين إسرائيل والأردن ولو بشكل غير علني".

ويشير إلى "مشكلة في الطرفين الإسرائيلي والأردني، بأن الجهات الأمنية قد لا تتمكن من ضبط الحدود بشكل كامل وبنسبة 100 بالمئة".

ويوافقه على ذلك نيسان بقوله إن حدود الأردن هي الأطول التي تربط إسرائيل قياسا بجيرانها، وهو ما يعتبر تحديا أمنيا كبيرا، عندما تتجه الأنظار إلى آليات ضبطها.

"طلب سابق" 

وسبق أن طلب الأردن من الولايات المتحدة الأميركية، بعد أسبوعين من الحرب في غزة نشر منظومة "باتريوت" ومنظومة أخرى لمواجهة الطائرات المسيرة بسبب "التهديدات التي تحيط بنا من كل الاتجاهات"، كما قال الناطق باسم الجيش الأردني، مصطفى الحياري في أواخر أكتوبر.

وربط الحياري حينها الطلب المتعلق بنشر منظومة الدفاع الأميركية بالتهديد المتعلق بـ"الصواريخ البالستية"، فيما أشار بذات الوقت إلى أن المملكة طلبت أيضا منظومة لـ"مقاومة الطائرات المسيرة"، التي باتت تهديدا على كافة الواجهات الحدودية، وتعبر محملة بالمخدرات والأسلحة.

ولا تخفي إيران ومليشيات تابعة لها في سوريا بالإضافة لـ"حزب الله" أهدافها بإثارة فوضى أمنية في الأردن، وفق ما يقول الرداد، "بحجة تسهيل تنفيذ أهدافها المعلنة بدعم القضية والمقاومة الفلسطينية في المناطق المحتلة".

ومع ذلك يرى أن "هذه الاستراتيجية تبقى في إطار عناوين إعلامية لإيران ووكلائها".

الرداد يشير إلى "تأكيدات صدرت عن الناطق الرسمي باسم الجيش الأردني أكدت بأن الأسلحة التي تم إدخالها في العمليات الأخيرة مع المهربين من سوريا للأردن كانت في طريقها لشبكات تهريب مرتبطة بها في الأردن".

وأوضح أن المداهمات الأمنية التي حصلت الأسبوع الماضي في منطقة الرويشد تصب في ذات السياق أيضا، حسب الرداد، دون أن ينفي أن "تحاول إيران إدخال أسلحة للأردن، بغرض إيصالها للأراضي المحتلة".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی المحلل السیاسی الجیش الأردنی یسرائیل هیوم على حدود

إقرأ أيضاً:

انتصارات الجيش.. آخر تطورات الأوضاع في السودان

خلال الساعات القليلة الماضية حقق الجيش السوداني العديد من الانتصارات المهمة في مدينة الخرطوم حيث أعلن الجيش السيطرة على القيادة العامة ومصفاة الجيلي والعديد من المناطق الأخرى.

لذلك نستعرض إليكم جميع التفاصيل حول آخر تطورات الأوضاع في السودان.


مصفاة الجيلي


تعرضت مصفاة الجيلي، أكبر منشأة لتكرير النفط في السودان بطاقة إنتاجية تصل إلى 100 ألف برميل يوميًا، لحريق هائل بسبب تصاعد القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وأظهرت بيانات من الأقمار الصناعية تصاعد دخان أسود كثيف فوق العاصمة الخرطوم نتيجة الحريق الذي اندلع يوم الخميس الماضي.

 

أعلن الجيش السوداني يوم السبت استعادة السيطرة على المصفاة الواقعة شمال الخرطوم، والتي تديرها مؤسسة البترول الوطنية الصينية الحكومية.
ووجه الجيش اتهامات لقوات الدعم السريع بالتسبب في الحريق، بينما زعمت الأخيرة أن المصفاة دمرت نتيجة قصف جوي نفذه الجيش باستخدام "قنابل برميلية"، ولم يقدم أي طرف أدلة تثبت صحة ادعاءاته.

سلاح الإشارة

وفي الوقت نفسه، أكد الجيش أنه تمكن من كسر حصار فرضته قوات الدعم السريع لعدة أشهر على مقر سلاح الإشارة شمال الخرطوم، بينما أعلنت قوات الدعم السريع أنها تضيق الخناق على المنطقة.


زيارة البرهان وتعهدات بإعادة الإعمار

زار رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، المصفاة يوم الجمعة لتفقد حجم الدمار.

وتعهد بإعادة إعمار المصفاة واستئناف عملياتها الطبيعية باعتبارها موردًا اقتصاديًا حيويًا للدولة.

وأشاد بجهود المهندسين والعاملين الذين بدأوا العمل على إصلاح الأضرار.

وأكد البرهان خلال زيارته أن ما وصفه بـ "الدمار والتخريب الذي مارسته مليشيا آل دقلو" لن يمر دون محاسبة، مشددًا على التزام الجيش بمواصلة عملياته العسكرية لتطهير البلاد من التمرد.

الهجمات على المرافق الإنسانية

وفي تطور خطير آخر، استهدفت طائرة مسيرة تابعة لقوات الدعم السريع مستشفى السعودي بمدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور، ما أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 70 شخصًا، مما يفاقم الوضع الإنساني المتدهور في السودان.

ردود الفعل الدولية والمحلية

 

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قلقه العميق إزاء التصعيد الأخير في السودان، محذرًا من التداعيات الاقتصادية والبيئية الخطيرة التي قد تترتب على تضرر مصفاة الجيلي.

 

ودعا جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب المزيد من الأعمال التي تهدد استقرار السودان والمنطقة.

 


أزمة إنسانية متفاقمة

أعلن وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، تخصيص 20 مليون جنيه إسترليني إضافية لدعم اللاجئين الذين فروا من الحرب الدائرة في السودان.

وتشمل المساعدات تعزيز إنتاج الغذاء وتوفير خدمات الصحة الجنسية والإنجابية المنقذة للحياة، بهدف مواجهة الأزمة الإنسانية المتفاقمة.

جاء ذلك خلال زيارة لامي إلى الحدود التشادية السودانية، حيث وصف الأوضاع هناك بأنها واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

ودعا الوزير البريطاني المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لمعالجة الأزمة، مشيرًا إلى أن تجاهل الوضع الحالي سيكون له عواقب وخيمة على السودان والمنطقة بأكملها.

وأكد لامي أن بريطانيا ملتزمة بالوقوف إلى جانب اللاجئين والمجتمعات المضيفة، مشددًا على أهمية تضافر الجهود الدولية لتقديم الإغاثة والمساعدات الإنسانية في ظل استمرار تدهور الأوضاع.

 

 

مقالات مشابهة

  • انتصارات الجيش.. آخر تطورات الأوضاع في السودان
  • الأسير الأردني الحويطات يرفض الإفراج عنه إلا إلى الأردن.. ومناشدات للحكومة
  • أبعاد المحنة اللبنانية ودور إسرائيل
  • سيناريو غزة يتكرر.. تفاصيل العدوان الإسرائيلي على جنين خلال 5 أيام
  • جنرال إسرائيلي كبير يحذر من تغير دراماتيكي مفاجئ على حدود مصر
  • الطيران المدني الأردني: نتوقّع ارتفاع الطلب على الرحلات الجويّة بين الأردن وسوريا في الفترة المقبلة
  • خبير: الاحتلال الإسرائيلي يسعى لاستنساخ سيناريو غزة في الضفة الغربية
  • مباشر. إسرائيل تصعّد في الضفة وتنتظر قائمة الأسرى من حماس وتقول إنها جاهزة "لأي سيناريو" مع حزب الله
  • مطالبات بعدم مساواة الغزيين بالأجانب في سوق العمل الأردني
  • مصفاة الخرطوم.. الجيش السوداني يوجه اتهام خطير لميليشيات الدعم السريع