لجريدة عمان:
2025-01-09@00:16:03 GMT

مأساة فلسطين سرديا وتاريخيا

تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT

سنفتتح مقالنا في العام الجديد بالكتابة عن الإنسان الفلسطيني المقهور في بلده، الذي يدفع دما لنيل حريته في سبيل العيش بكرامة كبقية سكان المعمورة المشمولين بالحماية والرعاية، فمنذ أيام اطّلعت على بعض الروايات الفلسطينية التي تتناول القهر الممارس بحق الفلسطينيين منذ الاستعمار البريطاني لفلسطين وحتى الإبادة الجارية حاليا على رؤوس الأشهاد في غزة، ومن أهم تلك الروايات رواية «تفصيل ثانوي» لعدنية شبلي الصادرة عن دار الآداب ببيروت عام 2017م، بعد ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية والألمانية وإلغاء حفل تكريم الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي (50 عاما) في معرض فرانكفورت للكتاب 2023م، وقبل أشهر صدرت رواية «قناع بلون السماء» للكاتب الفلسطيني الأسير باسم خندقجي (41 عاما) الذي يكتب رواياته من داخل السجن الإسرائيلي، ويتم تهريبها إلى الخارج بطرق صعبة جدا.

اللافت للنظر أن رواية «قناع بلون السماء» قد دخلت إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية 2024، وتحكي عن نور الفلسطيني المقيم في رام الله، الذي يجد بطاقة زرقاء في جيب معطف، تخوله للانتقال بين المناطق الفلسطينية المحتلة، ثم يلتحق ببعثة للتنقيب عن الآثار في النقب، ومن هنا تبدأ الرواية على لسان نور -الذي تحوَّل اسمه إلى أور- في وصف المكان الفلسطيني وتفاصيله. وبالعودة إلى البطاقة الزرقاء الإسرائيلية فقد ذكرتها الراوية (الباحثة الفلسطينية) في رواية «تفصيل ثانوي»: «حينها عرضت تلك الزميلة عليّ استعارة بطاقة هويّتها الزرقاء»، والهدف من الحصول على البطاقة الزرقاء اجتياز المعابر ونقاط تفتيش الجيش، وتسهيل البحث في أرشيف الجيش الصهيوني عن حادثة الاغتصاب في صحراء النقب التي وقعت في أغسطس 1949م، هكذا سرد الأدب إبادة الشعب الفلسطيني من النكبة إلى اللحظة الراهنة في غزة وبقية المناطق.

إن كان على الأدب أن يحتكم إلى الخيال في وصف العذاب الفلسطيني، فإن الكتابة البحثية والوثائق المعتمدة على أرقام وتفاصيل تثبت ما حدث، وهذا ما نجده في كتاب «التطهير العرقي في فلسطين» للمؤرخ الإسرائيلي إيلان بابه (70عاما) الذي سحبته دار النشر الفرنسية (فايارد) بعد شهر على ملحمة 7 أكتوبر، وهذا دليل آخر على النفاق الأوروبي فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير. يقول مؤلف الكتاب في كلمة الشكر والعرفان قبل مقدمة الكتاب: «هذا الكتاب ليس مكرسا رسميا لأحد، وقد كُتب أولا وقبل كل شيء من أجل الفلسطينيين، ضحايا التطهير العرقي في سنة 1948. وكثيرون منهم أصدقاء ورفاق، وكثيرون غيرهم أجهل أسماءهم، لكن منذ يوم عرفت عن النكبة رافقتني معاناتهم وفقدانهم وآمالهم. وعندما يعودون فقط سأشعر بأن هذا الفصل من النكبة بلغ أخيرا النهاية التي نرجوها، والتي من شأنها أن تتيح لنا جميعا العيش في سلام وانسجام في فلسطين». في مقدمة الكتاب يستشهد المؤلف بمقولة لدافيد بن غوريون (1886-1973) رئيس الوزراء الإسرائيلي مخاطبا اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية في يونيو 1938م يقول فيها: «أنا أؤيد الترحيل القسري، ولا أرى فيه شيئا غير أخلاقي». يقول المؤرخ الجريء أيضا: «لقد أصبح من المستحيل تقريبا، بعد الهولوكوست، إخفاء جرائم شنيعة ضد الإنسانية. والآن، في عالمنا المعاصر، الذي يشهد ثورة في مجال الاتصالات، وخصوصا مع تكاثر وسائط الإعلام الإلكترونية وانتشارها، لم يعد في الإمكان إنكار كوارث من صنع البشر، أو إخفاؤها عن أعين الرأي العام. مع ذلك، فإن هناك جريمة كهذه جرى محوها كليا تقريبا من الذاكرة العامة العالمية، وهي جريمة طرد الفلسطينيين من وطنهم في سنة 1948». في الفصل التاسع من الكتاب الذي يحتوي أيضا على اثني عشر فصلا، يسجل الكاتب حوادث الاغتصاب التي تعرضت لها النساء الفلسطينيات، ومنها الجريمة التي وقعت في 12 أغسطس 1949م في مرابطة كيبوتس نيريم القريب من بيت حانون على الطرف الشمالي من قطاع غزة، حيث اعتدى اثنان وعشرون جنديا على فتاة قبل قتلها، وهو ما نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية في 29 أكتوبر 2003م. وقد اعتمدت الروائية عدنية شبلي هذه الحادثة في سرد روايتها «تفصيل ثانوي».

في خاتمة الكتاب يقول بابه: «لا الفلسطينيون سينجون من اليهود ولا اليهود سينجون من الفلسطينيين، ولا أي طرف سينجو من نفسه، إذا لم يتم تعريف الأيديولوجيا التي لا تزال تحرك السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين بصورة صحيحة. المشكلة مع إسرائيل لم تكن قط يهوديتها -اليهودية لها أوجه كثيرة، وكثير منها يوفر قاعدة متينة للسلام والتعايش- إنما المشكلة هي مع شخصيتها الصهيونية الإثنية. فالصهيونية لا تتوفر فيها هوامش التعددية نفسها الموجودة في اليهودية وعلى الأخص فيما يتعلق بالفلسطينيين».

نراهن على التضامن العالمي لأجل فلسطين وتعرف أحرار العالم على الظلم الذي وقع على الإنسان الفلسطيني، لعل وعسى يتم إقرار قانون دولي جديد يعيد الحقوق إلى أصحابها ويرفع عنهم الظلم.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

إحياء رواية نادرة من القرن التاسع عشر.. "محمد علي" تعود في نسخة محدثة بعد أكثر من 150 عامًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلنت مؤسسة "بيت الحكمة للثقافة" عن إعادة نشر النسخة العربية للرواية التاريخية النادرة "محمد علي" للكاتبة الألمانية كلارا موندت، التي كانت تكتب وقتها بالاسم المستعار "لويز مولباخ"، والتي صدرت لأول مرة في عام 1871، لتشارك ضمن إصدارات الدورة السادسة والخمسين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، والمقررة في الفترة من 23 يناير وحتى 5 فبراير المقبل بمركز مصر للمؤتمرات والمعارض الدولية.

هذه الرواية النادرة، التي تقع في 352 صفحة من القطع الكبير أحد أبرز الأعمال الأدبية في أوروبا عن محمد علي باشا، مؤسس مصر الحديثة، وقد نُشرت لأول مرة في القرن التاسع عشر، وكانت أوروبا في ذروة اهتمامها بشخصية محمد علي، الذي يُنظر له كأحد أعظم القادة الإصلاحيين في الشرق الأوسط. وقد ألّفت لويز روايتها استنادًا إلى الوثائق التاريخية والمصادر الأوروبية المتاحة في ذلك الوقت، وهي واحدة ممن لهم الريادة في الكتابة عن محمد علي وطرحه للجمهور الغربي بطريقة درامية مشوقة.

ونُشرت الرواية ضمن سلسلة روايات تاريخية قدّمتها مولباخ، تناولت فيها أهم الشخصيات التي أثرت في مجرى التاريخ العالمي، مثل: نابليون بونابرت وفريدريك العظيم. كما تعد رواية "محمد علي" وثيقة أدبية تسجل كيف كان يُنظر إلى الشرق الأوسط وشخصياته القيادية في القرن التاسع عشر. 

وعند نشرها لأول مرة، ألهمت الرواية الأوروبيين لفهم التحولات الكبرى التي شهدتها المنطقة، لا سيما في مصر، تحت قيادة محمد علي باشا. ومنذ صدور ترجمتها العربية في عام 1907، ظلت الرواية طي النسيان. لكن اليوم، ندرك قيمتها الأدبية والتاريخية، ونقدمها من جديد لجمهور القراء، في وقت يحتاج فيه العالم إلى استلهام دروس القيادة من شخصيات تاريخية عظيمة.

يقول الناشر: "إننا الآن أمام دعوة لاستكشاف التاريخ من خلال الأدب، وفهم كيف كانت تُكتب السير العظيمة في الماضي، وما الذي تغير في سرد القصص اليوم. "محمد علي" يعود الآن في نسخة محدثة بعد أكثر من 150 عامًا، لأن التاريخ لا يُنسى.

مقالات مشابهة

  • "الوحدة 93".. رواية جديدة لأحمد عاشور بمعرض القاهرة للكتاب
  • رئيس الوزراء العراقي: موقفنا ثابت بإدانة الحرب الإسرائيلية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني
  • شاهد.. جنرال امريكي يقول ان “الحوثيون” قادرون على “اغراق” حاملة الطائرات الامريكية .. (فيديو)
  • مناقشة رواية «فستق عبيد» في «بحر الثقافة»
  • الخارجية الفلسطينية تدين التصريحات التحريضية الإسرائيلية على الفلسطينيين
  • إحياء رواية نادرة من القرن التاسع عشر.. "محمد علي" تعود في نسخة محدثة بعد أكثر من 150 عامًا
  • التمكين من الشقة للزوج أم للزوجة.. ماذا يقول القانون؟
  • دار العين تصدر رواية "أبو حريبة.. مأساة إيزيس الثانية" للكاتب يوسف الشريف
  • عاجل | القناة 14 الإسرائيلية: السلطة الفلسطينية سلمت إسرائيل منفذة عملية الطعن التي وقعت أمس في بلدة دير قديس
  • جبهة تحرير فلسطين: الموقف اليمني الشجاع يجسد أعظم معاني الإسناد الحقيقي مع الشعب الفلسطيني