تعتبر مصر عبر تاريخها العريق، واحدة من الدول التى تتميز بتنوعها الثقافى والدينى، حيث يعيش فيها المسلمون والمسيحيون جنبًا إلى جنب منذ قرون طويلة، لتشكل علاقة التعايش والتآلف بينهم جزءًا أساسيًا من الهوية المصرية وتاريخها الضارب فى الجذور.
لعل شراكة الوطن تتجسد أسمى معانيها فى مصر، بشكل لا نظير لها على امتداد العالم، من أقصاه إلى أقصاه، ويظهر ذلك التعايش، وتلك الشراكة بوضوح فى كافة المجالات، وفى الحياة اليومية أو الدينية، وكافة المؤسسات الثقافية.
فى مصر فقط، يُحتَفل بالأعياد الدينية لجناحى الوطن على نطاق واسع، حيث يشارك المسلمون فى احتفالات المسيحيين والعكس صحيح، وهو ما لن تجده فى بلدان أخرى، مما يعكس التراث الدينى المشترك والتسامح والاحترام المتبادل بين المسلمين والمسيحيين.
إن الشراكة فى الوطن، باتت مثالًا يُحتذى به فى التسامح والتعايش السلمى بين الأديان، كما أن وحدة الوطن والاحترام المتبادل والتضامن فى مواجهة التحديات المشتركة تُعَدُّ أساسًا لهذه العلاقة القوية بين شركاء الوطن فى مصر المسلمين والمسيحيين على حد سواء.
وفى التاريخ الحديث كانت ثورة 1919 الخالدة حدثًا تاريخيًا مهمًا، شكَّل نقطة تحول فى النضال المصرى ضد الاستعمار البريطانى، كما كان تحركًا شعبيًّا واسع النطاق، جسَّد ذلك التعايش المشترك لشركاء الوطن، وشهد مشاركة المسلمين والمسيحيين إلى جانب بعضهم البعض بروح من التضامن والوحدة الوطنية.
لقد خرج المسلمون والمسيحيون معًا فى مشهد وطنى لا يتكرر كثيرًا فى ثورة 1919، للمطالبة بالاستقلال والحرية من الاستعمار البريطانى، وكانت الشوارع ممتلئة بالمتظاهرين، ينادون بالحرية والاستقلال، فخرجوا تحت راية واحدة لمواجهة الاستعمار ولتحقيق غايات الثورة.
لقد جسَّدت تلك الثورة العظيمة، أسمى معانى الأخوة والمحبة الوطنية، كما شكَّلت مثلًا حيًّا وأنموذجًا رائعًا للتعاون والتضامن والتآخى بين الأديان فى سبيل هدف وطنى مشترك.
إننا كثيرًا لا نُحَبِّذ تصنيف الناس بحسب دياناتهم ومعتقداتهم، لكننا دائمًا نحدد قيمة الشخص بمدى حبه للوطن وإخلاصه والتفانى من أجله، ولذلك قلما نجد فى مصر من يتحدث عن ديانة الأشخاص، لأننا جميعًا متساوون فى الحقوق والواجبات، كمصريين.
كما أن جناحى الأمة فى مصر مسلمين ومسيحيين يعكسان التنوع الثقافى والدينى والاجتماعى والسياسى، ويظهران قدرة الشعب المصرى على التعايش والتآلف رغم التحديات التى قد تطرأ، ولذلك تعتبر هذه العلاقة القوية، عنصرًا أساسيًا لتكوين الهوية الوطنية وتحقيق التقدم والازدهار فى البلاد.
إننا بمناسبة أعياد الميلاد المجيدة، نود تقديم أجمل وأسمى التهانى القلبية، الممزوجة بمشاعر المحبة، إلى شركاء الوطن، ونقول للدنيا كلها أن القواسم المشتركة بيننا أكثر من أن تحصى، سواء أكان فى الفضائل أو القيم، لأن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، خصوصًا تلك المساحات النورانية المشتركة، وفى مقدمتها السماحة والسلام.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رضا سلامة الشعب المصرى الهوية المصرية فى مصر
إقرأ أيضاً:
المفتي: الأزهر منارة علمية ودينية تنشر الاعتدال وتعزز ثقافة التعايش بين الشعوب
شارك الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، بصحبة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في لقاء برئيس جمهورية أذربيجان، إلهام علييف، وذلك على هامش قمة باكو COP27.
وناقش اللقاء التعاون بين مصر وأذربيجان في دعم رسائل السلام وتعزيز دور المؤسسات الدينية في مواجهة النزاعات، ودار اللقاء حول أهمية التعاون بين الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية في أذربيجان لنشر الفكر الوسطي الذي يحارب الأفكار المتطرفة.
وأكد المفتي أن الأزهر الشريف يمثل منارة علمية ودينية تسهم في نشر الاعتدال وتعزيز ثقافة التعايش بين الشعوب، ويعد مركزًا حيويًّا للتعلم، حيث تخرج فيه علماء أجلاء أسهموا في تطوير الفكر الإسلامي والحضارة الإنسانية، ويحمل على عاتقه مسؤولية الحفاظ على التراث الإسلامي ونقله للأجيال القادمة.
قمة باكو COP27كما تناول اللقاء الدور الحيوي الذي تلعبه الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تحت مظلة دار الإفتاء المصرية في تعزيز السلام المجتمعي ونشر ثقافة التسامح والتعايش، وعملها على توحيد الجهود الإفتائية العالمية، وتنسيق الرؤى حول القضايا المعاصرة، وتقديم فتاوى موحدة تساهم في حل الخلافات والنزاعات، وبناء جسور التواصل بين مختلف الثقافات والأديان، وكذلك التصدي للأفكار المتطرفة التي تهدد السلم الاجتماعي.
من جانبه أبدى إلهام علييف اهتمامه بتطوير التعاون المشترك في مجالات التعليم الديني وتأهيل القيادات الدينية ليكونوا دعاة سلام ومصدر استقرار.