لا ندري بِمَ نصف الخطاب الذي ألقاه قائد المليشيا بمناسبة أعياد استقلال الدولة التي سعى وجدَّ واجتهد في هدم بنيانها وتقويض أركانها.. دولة 56 التي وضع علمها على يمينه المخضبة بدماء أهل السودان، وخاطب شعبها المنكوب بأمره، المقتول برصاص مليشياته، المشرد بانتهاكات مجرميه.

* من سخرية الأقدار أن يتحدث مجرم الحرب وسافك الدماء وقاتل الأبرياء وهاتك الأعراض عن الأمن والاستقرار والديمقراطية والتحول المدني والعدالة والسلام.

* عن أي أمنٍ يتحدث من أهدر طمأنينة ملايين السودانيين، وقتل أبناءهم، واستحى نساءهم، ونهب أموالهم وممتلكاتهم؟
* عن أي استقرار يتشدق من تسبب في تحويل أكثر من نصف أهل السودان إلى مشردين ونازحين ولاجئين وأفقدهم كل ما يملكون، وطردهم من بيوتهم وأسكن فيها أوباشه المجرمين، فدنسوها ونهبوها وأورثوا أهلها الحزن والفقر والعوز والألم والنزوح واللجوء والتشرد والدماء والدموع؟

* عن أي ديمقراطية يتحدث مجرم الحرب حميدتي؟
* كيف يمكن للديمقراطية أن تتحقق بالقتل والسلب والنهب والخطف والاغتصاب والتصفيات العرقية وتدمير البنيات الأساسية واحتلال مؤسسات الدولة ونهبها وسرقة أموال المواطنين وممتلكاتهم؟

* عن أي تحول مدني يتحدث من انبنى تاريخه كله على إشهار البنادق في وجوه المدنيين العُزّل وقتلهم بدم بارد.. وكيف يمكن للتحول المدني المزعوم أن يتم باجتياح القرى واحتلال المدن وترويع أهلها وقتلهم وطردهم من منازلهم وسرقة متاجرهم وأسواقهم وبيوتهم وبنوكهم وسلبهم كل ممتلكاتهم؟

* عن أي عدالة يتشدق من اقتحم السجون وأخلاها من نزلائها وجنَّد القتلة وعتاة المجرمين في صفوف قواته التي لا تعرف سوى القتل والنهب والسلب.. وكيف يتحدث عن العدالة من احتلت قواته مجمعات المحاكم ومقار النيابة وأقسام الشرطة وقوضت ونهبت وحرقت ودمرت كل مؤسسات العدالة في البلاد؟

* عن أي سلام مستدام يتحدث مجرم الحرب وسفّاك دماء الأبرياء في الخرطوم والجنينة وأردمتا ونيالا وزالنجي وكُتم وكاس وطويلة ومورني ومليط وكبكابية والمسيد وألتي والتكلة والكاسنجر ورفاعة والحصاحيصا والكاملين والقطينة وحنتوب الجميلة ومدني الغضة والمدينة عرب والحاج عبد الله وغيرها من مدن وقرى وحلّال السودان التي أحالت قوات القتل السريع نهاراً ليلاً، وأمنها خوفاً، وأفراحها أحزاناً، وعمارها دماراً، واستقرارها نزوحاً وتشرداً ولجوءاً، وضحكات أطفالها دموعاً، وزغاريد نسائها بكاءً؟

* كيف ينكر هذا المجرم المعتدي الأثيم فعائل قواته وانتهاكات جنجويده ليزعم أنه بسط السلام في أرجاء دارفور بعد أن حرقها بنيرانه وقتل أهلها ودفن بعضهم أحياء، واغتصب نساءها وسباهنَّ وباعهن مثل الإماء.. كيف يدعي أن دارفور المدمرة الباكية المتشحة بالسواد والآلام باتت تنعم بالسلام تحت إمرة مليشياته التي ما دخلت مدينةً أو قرية إلا فرّ منها الناس فرار الصحيح من المجزوم والأجرب؟

* من المثير للسخرية أن يمعن هذا المجرم الأثيم في إنكار جرائم قتلته ونهابيه، لينسبها إلى (متفلتين) وهميين.. فمدني التي يتباكى عليها وينكر ما حدث فيها من جرائم مروعة وانتهاكات موجعة؛ لم تعرف الخوف ولا القتل ولا السلب ولا النهب ولا النزوح والتشرد إلا بعد أن اقتحمها (الأشاوس) المزعومون، فوقعوا في أهلها تقتيلاً وسلباً ونهباً واغتصاباً وأجبروهم على مفارقة دورهم ووداع مدينةٍ وادعة أحالها الأوباش إلى جحيم.

* كيف يجرؤ حميدتي على تهنئة الطوائف المسيحية بأعياد الميلاد، بعد أن اقتحمت قواته المجرمة الكنائس وأطلقت الرصاص على القساوسة واغتصبت الراهبات ونهبت الكنائس ودمرتها وأحالت بعضها إلى ثكنات عسكرية وخضبتها بالدماء وأسكتت أجراسها وحظرت ترانيمها الجميلة؟

* من المضحكات المبكيات أن يتشدق مجرم الحرب عن محاربة خطاب الكراهية، بينما تمعن قواته في القتل على أساس العرق واللون والقبيلة، مثلما فعلت مع أبناء قبيلة المساليت في الجنينة وأردمتا، ومع أبناء قبيلة الفور في نيالا وزالنجي، ومثلما يفعل أبواقه الذين ظلوا يتوعدون أهل الشمال بالغزو والقتل والسحل منذ أن بدأ قائدهم حربه المجنونة في منتصف شهر أبريل الماضي؟

* وعن أي جيش واحد يتحدث.. هل يتوهم أن أهل السودان سيقبلون وجود مرتزقته (قتلة الأبرياء ومفاصلي النساء) في جيشهم الوطني.. أو يرضون به أو بمناصريه الذين لا يقلون عنه إجراماً وخيانةً في أي عملية سياسية مقبلة؟

* كيف يحلم هذا القاتل الغاصب بأن يحكم أهل السودان بعد أن سقاهم المُر وجرّعهم الحنظل ودمر بلادهم وشرد أطفالهم وشيوخهم واغتصب نساءهم وسرق أموالهم ونهب كل ممتلكاتهم؟

* لا حاجة لأهل السودان بديمقراطية (الشفشفة)، ولا مدنية القتل والنهب والسلب والخراب والدمار، وعلى مجرم الحرب المعتدي الأثيم أن يركز ويتقبل مصيره المحتوم، لأن عاره سيلاحقه أينما ذهب، وأهل السودان لن يسامحوه ولن يغفروا لهم ما فعله بهم، وسيطاردونه أينما ذهب، وسيجلبونه إلى ساحات العدالة ليلقى فيها جزاءه العادل، فالبِر لا يبلى والذنب لا يُنسى.. والديّان لا يموت.

*د. مزمل أبو القاسم

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: أهل السودان مجرم الحرب بعد أن

إقرأ أيضاً:

تحالف نيروبي وقضايا الحرب والسلام في السودان

تم التوقيع على وثيقة تحالف نيروبي الذي ضم ٢١ جسم وممثلين للمجموعات وفقا للأسماء التي تمت تلاوتها في المنصة الرئيسية، موزعة بين ٩ حركات مسلحة و١١ جسم بين حزب وممثلين
الملاحظة الاولي فقد خلت القائمة من تمثيل للنساء الأمر الذي يضع مسألة المشاركة والنوع في الحكومة المرتقبة تحت إختبار حقيقي، في ظل زخم أحاط بالمؤتمر أو لقاء نيروبي تم ترديد هتاف وعبارات تجتر إنهاء التهميش مع ملاحظة سيادة الشعارات المناصرة للدعم السريع بشكل اكثر صدي من سواها ، فيبدو ان التهميش هنا جاء بعيدا عن مفهومه وتعريفه فهو يشمل النوع والقوميات، والاقليات، مع ملحوظ لتمثيل لاصحاب الديانات الاخري من غير المسلميين، عدا القائد جوزيف توكا الذين يمثل الحركة الشعبية / شمال اكثر من كونه ممثل لإحدي الطوائف المسيحية، ربما قد قصد بعدم تمثيل الطوائف الدينية بالرغم من ان الواقع المرتبط بالصراعات السياسية ظل يلقي بثقله عليها بشكل ايدلوجي يهدف إلي تقليص مساحة الحريات الدينية.

عطفا على قائمة الموقعين، في المنصة التاريخية للاحزاب التقليدية ظهر ممثلي أجنحة أو مجموعات الحزب الاتحادي الديمقراطي والاتحادي الموحد ابراهيم الميرغني ومحمد عصمت قد شكلا ثقلا اكبر من حزب الأمة الذي مثله اللواء معاش فضل برمة ناصر الذي،تنازعه نائبة رئيس الحزب الدكتورة مريم الصادق حول شرعية مشاركتة باسم حزب الامة، لكن يبقي التمثيل في لقاء نيروبي يطرح على الضفة الاخري ممثلين لذات الاحزاب، الأمر الذي يجعل التوزيع بين تحالف صمود وقمم توزيع للمواقف قد.يثير حالات عدم إعتراف من كلا المجموعتين تجاه الاخري وهنا يتفرع الصراع إلي أطراف الحرب وسياسي ليس حول وقف الحرب لكن شرعية التمثيل .

الموقعين على اتفاق سلام السودان ٢٠٢٠ تمثلوا في بعض قادة حركات تحرير السودان الدكتور الهادي ادريس عن المجلس الانتقالي،الاستاذ الطاهر حجر عن قوي التحرير، الاستاذ حافظ عبدالنبي عن التحالف السوداني الذي إنقسم قادته بين تحالف قمم والي جانب الجيش حيث تم تعيين السيد بحر كرامة واليا لغرب دارفور .

اللافت غياب اليسار السوداني من لقاء نيروبي سواء الحزب الشيوعي السوداني الذي كشف عن موقفه من لقاء نيروبي والقيام تقدم وقبلها وقف الحرب في السودان، البعثيين بجناحيهم وكذلك الناصريين، وهذا يدفع بسؤال الخيارات السلمية والعسكرية من قضايا الحرب والسلام في السودان.

الإدارة الأهلية كشف عن تمثيلها سلطان الفور احمد دينار الذي جاء ظهوره والحرب قد دمرت متحف السلطان "سيد الاسم" على دينار بالفاشر، ومن ناحية سياسية فادراجه في قائمة الموقعين جعل الأمر يبدو كأنها محاولة تعويض لغياب حركة تحرير السودان قيادة الأستاذ عبدالواحد نور من الوثيقة، والذي أمسك حتي الآن عن الادلاء باي تصريح، غياب نور وتحالف حركة التحرير بقيادة مناوي والاستقالات التي كشف عنها الإعلام لمؤيدي الحركة الشعبية قيادة الحلو بغرب دارفور، ومحاولة تمثيل المساليت بملك المساليت بمنطقة قريضة وليس السلطان سعد بحر الدين، يكشف ان موقف المجموعات السكانية الثلاثة الذين يعبرون عن اكبر سجل للضحايا والنازحيبن واللاجئين بدارفور خارج وثيقة نيروبي، فالبديهي ان موقف هذه المجموعات مرتبط بالعدالة كقضية جوهرية كامتداد لغياب المحاسبة منذ اندلاع أزمة السودان في دارفور ٢٠٠٣، بينما يظل التطابق النظري بين الإدارة الأهلية والقبيلة أمر في غاية الخطورة مثله مثل الاعتماد على القبيلة في التحليل السياسي ، بالضرورة سيقود إلي نتائج خاطئة .

بالنظر الي قائمة التوقيعات فإن شرق السودان جاء متضمنا إلي القوي النوقعة بمؤتمر البجا المعارض والأسود الحرة، ونفوذ الحزب الإتحادي الديمقراطي الاصل " مريدي سيدي الحسن"، جنوب كردفان الذي شملت خريطته الحركة الشعبية والحرب القومي السوداني، بإخراج ممثل المهنيين والفنيين الدكتور علاء نقد، والتجمع الاتحادي فإن الغالبية تمثل حركات انشقت تاريخيا من حركة تحرير السودان، بينها اربع مجموعات من موقعي وثيقة سلام السودان ٢٠٢٠، فيما جاء الجديد هو توقيع قمم الذي يمكن النظر اليه من زاوية مقابلة لصمود أو نتاج الشطار تحالف تقدم .

وفقا للوثيقة بأن أطرافها سيسعون إلي تكوين جيش من قوات المجموعات المسلحة المنضوية تحت الاتفاق، وهنا يثور السؤال حول موقف ممثلي المجتمع المدني، الفئات والشخصيات المستقلة من الخطوة لأنها قد تكون مفهومة موضوعيا في سياق السلم اما الحرب الراهنة فهذا قد يمتد إلي تطور اخر.
بالرغم من ان الحركة الشعبية لتحرير السودان قيادة الحلو قد منحت زخما لاتفاق نيروبي، فإن الأمر يعيد النظر إلي تحالف الجبهة الثورية السابق فالي جانب الحركة هنالك حركة العدل والمساواة قيادة صندل والقائد ابو القاسم امام الذي كان حينها تحت حركة تحرير السودان قيادة عبدالواحد نور الا انه مثل في نيروبي نحت حركة تحرير السودان الثورة الثانية، فجميع الأطراف كانوا في ذاك التحالف الذي انفض عقب هجوم ابوكرشولة في ٢٠١٤ بوقت قصير.

في ظل انعقاد المؤتمر استمر هجوم الدعم السريع على الفاشر، وكان كل من دكتور الهادي ادريس والاستاذ الطاهر حجر قد أعلنا الحياد من المجموعات الآخر التي تحالفت مع الجيش لتصبح القوة المشتركة التي تولت الدفاع ومقاونة سيطرة الدعم السريع على الفاشر، موقف كل من ادريس وحجر كان قد تطور إلي عمليات اجلاء المدنيبن وحماية قوافل محدودة من الإغاثة لتصل معسكر زمزم بشمال دارفور، الانضمام للوثيقة يعلن عمليا موقف جديد للنادي وحجر من حالة الفاشر، الأمر الذي يضع الامتحان الأول للتحالف وعنوان حكومة السلام، لأن الهجمات تعرض المدنيين للخطر بشكل رئيسي.

قبل ان يتم التوقيع على وثيقة نيروبي استمر القصف الجوي من قبل طيران الجيش لمناطق بدارفور وجنوب كردفان، الأمر الذي قد يقلل من التأثيرات التنظيمية المحتملة داخل بعض الحركات الموقعة، ولاسبما الحركة الشعبية، لأن استمرار الهجوم الجوي يمنح شرعية اكبر ويقلل من الاصوات الناقدة داخليا.

بالتوقيع من الممثلين على الوثيقة ينسدل الستار على الجزء الأول من العملية، ليطل الجزء الثاني المرتبط بادارة التحالف وهو ما ظل يمثل التحدي الأكبر على مر سجل التحالفات السياسية والعسكرية في السودان، التي من ضمنها أسئلة الشرعية للمجموعات المختلفة التي انقسمت ( عمليا) من بعض الاحزاب أو الحركات المسلحة، وكذلك موقف المجتمعين الدولي والاقليمي من التحالف، في كل الأحوال تراجع تقدم وانقسامها، والتحالف الجديد وموقف الجيش الذي يظهر في استمرارالعمليات العسكرية بما في ذلك القصف الجوي، يقابله موقف الدعم السريع في مواصلة القتال بما في ذلك الهجوم المستمر على الفاشر يشير إلي رجحان استمرار الحرب الي فترة ليست بالقصيرة، وقد تنتقل لمناطق آخري، بالإضافة إلي إنتشار معسكرات التدريب العسكري إلي مناطق أخري داخل وخارج السودان، مع ازدياد التسليح كما ونوعا لان معادلة الحرب تمضي اضطرادا مع الأطراف الخارجية الداعمة للحرب.

badawi0050@gmail.com

   

مقالات مشابهة

  • الحرب تغتال بهجة رمضان في السودان
  • إشعال حمى الحروبات لتعقبها حمى الإنفصالات
  • حيثيات الحكم بإعدام عامل شنقًا في اتهامه بقتل شاب بمدينة الشروق لسرقة متعلقاته
  • وزير المالية السوداني يتحدث عن إستبدال العملة في الخرطوم وانتهاء الحرب ويعلن عن قوافل وتعهدات بشأن جثث القتلى والمتفجرات وإعادة الكهرباء
  • تحالف نيروبي وقضايا الحرب والسلام في السودان
  • أبطال لا يموتون… بل تخلدهم المواقف والتاريخ
  • لغة ترامب التي يجيدها!
  • مرافعة الطبقة الوسطى في الحرب السودانية
  • ليس باسمنا خطاب الإنكار والمتاجرة بمعاناة السودان أيها العالم
  • ما الدروس التي استخلصتها شعبة الاستخبارات الإسرائيلية من فشل السابع من أكتوبر؟