الوطن:
2024-11-19@06:41:10 GMT

د. يوسف عامر يكتب.. مع الصادقين

تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT

د. يوسف عامر يكتب.. مع الصادقين

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119].. في هذهِ الآيةِ الكريمةِ يأمرُ اللهُ تعالى عبادَهُ المؤمنينَ بالصدقِ، ولكنْ لم يأتِ الأمرُ به مباشرًا (اصدُقُوا)، وإنما أمرَهُم سبحانه وتعالى أولًا بالتقوى، فالصدقُ والتقوَى لا يفترقانِ، وهل يُوجدُ تَقيٌّ كذوبٌ؟! أو يوجدُ صِدِّيقٌ غيرُ تَقيٍّ؟!

ثم جاءَ الأمرُ بعدَ ذلكَ بالصدقِ بصورةٍ أبلغَ مِن الأمرِ المباشرِ (اصدقوا) فقال سبحانه: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} وليسَ هذا مجردَ أمرٍ بتحرِّي الصدقِ فقطْ، وإنما هو أمرٌ بأنْ يلتزمَ المؤمنُ صحبةَ الصادقينَ كما يلتزمُ الصدقَ، وهذا معناهُ أنْ يتشاركَ الصادقونَ في بناءِ المجتمعِ، وأنْ يُنحَّى الكَذَبَةُ المفسدون فلا يكونُ لهم دورٌ يفسدونَ مِن خلالِهِ في المجتمعِ، وهل يَثبتُ بناءٌ أُقيمَ على غيرِ الصدق؟!

فالصدقُ إذنْ فرضٌ مُلتزَمٌ حتى قالَ بعضُ الصالحين: مَن لم يُؤدِّ الفرضَ الدائمَ لا يُقبلُ منهُ الفرضُ المؤقتُ.

قِيلَ: ما الفرضُ الدائمُ؟ قال: الصدقُ.نعم.. وهلْ إسلامُ العبدِ يكونُ مقبولًا عندَ اللهِ تعالى إِلَّا بصدِقِه فيهِ؟!

والصدقُ كما يكونُ في الأقوالِ يكون أيضًا في الأعمالِ، لا كما يظنُّ البعضُ أنَّ نطاقَ الصدقِ هو الأقوالُ فقطْ، فليسَ هذا الظنُّ صحيحًا، ومما يدلُّ على هذا قولُ اللهِ تباركَ وتعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177] ففي هذه الآيةِ بيَّنَ سبحانه وتعالى أنَّ البرَّ يبدأُ مِن الإيمانِ.

ثمَّ يدخلُ فيهِ أعمالُ خيرٍ عظيمةٌ تشملُ عباداتِ المرءِ ومعاملاتِهِ ونفعَهُ لِمَن حولَهُ، ثمَّ بعدَ أنْ ذكَرَ اللهُ سبحانه وتعالى هذه الأعمالَ أشارَ إلى القائمِينَ بها بقولِهِ سبحانه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا}، فبيَّنَ أنهم حَصَّلوا الصدقَ بأعمالِهِم الصالحةِ.

وإذا تساءلَ البعضُ عن كيفيةِ الصدقِ في العمَلِ، فنقولُ: كما يكونُ الصدقُ في القولِ بأنْ يكونَ الكلامُ موافقًا للواقعِ المخبَرِ عنهُ دونَ كذبٍ، فإنَّ الصدقَ في العملِ بأنْ يكونَ العملُ موافقًا للوجهِ الذي يرضاهُ الله تعالى غيرَ مخالفٍ له.

فيتمثلُ الصدقُ في القيامِ بواجبِ العِلْمِ واتباعِ أخلاقِ المهنَةِ، وعدمِ التهاون والتقصير في المسئولياتِ، وإذا كان هذا القدرُ قد يُشاركُ المؤمنِينَ فيه غيرُهُم حتى مِن أتباعِ الدياناتِ الوضعيةِ، فإنَّ الصدقَ في الإسلامِ لا يَقِفُ بالمسلمِ عند هذه الحدودِ، وإنما يرتفعُ به إلى معاملةِ اللهِ تعالى، فالصدقُ -كما يقولُ السَّلَفُ الصالحُ- هو الوفاءُ للهِ عزَّ وجلَّ بالعملِ.

والصادقُ -كما يقولون أيضًا- لا تراهُ إِلَّا في فرضٍ يُؤدِّيهِ، أو فضلٍ يَعملُ لربِّهِ فيهِ.

وقد تفضَّلَ اللهُ تعالى على عبادِهِ بأنْ جعلَ دواعِيَ الصدقِ أقوَى وأرسخَ وأصدقَ مِن دواعِي الكذبِ، فالشرعُ يأمرُهُ بالصدقِ وينهاهُ عن الكذبِ، والعقلُ السليم يحضُّ صاحبَهُ على الصدقِ ويبينُ له منافعَهُ في مقابلِ ما يُؤدِّي إليه الكذبُ مِن مهالكَ، والفطرةُ النقيةُ تعرِفَ الصدقَ وتُنكرُ الكذبَ، ومُروءةُ ذِي المروءةِ تمنعُ صاحبَهَا مِن الكذَبِ وتَبعثُهُ على الصدقِ...، فهل بقيَ لغيرِ الصدقِ مِن شيءٍ؟!

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الصدق التقوى البر العمل الصالح

إقرأ أيضاً:

«الشرطة والشارقة الرقمية» ينسقان للريادة التقنية

الشارقة: «الخليج»
استقبل اللواء عبد الله مبارك بن عامر قائد عام شرطة الشارقة، الشيخ سعود بن سلطان بن محمد القاسمي مدير عام دائرة الشارقة الرقمية والوفد المرافق له، وبحثا تعزيز التعاون المثمر بين الجانبين في مجال الريادة التقنية، لتحقيق رؤية الإمارة المستقبلية، وتنميتها المستدامة.
أعرب اللواء عبد الله بن عامر عن تقديره للدائرة وجهودها الدؤوبة في تحقيق رؤية الإمارة الرقمية، ودعمها للمشاريع الابتكارية والريادية، والحلول الرقمية المبتكرة التي تجسد الريادة التقنية في إمارة الشارقة، وتسهم في الارتقاء بجودة الحياة لمجتمع دولة الإمارات. وأكد التزام الشرطة بإرساء الشراكة الاستراتيجية مع الجهات الحكومية المحلية لتعزيز منظومة العمل الرقمي، وتحقيق التكامل في الخدمات، لبناء مجتمع أكثر أماناً وابتكاراً.
وخلال اللقاء كرّم الشيخ سعود بن سلطان واللواء عبد الله بن عامر فريق عمل الدائرة المشارك في معرض «جيتكس 2024»، معبّراً عن شكره وتقديره على تعاونهم المتميز مع شرطة الشارقة، والذي أسهم في فوزها بالمركز الأول كأفضل مشروع مشارك ضمن جناح حكومة الشارقة بالمعرض.
حضر اللقاء المهندسة لمياء الشامسي مدير الدائرة، والعميد أحمد حاجي السركال مدير عام العمليات الشرطية، والعميد الدكتور أحمد سعيد الناعور مدير عام العمليات المركزية، والعميد عبد الله إبراهيم بن نصار مدير عام الموارد والخدمات المساندة، والعميد إبراهيم مصبح العاجل نائب مدير عام العمليات الشرطية بشرطة الشارقة، والمهندس ماجد محمد المظلوم مستشار مكتب المدير العام بالدائرة، والمهندس عبدالناصر عبيد بو خاطر مدير مركز الشارقة للأمن السيبراني، ومديرو الإدارات ذات الاختصاص، وفريق العمل المشارك في جيتكس 2024 من شرطة الشارقة ودائرة الشارقة الرقمية.

مقالات مشابهة

  • «الشرطة والشارقة الرقمية» ينسقان للريادة التقنية
  • عضو بـ«الأزهر للفتوى» توضح حكم التلفظ بالنية عند الغسل لتمام الطهارة
  • هل يجب التلفظ بالنية عند الغسل لتمام الطهارة؟.. عضو "العالمي للفتوى" تجيب
  • صفة خص الله بها عباده الصالحين.. الأزهر للفتوى يكشف عنها
  • وزير الأوقاف: لا بد أن يكون حوار الحضارات بديلا عن تصادمها
  • وزير الأوقاف: لا بد أن يكون حوار الحضارات بديلًا عن تصادمها
  • وزير الأوقاف: لابد أن يكون حوار الحضارات بديلاً عن تصادمها
  • من هو المعاجز الذي توعد الله له بسوء الخاتمة ؟.. علي جمعة يوضحه
  • 9 كلمات أوصى بها الشيخ الشعراوي للنجاه من الغم.. احرص على ترديدها
  • لو مش بتعرف تدعي ربنا ردد هذا الدعاء .. فيه خير الدنيا والآخرة