عمل الأطفال في الإجازة الصيفية.. تنمية للشخصية أم تعدٍّ على حقوقهم؟
تاريخ النشر: 15th, July 2023 GMT
القاهرة- في إحدى المجموعات الخاصة بالنساء على موقع التواصل الاجتماعي، كتبت سيدة تبحث عن عمل لابنها الذي يبلغ من العمر 14 عاما، ويقضي أغلب وقت الإجازة الصيفية في ألعاب الهاتف والحاسوب، وتنتهي ساعات يومه وهو على السرير لا يفارقه إلا لحظات محدودة.
شكوى الأم الأربعينية لم تكن الوحيدة، بل تبعتها عشرات التعليقات التي تؤكد أن حال ابنها لا يختلف عن حال كثير من المراهقين الذين أنهوا امتحاناتهم وتحولت حياتهم مع أسرتهم إلى علاقة تتلخص في تناول الطعام وقضاء وقت قليل للغاية مع الأسرة مقارنة بأوقات الدراسة.
ومع الضائقة المالية التي تعاني منها أغلب الأسر المصرية، عادت فكرة عمل الأطفال في فصل الصيف تظهر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يعد يقتصر الأمر على فترات التدريب التي كانت تقدمها بعض الشركات والمطاعم، لكن لجأ كثيرون للبحث عن عمل ملائم لهذه المرحلة العمرية، بينما انتاب القلق آخرين خوفا من تعرض الأبناء لمخاطر التعامل مع الغرباء في هذه السن المبكرة، وهم المعتمدون على أهلهم بشكل كامل.
أحمد العمري (45 عاما) محاسب في إحدى الشركات الخاصة، ولديه ابنتان عمرهما 14 و15 عاما، تحاولان منذ بداية الإجازة إقناعه بالموافقة على عملهن في إحدى الحضانات القريبة أو المطاعم أو غيرها من المهن التي لا تحتاج لخبرات خاصة، لكنه يرفض دوما رغم شعوره بأهمية العمل في هذه السن لبناء الشخصية.
يقول العمري للجزيرة نت إن "أجواء العمل في مصر سيئة للكبار بشكل عام، فما بالنا بأطفال يخوضون أولى تجارب حياتهم في هذه السن، وبالأخص لفتيات لا يوجد أي قانون يحميهن، بل على العكس، القانون يعرضني معهم للمساءلة القانونية في حالة تعرضهن لأي خطر. فإذا تعرضن لشيء لن أستطيع أن أقتص قانونيا، لأن القانون يجرّمني أنا بعمالة أطفالي".
استغلال أصحاب الأعمال ورفض الآباءفي مجموعة خاصة أنشئت للبحث عن فرص تدريب وعمل للطلبة في الإجازة الصيفية، تم تصنيف الأطفال إلى ما تحت 14 سنة و ما فوقها، لتكون الورشات التدريبية خاصة بالأطفال ذوي العمر الأقل، بينما تقتصر طلبات العمل على الأطفال الأكبر من 14 عاما.
لكن هل تتوافق فرص العمل المتاحة مع قوانين عمالة الأطفال، خاصة في ظل ظروف العمل القاسية التي تتطلب التزاما بعدد معين من الساعات، وإجازة أسبوعية ليوم واحد فقط، ورواتب هزيلة لا تتناسب مع الحد الأدنى الأجور. ذلك لأن بعض أصحاب الأعمال يعتبرون تلك الوظائف تدريبا عمليا للطلاب، لا يستلزم منح أجر عادل.
الشائع أن الأطفال ينخرطون في أعمال منخفضة الأجر (غيتي)يقول محمود البنا (42 عاما) -وهو أحد أولياء الأمور المشاركين في مجموعة "مبادرة تدريب وعمل الطلبة بالإجازة"- إن المبادرة لإيجاد فرص تدريبية للشباب المراهقين محاولة جيدة بالطبع، لكن البعض يحاول استغلالها في الحصول على أيدٍ عاملة رخيصة الثمن، تقبل العمل دون اشتراطات.
ويؤكد البنا أنه فوجئ أثناء محاولته العثور لابنه (15 عاما) على فرصة لصقل شخصيته وزيادة احتكاكه بالمجتمع، بأن هناك الكثير من محاولات الاستغلال، إذ قد يمتد العمل إلى ساعات مبالغ فيها بالنسبة لتدريب تصل إلى 10 ساعات يوميا، مع مرتب شهري يبلغ ألفي جنيه (الجنيه يساوي نحو 31 دولارا) وإجازة يوم واحد في الأسبوع، وذلك لعامل التغليف في أحد المصانع، وهو ما رفضه الأب وكثير من أولياء الأمور لأنه استغلال لعمالة رخيصة تحت دعوى التدريب.
دراسة: عمل المراهقين مرتبط بمخاطروفي دراسة أجريت على 800 مدرسة متوسطة وثانوية من قبل الحكومة الكورية وتم نشرها في سبتمبر/أيلول 2020، بشأن توظيف المراهقين والصحة العقلية، خلصت النتائج إلى أن المراهقين ذوي الخبرة في العمل بدوام جزئي لديهم مستويات إجهاد إجمالية بنسبة أكبر ومشاكل في الثقة.
وأكدت الدراسة أن هناك آراء متضاربة حول تأثير تشغيل المراهقين في هذه المرحلة العمرية. فمن ناحية يمكن أن تكون فرصة لتعلم دروس الحياة ومحو الأمية المالية وكيفية إدارة الوقت. لكن من ناحية أخرى، ارتبط توظيف الشباب في هذه السن بانخفاض التحصيل الدراسي وسوء السلوك وارتفاع التعرض لمشاكل التدخين والمخدرات في سن مبكرة.
وقارنت الدراسة بين أنماط التوظيف لدى البالغين، وبين مثيلتها لدى المراهقين الذين من الشائع أن ينخرطوا في أعمال منخفضة الأجر، ويصعب فيها توافر بيئة عمل صحية. واعتبرت الدراسة أن الطلاب الذين يعملون في هذه السن المبكرة أكثر عرضة لخطر التعرض للعنف والصدمات الجسدية، مما يمتد أثره إلى الصحة العقلية.
يمكن استغلال الإجازة الصيفية بشكل جيد من خلال تنمية مهارات الأطفال بدل إرسالهم إلى العمل (بيكسلز) تنمية المهارات و الرياضة أهموبالرغم من اهتمام وزارة التضامن المصرية بفكرة الطفل العامل، وإنشائها 17 مركزا لرعاية الطفل العامل في 14 محافظة، لتقديم الخدمات الطبية والنفسية للطفل وعائلته، بالإضافة لتقديم وسائل للترفيه وأنشطة داعمة لمهارات الطفل العامل من دون تقييد حريته؛ فإن مفهوم العمل في المراحل المبكرة لا يزال يسيطر على العديد من أولياء الأمور، وهو ما يرفضه الدكتور مدحت جاد الرب أستاذ الطب النفسي بجامعة بنها، مؤكدا أن عمالة الأطفال في هذه السن تنعكس بشكل سيئ على شخصياتهم بعكس ما يعتقده الآباء، خاصة في ظل أوضاع صعبة في سوق العمل، وهي في الأغلب أوضاع لا يتحملها الكبار، فما بالنا بهؤلاء الصغار.
ويقول جاد الرب للجزيرة نت إن عمل الطفل "قد يعرضه لانتهاكات جسدية او نفسية أو جنسية، ولا يستطيع مصارحة أهله بها، كي لا يصبح شخصا غير مسؤول في نظرهم، بالإضافة لأنه يتحمل في كثير من الأحيان سوء المعاملة في أماكن العمل، كي لا يصفه أهله بأنه مدلل أو لا يتحمل المسؤولية، فيخرج الطفل من هذه التجربة محملا بكراهية فكرة العمل وكراهية أهله الذين تركوه يتعرض لتلك الإساءات دون محاولة لمد يد النجدة له".
ويؤكد الطبيب النفسي أن استغلال إجازة المراهقين الصيفية من الممكن أن يتم بشكل جيد من خلال تنمية مهاراتهم وممارسة الرياضة، والزيارات العائلية اللطيفة، وقضاء وقت جيد مع الأصدقاء، وتشجيعه على العودة للدراسة بنفسية سعيدة متأهبة للنجاح و التفوق، لا بنفسية تسعى للتخلص من قيود العمل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الإجازة الصیفیة
إقرأ أيضاً:
اتفاقية بين تنمية المجتمع بدبي واليونيسف لنشر الوعي بحقوق الطفل
أعلنت هيئة تنمية المجتمع في دبي، عن توقيع اتفاقية تعاون مع مكتب اليونيسف لدول الخليج العربية التابع لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، بهدف توحيد الجهود وتعزيز التعاون المشترك لتطوير وإطلاق برامج توعوية وتدريبية تسلط الضوء على حقوق الطفل، ويأتي ذلك تزامناً مع اليوم العالمي لحقوق الطفل ليؤكد التزام الطرفين بتحقيق بيئة داعمة وصديقة للأطفال تضمن لهم حقوقهم الكاملة وتتيح لهم فرص النمو والنجاح.
ووفقاً للمكتب الإعلامي لحكومة دبي، وقع الاتفاقية حصة بوحميد مدير عام هيئة تنمية المجتمع، والطيب آدم ممثل مكتب اليونيسيف لدول الخليج العربية.
وأكدت بوحميد، أهمية الاتفاقية ودورها في تبني أفضل الممارسات العالمية في مجال حقوق الطفل، مبينة أن "شراكة الهيئة مع اليوينسيف تمتد لسنوات طويلة تم خلال إنجاز العديد من المشاريع في مجال نشر الوعي بحقوق الطفل وبناء قدرات المتعاملين مع الأطفال للمساهمة بحماية حقوقهم".
وقالت إن " الأطفال هم المستقبل، واستثمارنا في حمايتهم وتمكينهم هو استثمار في بناء مجتمع أكثر تماسكاً وازدهاراً، وتسعى هيئة تنمية المجتمع من خلال هذه الشراكة مع مكتب اليونيسف لدول الخليج العربية إلى رفع مستوى الوعي المجتمعي حول حقوق الأطفال وتعزيز دور المتعاملين معهم لضمان بيئة صديقة وممكنة للأطفال، وسنعمل معاً على بناء قدرات العاملين في هذا المجال، وتوفير موارد إرشادية وتدريبية تساهم في حماية الأطفال وتحقيق نموهم السليم ليصبحوا أفراداً فاعلين وقادة متميزين لمستقبل أكثر إشراقاً".
هيئة تنمية المجتمع ومكتب اليونيسف لدول الخليج العربية يوقعان اتفاقية تعاون بهدف تعزيز نشر الوعي بحقوق الطفل.https://t.co/nno2Zb26l1@CDA_Dubai | @UNICEFinArabic pic.twitter.com/SFM50j6ZEt
— Dubai Media Office (@DXBMediaOffice) November 20, 2024 بناء القدراتوبموجب الاتفاقية، سيتعاون الطرفان على إعداد وتطوير مواد إرشادية وتوعوية وتدريبية تسلط الضوء على حقوق الطفل وتتناول الجوانب المختلفة لحمايتهم وتعزيز رفاههم، كما تهدف الاتفاقية إلى بناء قدرات المتعاملين مع الأطفال، بما في ذلك أولياء الأمور والمعلمين ومقدمي الرعاية، وتزويدهم بالمعرفة والأدوات التي تمكّنهم من القيام بدورهم الفاعل في حماية حقوق الأطفال وضمان بيئة داعمة لنموهم.
وأشار الطيب آدم، إلى أهمية هذه الاتفاقية في تعزيز الجهود المشتركة لتحقيق الأهداف التنموية المرتبطة بالطفولة، مؤكداً أن "الشراكة مع هيئة تنمية المجتمع في دبي تعزز من مكانة دبي كمركز ريادي عالمي في مجال حماية حقوق الإنسان"، مشيداً بالتزام الإمارة بمبادرات تستهدف تمكين الأطفال من التمتع بحياة كريمة وآمنة.
وتأتي هذه الخطوة لتؤكد مكانة دبي كمدينة رائدة في مجال حماية حقوق الأطفال وتعزيز الوعي المجتمعي بأهميتها، وتمثل الاتفاقية نموذجاً للتعاون الفعّال بين المؤسسات الحكومية والمنظمات الدولية، إذ تتطلع هيئة تنمية المجتمع من خلال هذه الشراكة إلى توفير تأثير إيجابي مستدام يعزز من جودة حياة الأطفال ويضع أساساً قوياً لجيل قادر على تحقيق النجاح والابتكار في المستقبل.