«المنتدى الاستراتيجي العربي».. 22 عاماً من استشراف المستقبل إقليمياً ودولياً
تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT
دبي- وام
يجسد «المنتدى الاستراتيجي العربي» الذي انطلق في عام 2001 تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، «رعاه الله»، الريادة في الاستشراف والتخطيط للمستقبل ووضع الحلول الاستباقية والبديلة للوقوف على المتطلبات اللازمة لمواجهة مختلف التحديات المستقبلية إقليمياً ودولياً.
ويعد المنتدى الذي يندرج تحت مظلة مؤسسة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، منصة فريدة في استشراف الأحداث الجيوسياسية والاقتصادية إقليمياً وعالمياً، ويجمع كبار المسؤولين الحكوميين والخبراء الاستراتيجيين والأكاديميين من المنطقة العربية والعالم، للاستفادة من آراء وبيانات موثوقة المصدر وتحليلات متعمقة بهدف تسهيل عملية استشراف التحديات والفرص الإقليمية المستقبلية.
ويقدم المنتدى صورة استشرافية واضحة أمام متخذي القرار حول مستقبل العديد من القضايا؛ وهو ما يساهم في تمكينهم من وضع خطط استراتيجية لمواجهة التحديات الجيوسياسية والاقتصادية، كما يقدم توقعات دقيقة حول الأحداث المهمة على مدار العام.
ففي عام 2001، وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، بإطلاق المنتدى، بهدف جمع المفكرين والخبراء السياسيين والاقتصاديين وصناع القرار في منصة واحدة، حيث تعمل على الاستفادة من منهجين علميين وهما المنهج الاستراتيجي للاستشراف والمنهج الاستراتيجي للتخطيط للمستقبل.
وقدم المنتدى الذي انعقد في الفترة من 12 إلى 14 نوفمبر 2001 إطار عمل متميزاً؛ لتبادل المعرفة والرأي بين جميع المسؤولين من مختلف القطاعات الخاصة والحكومية ومجموعة من الخبراء العالميين، حيث جرى دراسة المستقبل الاقتصادي الجديد وتحديد الأولويات والاستراتيجيات في البيئة التنافسية للقرن الحالي.
واستشرف المنتدى في 2001 الاقتصاد الجديد، وشهد كشف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عن رؤية دبي الاستراتيجية خلال السنوات العشر التالية، حيث شدد سموه على أن التطورات والمتغيرات في الساحة الدولية تتلاحق بسرعة مذهلة، وتفرض على البشرية بأسرها مفاهيم جديدة في السياسة والاقتصاد والتجارة والثقافة والاجتماع وفي نمط العيش، ما يدفع دبي إلى دعوة خبراء متخصصين وأساتذة جامعات مشهود لهم دولياً لمحاورتهم في تفاصيل المشهد العالمي ومتغيراته الأساسية؛ سواء في الاقتصاد الجديد أو في السياسة والاجتماع والعلاقات الدولية.
-توجه إقليمي
وحمل المنتدى الاستراتيجي العربي في العام 2002 الذي انطلق تحت شعار «التواصل من أجل التقدم» بعداً إقليمياً، حيث قدم صورة شاملة للتحديات التي تواجه المنطقة، وسلط الضوء على المتغيرات العالمية والتطورات الراهنة والمستقبلية في مجالات المستقبل الاقتصادي والسياسي.
وناقش المنتدى على مدى ثلاثة أيام عدداً من المواضيع المهمة ذات الصلة بعملية التنمية الشاملة في دول آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط، ومن أهمها استراتيجيات الشركات وثقة المستثمر بأداء الشركات العالمية، إلى جانب طرق معالجة موضوع الفساد الإداري والمالي وطرق التخلص من البيروقراطية؛ التي تحبط مساعي النهوض بمستوى التنمية الشاملة على كل صعيد.
-منصة دولية
وشهد المنتدى تغييراً جوهرياً، وتأكيداً على تحوله تجاه البعدين الإقليمي والعالمي ليصبح الحدث الأبرز في استشراف حالة العالم سياسياً واقتصادياً.
وحمل المنتدى في 2004، شعار «العالم العربي 2020»، وتناول مختلف السيناريوهات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والمخاطر والفرص المرتبطة بكل منها.
وناقش المشاركون موضوعات عدة حول التوجه نحو اقتصاد قائم على التجارة الحرة والتبادل التجاري العربي ودور الشباب في تنمية العالم العربي وكيفية إعداد قادة المستقبل في مجالات السياسة والأعمال والمجتمع في العالم العربي، إضافة إلى موضوع استقطاب الاستثمارات في العالم العربي ومتطلبات وشروط تحسين البيئة الاستثمارية في الوطن العربي.
-متغيرات عالمية
وركز برنامج المنتدى الاستراتيجي العربي، الذي انطلق تحت شعار «المتغيرات العالمية وفرص النجاح» خلال الفترة من الفترة من 4 إلى 6 ديسمبر 2006، على ثلاثة محاور رئيسية ناقش الأول المتغيرات السياسية في المنطقة العربية والعالم، فيما تناول المحور الثاني المتغيرات الاقتصادية لاسيما تأثير ارتفاع أسعار النفط في السياسات الاقتصادية وحجم الاصلاحات السياسية وفرص الاستثمار المتاحة في ظل ذلك، كما ناقش دور رؤوس الأموال العربية الباحثة عن فرص استثمار في المنطقة العربية.
وركز المحور الثالث على الجانب الاجتماعي، ومدى قدرة العالم العربي على توفير فرص عمل لعشرات ملايين الشباب العرب، كما ناقش المنتدى الدور الذي تلعبه مؤسسات التعليم في العالم العربي وقدرتها على مواكبة متطلبات سوق العمل، إلى جانب نظرة العالم إلى عالمنا العربي وما تخللها من سلبيات.
وأضاءت مخرجات المنتدى الاستراتيجي العربي على أهمية تنويع البنية الاقتصادية وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز الإصلاحات السياسية، ودعم عمليات التغيير لاستخلاص فرص نمو جديدة في العالم العربي.
ودعا المشاركون إلى تطوير التعليم والخدمات الأساسية وصياغة استراتيجيات كفيلة بتنمية الكوادر البشرية.
وبرزت أهمية القضايا التي ناقشها المنتدى في كونها محاولة لاستباق المتغيرات الاقتصادية التي شهدها العالم في عام 2008، فالدعوة إلى التنويع في القطاعات الاقتصادية والإصلاحات الهيكلية كانت كفيلة في حال تطبيقها، بالحد نوعاً ما من آثار الأزمة المالية العالمية.
-حقوق الملكية الفكرية
وحمل المنتدى الاستراتيجي العربي الذي انعقد في 2009 عنوان «نحو إقامة مجتمع المعرفة في العالم العربي»، حيث ناقش أهمية المعرفة لبناء اقتصاد حيوي ومجتمعات مستقرة، وهو ما أثبتته تجربة السنوات اللاحقة، حيث تعمقت القناعة بضرورة تحديث نظم التعليم وتوفير مصادر للمعرفة من أجل بناء اقتصاد قوي وحيوي وتأسيس مجتمعات فاعلة ومنتجة.
وسلط المنتدى الضوء على الفجوة الشاسعة بين المعرفة وسياسات التنمية العربية، كما ناقش أوضاع حقوق الملكية الفكرية ودورها في اقتصاد المنطقة، مضيئاً على المتطلبات التشريعية، والتنظيمية، والثقافية، والمادية لترسيخ حقوق الملكية الفكرية.
-دور جديد ومؤثر
وحمل المنتدى الاستراتيجي العربي في عام 2013، عنوان شبكات التواصل الاجتماعي ومجتمع المعرفة، حيث أضاء على هذه الشبكات التي باتت تلعب دوراً جديداً ومؤثراً في تطوير مجتمعات المعرفة، وتقدم الكثير من الأدوات والحلول للدول وأصحاب القرار والمجتمعات ككل للارتقاء بدولهم واستغلال الثقافة.
وحذر مشاركون في المنتدى، من استغلال هذه الشبكات سياسياً، مؤكدين على ضرورة أن يواكب الإعلام ما يدور من تفاعل على شبكات التواصل الاجتماعي التي باتت تشهد سيلاً جارفاً من المعلومات، منوهين بأهمية وجود قرارات في وسائل الإعلام الرسمية من أجل إحداث تغييرات في نمط عرضها المادة للجمهور، وأهمية التفاعل معهم.
-استشراف المستقبل الجيوسياسي
وركز المنتدى في عام 2014، على استشراف المستقبل الجيوسياسي للمنطقة ومدى تأثره بالمتغيرات العالمية، وذلك استجابة لتنامي حدة الصراعات الإقليمية وما أسسته من استقطاب في المشهد السياسي العالمي، وتنامي خطر الإرهاب والجماعات المسلحة.
وناقشت نخبة فكرية سياسية واقتصادية عالمية موضوعين أساسيين الأول؛ هو أهم التحولات السياسية الرئيسية في العالم والنزاعات القائمة وإمكانات تفاقمها والسيناريوهات المحتملة لها في 2015، والموضوع الثاني هو محاولة استشراف خريطة النمو الاقتصادي العالمية، وأهم التحديات التي ستواجه اقتصاد العالم في 2015.
وشهدت هذه النسخة نمطاً جديداً في تناول القضايا المصيرية عبر اشتمالها على أربعة محاور: حالة العالم العربي سياسياً، وحالة العالم العربي اقتصادياً، وحالة العالم سياسياً وحالة العالم اقتصادياً.
وتوقع المتحدثون في المنتدى تنامي دور الصين والولايات المتحدة الأمريكية على الساحة السياسية والاقتصادية العالمية، منوهين بأن الصراعات الإقليمية في المنطقة ستستمر في ظل غياب مساعي جادة لوضع الحلول، واتفقوا أيضاً على أن الاقتصاد العالمي سيشهد المزيد من الأزمات خاصة فيما يتعلق بقدرة أوروبا على الإيفاء بديونها العامة، وقدرة الاقتصاد العالمي على النهوض في ظل تراجع الطلب على المنتجات والمواد الخام.
-منصة فكرية وبحثية عالمية
وتعتبر نسخة المنتدى الاستراتيجي العربي التي عقدت في 2015، محورية في تاريخ المنتدى، حيث وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله» بتحويل المنتدى الاستراتيجي العربي، إلى منصة فكرية وبحثية عالمية تهدف إلى استشراف المستقبل وحالة العالم سياسياً واقتصادياً، بهدف بناء نموذج علمي لتحليل كافة البيانات الجيوسياسية والاقتصادية.
وتناول المنتدى التطورات الجيوسياسية والاقتصادية في المنطقة والعالم، وركز بشكل أساسي على المخاطر المحتملة التي تنذر بها حالة غياب اليقين السياسي والاقتصادي التي تسود معظم الأقاليم العربية.
وشهد المنتدى استعراضاً لمجموعة من التقارير العالمية من قبل منظمات ومؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمنتدى الاقتصادي العالمي.
-قراءة أعمق وأشمل
وتميزت نسخة المنتدى التي انعقدت في عام 2016، بمدى التخصص والاحترافية التي اكتسبها المنتدى عبر مراكمة خبرات السنوات الماضية، فقد شهدت جلسات المنتدى حضور أبرز المؤسسات الاقتصادية العالمية، ونقاشات متخصصة صدر عنها تقارير شاملة تحت إشراف مجموعة من الخبراء المحليين والعالميين، إضافة إلى جملة من المبادرات التي صدرت عن المنتدى لتحويل الاستشراف السياسي والاقتصادي إلى وظيفة علمية حيوية وتشكيل كادر بشري متخصص في علوم المستقبل.
وبحث المنتدى حالة العالم والعالم العربي، سياسياً واقتصادياً، وتحليل التحديات والفرص التي ستواجه العالم على المستويين الاقتصادي والسياسي في العام 2017، وشهدت هذه النسخة إطلاق تقرير عن حالة العالم في 2017، استعرض أبرز الأحداث المتوقعة في المنطقة العربية والعالم سياسياً واقتصادياً، تم إعداده وفقاً لأدوات الاستشراف السياسي والاقتصادي التي يتبناها المنتدى.
وتناول التقرير حالة العالم سياسياً واقتصادياً خلال 2017، إضافة إلى حالة العالم العربي سياسياً واقتصادياً أيضاً، والتوقعات الاقتصادية الإقليمية، والعديد من القضايا السياسية التي تهم العالم والوطن العربي.
وحظي المنتدى بمشاركة مجموعة من كبار المفكرين والخبراء والمحللين السياسيين والاقتصاديين، بهدف استشراف حالة العالم وقراءة وتحليل التحديات التي تواجه العالم على المستويين الاقتصادي والسياسي، ووضع تحليلات وسيناريوهات متعددة وبديلة تتوافق مع ظروف ومصالح المنطقة تزامنا مع تلك الأحداث.
-استطلاع للفرص ورصد للتحديات
وقدم المنتدى الاستراتيجي العربي في 2018، استطلاعاً للفرص ورصداً للتحديات المستقبلية وكيفية مواصلة مسارات التنمية وتسريع وتيرتها، عبر تقديم تصورات مستقبلية مبنية على المعطيات والمؤشرات الراهنة لتضع في متناول صنّاع القرار قراءات دقيقة يمكن الاستناد إليها في نشاطهم.
وطرحت هذه النسخة من المنتدى مواضيع مرتبطة بمستقبل الاقتصاد في المنطقة، والاستثمارات، والتكنولوجيا، وسواها.
كما استعرضت أبرز التوقعات الاقتصادية في العالم خلال 2019، واستشرفت الدولة المرشحة لتكون القوة الاقتصادية الثالثة بعد أمريكا والصين.
ورغم التغيرات الجيوسياسية عالمياً حدد المنتدى الاستراتيجي العربي في هذه النسخة جملة من التوقعات الاستراتيجية حول حالة العالم اقتصادياً وسياسياً للعام 2019، واتفق أغلب المشاركين على أنه لا مبرر للتشاؤم رغم كل التغيرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم وفي مقدمتها؛ ارتفاع مخاطر الهجمات الإلكترونية، وحرب الجيل الخامس للتكنولوجيا بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، وتنامي الشعبوية في البرلمان الأوروبي، وتداعيات اتفاق بريكست.
-استشراف تحديات عقد مقبل
وتميزت نسخة المنتدى في 2019، بأنها وسّعت النطاق الزمني لاستشراف المستقبل، لتركز على العقد القادم 2020 -2030 بأكمله، ما منحها أهمية خاصة في ظل تسارع الأحداث والتغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة والعالم خلال السنوات الأخيرة،
وعقدت هذه النسخة تحت عنوان «استشراف العقد القادم 2020 -2030» بهدف استشراف السنوات العشر المقبلة بأكملها، وتأثيرات أحداثها في العلاقات الدولية في مختلف النواحي السياسية، والاقتصادية، والدبلوماسية، وغيرها.
وشهدت هذه النسخة إصدار المنتدى الاستراتيجي العربي 3 تقارير الأول بعنوان «العالم في 2030.. اتجاهات وتحولات وفرص وتحديات»، بالتعاون مع FutureWorld Foundation والذي طرح بعض أبرز الأحداث العالمية المتوقعة في السنوات القادمة، ومنها تعرض النظام العالمي الحالي ومؤسساته الرئيسية (الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، ومجموعة البنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية) لضغوط كبيرة طوال العقد القادم، وظهور انخفاض ملحوظ في الأهمية النسبية لمجموعة السبع G7.
والتقرير الثاني بعنوان «11 سؤالاً للعقد القادم»، والذي أنجز بالتعاون مع Good Judgment Inc، المؤسسة الأكثر دقة في العالم في التنبؤات الجيوسياسية والاقتصادية، ويجيب التقرير عن أبرز الأسئلة المطروحة خلال الفترة المقبلة.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات استشراف المستقبل فی العالم العربی المنطقة العربیة المنتدى فی فی المنطقة هذه النسخة العالم فی فی عام
إقرأ أيضاً:
«نمط جديد للعلاقات الدولية» كتاب جديد عن بيت الحكمة يناقش مجتمع المستقبل المشترك للبشرية
صدر حديثًا عن بيت الحكمة للثقافة كتاب "نمط جديد للعلاقات الدولية" للدكتور أحمد السعيد، والأستاذ عماد الأزرق، وهو كتاب يتناول شرح وتفسير مفهوم "مجتمع المستقبل المشترك للبشرية" ويقع الكتاب في 241 صفحة من القطع الكبير، ويحوي الكتاب خمسة أبواب تضم ستة عشر فصلا تتناول التأصيل العلمي والتاريخي للمفاهيم الصينية التي طرحتها الصين خلال العقد الأخير، والرؤى الصينية الحالية لماهية المستقبل، والتهديدات التي تشهدها الساحة العالمية على المستوي السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكذلك أثر ونتائج هذه المفاهيم وصداها الدولي، وآليات تنفيذها والدور العربي وشكل مستقبل التعاون العربي الصيني.
وفي هذا الكتاب يناقش الباحثان المختصان في الشأن الصيني، طبيعة هذا التوجه الجديد للعلاقات الدولية وخلفيته الأيديولوجية والتاريخية، في محاولة للإجابة عن: هل سيسهم هذا التوجه في إخماد ما يشهده العالم من صراعات، وكيف سيواجه الغرب هذا التغيُّر، وما الدور العربي المنتظر؟ وفي سبيل ذلك يقدم تحليلات سياسية وقراءة واعية في المشهد العالمي، ويفسر الكثير عن الدبلوماسية الصينية تجاه العالم الجديد، ونواياها تجاه مستقبل البشرية، حيث يشهد العالم تغيرات وصراعات وتقلبات لم يحدث لها مثيل منذ أكثر من مائة عام، وتوشك موازين القوى العالمية على تحويل العالم من أحادية القطب إلى تعدده، وأصبحت الصين الآن لاعبًا دوليًّا له ثقل كبير، بل صارت تمثل للعديد من شعوب العالم، الأمل في إحداث توازن يعيد للعالم سكينته وهدوءه.
وقد اعتمد الباحثان في هذا العمل على كم كبير من المراجع والوثائق الصينية والعالمية، وتحليلات دولية وعربية في علم السياسية الدولية والدراسات المتخصصة عن الصين والعالم، وكذلك الكثير من المراجع الصينية الحديثة التي لم تترجم من قبل، وذلك حتى يأتي العمل ملبيا لتطلعات القارئ العربي، وحتى يعتمد في طرحه على الوقائع والحقائق وليس الكلمات والنظريات فقط..
كما يضم الكتاب تحليلات مقارنة بين الوضع العالمي الحالي الذي بنته أمريكا ووضعت قواعده بكل ما فيه من عوار وغياب للعدالة، وبين ما تدعو إليه الصين لحالة مغايرة تمامًا للطرح الأمريكي، حيث تقدم الصين نموذجًا مغايرًا للنموذج الغربي الذي يحتل موقع الصدارة منذ الحرب العالمية الثانية، فهي تركز على مبادرات دولية معنية بالتنمية المشتركة، ونبذ النزاعات والصراعات، وتغليب حالة السلم على الحرب، وتأتي مبادرتها الكبرى "مجتمع المستقبل المشترك للبشرية" التي تعني بالعمل الجماعي والتعاون والتقارب بين شعوب الأرض من أجل غد أفضل، لتلقى قبولًا دوليًّا منقطع النظير، وقد نجحت مبادرات الصين الدولية كافة، حتى الآن في إحداث حالة جديدة للعلاقات الدولية، تتسم بالتكافؤ والاحترام المتبادل وتنشيط التعاون الاقتصادي والتنمية وتوحيد الأهداف المستقبلية للأمم.
ويرى المؤلفان وفق ما جاء في مقدمة الكتاب- أنه يجب تفسير التأصيل التاريخي والأيديولوجي لأسباب ما تقدمه الصين في الآونة الأخيرة من مبادرات حول التعايش السلمي ومجتمع المستقبل المشترك للبشرية، والخيارات والظروف التي كانت متاحة قبله، حيث يسعى لوضع تصور للغد في ظل دعوة الصين لمجتمع يحكمه تشارك المستقبل بالعمل والتنمية، بما يعني ألا تكون الصين عباءة جديدة يمكن استبدالها بالعباءة الأمريكية القديمة، بل معينا على الخروج من كل سيطرة وهيمنة وأن تتبنى كل دولة طريقها الخاص للتنمية وأن تستكشف لنفسها نمطا يناسب ظروفها ولا تكون تابعا لأحد في عالم سيشهد فرصا جديدة للعلاقات الدولية وسط هذا الظهور الصيني المؤثر.
نبذه عن المؤلفين:
الدكتور أحمد السعيد: خبير في الشأن الصيني وكاتب ومترجم، مؤسس ورئيس مجموعة بيت الحكمة للثقافة، أستاذ زائر بجامعة الاتصالات الصينية. حاصل على جائزة الدولة الصينية للإسهام المتميز في مجال الكتاب، وجائزة الصداقة الصينية من نينغشيا، وهو مستشار وخبير مشروع الحكومة الصينية لترويج الكتاب الصيني في العالم، دكتوراه في علم الأعراق البشرية، وخبير في دراسات علم سياسات القوى الناعمة الدولية. له العديد من المؤلفات بالصينية والعربية والترجمات عن الصينية والمقالات والأبحاث المنشورة.
عماد الأزرق: خبير وكاتب متخصص في الشئون الصينية والعلاقات الدولية، رئيس مركز التحرير للدراسات والبحوث، وهو أول مركز متخصص في الدراسات الصينية بالمنطقة العربية، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية- عضو الاتحاد العالمي للصينولوجيا وعضو مؤسس للمجلس المصري للصينولوجيا وصحفي بوكالة الأنباء الصينية (شينخوا) منذ 18 عاما، وعضو جمعية الصداقة المصرية الصينية، صدر له العديد من الدراسات والأبحاث المنشورة، وشارك في العديد من المؤتمرات والمحافل العلمية.
الدكتور أحمد السعيد
عماد الأزرق