تحل الذكرى الثامنة والستين لاستقلال السودان، وسط انقسام كبير ومعارك تركت أكثر من 7 ملايين سوداني في عداد النازحين، سواء داخل البلاد أو خارجها، وفي ظل استمرار قوات الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) في القتال والابتعاد عن عملية سياسية لإنهاء الأزمة التي اندلعت في أبريل الماضي.

خرج كل من البرهان وحميدتي خلال الساعات الأخيرة بخطابين في ذكرى استقلال البلاد عن الاحتلال الإنكليزي، وكال كل منهما الاتهامات نحو الآخر بالتمرد والخروج عن الحكم الديمقراطي، وسط أراء بأن الأزمة لن تنتهي قريبا.

أنهى قائد قوات الدعم السريع جولة خارجية لدول جوار السودان، حيث زار أوغندا إثيوبيا وجيبوتي، وأوضح حميدتي أنه ناقش خلال تلك الزيارات تطورات الأوضاع في السودان ورؤيته لوقف الحرب والوصول إلى حل شامل.

خطابي للشعب السوداني بمناسبة الذكرى الثامنة والستون لاستقلال السودان pic.twitter.com/ysgMT20poY

— Mohamed Hamdan Daglo (@GeneralDagllo) January 1, 2024

وفي خطابه، الاثنين، قال حميدتي: "السودان يعيش أسوأ أزمة في تاريخه وشعبه يعاني... حققت الدعم السريع انتصارات عسكرية كبيرة وواسعة"، داعيا قوات الجيش إلى "الإقرار بالخسارة في الحرب وعليهم التوقف عن القتال وتدمير البلاد".

أما البرهان فقد أوضح خلال خطابه، الأحد، أن "الانتصار قريب وسيتم تحرير السودان"، داعيا الدول التي تستقبل حميدتي بالتوقف عن "التدخل في شأننا لأن أي تسهيلات تقدم لقيادة المجموعة المتمردة تعتبر شراكة في الجرم وشراكة في قتل شعب السودان وتدميره".

وحققت قوات الدعم السريع خلال الأيام الأخيرة انتصارات بارزة، إذ سيطرت على ولاية الجزيرة المحورية في البلاد، الواقعة جنوبي العاصمة الخرطوم، وكانت مركزا لعمل كثير من المنظمات الدولية.

وأسفر تقدم الدعم السريع عن موجة نزوح كبيرة لمئات الآلاف من المواطنين كانوا بالأساس قد نزحوا من الخرطوم بحثا عن الأمان في الولاية.

ما هدف جولة حميدتي؟

وصل قائد قوات الدعم السريع إلى أوغندا، الأربعاء، قبل أن يتوجه منها إلى إثيوبيا وبعدها جيبوتي، والدول الثلاث من أعضاء الهيئة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا "إيغاد"، التي تتبنى مبادرة لتسهيل الحوار بين الأطراف السودانية.

وقال المحلل السوداني، عثمان ميرغني، في تصريحات لموقع "الحرة"، عن جولة حميدتي الخارجية، إن الهدف الأول لها هو "إثبات أنه على قيد الحياة ويقود قوات الدعم السريع ويسيطر على الأوضاع في السودان، في ظل شكوك بشأن قدرته على إدارة تلك القوات".

وأكد على ذلك الباحث في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، الذي أشار إلى تقارير أخيرة شككت في قدرة حميدتي على السيطرة على قواته، وأشار إلى أن تلك الجولة "محاولة للتأكيد بأنه على قيد الحياة ويدير القوات بشكل واضح".

واستكمل تورشين حديثه للحرة بالقول إنها "محاولة لتوجيه رسائل سياسية بعد تفوقه في المعارك مؤخرا، إذ لن يرغب في خسارة زخم التقدم في القتال دون استغلاله سياسيا.

واندلعت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل الماضي، وسط توتر بسبب الانتقال من الحكم العسكري إلى المدني. وتشارك الطرفان فيما سبق السلطة عقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 2019 خلال انتفاضة شعبية.

وسيطرت قوات الدعم السريع على مدينة ود مدني عاصمة الجزيرة، في إطار تقدم أشمل تحرزه في غرب السودان وجنوبه، وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن السيطرة على المدينة أفضت إلى فرار ما يصل إلى 300 ألف شخص من المنطقة.

أمراض تتفشى وأوضاع "تنهار".. الصحة العالمية تصف للحرة الوضع في "الجزيرة" السودانية اتسعت رقعة الصراع في السودان بشكل كبير، ليمتد إلى ولاية الجزيرة التي كانت ملجأ لنحو نصف مليون نازح من الخرطوم مع اندلاع الصراع قبل نحو 8 أشهر، ووصفت منظمة الصحة العالمية النظام الصحي في البلاد بأنه كان "ضعيفا" وحاليا "ينهار" بسبب ضغط الحرب.

وأجمع ميرغني وتورشين على أن سبب آخر للجولة يتمثل بمحاولة استمالة دول الجوار، خاصة قادة منظومة إيغاد، ومقرها جيبوتي.

كما أشار تورشين، إلى أن الزيارة إلى إثيوبيا تحديدا "ربما تشمل لقاء بالقوى السياسية السودانية الموجودة هناك، ليشرح وجهات نظر قوات الدعم السريع، وتصوره للأزمة".

علاقات تسوء؟

وكانت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، أعلنت عقد اجتماع بين وفد بقيادة رئيسها رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، وقائد قوات الدعم السريع، الاثنين، في أديس أبابا.

ويأتي اللقاء بعد طلب سابق من "تقدم" لكل من البرهان وحميدتي بعقد لقاءات لبحث سبل وقف الحرب في السودان.

ولكن لم يتم الكشف إلى الآن عن إجراء لقاء أو عن تفاصيل بشأنه من التنسيقية أو من جانب الدعم السريع.

وقال البرهان خلال خطابه، الأحد، إن "استقبال أي جهة معادية للدولة لا تعترف بالحكومة القائمة يعتبر عداء صريحاً للدولة، ويحق لها أن تتخذ من الإجراءات ما يحفظ سيادتها وأمنها".

وصلت صباح اليوم إلى اديس ابابا عاصمة جمهورية أثيوبيا الشقيقة وسط كرم وحفاوة شعب أثيوبيا حيث كان في استقبالنا نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية⁰أجريت مباحثات مع نائب رئيس الوزراء السيد ديميكي ميكونن .⁰أتشرف بزيارة أثيوبيا التي ظلت على الدوام إلى جانب شعبنا مساندة وداعمة لأمنه… pic.twitter.com/SgZ9EAYXEb

— Mohamed Hamdan Daglo (@GeneralDagllo) December 28, 2023

وقال الباحث محمد تورشين، للحرة، إن الدول التي استقبلت قائد الدعم السريع ربما تدخل في "أزمة حقيقية" مع الدولة السودانية، وأوضح: "تقديري بلا شك أنه لو لم تسوء العلاقة بين السودان وتلك الدول حاليا، فالأيام المقبلة ستسوء بشكل كبير".

لا نهاية في الأفق

لا يبدو أن طرفي النزاع يريدان التوصل لحل سياسي، ويعتقد كل منهما أنه قادر على تحقيق الانتصار ويدعو الآخر للاستسلام، وفق المحللان.

وتباهى حميدتي في خطابه الأخير بالتقدم الذي حققه والسيطرة على ولاية الجزيرة، ودعا الجيش بقيادة البرهان إلى التوقف عن القتال.

ومن جانبه قال البرهان خلال خطابه: "كثرت دعوات لا للحرب والتفاوض والبحث عن السبل والمسالك التي توقف الحرب. نقول إن الطريق لإيقاف الحرب واحد، وهو خروج المليشيا المتمردة من ولاية الجزيرة ومن بقية مدن السودان".

ورأى ميرغني أن الحل يجب أن "يكون من المدخل السياسي لأن الحرب بالأساس نشأت بسبب قضايا وخلافات بين الكتل السياسية وكل منها استقطب فيما بعد القوتين العسكريتين"، وأضاف أنه "يجب إيجاد أرضية سياسية ينشأ عليها حل، قد تنطلق بتشكيل حكومة تنفيذية تتوافق على الأطراف في المشهد السياسي".

كما أوضح أن حديثه يعني "استبدال الوساطات الدولية والإقليمية بحكومة تنفيذية في السودان متوافق عليها بين الجميع تتولى إدارة ملف الأزمة السياسية ومحاولة الوصول لحل لها".

أما تورشين فأبدى عدم تفاؤله بنهاية وشيكة للحرب، وقال: "كل طرف لديه رغبة في إنهاء الحرب بتحقيق انتصار عسكري".

وأشار إلى أن النموذج الأمثل للحل "هو إبعاد كل القيادات والأطراف في المشهد السياسي والعسكري ودعم الدعم السريع والمجموعات المسلحة الأخرى في الجيش، وإجراء انتخابات".

وحذر من إجراء تسوية دون علاج الأزمة الحالية بشكل جذري، لأن ذلك "يؤجل المواجهات العسكرية فقط لوقت لاحق".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع ولایة الجزیرة فی السودان

إقرأ أيضاً:

الدعم السريع ترتكب مجزرة أودت بحياة 31 شخصا وتدمر طائرات بمطار الخرطوم

أكدت وزارة الخارجية السودانية أن قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" نفذت مجـزرة أدت إلى مقتل 31 مدنيا جنوب أم درمان واصفة الفعل الجرمية الإرهابية، بينما جرى تدمير العديد من الطائرات في مطار الخرطوم بعد قصف من الجماعة ذاتها.

وطالبت الخرطوم المجتمع الدولي بتصنيف قوات الدعم السريع كجماعة إرهابية، واتهام الدول الداعمة لها برعاية الإرهاب، محذرة من استمرار تغذية الصراعات في المنطقة.

قالت شبكة أطباء السودان، إن قوات الدعم السريع قتلت 31 شخصا بينهم أطفال، في حي صالحة جنوبي مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، موضحة أن ذلك أكبر جريمة قتل جماعي موثقة تشهدها منطقة صالحة بتهمة الانتماء للجيش.

???? الخارجية السودانية تتهم في بيان لها قوات الدعم السريع بتنفيذ مجـزرة أدت إلى مقتــل 31 مدنيا جنوب أم درمان الأحد، واصفة الفعل بالجــريمة الإرهــابية.

▪ وطالبت الخرطوم المجتمع الدولي بتصنيفها جماعة إرهــابية واتهام الدول الداعمة لها برعاية الإرهـ ـاب محذرة من استمرار تغذية… pic.twitter.com/PCIW9eBMRm — عربي21 (@Arabi21News) April 29, 2025
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لعناصر يرتدون زي "الدعم السريع" وهم يطلقون الرصاص على مجموعة من الأشخاص في الشارع العام بحي صالحة جنوبي أم درمان.


وأعربت الشبكة عن أسفها لعمليات القتل الجماعي ضد المدنيين العزل بمناطق سيطرة "الدعم السريع"، الأمر الذي قالت إنه "يهدد آلاف المدنيين العزل بحي صالحة".

وجاء في البيان: "تعتبر الشبكة ما تم تنفيذه من تصفية جماعية جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية".

وطالبت الشبكة المجتمع الدولي "بالتحرك العاجل لإنقاذ من تبقى من المدنيين وفتح مسارات آمنة تضمن خروجهم من حي صالحة الذي يضم آلاف المدنيين العزل، والضغط على قادة الدعم السريع لوقف الجرائم والانتهاكات ضد المدنيين (الواقعين) تحت سيطرتها وحفظ أرواحهم".

وغرب السودان، قُتل أكثر من 20 مدنيا وجُرح 40 آخرون في الأيام الثلاثة الأخيرة في قصف للدعم السريع أيضا على مخيم للنازحين تضربه المجاعة في غرب السودان، وفق ما أعلن مسعفون الاثنين.


وفق بيان لغرفة طوارئ معسكر أبوشوك، قصفت قوات الدعم السريع مخيم أبوشوك للنازحين قرب الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور بالمدفعية والرصاص الطائش، وهو الذي يأوي عشرات آلاف الفارين والنازحين.

ومن ناحية أخرى، أظهرت مقاطع مصورة تحطم طائرات مدنية سودانية واحتراقها في مطار الخرطوم بعد قصف لقوات الدعم السريع للمطار.

تحطم طائرات مدنية سودانية واحتراقها في مطار الخرطوم بعد قصــف ميـليشيا الدعم السريع للمطار pic.twitter.com/FyKMO2oST7 — عربي21 (@Arabi21News) April 29, 2025
ومنذ أسابيع تشهد مناطق متفرقة في أم درمان اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث تدافع الأخيرة عن آخر مناطق سيطرتها في ولاية الخرطوم.

وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مؤخرا مساحات سيطرة "الدعم السريع" في ولايات السودان لصالح الجيش، وتسارعت انتصارات الأخير في الخرطوم بما شمل السيطرة على القصر الرئاسي، ومقار الوزارات بمحيطه، والمطار، ومقار أمنية وعسكرية.


وفي الولايات الـ17 الأخرى، لم تعد الدعم السريع تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 من ولايات إقليم دارفور (غرب).

ويخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" منذ منتصف نيسان/ أبريل 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

مقالات مشابهة

  • ???? من أشعل الحرب في السودان ؟ الجيش السوداني أم الدعم السريع؟
  • البرهان يعين "الحاج" رئيسًا جديدًا للحكومة في السودان
  • السودان يطالب الصين بتوضيح حول كيفية حصول قوات الدعم السريع على مسيرات صينية
  • جريمة تهزّ السودان: قوات الدعم السريع تُغرق حيّاً بالدماء وتحوّل مطار الخرطوم إلى رماد
  • جريمة تهزّ السودان: قوات الدعم السريع تُغرق حيّاً بالدماء وتحوّل مطار الخرطوم إلى رماد"
  • الدعم السريع ترتكب مجزرة أودت بحياة 31 شخصا وتدمر طائرات بمطار الخرطوم
  • مع احتدام معارك الفاشر.. الدعم السريع تعرض ممرات آمنة للجيش
  • السودان.. الدعم السريع يشن قصفا عنيفا على الفاشر
  • مصادر طبية: قوات الدعم السريع نفذت مجزرة في أم درمان
  • في بيان أصدرته “الدعم السريع” تتبرأ من مقطع فيديو تضمن جثامين مكدسة بأم درمان وتتهم كتائب البرهان بالحادثة