جنرال إسرائيلي سابق: الجيش يغرق في “وحل غزة”
تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT
إسرائيل – اعتبر جنرال إسرائيلي سابق أن الجيش يبتعد عن تحقيق أهداف الحرب، ويغرق أكثر فأكثر في “وحل غزة”، داعيا إلى إعادة النظر في مسار الحرب والخروج من التجمعات السكنية الكثيفة، واتباع نهج الهجوم الجراحي بالطائرات المبني على معلومات استخباراتية للخروج من “الكابوس الذي لا فائدة منه”.
وكتب جنرال الاحتياط يتسحاق بريك بصحيفة معاريف الإسرائيلية -اليوم الاثنين- “مع مرور الوقت، نبتعد أكثر فأكثر عن تحقيق أهداف الحرب: القضاء على حركة المقاومة الفلسطينية وإطلاق سراح المختطفين؛ ونغرق أكثر فأكثر في وحل غزة”.
وقال إن هناك مواقف في الحرب تجب إعادة النظر في مسار العمل فيها، إذ “يتضح اليوم للجيش أنه في هذه المرحلة لن يكون من الممكن تحقيق الهدف الذي نسعى من أجله”.
وتابع بريك “مجرد الاعتراف بعدم وجود نية للدخول إلى رفح، حيث تسيطر حركة المقاومة سيطرة كاملة، لأنها المكان الأكثر ازدحاما في غزة والشرق الأوسط بأكمله، حيث يعيش مليوني لاجئ في مخيمات اللاجئين، وبيئتهم مزدحمة بشكل رهيب، ولذلك من المستحيل مهاجمة هذه المخيمات، وبكلمة واحدة، من المستحيل القضاء على حركة المقاومة الفلسطنية هناك التي يختلط جنودها باللاجئين”.
واعتبر بريك أن “الفشل في القضاء على حكم حركة المقاومة الفلسطنية في رفح والفشل في السيطرة على الأنفاق الموجودة تحتها، التي تعتبر بمثابة الممر الرئيسي للأسلحة من سيناء إلى القطاع، يعني أننا فشلنا في تحقيق المهمة الأساسية التي حددناها لأنفسنا في الحرب، ألا وهي إسقاط حكم حماس”.
مداخل الأنفاقوقال بريك إن حركة المقاومة الفلسطنية تتمتع في رفح بحرية الوصول إلى خان يونس، ومن هناك إلى شمال قطاع غزة عبر مئات الكيلومترات من الأنفاق المرتبطة ببعضها بعضا”.
وأكد أنه حتى لو دمر الجيش ألفا من مداخل الأنفاق فإن لدى حماس آلافا أخرى، “وبالتالي فإن التدمير الجزئي لا يؤثر فعليا على حركتهم في الأنفاق”.
ولذا يرى بريك أن “استمرار قتال الجيش الإسرائيلي بالشكل الحالي في خان يونس، وفي الأحياء والمدن وسط قطاع غزة، لا يضيف إلى تحقيق أهداف الحرب”، بل إن “العكس هو الصحيح، إذ يكبدنا القتال هناك كل يوم خسائر فادحة من المتفجرات والفخاخ التي يزرعونها لنا والصواريخ المضادة للدبابات التي تطلق علينا”.
واعتبر برك أنه “لقد حان الوقت لإعادة تقييم طريقة القتال، أي تغيير النموذج والخروج من التجمعات السكانية الكثيفة، والهجوم الجراحي بالطائرات المبني على معلومات استخباراتية دقيقة وبغارات برية فقط”، وقال إن هذه هي الخطة التي يتعين على الجيش تنفيذها في المرحلة الثالثة من الحرب وأن يفعل ذلك فورا “ويخرج من الكابوس الذي لا فائدة منه”.
خسارة دعم العالمكما رأى أن “أعضاء الحكومة من اليمين المتطرف يعلنون ليل نهار أن القتال داخل قطاع غزة يجب أن يستمر بكل قوته حتى هزيمة حماس، بينما يتجاهلون الحقائق على الأرض ويعيشون واقعا زائفا”.
وأضاف “حسب فهمهم، فإن قطاع غزة يجب أن يبقى في أيدي إسرائيل سواء في الجانب الأمني أو في الجانب الإداري المدني حتى نهاية العالم، ومعنى هذا النهج هو أن إسرائيل ستقبل المسؤولية عن مليوني لاجئ، وعن كل كارثة تحل، وستقع أزمة إنسانية على أكتاف إسرائيل”.
وتابع: “بذلك سنخسر دعم العالم بشكل عام، ودعم الولايات المتحدة في الحرب، وسنخسر كل إنجازاتنا في الحرب التي دفعنا ثمنها باهظا حتى الآن”.
وأردف بريك “لكن هذا لا يكفي، فوفقا لنهجهم، ستستمر قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي في البقاء في المناطق الكثيفة السكان في قطاع غزة لسنوات عديدة وستواجه حرب عصابات مع حركة المقاومة الفلسطنية، التي ستستمر في مواجهتنا بالفخاخ وإطلاق الصواريخ المضادة للدبابات على قواتنا وتسبب لنا خسائر فادحة”.
المصدر : وكالة الأناضول + الجزيرة نتالمصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: قطاع غزة فی الحرب
إقرأ أيضاً:
“جغرافيا الصراع” تتجاوز الأراضي المحتلة
يمانيون – متابعات
يتصاعد الصراع مع العدو الصهيوني في جبهة غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان، ورغم أنها المناطق المُستهدفة بصورة رئيسة ومباشرة، إلا أن طبيعة الصراع تتجاوز هذه الجغرافيا، فالتصور الإمبريالي الأمريكي والتصور الصهيوني للصراع والمخططات الاستعمارية الغربية تشمل المنطقة عموماً.
لطالما كانت المنطقة التي تضم غرب آسيا وشمال وشرق إفريقيا والجزيرة العربية، محوراً للمنافسة بسبب موقعها الاستراتيجي بين ثلاث قارات، ما جعلها محل اهتمام القوى الاستعمارية والإمبريالية عبر التاريخ. من الاستعمار البريطاني والفرنسي وصولاً إلى النفوذ الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية، شكّلت هذه المنطقة قلباً للتنافس بين القوى الكبرى.
الصراع الراهن في المنطقة بين قوى المقاومة وقوى الاستعمار والصهيونية يرتبط بالاستراتيجيات الجغرافية للسيطرة على الممرات المائية، والمواقع الاستراتيجية بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، وكذلك بخطوط التجارة، مثل طريق الحرير، وكذلك طريق الهند-حيفا، الذي يعد جزءاً من استراتيجية أوسع تسعى القوى الإمبريالية من خلالها للسيطرة على الاقتصاد العالمي.
ما يحدث منذ عام على طوفان الأقصى هو صراع على ما يسميه العدو “الشرق الأوسط” برمّته، وهي معركة تتجاوز جغرافيا الأرض المحتلة، والأمريكي في هذه الحرب ليس مجرد داعم للصهيوني، بل مقاتل عن مشروعهم المشترك، في السيطرة على المنطقة عموماً، وجعلها تحت الهيمنة الأمريكية الصهيونية.
الدور الأمريكي
تلعب أمريكا دور القائد والمخطط في التحركات العدائية في المنطقة، حيث تعتبر أن النفوذ في المنطقة حيوي للسيطرة على النظام العالمي. ترى واشنطن أن الهيمنة على “الشرق الأوسط” أمر استراتيجي للحد من توسع روسيا والصين، وموقع المنطقة يؤهلها للتحكم في موارد الطاقة العالمية وخطوط التجارة، مثل “طريق الحرير”. كما تعمل الولايات المتحدة على تعزيز تحالفات عسكرية دفاعية، خاصة مع الدول المحيطة بالصين، للضغط عليها.
الدور الصهيوني
تعد “إسرائيل” جزءاً من المخططات الأمريكية لتحقيق السيطرة على المنطقة، وتسعى إلى تجديد وظيفتها الإقليمية من خلال مبادرات مثل “الإبراهيمية السياسية” التي تهدف لخلق جغرافيا سياسية جديدة تعزز نفوذها. تحاول السيطرة على “الشرق الأوسط” من خلال تمكين علاقاتها التجارية والعسكرية مع تركيا والإمارات، وتتطلع إلى توسيع سيطرتها عبر مشاريع استراتيجية مثل “طريق الهند-حيفا”، الذي يخدم محاولات عزل الصين عن المنطقة.
المقاربة الجو سياسية الأمريكية للمنطقة
تعتمد الولايات المتحدة الأمريكية على الإرث الجيو سياسي الذي خلده مستشار الأمن القومي الأمريكي بريجنسكي الذي كان ولا يزال العقل الاستراتيجي للغرب، حيث جعل من الجغرافيا مرتكزاً للسياسة الأمريكية في المنطقة.
فما أسماه الغرب بمنطقة “الشرق الأوسط” يشكل نقطة محورية للصراع، سواء بسبب موارده من النفط والغاز أو لموقعه الجغرافي الاستراتيجي. بدأ الغرب والصهاينة في تنفيذ استراتيجية التفتيت وإضعاف الدول القوية وتحويلها إلى كيانات ضعيفة، تديرها أنظمة استبدادية بوليسية تابعة للولايات المتحدة الأمريكية وتدور في فلك التطبيع الصهيوني.
إذا أخذنا هذا الصراع بسعته الجغرافية نجد أن هناك ثلاث قوى بارزة في الإقليم هي تركيا وإيران والعرب، لكن هناك تراجع في الفاعلية العربية باستثناء قوى المقاومة العربية في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين. فيما تلعب تركيا دور شرطي للإمبريالية، ويُمارس الغرب ضغوطاً على إيران لإضعافها من الخارج وإثارتها من الداخل، ومصير التحرر العربي واقعياً مرتبط بصمود إيران.
المقاومة الفلسطينية في خاصرة المشروع الأمريكي الصهيوني
العدو الصهيوني قبل توسعة نفوذه، هو بحاجة إلى تصفية المقاومة، فتصفيتها مطلوب، من أجل المضي بعملية التطبيع التي هي في جوهرها عملية بسط النفوذ الصهيوني في المنطقة العربي، وتحقيق مشروع “إسرائيل العظمى” المهيمنة في المنطقة.
المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، تقف سداً أمام هذه المخططات، فقد أوقفت بشكل كبير مشاريع الهيمنة الإقليمية التي سعى العدو الإسرائيلي لتحقيقها عبر ما يُعرف بالإبراهيمية السياسية التي بدأت بتطبيع الإمارات والبحرين والمغرب، وكانت آفاقها مفتوحة لتضم إليها السعودية، ودول إسلامية أخرى تنتظر المبادرة السعودية لتلحق بالركب.
عملية طوفان الأقصى التي وقعت في السابع من أكتوبر المجيد من العام الماضي 2023م وضعت حداً لهذه الاتفاقيات “الإبراهيمية”، وأثّرت بعمق في المنطقة، فقطاع غزة بمقاومته المسلحة يشكل تهديداً استراتيجياً للنظام الإقليمي الذي يسعى الصهاينة والأمريكان إلى تصميمه.
التخريب الأمريكي الصهيوني لدول المنطقة
من أجل نجاح المشروع الإمبريالي الصهيوني، تسعى الإمبريالية العالمية لتدمير الدول التي قد تشكل تهديداً لنفوذها، أو لإضعاف الاقتصادات الناشئة التي قد تؤدي إلى تعقيد المخططات الأمريكية. والتي تلتقي مع روسيا في مناهضة الإمبريالية. يتضح ذلك من خلال الحروب الأهلية التي فجرتها في سوريا واليمن، والمحاولات لاحتواء إيران عبر العقوبات وقبلها تدمير العراق وتفجير الحرب العراقية الايرانية وانقلاب صدام حسين على الحسن البكر الذي أنهى مساعي توحيد العراق وسوريا، وكذلك إسقاط النظام الاشتراكي في أفغانستان بالأفغان العرب واستنزاف روسيا، وإسقاط مصر في الفلك الغربي بكامب ديفد، كل هذه القوى الصاعدة في المنطقة كانت مؤهلة أن تقود تحرر في محيطها وأن تلتقي مع قلب الأرض الشمالي الأوراسي لطرد الاستعمار من منطقة أوراسيا و”الشرق الأوسط”.
المقاومة الجديدة للمشروع الأمريكي الصهيوني
في العقود الأخيرة، لم يعد الصراع في المنطقة مقتصراً على الدول، بل ظهرت جهات فاعلة غير حكومية، مثل حماس وحزب الله والقوات المسلحة اليمنية بقيادة أنصار الله، التي أصبحت تلعب دوراً مؤثراً في الصراع. هؤلاء اللاعبون الجدد يشكلون تحدياً للقوى الغربية، ويتصادمون بصورة مباشرة مع الاستراتيجية الغربية الصهيونية في المنطقة.
هذه هي الملامح الأساسية للصراع الحالي الذي يتجاوز حدود فلسطين ولبنان ليشمل المنطقة بأسرها، وحرب المنطقة جزء من حرب عالمية واقعة وإن لم تسمى بهذا الاسم وهي حرب بين قوى الأحادية القطبية الإمبريالية الغربية وبين قوى التعدد القطبي البازغة في الجنوب العالمي، حيث تسعى هذه القوى العالمية المتصارعة لإعادة تشكيل التوازنات والسيطرة على المناطق الحيوية.
————————————————
موقع أنصار الله. تحليل | أنس القاضي