رأي اليوم:
2024-07-06@00:55:44 GMT

أحمد العكيدي: صناعة الثقافة إلى أين؟

تاريخ النشر: 15th, July 2023 GMT

أحمد العكيدي: صناعة الثقافة إلى أين؟

أحمد العكيدي يعود أصل مفهوم صناعة الثقافة إلى كل من الفيلسوف النقدي الألماني تيودور أدورنو والفيلسوف ماكس هوركهايمر خلال القرن الماضي في كتاب معنون ب” جدل التنوير”. وكان يقصد به حينها الثقافات الشعبية التي تذر أرباحا على أصحابها من خلال تسويقها مثل: الأغاني والأفلام و الفلكلور وغيرها. هذه الثقافة المصنوعة يتم عادة إنتاجها وتسويقها بهدف التلاعب بالمجتمع وإغراقه في السلبية، وقد لا تبدع بالضرورة من طرف الجماهير.

كما أنها لا تسمو بالذوق العام وبالفكر وبالأخلاق أو تعزز استقلالية الفرد، بل على عكس ذلك تجعله يسعى وراء متعة لحظية غايتها تحقيق الربح على حساب الثقافة الحقيقية والإبداع. في حين تعتبر اليونسكو الصناعات الثقافية كل إنتاج أو سلع أو خدمات أو غيرها يصطبغ بألوان الثقافة، وتشمل عموما النصوص الأدبية والموسيقى والتلفزيون والأفلام والنشر والحرف اليدوية والتصاميم، وأحيانا يندرج في لائحتها الطويلة كل ما يتعلق بالعمارة والرياضة والسياحة الثقافية وما إلى ذلك. عموما هذا المفهوم حظي باهتمام الكثير من الباحثين والدارسين، لكل منهم أدلته ومصوغاته ومذاهبه وإيديولوجياته المتخندق بها، مما جعله يبدوا مطاطيا وملتبسا. لكنه في المجمل يتخذ من الثقافة غطاء له، يتسع باتساعها وقد لا يضيق بضيقها. المشترك بين كل عناصره الثقافة والاقتصاد أو بتعبير أدق كل منتج يدخل في خانة الثقافة يدر ثروة مادية. بيد أن السؤال الملح: ألا يؤثر التسليع سلبا في الثقافة؟ من المؤكد أن المنجز الثقافي، كتابا كان أو نصا أدبيا أو فلما سينمائيا أو غيره، لا بد له من موارد مالية تدعم انتشاره وبقائه وبدونها لن يكتب له وجود، وهذا من مسلمات الحياة. غير أن ربط الثقافة تعسفا بالربح قد يضر بأهدافها النبيلة في شقيها المادي و اللامادي. ويجعلها مجرد بضاعة، وفق التصور الرأسمالي، خاضعة لقوانين الاقتصاد التي تهتم بالكم، وتقايس قيمة المنتج بالنقود أساسا، وما نراه مثلا من أغاني سريعة تنبعث فجأة كموجة متدفقة على الشاطئ، تبهر الناظرين وتشغل الناس لحظة ثم تعود لتخبو كأنها لم تكن، قد تحقق عائدا ماديا هائلا لكن قيمتها الفنية تنحدر غالبا نحو الصفر. في حين تبقى الأغاني الخالدة ذات الرسالة الهادفة والذوق الرفيع، حبيسة الخزانات أو مجرد أفكار قد لا ترى النور أبدا. في المقابل ورغم ما أتينا على ذكره من سلبيات، لا يمكننا أن نجحد  لهذا النمط ايجابياته، فهو يساهم في دمقرطة المنتجات الثقافية ويسهل وصولها إلى عامة الشعب حسب إمكاناتهم المالية وأذواقهم الفنية، ويقلص الهوة بينهم وبين ثقافة النخبة والطبقات المقتدرة. لنضرب مثلا باللوحات المستنسخة الزهيدة الثمن التي أصبحت بديلا من اللوحات الأصلية، والأمر نفسه بالنسبة للمنحوتات، وأضحت تؤثث معظم المنازل والمكاتب، مستندة في ذلك  إلى الوسائل التكنولوجية الحديثة التي ساعدت في تسريع هذا التحول. كما أن الصناعات الثقافية تساهم بنسب مهمة في الناتج الوطني الخام للعديد من الدول وتعتبر من القطاعات الأسرع نموا اقتصاديا، إضافة إلى مساهمتها في فرص الشغل وخفض معدل الفقر… في المحصلة وبعيدا عن مناصري تيارات التسليع والتيارات المضادة، للثقافة خصوصية تقتضي صياغة نموذج خاص يطوع مفاهيم الاقتصاد ليحافظ لها على قيمها الأصيلة، ويصون للمبدع  حقه في حرية الإبداع والخيال دون ضغوط، يضع بينه وبين السوق حاجز أمان يجعل من الإبداع والجمال الفني والجودة  والذوق الرفيع، وغيرها من المعاير الفنية أساسا لإنتاج أي عمل ثقافي. ليصبح بذلك الثقافي في خدمة التنمية من غير أن ينساق وراء قواعد التسليع بسلبياته، ولا يكون هاجس الربح المادي أكبر، وكأن الثقافة مجرد سلعة استهلاكية خاضعة لخطوط إنتاج نمطية. المغرب

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

الأحد المقبل.. قصور الثقافة تحتفي بمسيرة أبو الحسن سلام في "العودة إلى الجذور"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 تنظم الهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة عمرو البسيوني، لقاء ببرنامج "العودة إلى الجذور"، في السابعة مساء الأحد المقبل 7 يوليو، بقصر ثقافة الشاطبي بالإسكندرية، للاحتفاء بمسيرة الكاتب والناقد الكبير الدكتور أبو الحسن سلام، ضمن برامج وزارة الثقافة للاحتفاء برموز الأدب والفكر.

ويتضمن اللقاء الذي يديره الشاعر جابر بسيوني، حديثا عن السيرة الذاتية والإبداعية للكاتب الكبير، وأبرز أعماله ودوره كأستاذ في جامعة الإسكندرية، وتاريخه الثري في مجال المسرح، فضلا عن دوره الكبير في الحياة الثقافية، وذلك بمشاركة كل من النقاد: د. جمال ياقوت، د. مدحت عيسى، وحضور الشاعر والباحث مسعود شومان، رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية، والشاعر عبده الزراع، مدير عام الثقافة العامة.

أبو الحسن سلام، كاتب وناقد ومخرج مسرحي، مواليد 1941 في طما بسوهاج، انتقل إلى الإسكندرية عام 1958 والتحق بكلية الآداب، وحصل على الدكتوراه في "الإيقاع في فنون التمثيل والإخراج المسرحي" عام 1986، وهو عضو نقابة المهن التمثيلية واتحاد الكتاب، أستاذ علوم المسرح بجامعة الإسكندرية، مدير محكى الإسكندرية المسرحي بقلعة قايتباي.

ومن أهم إصداراته: "الإيقاع في فنون التمثيل والإخراج المسرحي"، "اتجاهات النقد المسرحي المعاصر"، "جماليات الفنون الأدبية – التشكيلية – المسرحية"، "الظاهرة الدرامية والملحمية في رسالة الغفران"، "المخرج المسرحي والقراءة المتعددة للنص"، "مقدمة في نظرية المسرح الشعري"، "مباهج القراءة المسرحية المنتجة.. قراءة نقدية"، وغيرها من الإصدارات.

وللدكتور أبو الحسن سلام حضور كبير في الحياة الثقافية والأدبية المصرية والعربية، ونال عددا  من الجوائز والتكريمات الأدبية والفنية.

ويقام اللقاء بإشراف الإدارة المركزية للشئون الثقافية، من خلال الإدارة العامة للثقافة العامة، وبالتعاون مع إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي، برئاسة أحمد درويش، وفرع ثقافة الإسكندرية، برئاسة عزت عطوان.

ويهدف برنامج "العودة إلى الجذور" إلى تكريم القامات الثقافية والأدبية في المحافظات المصرية كافة، لا سيما فى مسقط رؤوسهم من خلال تناول سيرتهم الذاتية وعطاءهم الأدبي، لإعلاء قيمة الأدب والإبداع بين الأجيال الجديدة.

مقالات مشابهة

  • “البيت العربي يستضيف سماء الثقافة في ثاني أمسيات ايام ثقافية اردنية”
  • وزير الثقافة.. بما مضى أم بأمر فيه تجديد؟
  • فتح ملفات قصور الثقافة المغلقة.. والنظر لخريطة المهرجانات الفنية
  • غدا.. القومي لثقافة الطفل يستأنف صالون "محبة الوطن"
  • الأحد المقبل.. قصور الثقافة تحتفي بمسيرة أبو الحسن سلام في "العودة إلى الجذور"
  • يا وزير الثقافة.. «نحتاج أداءً عكاشيًا»
  • لطيفة بنت محمد تبحث مع قنصل عام اليابان تطوير الشراكة بمجال الصناعات الثقافية والإبداعية
  • لطيفة بنت محمد تبحث سبل تطوير الشراكة في مجال الصناعات الثقافية والإبداعية
  • لطيفة بنت محمد تبحث مع قنصل عام اليابان سبل تطوير الشراكة في مجال الصناعات الثقافية والإبداعية
  • الدكتور أحمد هنو وزير الثقافة: بناء الشخصية المصرية أولوية وسأعمل جاهدًا للحفاظ على الريادة الثقافية