إحسان عبدالقدوس.. صاحب القلم المشاكس والروايات الجريئة
تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT
يحتفي المثقفون المصريون والعرب مطلع كل عام بذكرى ميلاد الروائي والكاتب المصري الراحل إحسان عبدالقدوس، تلك الشخصية المصرية التي تركت بصمة واضحة في مسيرة الأدب العربي، ومن أبرز كتاب الرواية العرب، الذين سطع نجمهم على شاشة السينما والتلفزيون عبر أفلام ومسلسلات عديدة.
ويعد إحسان عبد القدوس من أكثر الروائيين العرب إنتاجاً، حيث ألّف أكثر من 600 رواية وقصة، ووصلت عدد رواياته التي تحولت إلى أفلام ومسلسلات قرابة الـ70 فيلماً ومسلسلاً سينمائياً وتلفزيونياً، حيث شارك في كتابة السيناريو والحوار للكثير منها، بالإضافة إلى 5 روايات تحوّلت إلى نصوص مسرحية، و9 روايات أصبحت مسلسلات إذاعية، وترجمت الكثير من رواياته إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والصينية.
واشتهر إحسان عبدالقدوس بأسلوبه الرشيق وتناوله الجريء، في نقل قيم الحب والإنسانية، ويمثل أدبه نقلة نوعية متميزة، في الرواية العربية، واستطاع بجدارة الخروج من عباءة الرواية المحلية إلى حيز العالمية، وترجمت معظم رواياته إلى لغات أجنبية.
ومن أبرز أعماله الأدبية التي تحولت إلى أعمال فنية، "أبي فوق الشجرة"، المأخوذ من قصة "دمي ودموعي وابتسامتي"، والتي حاز بفضلها على أول جائزة عام 1973، و"الوسادة الخالية"، و"إمبراطورية ميم"، والتي يعيدها خالد النبوي في مسلسل في رمضان المقبل، بعد تقديمها سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة في فيلم صدر 1972، و"في بيتنا رجل"، و"النظارة السوداء"، و"الرصاصة لا تزال في جيبي"، و"النظارة السوداء"، و"حتى لا يطير الدخان"، و"أنا حرة"، و"لن أعيش في جلباب أبي"، و"أنف وثلاث عيون".
وحصل عبد القدوس على العديد من الجوائز، أبرزها جائزة أفضل قصة فيلم عن روايته الشهيرة التي تحولت إلى فيلم ناجح "الرصاصة لا تزال في جيبي"، كما حصد جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1989، ومنحه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، كما منحه الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك وسام الجمهورية.
واشتهر إحسان عبدالقدوس بمقالاته الجريئة وقلمه المشاكس، الذي ظل ينقد الأوضاع القائمة في المجتمع ويسلط الضوء على أخطائه وفساده، كما كان يتناول الصراع بين المجتمع الرأسمالي والمجتمع الشعبي وكذلك المعركة الدائرة بين الجشع الفردي والإحساس بالمجتمع ككل، الأمر الذي عرضه للعديد من التهديدات ومحاولات الاغتيال والتعرض للاعتقال والسجن، خلال مسيرته الفنية. وكانت مقالة "الأسلحة الفاسدة" الأشهر في تاريخه، وفيها تناول فضيحة "الأسلحة الفاسدة" عبر مجلة "روز اليوسف" في يوليو (تموز) عام 1950.
إحسان عبدالقدوس.. في سطورولد إحسان عبد القدوس 1 يناير (كانون الثاني) عام 1919، وتوفي في 12 يناير (كانون الثاني) 1990، وينحدر من عائلة شهيرة، فهو ابن الممثل محمد عبدالقدوس، والممثلة والصحافية فاطمة اليوسف، التي اشتهرت باسم روز اليوسف.
تخرج عبد القدوس في جامعة القاهرة عام 1942، وعمل عقب تخرجه بمجال المحاماة، لكنه لم يستمر طويلًا بسبب عدم نجاحه بتلك المهنة، ثم انضم إلى مجلة "روز اليوسف" الأسبوعية، وبدأ بالعمل مع أسرتها التحريرية، التي كانت ترأسها والدته "فاطمة اليوسف".
وتولى رئاسة تحرير المجلة، وكان عمره وقتها 26 عاماً، كما تولى رئاسة مجلس إدارة المؤسسة بعد وفاة والدته عام 1958، لكنه لم يمكث طويلاً فقدم استقالته بعد ذلك، وترك رئاسة المجلة لأحمد بهاء الدين، وتولى بعدها منصب رئيس تحرير جريدة "أخبار اليوم" مرتين، الأولى من عام 1966 إلى عام 1968، والثانية من عام من 1969 حتى 1974.
بعدها عين في منصب رئيس مجلس الإدارة إلى جانب رئيس التحرير في الفترة بين 1971 إلى 1974، ثم انتقل بعدها للعمل كاتباً بصحيفة "الأهرام"، وفي عام 1975 عُيِن رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة "الأهرام" واستمر يشغل هذا المنصب حتى عام 1976، ومن بعد هذا المنصب عمل كاتباً متفرغاً ومستشاراً بصحيفة "الأهرام".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: حصاد 2023 التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة ثقافة إحسان عبدالقدوس إحسان عبدالقدوس عبد القدوس إحسان عبد
إقرأ أيضاً:
الثورة الرأسمالية التي تحتاجها إفريقيا
في السنوات القادمة ستصبح إفريقيا أكثر أهمية مقارنة بأي وقت آخر في العصر الحديث، فخلال العقد المقبل من المتوقع أن ترتفع حصتها من سكان العالم إلى 21% من 13% في عام 2000 و9% في عام 1950 و11% في عام 1800، ومع تزايد شيخوخة سكان باقي العالم ستتحول إفريقيا إلى مصدر بالغ الأهمية للعمل، فأكثر من نصف الشباب الذين يلتحقون بالقوة العاملة العالمية في عام 2030 سيكونون أفارقة.
هذه فرصة عظيمة لأفقر القارات، لكن لكي تنتهزها بلدان القارة (54 بلدا) سيلزمها أن تفعل شيئًا استثنائيًا وهو التخلص من ماضيها ومن أرثوذكسية الدولة الكئيبة التي تُمسِك بخناق أجزاء كبيرة من العالم (تقصد الإيكونومست بأرثوذكسية الدولة الاعتقاد التقليدي بمركزية الدولة وهيمنتها على الاقتصاد والمجتمع والسياسة وجعل هذه الهيمنة أساسا للحكم وتنظيم الحياة - المترجم). سيلزم قادة إفريقيا تبني الأنشطة الإنتاجية الخاصة والنموَّ وحرية الأسواق. إنهم بحاجة إلى إطلاق ثورة رأسمالية.
إذا تابعتَ التطورات في إفريقيا من بعيد ستكون مدركًا لبعض متاعبها كالحرب المدمرة في السودان وبعض جوانبها المضيئة كالهوس العالمي بموسيقى «آفروبيتس» الإفريقية التي ارتفع معدل بثها عبر منصة «سبوتفاي» بنسبة 34% في عام 2024، وما يصعب استيعابه واقعُها الاقتصادي الصادم الذي وثقته الإيكونومست في تقرير خاص نشرته هذا الشهر وأسمته « فجوة إفريقيا»
التحولات التقنية والسياسية التي شهدتها أمريكا وأوروبا وآسيا في العقد الماضي لم تؤثر إلى حد بعيد على إفريقيا التي تخلفت كثيرا وراء الركب. فدخل الفرد في إفريقيا مقارنة بالدخل في باقي العالم هبط من الثلث في عام 2000 إلى الربع. وربما لن يكون نصيب الفرد من الإنتاج عام 2026 أعلى عن مستواه في عام 2015. إلى ذلك أداء عملاقين إفريقيين هما نيجيريا وجنوب إفريقيا بالغ السوء. بلدان قليلة فقط مثل ساحل العاج ورواندا تجنبت ذلك.
خلف هذه الأرقام يوجد سجل بائس لركود الإنتاجية. فالبلدان الإفريقية تشهد تحولا كبيرا بدون تنمية. فهي تمر عبر اضطرابات اجتماعية مع انتقال الناس من المزارع إلى المدن دون أن يترافق ذلك مع ثورات زراعية أو صناعية، وقطاع الخدمات، الذي يجد فيه المزيد من الأفارقة فرص عمل، أقل إنتاجا مقارنة بأي منطقة أخرى. وهو بالكاد أكثر إنتاجا في الوقت الحالي من عام 2010.
البنية التحتية الضعيفة لا تساعد على ذلك، وعلى الرغم من كل الحديث عن استخدام التقنية الرقمية والطاقة النظيفة لتحقيق قفزة إلى الأمام تفتقر إفريقيا إلى مستلزمات القرن العشرين الضرورية للازدهار في القرن الحادي والعشرين. فكثافة طُرُقِها ربما تراجعت، وأقل من 4% من الأراضي الزراعية مَرويَّة ويفتقر نصف الأفارقة تقريبا جنوب الصحراء إلى الكهرباء.
للمشكلة أيضا بُعدٌ آخر لا يحصل على تقديرٍ كافٍ. فإفريقيا «صحراء» من حيث توافر الشركات. في السنوات العشرين الماضية أنتجت البرازيل شركات تقنية مالية عملاقة وإندونيسيا نجوما تجارية وتحولت الهند إلى الحاضنة الأكثر حيوية لنمو الشركات في العالم. لكن ليست إفريقيا. فهي لديها أقل عدد من الشركات التي تصل إيراداتها على الأقل إلى بليون دولار مقارنة بأي منطقة أخرى في العالم، ومنذ عام 2015 يبدو أن هذا العدد قد تقلص، المشكلة ليست في المخاطر ولكن في الأسواق المبعثرة والمعقدة التي أوجدتها كل هذه الحدود السياسية الكثيرة في القارة، فبورصات إفريقيا المُبَلْقَنة (المجزَّأة) ليست جاذبة للمستثمرين.
وتشكل إفريقيا 3% من الناتج المحلي الإجمالي للعالم لكنها تجتذب أقل من 1% من رأسماله الخاص.
ما الذي يجب أن يفعله قادة إفريقيا؟ يمكن أن تكون نقطة البداية التخلي عن عقود من الأفكار الرديئة. تشمل هذه الأفكار تقليد أسوأ ما في رأسمالية الدولة الصينية التي تتضح نقائصها والركون إلى الإحساس بعدم جدوى الصناعة التحويلية في عصر الأتمتة ونسخ ولصق مقترحات تكنوقراط (خبراء) البنك الدولي.
النصائح الجادة التي يقدمها البليونيرات الأمريكيون عن السياسات الكلية من استخدامٍ للناموسيات (للوقاية من الملاريا) وإلى تصميم ألواح الخلايا الكهروضوئية مقبولة. لكنها ليست بديلًا لإيجاد ظروف تسمح للشركات الإفريقية بالازدهار والتوسع.
إلى ذلك، هنالك نمط خطير من التفكير التنموي الذي يوحي بأن النمو لا يمكنه التخفيف من الفقر أو أنه ليس مهما على الإطلاق طالما هناك جهود للحد من المرض وتغذية الأطفال والتلطيف من قسوة الطقس. في الحقيقة في كل الظروف تقريبًا النمو الأسرع هو السبيل الأفضل لخفض الفقر وضمان توفر موارد كافية للتعامل مع التغير المناخي.
لذلك يجب أن يتخذ القادة الأفارقة موقفا جادا تجاه التنمية. عليهم استلهام روح الثقة بالذات في التحديث والتي شوهدت في شرق آسيا في القرن العشرين وحاليا في الهند وأماكن أخرى.
هنالك بلدان إفريقية قليلة مثل بوتشوانا وإثيوبيا وموريتشوس التزمت في أوقات مختلفة بما أسماها الباحث ستيفان ديركون «صفقات التنمية». إنها اتفاق ضمني بين النخبة بأن السياسة تتعلق بزيادة حجم الاقتصاد وليس فقط النزاع حول اقتسام ما هو موجود. المطلوب المزيد من مثل هذه الصفقات النخبوية.
في الوقت ذاته على الحكومات بناء إجماع سياسي يحبذ النمو. والأمر الجيد وجود أصحاب مصلحة أقوياء حريصين على الدينامية الاقتصادية. فهناك جيل جديد من الأفارقة الذين ولدوا بعد عدة عقود من الاستقلال. إنهم أكثر اهتماما بمستقبلهم المهني من عهد الاستعمار.
تقليص «فجوة إفريقيا» يدعو إلى تبني مواقف اجتماعية جديدة تجاه النشاط الاقتصادي الخاص وريادة الأعمال مماثلة لتلك التي أطلقت النمو في الصين والهند. فبدلا من تقديس الوظائف الحكومية أو الشركات الصغيرة يمكن للأفارقة إنجاز الكثير مع المليارديرات الذين يركبون المخاطر باتخاذ قرارات استثمارية جريئة.
وتحتاج البلدان الإفريقية كل منها على حِدة إلى الكثير من البنى الأساسية من الموانئ والى الكهرباء وأيضًا المزيد من التنافس الحر والمدارس الراقية.
هناك مهمة أخرى ضرورية وهي التكامل بين الأسواق الإفريقية حتى تستطيع الشركات تحقيق أكبر قدر من اقتصاد الحجم الكبير واكتساب الحجم الذي يكفي لاجتذاب المستثمرين العالميين. هذا يعني المضي في تنفيذ خطط إيجاد مناطق لا تحتاج إلى تأشيرة سفر وتحقيق التكامل بين أسواق رأس المال وربط شبكات البيانات وأخيرا تحقيق حلم المنطقة التجارية الحرة لعموم إفريقيا.
عواقب استمرار الوضع في إفريقيا على ما هو عليه ستكون وخيمة.
فإذا اتسعت فجوة إفريقيا سيشكل الأفارقة كل فقراء العالم «المُعْدَمين» تقريبا بما في ذلك أولئك الأكثر عرضة لآثار التغير المناخي. وتلك ستكون كارثة أخلاقية. كما ستهدد أيضا عبر تدفقات الهجرة والتقلب السياسي استقرارَ باقي العالم.
لكن ليس هنالك سبب لتصوير الأمر وكأنه كارثة والتخلي عن الأمل. فإذا كان في مقدور القارات الأخرى الازدهار سيكون ذلك ممكنًا أيضًا لإفريقيا. لقد حان الوقت لكي يكتشف قادتها الإحساس بالطموح والتفاؤل. إفريقيا لا تحتاج إلى إنقاذ. إنها أقل احتياجًا إلى النزعة الأبويَّة والرضا بالواقع والفساد وبحاجة إلى المزيد من الرأسمالية.