بعد الانضمام لـ البريكس.. مصر تضع أولى خطوات التعافي الاقتصادي في 2024
تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT
تستعد مصر لأولى خطوات تعافي الاقتصاد المحلي وعودته إلى مستوياته المطلوبة مرة أخرى بعد الأحداث التي شهدها العالم خلال العام المنصرم 2023، وكان على رأسها الأحداث الجيوسياسية التي كانت لها العامل الأكبر في التأثير على كافة اقتصادات دول العالم، بداية من الحرب الروسية الأوكرانية ومرورا بـ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ويترقب مواطنون كثيرون بداية العام الجديد، والذي من المقرر انضمام مصر في مطلعه إلى مجموعة البريكس التي تعد طوق النجاة لاقتصاد العديد من الدول المنضمة، حيث يوجد بالمجموعة بعض الدول ذات الاقتصادات القوية، على رأسها الصين وروسيا والهند والبرازيل، وغيرها من الدول الأخرى التي تسعى للانضمام إلى المجموعة، لمحاولة الخروج من فكرة التبعية الاقتصادية، واعتماد كل دولة على عملتها المحلية، مما يساهم في الوصول إلى معدلات النمو المستهدفة وكبح جماح معدلات التضخم، والنهوض بكافة القطاعات الاقتصادية.
وفي هذا الصدد، تستقبل مجموعة دول البريكس اليوم 1 يناير 2023، مع بداية رئاسة روسيا للمجموعة بعد جنوب إفريقيا، 5 دول أعضاء جُدد من إفريقيا والشرق الأوسط، في إطار سعيها لأن يكون لها دور أكبر في الاقتصادات الناشئة.
اتفقت أربع دول هي البرازيل وروسيا والهند والصين على إنشاء مجموعة أطلقوا عليها "بريك" (مستخدمين الحرف الأول من اسم كل دولة)، عام 2006، ثم انضمت جنوب أفريقيا إلى المجموعة في عام 2010، ليصبح الاسم "بريكس".
قوى عالمية كبرىولم يتم الإعلان عن اسم جديد للمجموعة الموسعة، ولكن يُعتقد أنها قد تكون بريكس بلس"Brics+".
وتتخذ دول البريكس قراراتها في قمتها السنوية، ويتناوب أعضاء المجموعة على رئاستها لمدة عام، وتضم دول البريكس قوى عالمية كبرى، مثل الصين وروسيا، ودولًا تعد من الكبرى في قاراتها مثل جنوب أفريقيا والبرازيل.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى، إن انضمام مصر لتجمع بريكس سيفتح آفاقًا كبيرة أمام الشركات المصرية والمستثمرين فى مجموعة من الأسواق التجارية الجديدة، ما يعظّم من الصادرات المصرية، ويفتح الباب أمام زيادة التعاون التجارى مع التكتل الاقتصادى الجديد.
وأضاف "جاب الله"، خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن التجمع الجديد يمثل نحو ٣٢٪ من إجمالى الناتج المحلى العالمى، ودخول مصر إليه سيؤدى إلى مزيد من التعاون مع دوله، مشيرًا إلى أن مصر لديها بالفعل تعاون كبير مع بعض دول التجمع، مثل الصين وروسيا والهند وجنوب إفريقيا.
وتابع "مصر انضمت، أيضًا، إلى بنك التنمية الجديد التابع لـ بريكس، وهناك أفق واسع لتمويل مشروعات كبيرة داخل مصر، كما أن اتفاقية تبادل الديون مع الصين التى تتم مناقشتها حاليًا، ستؤثر إيجابًا على العلاقات التجارية بين البلدين، وتؤدى إلى نمو حجم التعاون المشترك بين الأعضاء".
واختتم "انضمام مصر لتجمع البريكس ستكون له انعكاسات إيجابية متعددة على الاقتصاد المصرى، خاصة أن مصر لديها علاقات وطيدة للغاية مع دول التجمع، والتعامل بالعملات المحلية فى العلاقات التجارية بين دول هذا التجمع الكبير، سيؤدى إلى التخفيف من هيمنة الدولار على سوق المعاملات الدولية".
عمل مثمر لدول البريكسوفي نفس السياق، صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في خطاب بمناسبة بداية الرئاسة الروسية لـ "بريكس"، بأن موسكو تتطلع إلى عمل مثمر مع جميع دول "بريكس".
وقال "بوتين"، "في المجموع، وفي إطار الرئاسة، من المخطط عقد أكثر من 200 حدث من مختلف المستويات والاتجاهات في العديد من مدن روسيا، ونحن ندعو ممثلي جميع البلدان التي ترغب في التعاون مع منظمتنا للمشاركة فيها".
ومن بين أولويات عمله، أشار إلى مواصلة تعزيز التفاعل في مجال العلوم والتكنولوجيا المتقدمة والرعاية الصحية والبيئة، وكذلك الثقافة والرياضة والتبادلات الشبابية ومن خلال المجتمع المدني.
وذكر أن روسيا تولت رئاسة بريكس اعتبارا من اليوم، وأن الأعضاء الجدد الكاملين انضموا إلى المنظمة - مصر وإيران والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإثيوبيا، مضيفًا: "هذا يوضح بشكل مقنع السلطة المتنامية للمجموعة ودورها في الشؤون العالمية".
وسيبلغ عدد سكان المجموعة بعد توسعتها نحو 3.5 مليار نسمة، أي حوالي 45 بالمئة من سكان العالم، وتبلغ قيمة اقتصادياتها مجتمعة أكثر من 28.5 تريليون دولار، أي حوالي 28 بالمئة من الاقتصاد العالمي.
ماذا تعني البريكس؟وستنتج دول البريكس أيضا نحو 44 بالمئة من النفط الخام في العالم، وتتهم مجموعة البريكس الدول الغربية بالهيمنة على الهيئات المهمة عالميا التي تقوم على إقراض الأموال للدول، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتدعو إلى "صوت وتمثيل أكبر" للاقتصادات الناشئة.
الجدير بالذكر أن كلمة "بريكس" اختصار للحروف الأولى باللغة الإنجليزية للدول المؤسسة للمجموعة، وتتمثل في الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب إفريقيا، ويمثل التجمع نحو 30% من حجم الاقتصاد العالمي، و26% من مساحة العالم و43% من سكان العالم، كما أن دول المجموعة تنتج أكثر من ثلث إنتاج الحبوب في العالم، مما يعزز من قوتها وفعاليتها في حجم الصادرات.
والناتج المحلي الإجمالي لدول مجموعة البريكس يبلغ 31.5% من الدخل العالمي، بنسبة أعلى من تكتل مجموعة السبع، مما يجعل المجموعة منافسا قويا على كافة الأصعدة خلال الفترة القليلة القادمة بعد تفعيل دور المجموعة.
وكانت الدول الأعضاء بتكتل البريكس قد أنشأت بنك التنمية الجديد، حيث وصل رأس المال الخاص به 100 مليار دولار، لتمويل مشاريع البنية الأساسية والتنمية المستدامة بالدول الأعضاء،كما وافق البنك الخاص بالمجموعة على قبول مصر كعضو جديد، وتم الإعلان عن ذلك أثناء اجتماعات قمة قادة دول البريكس في ديسمبر 2021، حيث تم قبول عضويتها ضمن التوسعة الأولى لنطاق انتشار البنك عالميا، وسبقتها، منذ سبتمبر 2021، كل من بنغلاديش، والإمارات العربية المتحدة وأوروغواي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الاقتصاد مصر الحرب الروسية الأوكرانية البريكس الإقتصاد المصرى الدولار الصین وروسیا دول البریکس انضمام مصر
إقرأ أيضاً:
رئيس اتحاد الصناعات السوداني للجزيرة نت: القطاع الخاص يقود التعافي
كشف رئيس اتحاد الغرف الصناعية، رجل الأعمال السوداني البارز معاوية البرير، أن القطاع الخاص في السودان تكبّد خسائر فادحة بسبب الحرب، قدّرت في القطاع الصناعي وحده بأكثر من 50 مليار دولار.
وأوضح -في حوار خاص مع الجزيرة نت- أن هذه الخسائر شملت تدمير المصانع والمعدات وأجهزة التحكم والشبكات الإلكترونية، إلى جانب نهب المواد الخام والمنتجات الجاهزة.
وأشار البرير إلى أن القطاع الزراعي لم يكن بمنأى عن هذه الخسائر، حيث تُقدَّر خسائره بنحو 30 مليار دولار، شملت محطات الري، والآلات، والمولدات، والمحاصيل. وأضاف أن قطاع الخدمات والبنوك تلقّى أيضا ضربات قاسية، لا سيما أن معظم الناتج المحلي والثروة الاقتصادية متركزة في الخرطوم.
وقال إن تدمير محطات الكهرباء انعكس بشكل مباشر على ارتفاع تكلفة الإنتاج، مما يجعل بدائل الطاقة مكلفة وغير مستدامة للقطاعين الصناعي والزراعي. وأكد أن القطاع الخاص المحلي، إلى جانب المستثمرين الأجانب والأشقاء العرب، سيكونون الركيزة الأساسية لمرحلة إعادة الإعمار، مشددا على أهمية عدم وضع العراقيل أمامهم.
وأضاف البرير: "هناك رجال أعمال خسروا كل شيء بسبب الحرب، وبعضهم لم يتحمّل الصدمة وفارق الحياة، فيما يعاني آخرون من عدم القدرة على تلبية التزاماتهم، وهو ما يُنذر بأزمات قانونية ما لم تُقدَّم حلول واقعية".
وعن رؤيته لمستقبل السودان الاقتصادي، قال بثقة: "لسنا الدولة الوحيدة التي دُمّرت، ونؤمن بأننا قادرون على النهوض مجددا كما فعلت أوروبا واليابان بعد الحرب. السودان سيعود أفضل مما كان، بشرط التخطيط السليم، وتصحيح الأخطاء، وتولية الكفاءات المناصب المناسبة، لا سيما في الوزارات الاقتصادية".
إعلانوفيما يلي أبرز ما جاء في الحوار:
ما حجم الخسائر التي تعرض لها القطاع الخاص وقطاع الأعمال بسبب الحرب في السودان؟القطاع الخاص السوداني تكبّد خسائر مهولة، تُقدّر في القطاع الصناعي وحده بحوالي 50 مليار دولار. وتتمثل هذه الخسائر في تدمير كامل أو جزئي للعديد من المصانع، وتلف المعدات، وأجهزة التحكم، والشبكات الإلكترونية، ومولدات الطاقة، والكوابل الكهربائية، بالإضافة إلى نهب المواد الخام والمنتجات الجاهزة.
كما تضررت الصناعة أيضا نتيجة تضخّم الأموال في السوق، ووجود مديونيات بالعملة الصعبة أصبحت عبئا على المصنّعين.
أما في القطاع الزراعي، فبلغت الخسائر نحو 30 مليار دولار، شملت محطات الري، والآلات، والمولدات، والمحاصيل. على سبيل المثال، محطة ري "أبو نعامة" التي تبلغ تكلفتها 40 مليون دولار تعرّضت للتدمير.
وتعرض قطاع الخدمات والبنوك هو الآخر لأضرار كبيرة، إذ إن أغلب الناتج المحلي للبلاد يتمركز في الخرطوم.
في ظل استهداف الدعم السريع لمشاريع الطاقة ونقص الكهرباء، هل يمكن أن يمثل ذلك إعلان وفاة الصناعة في السودان؟تدمير محطات الكهرباء أثّر سلبا على المواطن والصناعة والزراعة، لأن البدائل المتاحة لإنتاج الطاقة مكلفة للغاية، مما يزيد من تكلفة الإنتاج ويهدد استدامة النشاط الصناعي والزراعي.
ما فرص السودان للتعافي الاقتصادي إذا توقفت الحرب؟السودان قادر على النهوض مجددا، بل العودة أفضل مما كان عليه قبل الحرب، بإذن الله. نحن بحاجة لتصحيح الأخطاء السابقة، والتخطيط السليم، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وخاصة في الوزارات الاقتصادية. ونطمح إلى وطن معافى، يُضيف إلى اقتصاده، ويتجاوز الصراعات، وتكون فيه المنافسة بين رجال الأعمال قائمة على الجودة والقيمة المضافة، لا على الإقصاء.
برأيك من يتحمل فاتورة إعادة إعمار ما دمرته الحرب؟القطاع الخاص، والمواطن السوداني، والمستثمرون الأجانب، والأشقاء العرب هم من سيتحملون فاتورة إعادة الإعمار. أشقاؤنا العرب، ولا سيما دول الخليج، لم يتوقفوا عن المساهمة حتى أثناء الحرب، ونحن ننتظر منهم مساهمة أكبر في المرحلة المقبلة.
إعلان ما حجم الكفاءات والأيدي العاملة التي قد تكون هاجرت بسبب الحرب وربما لن تعود؟ وما أثر ذلك على الاقتصاد؟الكفاءات السودانية الحريصة على الوطن ستعود وتُضحي من أجل السودان، مهما كانت الظروف. أما من وجدوا فرصا أفضل في الخارج، فهم سيبقون داعمين لنا عبر المشورة، والخبرة، وتحويل الأموال لدعم الاقتصاد الوطني.
أغلب رجال الأعمال سيعودون إلى السودان بعد تسوية أوضاعهم في الخارج، لكن العودة تتطلب من صناع القرار وضع سياسات داعمة، وألا يضعوا العقبات أمامهم. للأسف، فوجئنا مؤخرا بفرض ضريبة دخل مقدما بنسبة 2% على ترحيل المواد الخام، وهو أمر لم يكن معمولا به قبل الحرب.
هل صحيح أن هناك رجال أعمال سودانيين أفقرتهم الحرب تماما وأصبحوا عاجزين حتى عن إعالة أسرهم؟نعم، هناك عدد كبير من رجال الأعمال خسروا كل شيء، وبعضهم لم يتحمل الصدمة النفسية وتوفي، بينما يعاني آخرون من العجز عن الوفاء بالتزاماتهم. فإذا لم توضع حلول واقعية، فقد نشهد مشاكل قانونية كبيرة في المرحلة المقبلة.
السودان-بعد-الحرب-بعدد-من-المسوولين-في-الفريق-الاقتصادي-ما-هي-نتايج-هذه-اللقاءات؟">التقيت معك في جولتك الميدانية لتفقد عدد من المشاريع في السودان بعد الحرب واجتماعك مع عدد من المسؤولين في الفريق الاقتصادي.. ما نتائج هذه اللقاءات؟كانت لقاءات مثمرة. اجتمعنا بوزيري المالية والزراعة، إضافة إلى ولاة ولايات الخرطوم، الجزيرة، سنار، والشمالية. ووعد وزير المالية بتقديم دعم محدود للقطاع الخاص، وإنشاء منصة للحوار مع الصناعيين، مؤكدا أنه لا يدعم الدعم المطلق. أما وزير الزراعة، فقد وعد بإدخال بذور محسنة وتقنيات جديدة، ونحن ننتظر حاليا تنفيذ هذا الوعد كتابة.
إعلان السودان-حتى-بعد-انتهاء-الحرب؟">رغم وجود موارد ومواد خام في السودان، هل ترى أن المستثمر الأجنبي لن يغامر بالاستثمار في السودان حتى بعد انتهاء الحرب؟أنا متفائل جدا بعودة المستثمرين، خاصة إذا تم تهيئة بيئة استثمارية جاذبة بعد الحرب. لسنا الدولة الوحيدة التي دُمّرت ثم نهضت. وقد فعلت أوروبا واليابان ذلك، ونحن قادرون أيضا بعزيمتنا، بشرط اتخاذ قرارات جريئة من أجل الصالح العام.
ما الدور الذي يمكن أن يلعبه القطاع الخاص في إنعاش الاقتصاد السوداني؟القطاع الخاص هو العمود الفقري لإنعاش الاقتصاد، خصوصا بالشراكة مع الاستثمارات الخارجية وبتمويل من الأشقاء. يجب منحه المساحة والحرية ليستعيد نشاطه ويخلق فرص العمل.
ومن مِن الأشقاء تتوقع أن يكون لديه استعداد للمشاركة في التمويل، في ظل ظروف السودان الحالية؟بكل وضوح: دول الخليج، التي لطالما وقفت مع السودان في السراء والضراء، ولها الإمكانيات والخبرة والرغبة في المشاركة الفعالة.
برأيك ما أبرز تحديات إعادة الإعمار، وهل يمكن أن ينهض السودان كما نهضت ألمانيا واليابان بعد الحرب؟أبرز التحديات هو تغيير النظرة إلى القطاع الخاص، واعتباره شريكا أساسيا وليس مجرد مصدر للضرائب. القطاع الخاص هو الذي يشغّل ملايين السودانيين، ويجب أن يُعامل كمُنتج أساسي للاستقرار والنمو، لا كعبء على الدولة.