NYT: العلاقة بين واشنطن وتل أبيب تشهد اختبارا صعبا بسبب الحرب على غزة
تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل لم تشهد أي اختبار كبير للعلاقة كما تشهده هذه الأيام التي تشن فيها إسرائيل حربا على قطاع غزة.
وتابعت الصحيفة بأنه لم يسبق لأي حدث آخر خلال نصف القرن الماضي أن اختبر العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بهذه الطريقة المكثفة والمؤثرة.
وأشارت إلى أن الدبلوماسية المعقدة بين واشنطن والاحتلال في تفاعلات مباشرة بين القادة وجهود مكثفة بين الوكالات العسكرية والاستخباراتية.
وأضافت أن رحلة الرئيس جو بايدن المثيرة إلى دولة الاحتلال، فتحت المجال أمام مكالمات هاتفية محبطة وتعليقات عامة حادة واجتماعات ماراثونية منهكة.
وأصبحت العلاقة مشحونة بشكل متزايد حيث انخرط بايدن في الحرب بشكل مكثف أكثر من أي قضية أخرى تقريبًا خلال ثلاث سنوات في منصبه.
لقد تدخل الرئيس وفريقه مراراً وتكراراً لإبعاد إسرائيل عما يعتبرونه تجاوزات في ردها الانتقامي، وتحداهم الإسرائيليون في اللحظات الحرجة.
وقد شهد بايدن مقاومة داخلية متزايدة لدعمه لإسرائيل، بما في ذلك برقيات معارضة متعددة من دبلوماسيين في وزارة الخارجية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، أرسل أكثر من 500 من المعينين السياسيين والموظفين الذين يمثلون حوالي 40 وكالة حكومية رسالة إلى بايدن احتجاجًا على دعمه للحرب الإسرائيلية في غزة.
وكان الديمقراطيون في الكونغرس يضغطون عليه للحد من الهجوم الإسرائيلي، ووجدت الولايات المتحدة نفسها على خلاف مع دول أخرى في الأمم المتحدة.
ويبدو أن الاحتكاك قد وصل إلى ذروته مع حلول العام الجديد. ويدرك فريق بايدن أن التحدي الذي يواجهه لا يقتصر على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فحسب، لأن الإسرائيليين في جميع المجالات يدعمون العملية العسكرية التي أدت، وفقًا لوزارة الصحة في غزة، إلى مقتل أكثر من 20 ألف شخص.
ولكن ليس هناك أي نقاش جدي داخل الإدارة حول تغيير حقيقي في السياسة، مثل قطع إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل.
وقالت الصحيفة إن تقريرها حول العلاقة بين العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل على مدى الأسابيع الـ 12 الماضية إلى مقابلات ورحلات متعددة إلى المنطقة مع مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين رئيسيين، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمشاركة تفاصيل المحادثات والمداولات الداخلية. إنها قصة معقدة حيث يقول المسؤولون من كلا الجانبين إن الافتراضات العامة لا تتطابق دائمًا مع الواقع.
كان الأسبوع الأول بعد الهجوم هو الأكثر اضطرابا وخطورة. كان الخوف الأكبر لبايدن، وفقًا للمستشارين، هو حرب موسعة تشترك فيها إيران عبر وكلائها، بالإضافة إلى حركة المقاومة الإسلامية "حماس".
بدأ المسؤولون الأمريكيون يتسابقون إلى إسرائيل، وحذر المسؤولون من أن الإسرائيليين بحاجة إلى إنشاء ممرات إنسانية ومجموعة محددة من القواعد لحماية المدن الفلسطينية، مستشهداً بتجارب أمريكا مع حرب المدن في العراق.
وبينما يشعر المسؤولون الإسرائيليون بالغضب من القيود التي حاول بايدن فرضها عليهم، فإنهم يدركون أنه الحليف الأكثر أهمية لديهم وسط انتقادات عالمية متزايدة ويفهمون أنه الشيء الوحيد الذي يمنع الأمم المتحدة من فرض العقوبات.
ولم يعجب الأمريكيون بالخطة الإسرائيلية الأصلية للغزو البري لغزة، وسعوا إلى تخفيفها. لكن الإسرائيليين أطلقوا في نهاية المطاف العنان لقوة نيران على غزة أكبر مما توقعه فريق بايدن، مما أدى إلى نتائج مميتة.
وأثارت صور القتلى الفلسطينيين غضب ليس فقط الكثيرين في حزب بايدن، ولكن أيضًا في إدارته وحتى في البيت الأبيض.
وواصل بايدن الحديث مع نتنياهو، سعياً إلى تقليل الخسائر في صفوف المدنيين.
الخلاف الأكثر حدة بين واشنطن وإسرائيل تركز على سؤال “اليوم التالي” – وما يجب القيام به في غزة بعد انتهاء الحرب. وقد قاوم نتنياهو اقتراحات بايدن بأن السلطة الفلسطينية "المعاد تنشيطها"، ومقرها في الضفة الغربية، تدير قطاع غزة ما بعد حماس، على أن يتبعه في نهاية المطاف إنشاء دولة فلسطينية.
وركز نتنياهو بشكل خاص على فشل قادة السلطة الفلسطينية في إدانة هجوم 7 أكتوبر، خوفًا من أن يُنظر إلى منحهم دورًا مستقبليًا على أنه ضعف من قبل ائتلافه اليميني.
وخلال الاجتماعات بين واشنطن وتل أبيب في 30 نوفمبر/تشرين الثاني، أخبر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي أن أمامه "أسابيع، وليس أشهر"، لإنهاء العمليات القتالية بالمستوى الحالي من الشدة، وهو تعليق تسرب لاحقاً إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية وتم تأكيده.
وقال نتنياهو المتحدي علناً بعد مغادرة بلينكن: "سنواصل الحرب حتى نحقق جميع أهدافها".
وحذر وزير الدفاع لويد أوستن في خطاب ألقاه في كاليفورنيا من أن إسرائيل يمكن أن "تستبدل النصر التكتيكي بهزيمة استراتيجية" إذا دفعت المدنيين الفلسطينيين إلى أحضان "حماس".
وأصبحت المحادثات الأخيرة بين بايدن ونتنياهو أكثر توتراً. ويقول المسؤولون إن كل مكالمة تكون متوترة وحادة في بعض الأحيان، لكنها في الوقت نفسه أمر واقع.
يعرف الرجلان بعضهما البعض منذ عقود وليسا أصدقاء حقيقيين، لكنهما يفهمان سياسات بعضهما البعض واعتمادهما المتبادل على بعضهما في هذه المرحلة.
ويدرك الأمريكيون أن الإسرائيليين ما زالوا يعانون من الصدمة حتى السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حتى أن هناك تأييداً عالمياً تقريباً عبر الطيف السياسي لاتخاذ الإجراء الأكثر صرامة ضد حماس، مع القليل من القلق بشأن العواقب المحتملة.
ومن الناحية الاستراتيجية، فإن إسرائيل لا تمانع كثيراً إذا اعتقدت بقية دول العالم أنها على استعداد للذهاب إلى استخدام القوة الساحقة.
تتألف رسالة الإدارة الأمريكية لإسرائيل من أربعة أجزاء: لإسرائيل الحق في الدفاع عن النفس، ولابد من إزالة حماس باعتبارها تهديداً، ولابد من زيادة المساعدات الإنسانية، وتقليص الخسائر في صفوف المدنيين إلى أدنى حد ممكن.
أجرى بايدن اتصالاً هاتفيًا مع نتنياهو في 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي، لحث إسرائيل على الابتعاد عن العمل العسكري المكثف نحو نهج أكثر استهدافًا للغارات ضد مواقع محددة.
لكن نتنياهو وغيره من القادة الإسرائيليين استمروا في الرد علناً. وبعد ذلك بيومين، نشر نتنياهو مقال رأي في صحيفة وول ستريت جورنال ينفي فيه فكرة أن السلطة الفلسطينية يمكن أن تقوم بتجريد غزة من السلاح ووصفها بأنها "حلم بعيد المنال".
ورغم كل الخلاف، لا يوجد نقاش جدي داخل إدارة بايدن حول قطع العلاقات مع إسرائيل أو وضع شروط على المساعدات الأمنية.
وبقدر ما تكون مقاومة نتنياهو للتوسلات الأمريكية بمثابة سياسة أداء لجمهور محلي، فإن لها أيضًا حدًا زمنيًا، وفقًا لمارتن إس إنديك، السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية بايدن الاحتلال نتنياهو امريكا احتلال نتنياهو بايدن طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة بین واشنطن
إقرأ أيضاً:
تحقيق للوموند: أزمة عميقة تضرب النظام الدولي بسبب حرب غزة
قالت صحيفة لوموند إن الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين تسهم في تفاقم أزمة النظام العالمي الذي ولد بعد عام 1945، وبشرت بقيام تحالفات جديدة رأت أنها بدأت تظهر، ولكنها حذرت من تمزق حقيقي بالنسبة للعدالة الجنائية الدولية.
ورأت الصحيفة -في تحقيق مطول بقلم فريديريك لوميتر وفيليب ريكار- أن شن إسرائيل حربها على قطاع غزة ردا على هجمات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 7 أكتوبر/تشرين الأول، كانت نعمة أرسلتها السماء إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بصرفها الاهتمام عن الحرب في أوكرانيا.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2فايننشال تايمز: تغير خريطة الشرق الأوسط تحد كبير للغربlist 2 of 2تايمز: عندما يتعلق الأمر بالقيم البريطانية الأمر جد معقدend of listومع أن الحرب في غزة مكنت موسكو من كسر عزلتها جزئيا داخل هيئات الأمم المتحدة، فقد شكلت عدوانا كبيرا ثانيا على القانون الدولي، نظرا للعدد القياسي من الضحايا المدنيين الفلسطينيين، حيث منعت واشنطن داخل مجلس الأمن، مشاريع القرارات التي دعت إلى وقف إطلاق النار في القطاع الفلسطيني الذي تم تدميره بطوفان من نيران الجيش الإسرائيلي.
وبعد مرور عام، ما تزال الحرب في غزة مستمرة وتهز المنطقة بأكملها، فالضربات التي وجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المنطقة تضع إسرائيل في موقع قوة، في مواجهة حماس وحزب الله في لبنان وحتى في سوريا، حيث فاجأ سقوط الدكتاتور بشار الأسد حتى حماته الروس والإيرانيين، توضح لوموند.
إعلانويبدو أن شرقا أوسط جديدا بدأ يتشكل -حسب الصحيفة- في وقت ضعف بالنسبة لإيران وروسيا على عكس تركيا القوية، بينما الدول العربية راكدة، وإسرائيل توشك أن تفرض سلامها على جيرانها، فقد غزت المنطقة العازلة مع سوريا ودمرت جميع سلاحها تقريبا، ولا يستبعد أن تضرب إيران، وبالفعل قال نتنياهو إن "دولة إسرائيل تؤكد مكانتها كمحور للقوة في المنطقة"، وهو ما لم يكن كذلك منذ عقود.
نقطة الانهيارلكن هذه الحرب وتداعياتها المتعددة تتجاوز الإطار الإقليمي وتثقل كاهل العلاقات الدولية، فهي مثل الحرب في أوكرانيا، تسهم في تفاقم تجزئة العالم، لأن مقتل أكثر من 45 ألف مدني فلسطيني وخضوع رئيس وزراء إسرائيلي لمذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية، والدعم الأميركي غير المشروط رغم الانتقادات اللاذعة لذلك من قبل العديد من الدول الناشئة، كلها أمور تؤدي إلى تفاقم أزمة النظام المتعدد الأطراف كما ظهر في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
ونقلت لوموند عن الصحفي أنتوني السمراني، رئيس تحرير صحيفة لوريان لو جور اللبنانية، قوله إن "غزة ليست مجرد حرب بل هي نقطة الانهيار، وهي المسمار الأخير في نعش النظام الدولي الذي بدأ يضعف منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001". وأضاف في مقال له "حرب غزة ليست الأكثر إستراتيجية ولا الأكثر دموية، لكن قوتها الرمزية ليس لها ما يعادلها. هذا الصراع يمزق العالم والمجتمعات، وهو يجعل الحوار مستحيلا بين الشمال والجنوب، وحتى داخل هذه الفضاءات".
ومن المفارقة أن الأمم المتحدة التي هي رمز النظام العالمي، كانت طوال عام 2024، مسرحا لتفككها، حيث وصف نتنياهو من داخلها، عدد قرارات الجمعية العامة للمنظمة التي تدين إسرائيل التي بلغ مجموعها 174 قرارا، بأنها "مزحة"، ورأى أن المنظمة ليست أكثر من "مهزلة تستحق الازدراء"، ولم يكد ينهي خطابه حتى أصدر الأمر بتصفية زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله ودفن الهدنة في لبنان معه، كما تقول الصحيفة.
إعلانوتقول المحامية الأسترالية تيرانا حسن، مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية، إن الرد على الحرب في أوكرانيا أظهر للعالم ما يمكن فعله عندما تنتهك دولة ما التزاماتها الدولية، إذ تم استخدام جميع الأدوات لحشد الحماية الدولية ومعاقبة موسكو ومنح اللجوء للأوكرانيين ودعم تحقيقات العدالة الدولية، وهذا يتناقض بشكل صارخ مع الطريقة التي استجابت بها هذه الدول نفسها للحرب في غزة، حيث لم يسمع إلا الصمت والإدانات الضعيفة، وبالتالي يبدو أن الدول الغربية تنظر إلى المعايير الدولية على أنها قائمة انتقائية.
انتقادات غير كافيةيشترك في هذه الملاحظة عدد لا بأس به من الدول "الناشئة"، يقول الصحفي الهندي برخا دوت في صحيفة هندوستان تايمز إلى أن "النظام القائم على القواعد الذي يتم الاستشهاد به كثيرا لا يمكن أن يكون نظاما يطبق المبادئ بشكل انتقائي".
وقد قال جيل يابي، الرئيس المؤسس لمركز أبحاث واتي في السنغال، للصحيفة: "في رد الفعل على الحرب في أوكرانيا، لاحظنا اختلافات واضحة تماما بين الغربيين وبقية العالم، لكن الحرب في غزة عززت الشعور بوجود نظام دولي لا يمنح نفس الأهمية لحياة الإنسان حسب بلده. قانون الأقوى شوهد في غزة، دون أي انتقادات أو عقوبات من حلفاء إسرائيل".
ويلاحظ الدبلوماسي الفرنسي جان ماري غيهينو، النائب السابق للأمين العام للأمم المتحدة والمسؤول عن عمليات حفظ السلام، هذا الأمر بمرارة، قائلا "حتى عندما غزت الولايات المتحدة العراق قامت بجميع أنواع التحريفات القانونية لمحاولة إظهار أنها تحترم القانون، أما إسرائيل فلا تبذل جهدا في هذا المجال، فهي تهاجم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وتعلن أن الأمين العام للأمم المتحدة شخص غير مرغوب فيه".
وفي ظل هذه الظروف، فإن استمرار الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية في دعم إسرائيل دون تحفظ، لا يمكن أن يبقى دون عواقب، يقول جان ماري غيهينو "تنتقد العديد من الدول الغرب لأنه يقدم لهم المحاضرات حول حقوق الإنسان والقانون الدولي فيما يتعلق بأوكرانيا، في حين أنهم يتوخون الحذر الشديد الآن بعد أن تنتهك إسرائيل حقوق الإنسان على نطاق واسع في غزة"، تبرز لوموند.
إعلانويقول القاضي وعالم السياسة الهندي براتاب بهانو ميهتا إن "الحرب في غزة دمرت ما تبقى من سلطة قليلة في الغرب أو في القانون الدولي"، ويخلص إلى القول "ها هي الديمقراطيات التي تقود النظام الدولي إلى تدميره: إسرائيل من خلال وحشيتها للصراعات، والولايات المتحدة من خلال تواطئها وتسترها".
وفي الولايات المتحدة -تتابع لوموند- انتقد أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيون سياسة إدارة الرئيس جو بايدن لعدم قدرتها على إجبار نتنياهو على وقف الأعمال العدائية أو فتح وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وقد سلطت المظاهرات هناك وفي أوروبا، الضوء على الانزعاج الذي يعاني منه جزء من الرأي العام الغربي.
حرب النفوذومن جهتها، لا تتردد موسكو وأنصارها في استغلال الوضع، تقول تيرانا حسن "من السهل على روسيا والصين استخدام الاتهامات بازدواجية المعايير من أجل التشكيك في النظام الدولي"، خاصة أن "الغرب فقد تمامًا حسه الأخلاقي" في نظر براتاب بهانو ميهتا، وأن مجموعة بريكس التي تضم الصين وروسيا والهند، على جاذبيتها، تظهر أشكالا متطرفة من المعاملات خالية من أي معايير أخلاقية.
ويقول أرانشا غونزاليس، عميد كلية الشؤون الدولية في جامعة سيانس بو، للوموند إن الحريق المشتعل في الشرق الأوسط منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول يتجاوز بكثير الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. هذه ليست معركة بين الشمال والجنوب، بل هي حرب نفوذ بين القوى المتوسطة، وخاصة إسرائيل وإيران، في ظل غياب شرطي أميركي قادر على التأثير على حليفتها.
وتابع جان ماري غيهينو: "مع توقف الأمم المتحدة عن أداء دورها، ستسعى الدول إلى الحصول على الطمأنينة والحماة، والتحالفات، والأغلبية العظمى من بلدان العالم تفضل ألا يظل ميثاق الأمم المتحدة مجرد قصاصة من الورق، لأن هناك الكثير من الأسماك الصغيرة التي لا ترغب في أن تأكلها الأسماك الكبيرة".
إعلان نزع الهيمنة الغربيةوفي علامة على أن ميزان القوى يتغير، فإن ما يسمى ببلدان "الجنوب العالمي" تشعر الآن بالثقة الكافية لاستخدام الأدوات التي كان الغرب يحتكرها فعليا حتى الآن ضد الغرب. والدليل على ذلك الشكوى المتعلقة بالإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي.
"وفي هذا الصدد، فإن غزة تمثل تغييرا حقيقيا في قواعد اللعبة"، يقول فينسان هوليندر من جامعة باريس الثانية، موضحا أن مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو تظهر ذلك، ومن خلال إسرائيل فإن الغربيين وخاصة الولايات المتحدة هم الذين يتم توجيه الاتهام إليهم.
ويرى جان موريس ريبير، السفير الفرنسي السابق في نيويورك وموسكو وبكين أنه "من الواضح أن صحوة العدالة الدولية أخبار جيدة، لأن ميزة القضاة هي التذكير بوجود قواعد القانون حتى في خضم الصراع، عندما لم يعد الدبلوماسيون قادرين على فرضها، ويجب على العدالة الدولية أن تثير مسألة المسؤولية الشخصية للقادة، بل وأن تدرس مفهوم جرائم الإبادة الجماعية".
غير أن هذا -أيضا- يقسم العالم حسب السفير "ففي حين أن الوضع في أوكرانيا يجمع بين الدول الأوروبية وعدد قليل من الدول الأخرى بدعم من الولايات المتحدة، فإنه لا يثير التعبئة في القارات الأخرى، كما أن الوضع في فلسطين يثير التزام غير الأوروبيين ولكنه يقسم الأوروبيين ويثير رد فعل أميركي سلبي للغاية".
وخلص تحقيق لوموند إلى أنه نظرا لحجم الضرر، سوف يستغرق الأمر سنوات ليس فقط لإعادة بناء القطاع الفلسطيني المدمر، بل -وأيضا- لإعادة بناء نظام متعدد الأطراف يتمتع بالمصداقية لا يبدو أن أي قوة قادرة على الحفاظ عليه.