تربة إلكترونية تعزز نمو المحاصيل.. هل تقضي على المجاعات؟
تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT
يحتاج التعامل مع تحدي زيادة إنتاج الغذاء لمواجهة الطلب المتزايد إلى حلول غير تقليدية، وجاءت أحد هذه الحلول من جامعة لينشوبينغ السويدية، والتي ابتكر باحثوها "تربة إلكترونية" تساعد النباتات على النمو بشكل أسرع في أنظمة الزراعة المائية، وأُعلن عن تفاصيل هذا الإنجاز قبل أيام في دورية "بروسيدنجز أوف ذا ناشيونال أكاديمي أوف ساينس".
والزراعة المائية تعني أن النباتات تنمو بدون تربة، وتحتاج فقط إلى الماء والمواد المغذية وشيء يمكن لجذورها أن تلتصق به، وهو الركيزة التي تُصنع غالبا من "الصوف المعدني"، ويتيح هذا النظام المغلق إعادة تدوير المياه بحيث تحصل كل شتلة على العناصر الغذائية التي تحتاجها بالضبط. لذلك لا يتطلب الأمر سوى القليل جدا من الماء، وتبقى جميع العناصر الغذائية في النظام، وهو أمر غير ممكن في الزراعة التقليدية.
ورغم أن هذا النظام به العديد من المزايا -مثل الزراعة على مدار العام بغض النظر عن الظروف الجوية الخارجية، وكفاءة المساحة حيث يمكن تنظيم بيئة الزراعة المائية بشكل عمودي مما يزيد من الاستفادة من المساحة- فإن من سلبياته المهمة أن الصوف المعدني المستخدم كركيزة للزراعة غير قابل للتحلل البيولوجي، كما أن إنتاج الغذاء من خلاله يتطلب استهلاكا كثيفا للطاقة.
وتحل التربة الموصلة للكهرباء -التي أسماها الباحثون بـ"التربة الإلكترونية"- هذه المشكلة، وذلك أنها تُصنع من مواد حيوية قابلة للتحلل، فضلا عن أنها تساعد على تحفيز جذور النباتات كهربائيا، مما يساعد على زيادة إنتاجيتها، وهو ما يَعِد بالمساهمة في مواجهة تحدي الحاجة إلى زيادة الإنتاج الغذائي لمواجهة تداعيات الزيادة السكانية، والذي لخصة تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة (فاو) بأن هناك حاجة لزيادة بنسبة 60% في إنتاج الغذاء بحلول عام 2050 لمواجهة النمو السكاني في العالم.
واستخدام الكهرباء لتحفيز الجذور ليس أمرا جديدا، وكانت أهم مشكلات المحاولات السابقة، هي:
أولا- الاستهلاك العالي للطاقة:فيتطلب الجهد العالي الذي نفذته تلك المحاولات مصدرا كبيرا للطاقة، وهو ما جعل تلك الفكرة مكلفة وغير فعاله من ناحية الجدوى الاقتصادية. ثانيا- مخاوف تتعلق بالسلامة:
فتشكل تجارب الجهد العالي مخاطر تتعلق بالسلامة، ويتطلب ذلك معدات واحتياطات متخصصة لمنع المخاطر الكهربائية.
ولكن التربة الإلكترونية التي طورها الباحثون بجامعة لينشوبينغ تتجاوز هذه المشاكل، حيث تستهلك طاقة منخفضة للغاية ولا يوجد بها خطر الجهد العالي.
وتتكون التربة الإلكترونية التي طورها الباحثون من السليلوز (البوليمر الحيوي الأكثر وفرة في العالم) ممزوجٍ ببوليمر يسمى البولي (3.4-إيثيلين ديوكسي ثيوفين)، وهو الذي يدعم الخصائص الكهربائية للتربة، لأنه يتميز بالعديد من الخصائص منها:
الموصلية: إذ يتميز بموصلية كهربائية عالية، مما يجعله مناسبا للعديد من التطبيقات. الشفافية: في شكله الرقيق، فيمكن أن يكون شفافا، مما يسمح باستخدامه في التطبيقات التي تتطلب التوصيل الكهربائي والشفافية. الاستقرار: فهو يُظهر استقرارا بيئيا جيدا، ويقاوم التدهور الناتج عن التعرض للهواء والرطوبة والعوامل البيئية الأخرى. سهولة المعالجة: إذ يمكن معالجته بسهولة في أشكال مختلفة، بما في ذلك الأفلام أو الطلاءات أو الألياف، وتسمح قابليته المعالجة بدمجه في عمليات التصنيع المختلفة. صديق للبيئة: إذ يمكن تصنيع بعض تركيباته باستخدام طرق صديقة للبيئة.وأظهرت التجارب التي أجريت على نبات الشعير باستخدام هذا التربة الإلكترونية أن شتلات النبات نمت بنسبة أكثر بمعدل 50% خلال 15 يوما، والسر في ذلك يكمن في معالجة الشتلات المحفزة كهربائيا للنيتروجين بشكل أكثر كفاءة.
وتقول إليني ستافرينيدو الأستاذ المشارك في مختبر الإلكترونيات العضوية بجامعة لينشوبينغ، والباحثة الرئيسية بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة: "بهذه الطريقة يمكننا أن نجعل الشتلات تنمو بشكل أسرع وبموارد أقل، ونحن لا نعرف حتى الآن ما هي الآليات البيولوجية التي تجعل الشتلات المحفزة كهربائيا تقوم بمعالجة النيتروجين بشكل أكثر فعالية".
ويلعب النيتروجين دورا حاسما في نمو النبات وتطوره، لأنه عنصر غذائي أساسي تحتاجه النباتات بكميات كبيرة نسبيا، لعده أسباب:
أولا: النيتروجين لبنة البناء الأساسية للبروتينات، والتي تعتبر ضرورية لبِنية ووظيفة الخلايا، كما تشارك في عمليات نباتية مختلفة بما في ذلك النمو والتمثيل الضوئي. ثانيا: يعد أحد مكونات الكلوروفيل، وهو الصباغ الذي يعطي النبات لونه الأخضر، وهو ضروري لعملية التمثيل الضوئي. ثالثا: يعتبر مكونا رئيسيا للأحماض النووية (دي إن إيه و آر إن إيه) التي تعتبر ضرورية لانقسام الخلايا ونموها، فهو يساعد في تكوين أنسجة جديدة ويعزز نمو النبات بشكل عام. رابعا: يشارك في العديد من العمليات الأيضية داخل النباتات، بما في ذلك تخليق الهرمونات والإنزيمات التي تنظم النمو والازهار والإثمار. خامسا: يحسن امتصاص العناصر الغذائية الأساسية الأخرى بواسطة النباتات، مثل امتصاص معادن البوتاسيوم والفوسفور والمغنيسيوم. سادسا: يزيد من قدرة النبات على تحمل الضغوط البيئية مثل الجفاف والأمراض والآفات، ويساعد في إنتاج المركبات الدفاعية والبروتينات الهيكلية.ويعد علاج مشكلة الاستهلاك الكثيف للطاقة -الذي تجاوز به الباحثون أحد أبرز مشاكل التحفيز الكهربائي للجذور التي ظهرت في المحاولات السابقة- من أبرز مزايا البحث الجديد، كما يقول أستاذ المحاصيل بمركز البحوث الزراعية التابع لوزارة الزراعة المصرية إسماعيل حماد في حديث هاتفي مع "الجزيرة نت".
ومع تقديره لهذه الميزة، فإن حماد يرى أنها غير كافية لانتقال هذا العمل من مرحلة التجريب إلى التطبيق العملي، إذ لا تزال هناك تحديات يحتاج الباحثون للتعامل معها، وهي:
أولا- فهم الآليات البيولوجية:فبينما أظهر التحفيز الكهربائي بعض التحسينات في نمو النبات، فإن الآليات الدقيقة التي تجعل الشتلات المحفزة كهربائيا تقوم بمعالجة النيتروجين بشكل أكثر فعالية ليست مفهومة، ولا بد من فهمها جيدا.
ثانيا- التأثيرات طويلة المدى:توضح الدراسة فوائد النمو على المدى القصير، لكن التأثيرات طويلة المدى المحتملة لتحفيز نمو النبات كهربائيا عبر التربة الإلكترونية على صحة النبات وتطويره واستدامته تحتاج إلى مزيد من البحث.
ثالثا- الاعتبارات التنظيمية والسلامة:وباعتبارها تقنية جديدة، فمن المهم فهم ومعالجة أي مخاوف تتعلق بالسلامة أو الأخلاقيات المرتبطة بنمو النباتات المحفزة كهربائيا قبل الاستخدام على نطاق واسع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی ذلک
إقرأ أيضاً:
هكذا تحقّق إسرائيل في حملة إلكترونية تزعم تعزيز مصر لقواتها في سيناء
كشفت وسائل إعلام عبرية، أنّ: "مؤسسة الدفاع والأجهزة الأمنية قد رصدت حملة على الإنترنت تتعلق بتعزيز الجيش المصري لقواته في سيناء، وتسعى لنشر شائعات عن نية مصر تنفيذ هجوم على إسرائيل".
وبحسب وسائل الإعلام نفسها، فإنّه: "لم يتم بعد تحديد هوية الشخص أو الجهة التي تقف وراء هذه الحملة الدعائية"؛ مشيرة إلى أن "القناة 14" العبرية، هي من تقود هذه الحملة داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي. فيما رفضت "القناة 14" التعليق على الاتهامات التي تتّهمها بالعمل على تقويض اتفاقية السلام بين الاحتلال الإسرائيلي ومصر.
إلى ذلك، أوضح تقرير الموقع العبري أنّ: "الجيش الإسرائيلي يحقق حاليا في هوية الجهات التي تقف وراء نشر الرسائل والشائعات التي تهدف إلى زعزعة استقرار العلاقات مع مصر".
الاعلام الدولي:
في حالة رعب واستنفار واضحة في إسرائيل ????
بعد ظهور مقطع للجيش المصري في أنفاق تحت الأرض وهو في حالة استعداد قتالي عالية جدا????
المراقبين العسكريين بتوعهم في حالة اسهال قصدي سيولة فكرية عسكرية أمنية من استعداد الجيش المصري القتالي على الحدود، مع علمهم بالكراهية… pic.twitter.com/R51UC8gyAG — Sherin Helal ???????????????????????? ???????????????????? (@sherinhelal555) February 11, 2025
وكانت الصحافة العبرية قد طرحت عدداً من الفرضيات حول: "المسؤول عن هذه الشائعات، بما في ذلك عناصر داخلية في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ونشطاء من اليمين الإسرائيلي، وحتى بعض العناصر داخل قوات الأمن المصرية نفسها".
وفي تقرير له، نُشر بصحيفة "هآرتس" العبرية، أشار المحلل السياسي، يانيف كوبوفيتش، إلى تصريحات مسؤولين في جيش الاحتلال الإسرائيلي أكّدوا فيها أنّ: "التحقيق يركز على من يقف وراء هذه المنشورات، حيث يتطلب توزيعها الكثير من الموارد".
وبحسب الصحيفة العبرية نفسها، فإن "مؤسسة الدفاع الإسرائيلية زعمت أن الأشخاص اليمينيين الذين رددوا المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، قد فعّلوا ذلك لأسباب سياسية، وفي رأيهم، حاول هؤلاء الأشخاص تقويض استقرار اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر في نظر الجمهور الإسرائيلي".
من جهتها، تناولت صحيفة "يسرائيل اليوم" العبرية، عبر مقال، لكاتبها، شاهار كليمان جاء في أنّ: "هناك شكوكا حول تورط عناصر في الشرق الأوسط لديها مصلحة في تخريب العلاقة الحساسة بين إسرائيل ومصر".
أيضا، أشارت صحف أخرى إلى أن: "القناة الثانية الأكثر مشاهدة في البلاد، انتهجت نفس خط القناة 14 في ترويج رسائل الحملة الدعائية، مع التركيز على رسالة مفادها أن مصر تنتهك اتفاقية السلام مع إسرائيل".
وأضاف كليمان بأنّ: "هناك شكوكا بأن تكون الحكومة المصرية نفسها تقف وراء هذه الحملة عبر ما يسمى بـ"اللجان الإلكترونية"، وهي آلية دعائية إلكترونية تستخدمها الحكومة المصرية"، حسب زعمه.
وبتاريخ 18 شباط/ فبراير 2025، جاء في أحد عناوين البرامج الرئيسية على القناة العبرية: "ما وراء تعزيز الجيش المصري لقواته وهل الخوف من الحرب مبرر؟". فيما جاء رد تال مائير، في اليوم الثاني، على برنامج "إسرائيل هذا الصباح" بالقول: "إسرائيل ليست مستعدة للحرب مع مصر".